اتضح لنا من قبل أن السمنة تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء بعد سن اليأس، الآن دراسة جديدة واسعة النطاق قام بها باحثوا مركز السرطان في جامعة شمال كارولينا (North Carolina) تثبت أن العكس هو الصحيح بالنسبة للنساء قبل سن اليأس، ارتفاع نسبة الدهون بالجسم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي!

تُظهر النتائج التي نُشرت في دورية اُنكولوجي”Oncology” الحاجة لفهم أكثر لطبيعة العوامل المُسببة لسرطان الثدي عند النساء حديثات السن قبل سن اليأس.

تقول هازل ب.نيكولاس Hazel B. Nichols الحاصلة على الدكتوراه من كلية “UNC Gillings”، للصحة العامة: «تختلف العوامل المحركة لخطر الإصابة بسرطان الثدي عند النساء صغيرات السن مقارنةً بالنساء المسنّات، لذلك علينا أن نقوم بعمل أفضل لفَهم العوامل المساهمة في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى الشابات لنقدم لهم التوصيات اللازمة للمساهمة في تجنب الإصابة بالمرض» وتضيف نيكولاس: «نتائج هذه الدراسة لا تعطينا سببًا لاكتساب الوزن كي نتجنب سرطان الثدي.

ومع ذلك فإن النساء البدينات لديهن فرصة أقل بوجه عام للإصابة بسرطان الثدي قبل سن اليأس، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الفوائد الأخرى لإدارة الوزن الصحي، فنحن نقوم بهذا لفهم العوامل المساهمة في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء صغيرات السن».

سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطانات شيوعًا لدى النساء المسنات، متوسط عمر التشخيص 62 عامًا في الولايات المتحدة.

ترتبط السمنة بمستويات أعلى من خطر الإصابة بسرطان الثدي عند السيدات بعد سن اليأس، والذي يحدث وسطيًا في عمر 51 عامًا في الولايات المتحدة أيضًا. ولأن سرطان الثدي أقل شيوعًا عند النساء الأصغر سنًا، دفع ذلك الباحثين لجمع بيانات من 19 دراسةً مختلفةً للتحقق من خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى 758,592 امرأةً تحت سن 55 عامًا.

وقالت نيكولاس: «غالبًا ما يكون لدى الدراسات عدد أقل من المُصابات بسرطان الثدي قبل انقطاع الطمث، لأن سرطان الثدي أقل شيوعًا في الأعمار الأصغر، ولذلك لم تكن الأدلة الداعمة لتلك الدراسات قويةً بنفس القدر مثل سرطان الثدي قبل انقطاع الطمث».

وقد ربطت تحليلاتهم بين مؤشر كتلة الجسم BMI الأعلى، ومؤشر كتلة الجسم الأقل (وهو ناتج قسمة كتلة الجسم(بالكيلوجرام) على مربع طوله (بالمتر)، والمؤشر المثالي يتراوح ما بين 18.5_24.9 بالنسبة للبالغين فقط)، حتى ضمن نطاق الوزن الطبيعي لدى النساء الأصغر سنًا وخطر الإصابة بسرطان الثدي. وقد لوحظ أنه كلما ارتفع مؤشر كتلة الجسم كلما قل خطر الإصابة بسرطان الثدي.

BMI=(mass(kg))/〖(hight(m))〗^2

وقالت نيكولاس: «لم يكن هناك عتبة يرتبط عندها ارتفاع مؤشر كتلة الجسم مع انخفاض خطر الإصابة بالسرطان»، وأضافت: «كان الانخفاض الأكبر في خطر الإصابة من نصيب معدل وزن الجسم بين أعمار 18 و24 عامًا، مع 23% للانخفاض في مستوى الخطورة كلما ارتفع معدل وزن الجسم خمس وحدات في نفس الفترة العُمرية، أما في الفئة العُمرية ما بين 25 و34 عامًا ارتبطت الزيادة في نفس عدد الوحدات مع انخفاض في خطر الإصابة بنسبة 15%، ومخاطر أقل بنسبة 13% للفئة العمرية ما بين 35 و44 عامًا، بينما كان نصيب الفئة العُمرية ما بين 44 و54 عامًا هو الأقل حيثُ كانت نسبة الانخفاض في الإصابة 12% لكل خمس وحدات زيادة أيضًا».

أضافت نيكولاس: «وجد الباحثون أيضًا أن تراجع خطر الإصابة مرتبط بزيادة مؤشر كتلة الجسم بالنسبة لسرطان الثدي إيجابي مستقبلات الإستروجين أو البروجسترون، ولكنهم لم يروا أي علاقة مُتسقة بين مؤشر كتلة الجسم وسرطان الثدي السلبي الثلاثي أو سرطان الثدي سلبي المُستقبلات الهرمونية».

وأشارت نيكولاس إلى أن هناك عدة عوامل يمكنها أن تسهم في الربط بين ارتفاع مؤشر وزن الجسم وتراجع خطر الإصابة لدى النساء الأصغر سنًا مثل، الاختلاف في الهرمونات بما في ذلك الإستروجين ، عوامل النمو، وكثافة الثدي.

يمكن أن يكون هرمون الإستروجين محركًا لسرطان الثدي، لكن توجد له مستويات ومصادر مختلفة قبل وبعد انقطاع الطمث.

في البداية قبل انقطاع الطمث يكون المصدر الأول للإستروجين من المبيضين، وقد يساعد الإستروجين الناتج من الأنسجة الدهنية في تقليل كمية الإستروجين التي ينتجها المبيض.

تقول نيكولاس في ذلك: «إن كمية الإستروجين التي ينتجها المبيضان يمكن أن تُحركها الحلقات المرتدّة في جسمك، أمّا كمية الإستروجين التي تنتجها الأنسجة الدهنية قبل انقطاع الطمث ربما تساعد في تنبيه المبيضين من أجل إنتاج الإستروجين، كما أنه ينظم إنتاج هرمونات أُخرى، وبعد انقطاع الطمث يكون لدى النساء المُصابات بنسيج دُهني أعلى، مستويات أعلى من هرمون الإستروجين، معظم الإستروجين لم يعُد يأتي من المبيضين الآن!».

وقالت: «عادةً يكون لدى النساء اللواتي لديهن مزيدًا من الأنسجة الدهنية بعد انقطاع الطمث مستويات أعلى من الإستروجين والذي قد يساهم في زيادة خطورة الإصابة بسرطان الثدي لديهُنّ، أما لدى النساء الشابات، يكون الإستروجين واحدًا من العوامل التي تساهم في ذلك لكنه ليس القصة بأكملها».

على الرغم من أن سرطان الثدي أكثر شيوعًا في الأعمار المتقدمة، فهو الأكثر شيوعًا أيضًا في أنواع السرطانات التي يتم تشخيصها لدى النساء اللواتي بلغن سن الإنجاب.

تقول نيكولاس: «إن فهم عوامل الخطر التي تعمل بشكل مختلف قبل انقطاع الطمث أمر ضروري لخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء الشابات، لكن من الصعب دراسة هذه العوامل في الأماكن التقليدية بسبب وجود القليل من النساء الشابات في أبحاث السرطان.

إن المجموعة التعاونية الخاصة بسرطان الثدي قبل انقطاع الطمث، والتي تأسست بواسطة محققين من جامعة شمال كارولاينا، والمعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية في نفس الجامعة، ومعهد أبحاث السرطان في لندن، يقومون بإعطاء وسيلة للتحقيق في سرطان الثدي لدى النساء الأصغر سنًا».


ترجمة: محمد غازي.
تدقيق: أحلام مرشد.
تحرير: كنان مرعي.

المصدر