مايكلي ستار، 17 مايو2017

هناك سر في القلب المحمل بالغبار لذلك السديم المذهل الذي يسمى سديم النملة.

يتكون السديم من فصّين متشابهين وهما نتيجة لعملية تخلص النجم من المواد بداخله أثناء موته، وشكل سديم النملة ليس مثل الشكل المعتاد الذي نراه عندما تحدث هذه العملية.

إحدى النظريات تقول أن الغاز الكثيف في نواة سديم النملة –معروفٌ أيضا بغاز منزيل 3 (Menzel 3)– يقوم بإخفاء رفيق ثنائي للنجم أثناء موته والذي يساعد في تكوين سديم النملة بذلك الشكل.

وقد كشفت البيانات الجديدة من التلسكوب الذي نفد وقوده ظاهرة انبعاث ليزر نادر والتي تبدو أنها تؤكد وجود نجم آخر وهو الرفيق الثنائي.

مرصد هيرشيل الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وهو تلسكوب بالأشعة تحت الحمراء الذي درس الكون من موقع مراقبة مناسب في مدار حول الشمس، ما زال يعرض كنوزًا في مجموعة بياناته الواسعة، على الرغم من أنه تم استبعاده عام 2013.

هذا التلسكوب هو أكبر تلسكوب بالأشعة تحت الحمراء تم إطلاقه في الفضاء وكان قادرًا على النظر خلال بعض الأشياء التي لاحظناها في ذلك الكون الشاسع وهي الأكثر امتلاءً بالغبار والأشد برودة والأبعد في المسافة مما يظهر روعته.

وقبل أن يَنفد وقوده، تم توجيه نطاق رؤيته لسديم النملة، على مسافة حوالي 8000 سنة ضوئية ( 2453 فرسخ نجمي).

«عندما لاحظنا الغاز منزيل 3، رأينا تركيبًا معقدًا بشكل مثير للدهشة مصنوعًا من غاز مؤين (البلازما)، ولكن لا نستطيع رؤية الجسم الذي ينتج هذا التركيب في منتصفه» أوضحت الفيزيائية الفلكية إيزابيل اليمان من جامعة ليدن في هولندا.

«الشكر للدقة ونطاق الطول الموجي الواسع لمرصد هيرشيل، ساعد ذلك في كشف نوعٍ نادر جدًا من الانبعاثات يُسمى خط انبعاث ليزر إعادة تركيب الهيدروجين، والذي مهد الطريق لكشف تركيب السديم وخصائصه الفيزيائية».

النجم المُحتضر المشارك في تكوين سديم النملة نجم لا يختلف عن الشمس.

عندما تصل النجوم مثل هذا إلي نهاية فترات حياتها، تنكمش نواة النجم وتسخن، في عملية التقلص، بينما تتسع طبقات الغاز الخارجية للنجم.

حالما تسخن نواة النجم إلى درجة حرارة معينة، تقوم بتأيين الغاز المحيط (تحويله إلي بلازما)، وتتحول إلى سديم.

نوع انبعاث الليزر الملاحظ في سديم النملة –الذي كانت تتم رؤيته في كميات صغيرة جدًا مقارنة بباقي الأجسام– يمكن إنتاجه في هذا السيناريو لو كان هناك غاز كثيف قريب من النجم فقط.

وفقًا لملاحظات هيرشيل، كثافة الغاز في نواة سديم النملة حوالي عشرة آلاف مرة أكبر مما تتم رؤيته عادة في السديم الكوكبي، وتلك هي الكثافة المماثلة لما في فصي سديم النملة.

ويعود هذا إلى أن النجوم المحتضرة تدفع موادها إلى الخارج، لذا فإن مركز السديم الكوكبي عادةً فارغ جدًا، ما يعني كثافة منخفضة، وهذا يشير إلى أن هناك شيئًا ما غير عادي يحدث مع سديم النملة، والحالة الأكثر احتمالاً هي رفيق ثنائي للنجم المحتضر.

قال ألبيرت زيجلسترا المشارك في تأليف الدراسة، وهو فيزيائي فلكي في جامعة مانشستر: «الطريقة الوحيدة ليظل الغاز قريبًا من النجم (لتظل كثافته مرتفعة) هي أن يدور حوله في قرص».

«القرص يشير إلى أن القزم الأبيض المحتضر يملك رفيقًا ثنائيًا، بسبب أنه من الصعب أن يتم طرد الغاز إلى مدار محدد ما لم يوجهه نجم رفيق في الاتجاه الصحيح».

مع أن ما يحدث في نواة السديم غير دقيق حسب اعتقاد العلماء، فذلك مبني على انبعاث الليزر النادر والكثافة المرتفعة للغاز، والعلماء ما زالوا في شك مما يحدث في تلك العملية.

المادة التي تخلص منها النجم خلال موته تصبح محصورة في قوة جاذبية النجم الرفيق، وتبدو أنها كالقرص النامي الواقع بداخله.

قال جورن بيلبارت، عالم مشروع هيرشل لمنظمة ESA والذي لم يكن مشاركًا في هذا البحث: «هذه الدراسة تشير إلى أن سديم النملة المميز كما نراه اليوم خُلق بواسطة الطبيعة المعقدة لنظام نجم ثنائي، الذي أثر في الشكل، والخصائص الكيميائية، والتطور في تلك المراحل الأخيرة من عمر النجم وجعله يُنتج سديمًا مختلفًا عن العادة».

«هيرشيل تقدم قدرات المراقبة المثالية لكشف هذا الليزر الاستثنائي في سديم النملة.

النتائج ستساعد على التيقن من ظروف نشأة ذلك السديم، وستساعدنا على تحسين نماذجنا للتطور النجمي».


  • ترجمة: عمر عبد الله.
  • تدقيق: جدل القاسم.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر