كُرات الظل هي عبارة عن كُرات بلاستيكيّة تُصنع عادةً من مادة البولي إيثلين عالي الكثافة (polyethylene)، تُستخدم في خزّانات المياه، حيث أنّها تعوم على سطح المياه لتحافظ عليه من التبخّر أو التلوث بالغبار أو حتى التفاعلات الناتجة عن أشعة الشمس، ففي عام 2015 أُلقيَ ما يُقارب من 96 مليونًا من كرات الظل العائمة في خزّان مياهٍ مُهدّد بالجفاف في مدينة لوس أنجلوس، في خطّةٍ منها لمنع التبخّر وتوفير المياه، وهذا ما حصل فعلًا.

لكن كان هنالك مُشكلة كبيرة يمكن أنّ يُدركها الجميع، تم تجاهلها ولا أحد يريد الحديث عنها، والتي تكمن في صناعة هذه الكرات، إذ أن صناعتها تتطلّب من الماء أكثر مما ستقوم بالحفاظ عليه عند استخدامها فيه!

ووفقًا للحسابات التي أجراها باحثون من (كليّة لندن الامبراطوريّة – Imperial College London)، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة ل(جامعة توينتي – University of Twente) في هولندا، فإنَّ تأمين النفظ والكهرباء والغاز الطبيعيّ -اللازم لصناعة تلك الكرات- يتطلّب حوالي 2.9 مليون مترًا مكعبًا من الماء.

نُشِرت الكرات على سطح ماء الخزّان في الفترة الممتدة من آب/أغسطس (2015) وحتّى آذار/مارس (2017)، وخلال هذه المدة قامت الكُرات بمنع 1.7 مليون مترًا مكعبًا من الماء من التبخّر، كون أنَّ هذا المشروع يوفّر الماء في أحد الأماكن ويستهلكها في مكانٍ آخر، فقد يكون لهذا تأثيرات بيئيّة لم تؤخذ بعين الاعتبار في مرحلة التصميم الأصلية.

يقول الباحثون: «إنها لَمُشكلةٌ، يقع المهندسون فريسةً لها في بعض الأحيان.»

يقول العالِم البيئيّ كافا ماداني (Kaveh Madani) من كلية لندن الامبراطوريّة: «إنّنا جيّدون جدًا في إيجادنا للحلول التكنولوجيّة السريعة، ولكننا في الوقت نفسه كثيرًا ما نتجاهل آثارها بعيدة المدى والتأثيرات الثانوية لحلولنا، وكانت هذه الطريقة المُتّبعة في المجتمع الهندسي لإيجاد حلولٍ للمشاكل؛ وهي أن تُحَل مُشكلة واحدة في مكانٍ ما، وتخلُق مشكلة جديدة في مكان آخر.»

وسعيًا منهم في مُعادلة استخدم المياه من مبدأ لا ربح ولا خسارة، توقّع الفريق أنّ الكرات يجب أن تُنشَر لمدة تصل إلى سنتين ونصف، وذلك إذا ما منعت معدّل التبخّر بنفس المعدّل الذي حدث خلال ظروف الجفاف، وكل هذا دون النظر للتأثيرات التي تطرأ على درجة حرارة الماء والنموّ البكتيري والتأثيرات التي من الممكن حدوثها على الحياة المائيّة التي تعيش في الخزّان، وهي من المخاوف التي رُفِعت عام 2015 أيضًا.

لذا بالعودة إلى عام 2015 فهي ليست بتلك الفكرة العبقرية التي فهمناها -وفهمها الآخرون أيضًا- ولكنّها لا تعني أيضًا بأنّها إضاعة للوقت والموارد المُتاحة، حيث أنّ للكُرات عمرًا يصل حتى 10 سنواتٍ (حيث نُشِر منهم 15% فقط حينها)، وهي مصنوعة من موادٍ بلاستيكيّةٍ وقابلة لإعادة التدوير لاستخدامها في أغراضٍ أخرى.

كما نُشِرت الكُرات أيضًا في الخزّانات، ولعل أبرزها خزّان بحيرة سيلفر في لوس أنجلوس عام 2008، للمساعدة في منع التلوث المُسبب للسرطان.

وتُستخدم أيضًا في عمليات التعدين لتجنّب نزول الطيور إلى البِرَك السامّة، وفي المطارات أيضًا لردع الطيور من الهبوط على أحواض التصريف وبالتالي إعاقتها للطائرات أثناء الاقلاع والهبوط واصطدامها بها.

ولكن في النهاية، هنالك دائمًا شيء يمكن تعلمه من مثل هذه التجارب الهندسيّة، حتّى مما تُسمى بالتجربة الفاشلة، فإنّها قيّمة للغاية لاكتساب المعرفة، وإن ظهور بحثٍ كهذا، حتّى عند إنجاز حلوله بشكل مُسرع، فإن العلم يُساعدنا في معرفة أخطائنا والتعلّم منها، كما يمكن أن يُساعد المهندسين في التعرّف على مثل هذه المشكلات والعمل على التخطيط دون الوقوع فيها في المستقبل.

يختم العالِم ماداني (Madani) قائلًا: «نحن لا نقترح بأن كُرات الظل سيئة ويجب عدم استخدامها، وكل ما في الأمر أنّنا نُلقي الضوء على التكلفة البيئيّة للكُرات والتي يجب أخذها بعين الاعتبار جنبًا إلى جنبٍ مع فوائدها.»


  • ترجمة: رامي الحرك.
  • تدقيق: رند عصام.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر