من الممكن أن تكون البيدوفيليا موضوعًا محرّمًا، لكنها غالبًا ما تتصدّر العناوين الرئيسية. ما هي البيدوفيليا؟ من هم مشتهو الأطفال جنسيًّا؟ كيف يتمّ التعامل معهم من قِبل المجتمع الطبي؟ تعتبر البيدوفيليا نوعًا من الشذوذ الجنسي، ولكن ما هو الشذوذ الجنسي؟

الشذوذ الجنسي هو أي اهتمام جنسي شديد ومستمر غير الاهتمام الجنسي المرتبط بتحفيز الأعضاء التناسلية أو المداعبة التحضيرية مع شريك بشري طبيعي ظاهريًا، ناضج جسديًا، وموافق. اضطراب الشذوذ الجنسي هو شذوذ جنسي يسبّب عدم الراحة أو الضرر للشخص أو ذلك، ما لم يحدث بالتراضي، المتضمّن ضررًا شخصيًا -أو خطر أذية مثل هذه- للآخرين.

يرتبط الشذوذ الجنسي بالإثارة استجابةً للعناصر الجنسيّة أو المحفّزات غير المرتبطة بأنماط السلوك الاعتيادي، والتي قد تتداخل مع إقامة علاقة جنسيّة طبيعية.

في نظم التصنيف الحديثة، يتم تفضيل مصطلح الشذوذ الجنسي، أو اضطراب الشذوذ الجنسي، حسب الاقتضاء، على مصطلح الانحراف الجنسي لأنه يوضّح الطبيعة الأساسية لهذه الأفعال، والتي تعني الإثارة بالاستجابة إلى الإيعازات غير المناسبة.

الشذوذ الجنسي هو الطريقة التي يقوم فيها بعض الناس بتفريغ طاقتهم الجنسية، وهذا الفعل غالبًا ما يُتبع بالإثارة والنشوة الجنسية، والذي غالبًا ما يتم عن طريق الاستمناء والخيالات الجنسية.

لا يتم تشخيص اضطرابات الشذوذ الجنسي بصورة جيّدة ويصعب علاجها في أغلب الأحيان، ولأسبابٍ عديدةٍ.

غالبًا ما يقوم هؤلاء الأشخاص الذين يعانون تلك الاضطرابات بإخفائها، شاعرين بالذنب والعار، فيمرّون بمشاكل مالية وقانونية، ومن الممكن أن يكونوا غير متعاونين مع الأطباء.

إن أفضل المعايير لتشخيص اضطرابات الشذوذ الجنسي تأتي من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية التابع للجمعية الأمريكية للطب النفسي، النسخة الخامسة (DSM-5)، أو التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض، المراجعة العاشرة (ICD-10)، على الرغم من أن تعاريف هذه الحالات تبقى موضعًا للجدال.

يتم تعريف البيدوفيليا على أنها الخيالات والأفعال التي تتضمّن نشاطات جنسيّة مع أطفال لا تتجاوز أعمارهم 13 عامًا. أما مشتهي الأطفال هو الشخص الذي لديه توجّهات جنسيّة مستمرّة مع الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 13 عام. ليس كل مشتهي الأطفال هو متحرّش بهم، أو العكس.

يقول راي برانجارد، الحاصل على شهادة الدكتوراه وأستاذ علم النفس في جامعة تورونتو: «إن المتحرّشين بالأطفال يتم التعرّف عليهم عن طريق أفعالهم، في حين أن مشتهي الأطفال يتم التعرّف عليهم من خلال رغباتهم. يمتنع بعض مشتهي الأطفال عن الاقتراب من أي طفل طوال حياتهم». لكن من غير المعلوم مدى شيوع ذلك الأمر.

يتمّ تشخيص اضطراب البيدوفيليا في الأشخاص الذين يظهرون ذلك النوع من الشذوذ الجنسي أو هؤلاء الذين ينكّرون أي انجذاب جنسي نحو الأطفال، على الرغم من الأدلة التي تثبت ميولهم.

ليتم تشخيص الحالة، يجب على الشخص التصرّف على أساس رغباته الجنسيّة أو أن يشعر بعدم راحة نتيجةً لرغباته أو خيالاته. من دون هذين المعيارين، قد يمتلك الشخص توجّهات بيدوفيلية، لا اضطراب البيدوفيليا.

سبب الشذوذ الجنسي:

قد توجد اضطرابات الشذوذ الجنسي بصورة منفصلة في شخصيات مستقرة، وبالتالي قد لا يلاحظها أحد من الشركاء، أو الأصدقاء، أو العائلة.

والأكثر شيوعًا، على كل حال، تظهر مع بعض الاضطرابات الشخصيّة مثل تعاطي المخدرات، اضطرابات القلق، أو الاضطرابات العاطفية. ولا يزال من غير الواضح سبب تصرّف بعض الناس على أساس رغباتهم المنحرفة وامتناع البعض الآخر عن ذلك.

الأشخاص الذين يعانون اضطرابات الشخصيّة  والذين يعانون مشاكل في تقدير الذات، مخاوف من مشاكل السيطرة على الغضب، ضعف القدرة على التعاطف، والإدراك الخاطئ يكونون عرضةً بشكلٍ خاصٍ.

هنالك العديد من النظريات التي تحاول تفسير سبب الشذوذ الجنسي، ومن ضمنها نظرية التحليل النفسي، النظرية السلوكية، النظرية البيولوجية، ونظرية البيولوجيا الاجتماعية. حتى هذه اللحظة، لم تثبت أي نظرية أنّها الحاسمة. نحن نحتاج المزيد من الدراسات بخصوص هذا الأمر.

نظرية التحليل النفسي:

طبقًا لنظرية التحليل النفسي، من الممكن أن تشترك العديد من العوامل في نشأة الشذوذ الجنسي.

يعتقد كورت فرويند وبعض زملائه أن سبب الشذوذ الجنسي قد يكون بعض التشوهات في مراحل التودّد.

سلوك التودّد الطبيعي هو ما يقرّب الذكور من الإناث لغرض التزاوج، وهو غالبًا ما يحصل في مرحلة المراهقة، وقد يتضمّن جماعًا جنسيًّا في المراحل الاولى من التطوّر الجنسي.

يتضمن التودد المراحل الأربعة التالية:

  1. مرحلة البحث: البحث عن الشريك المحتمل.
  2. التفاعل ما قبل الجسدي: والذي يتضمّن الحديث أو الغزل مع الشريك المحتمل.
  3. التفاعل الجسدي: الاتصال الجسدي مع الشريك المحتمل، والذي يتضمّن اللمس، والاحتضان، وتشابك الأيادي، وأفعالًا مشابهة.
  4. الاتصال الجنسي.

على الرغم من أنّ أغلب الناس قادرون على المرور بالمراحل الصحيحة للتودّد، فإن الآخرين لا يستطيعون الالتزام بهذه الأفعال المقبولة اجتماعيًا.

يقول فرويند وزملاؤه: «إنه من الممكن ملاحظة فعّاليات شاذّة كنوع من المبالغة في هذه المراحل الأربعة».

طبقًا لدراسات فرويند التي تمّت على المعتدين المسجنونين، فإنّ خللًا واحدًا في فعّاليات التودّد من الممكن أن يؤدي إلى مشاكل أخرى.

النظرية السلوكية:

تعزي النظرية السلوكية تطوّر بعض الحالات من البيدوفيليا إلى عملية التكيّف.

في الحقيقة، اضطرابات الشذوذ الجنسي هي نتيجة تكيّف عرضي، إذا ما ارتبط عنصر غير جنسي بفعاليات جنسيّة مُرضية، سيصبح هذا العنصر مثير جنسيًّا.

تمّت دراسة صغيرة على سبعة ذكور متبايني الميول، وجميعهم لم يملكوا أي نوع من الخيالات أو الرغبات الجنسية. تمّ تعريضهم، وبصورة متكررة، إلى محفّزات جنسيّة وتمّ ربطها مع أحذية سوداء تصل إلى الركبة في طولها.

لاحقًا، عندما تمّ إظهار صور الأحذية لوحدها، حدث انتصاب لخمسة رجال منهم. يظهر هذا أن الانجذاب الجنسي نحو الأقدام هو أمر مرتبط بالظروف.

لا يتضمن التكيّف محفّزات إيجابية دائمًا، فمن الممكن للمحفّزات السلبية أن تلعب دورًا. إذا عانى الشخص عواقب غير سارّة عند قيامه بالفعّاليات الجنسيّة الطبيعية، سيحدث نفور للجنس، مؤديًّا إلى ظهور سلوك جنسي شاذ.

مثال على ذلك هو الطفل الذي يتمّ توبيخه وعقابه من قِبل أبويه بسبب قيامه بإظهار قضيبه المنتصب بكل فخر. عندما ينضج الولد، من الممكن أن يربط الذنب والعار بالنشاطات الجنسيّة الاعتيادية.

قد تؤدّي بعض النشاطات الجنسيّة غير الاعتيادية، مثل الافتضاحية واستراق النظر، والتي تؤدّي إلى إثارة جنسيّة كبيرة، إلى تفضيلات شخصيّة لهذه الأفعال. يُدفَع مشتهو الأطفال، والافتضاحيون، ومسترقو الأنظار بحبّهم للمجازفة، فإن خطر اكتشاف أمرهم له نفس مقدار إثارة الفعل نفسه.

نظرية البيولوجيا الاجتماعية:

في مقالة نشرت عام 1993، اقترح ريتشارد إي غاردنر نهجًا قام بدمج نظريتين، نظرية النقل الجيني لدوكنز ونظرية البقاء للأصلح المعروفة لداروين. من الممكن اعتبار هذه النظرية نظرية البيولوجيا الاجتماعية.

نظرية داوكنز:

في نظرية داوكنز للنقل الجيني، من الممكن النظر إلى الاختلافات في السلوك الجنسي البشري، بل حتّى التصرّفات الجنسيّة غير الاعتيادية، على أنّها حلقة وصل في نجاة الجنس البشري.

طبقًا لهذه النظرية، فإنّ اضطرابات الشذوذ الجنسي المختلفة من الممكن أن تكون مسؤولة عن تحسين مستوى الإثارة الجنسيّة في المجتمع. قد تؤدّي هذه المستويات العالية من التحفيز في النهاية إلى التكاثر.

في المجتمعات الأقدم، قام الذكور بدور الصائدين والمقاتلين، أما الإناث فكان دورهن مقتصر على تربية الأطفال. هؤلاء الرجال الذين كانوا أكثر مهارة في الصيد والقتال كانوا يملكون حظوظًا أكبر للنجاة وجذب الإناث، وهؤلاء الذين كانوا أقل حظًّا في جذب الإناث، لأنهم غير قادرين على توفير غذاءٍ كافٍ، ملابس، وملجأ، كانوا أقل قدرة على حماية عائلتهم من الأعداء.

اليوم، تحصل البرمجة الجينية هذه في كلا الجنسين. على الرغم من أن الأوليات الأخرى تدفعهم غرائزهم، فإن البشر يتأثّرون إلى حدٍّ معينٍ. خلال موسم التزاوج، تُجبَر الحيوانات على المرور بطقوس التزاوج الخاصّة بها. للبشر كذلك دوافع تناسلية، ولكن ليس في موسم معين أو من خلال طقوس معينة، مثل هذا الموجود لدى الأوّليات الأخرى.

نظرية داروين:

ترتبط نظرية داروين بصورة مباشرة مع السعة التكاثرية. زوجٌ من العوامل الفعّالة في نظرية داروين، هما الكمّية والنوعية. يُكَوِّن كل نوع ذرّية أكثر من الذرية المقدّر لها النجاة (الكمّية)، ولذا فإن الأفراد القادرين على التكيّف بصورةٍ أفضل في بيئتهم (النوعية) قادرون على النجاة وتخليد ذلك الجنس، بصورة عامة، ومن الممكن أن تتعرّض الأنواع الأقل قدرة على التكيّف في بيئتهم للانقراض.

فيما يخص الأجناس، يستطيع الذكر جسديًا تكوين ذرّية أكبر بكثير، إذا ما كرّس رجل ما حياته كلها للتكاثر، فمن الممكن أن يصبح أبًا لثلاثين ألفًا من الذرية. من ناحية أخرى، إذا ما كرّست الأنثى حياتها بأكملها للتكاثر، لن تستطيع تكوين أكثر من 40-45 طفلًا. طبقًا لهذا، فإن الأنثى هي المسؤولة عن السيطرة النوعية.

ستكون المرأة مسؤولة عن تربية الطفل. من بين أنشطة الحياة الضرورية الأخرى إلى جانب الجنس والتكاثر، قد تكون تربية الأطفال هي الأكثر أهمية.

إذا لم يتم توفير حماية للصغار، لن ينجوا. وبالتالي، أن يقوم شخص ما بتكريس حياته بأكملها في التكاثر وتكوين أطفال من دون وجود فرصة لنجاتهم هو أمر غير منطقي.

تميل الأنثى إلى أن تكون انتقائية عند اختيارها الشريك، وهو الشخص الذي سيحمي ويوفّر للعائلة احتياجاتها، ولتحسين قدرتهن على القيام بخيار صحيح فيما يخص اختيار الزوج، تميل الإناث إلى أن تكون أكثر حذرًا فيما يخص اندفاعهن، مع الأخذ بعين الاعتبار الإشباع الجنسي. من المرجّح أن تقوم الإناث اللاتي يملكن رغبة جنسيّة مثبّطة باختيار شريك ملائم وتزداد فرصهن للنجاة.

الرجال على الناحية الأخرى، يميلون إلى ممارسة الجنس دون تمييز مع عدد كبير من النساء. وهذا يعني نشر نطفهم لغرض التناسل ونقل الجينات.

عادةً ما يتم إثارة الذكور بصورة أسرع مقارنة بالإناث. بعد الوصول إلى الإشباع من الاتصال الجنسي، عادةً ما يكونوا أقل ميلًا من الإناث للاهتمام بالحفاظ على العلاقة أو الالتزام بها.

من التقديرات الشائعة أن الرجال ممّن تتراوح أعمارهم بين 12 و40 يفكّرون بالجنس حوالي 6 مرّات في الساعة. إذا ما تم تقسيم هذا التقدير حسب الفئات العمريّة، يفكّر الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 ما يقارب 20 مرّة بالجنس في الساعة، أو مرّة كل ثلاث دقائق، في حين أنّ الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين30  و39 يفكّرون حوالي4  مرّات فقط في الساعة. قد يكون هذا هو أحد أسباب الشذوذ الجنسي في الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عامًا.

تظهر نتائج مثل هذه أن معظم الرجال فاسقون، جسديًا أو نفسيًا، وما يميّز بينهم هو مقدار سيطرتهم على رغباتهم الجنسية.

الإناث أكثر اهتمامًا بالعلاقات، وقد يساهم هذا في زيادة قدرتهن على النشوة الجنسية. على الرغم من أن المرأة تحتاج إلى المزيد من المداعبة، واللمس، والرومانسية بشكلٍ عامٍّ لتصبح مستثارة، فمن المرجّح أن تستمر الإثارة لفترة أطول. تملك معظم النساء القدرة على المرور بهزّات جماع متعدّدة، والذي من الممكن أن يزيد من قدرتهن التناسلية من خلال تمكينهن من التقاط الاهتمام والتداخل المستمر للرجال الذين يميلون إلى بطء القذف.

من الممكن أن تساعدنا هذه النتائج في تفسير السبب الذي يجعل الرجال أكثر عرضة للإثارة الجنسيّة عن طريق المحفّزات البصرية، والنساء من خلال المحفّزات اللمسية.

أما فيما يخص سبب البيدوفيليا، فهو غير معروف. هنالك بعض الأدلة على أن البيدوفيليا تجري في العوائل، على الرغم من عدم وضوح ما إذا كانت تنشأ وراثيًا أو أنها فعل يتمّ تعلّمه.

لم يتم إثبات دور عوامل أخرى، مثل التشوّهات في الهرمونات الجنسيّة لدى الذكور أو مادة السيروتونين الكيميائية، في تطوّر حالة الشذوذ الجنسي أو البيدوفيليا. هنالك عاملٌ محتملٌ في تطوّر حالة البيدوفيليا، وهو المرور بعملية اعتداء جنسي في مرحلة الطفولة، ولكن هذا العامل، كذلك، لم يتم إثباته.

تشير نماذج التعلّم السلوكي أن الطفل الذي يكون الضحية أو الذي يشاهد سلوكًا جنسيًّا غير لائقٍ سيتعلّم تقليد ما شاهده مما يؤدّي إلى تعزيز ذلك السلوك لديه. يعاني هؤلاء الأفراد من الحرمان من التواصل الاجتماعي والجنسي الطبيعي، وبالتالي يسعون إلى الإشباع بوسائل أقل قبولًا اجتماعيًا.

تركّز النماذج الفسيولوجية على العلاقة بين السلوك، الهرمونات، والجهاز العصبي المركزي، مع اهتمام خاص بدور العدوانية والهرمونات الجنسيّة الذكرية.

يصبح الأشخاص على دراية برغبتهم الجنسيّة نحو الأطفال في وقت البلوغ. من الممكن أن تكون البيدوفيليا حالة مستمرّة طوال فترة حياة الشخص، ولكن اضطراب البيدوفيليا يحتوي على عناصر تتغيّر بمرور الوقت (عدم الراحة، الضعف النفسي، الميل للتصرف على أساس الرغبات).

التركيبة السكّانية المتعلقة بالعمر، والجنس، والعرق

أغلب المرضى هم ممّن تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عامًا. من النادر حدوث اضطرابات الشذوذ الجنسي في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، والبيانات المتعلّقة بخصوص هذه الاضطرابات عند هذه الأعمار محدودة. الرجال أكثر عرضةً للتأثّر من النساء، وأغلب المرضى من ذوي البشرة الفاتحة.

قمنا بسؤال دكتور برانجراد بضعة أسئلة، وكانت هذه إجاباته.

– هل من الممكن علاج البيدوفيليا؟

أجل، على الرغم من أنّ معظم الخبراء يعتقدون أن المشاعر المرتبطة بالبيدوفيليا لا يمكن الشفاء منها، ومن الممكن أن يساعدهم العلاج على السيطرة على هذه المشاعر وعدم التصرّف على أساسها.

بعض المرضى معرّضون لخطر ارتكابهم لجرائم جنسيّة، وقد يحتاجون إلى تناول أدوية معينة لتقليل رغبتهم الجنسية.

– هل ينجذب مشتهو الأطفال نحو الأطفال فقط؟

قد ينجذب بعض مشتهو الأطفال إلى كلٍّ من الأطفال والبالغون، ولكن من الصعب معرفة مدى شيوع هذا الأمر، وهذا لأن معظم الدراسات بخصوص البيدوفيليا تمّت على أشخاص تم إلقاء القبض عليهم بسبب جرائمهم الجنسيّة تجاه الأطفال، وقد يميلون إلى المبالغة في رغبتهم الجنسيّة نحو البالغين لإثبات أنهم طبيعيّون، كما يقول برانجارد.

– هل البيدوفيليا أكثر شيوعًا عند الرجال أم النساء؟

إن اضطراب البيدوفيليا أكثر شيوعًا بين الرجال مقارنةً بالنساء.

– هل من الممكن أن يصبح الشخص مصابًا بالبيدوفيليا بعدما أصبح بالغًا وبعدما كان منجذبًا نحو البالغين؟

هذا الأمر غير مرجّح بالمرة، على الرغم من أن بعض الناس من الممكن أن يصبحوا بالغين «قبل أن يصبحوا مدركين تمامًا أن قمّة انجذابهم الجنسي لا تزال موجّهة للأطفال، لا نحو أقرانهم».

– هل ينجذب مشتهو الأطفال نحو أطفال من الجنس المقابل، نفس الجنس، أم لا يوجد نمط معين لذلك؟

لدى معظم مشتهي الأطفال تفضيل نحو جنس معين، لكن من الصعب تحديد نسبة مشتهي الأطفال ممّن هم متباينو الجنس، ثنائيو الجنس، ومثليو الجنس في انجذابهم نحو الأطفال.

– ماذا تريد للناس أن يعرفوا بخصوص الأفكار النمطية لمشتهو الأطفال؟

لا يختار الناس انجذابهم نحو الأطفال أو البالغين أكثر من اختيار انجذابهم نحو الذكور أو الإناث. إذا كان هنالك أي خيار في هذا الموضوع، فهو كيفية قيام مشتهي الأطفال بالسيطرة على حياتهم عندما يصبحون واعين تمامًا باتجاه رغباتهم الجنسيّة والقيود الاجتماعية المرتبطة بعدم إظهارها.

– كيف يتعامل مشتهو الأطفال مع مشاعرهم هذه؟

يتبنّى البعض منهم هذه المشاعر ويحاولون تبرير توجّهاتهم الجنسية. ويعترف الآخرون أن فكرة اقترابهم من طفل في الحياة الواقعية هو أمر غير مقبول أخلاقيًا، ومن الممكن أن يكونوا محبطين، معزولين، وحيدين، مكتئبين، وقلقين.

يبدو أن ضغط العيش مع اضطراب البيدوفيليا من الممكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل النفسية الثانوية. ومع ذلك، هنالك بعض الأشخاص الذين تمكّنوا من عيش حياة منتجة وناجحة، على الرغم من أن حياتهم الجنسيّة تبقى مصدرًا للإحباط.

– إذا كان لدى رجلٍ أو امرأةٍ مشاعر من الممكن تفسيرها على أنها بيدوفيليا -حتى إذا لم يتصرفوا أبدًا اعتمادًا على هذه المشاعر- ما الذي يجب عليهم القيام به؟

احصل على مساعدة. «يجب على الأشخاص الذين يعانون مشكلة انجذابهم نحو الأطفال أن يبحثوا عن مساعدة احترافية بدلًا من محاولة التعامل مع هذه المشكلة بمفردهم». يقترح برانجارد البدء مع طبيب العائلة، على الرغم من أن الأمر قد يتطلب العديد من الإحالات.

أعراض البيدوفيليا:

بالإضافة إلى أخذ تاريخٍ كاملٍ فإن الحالة العقلية، الفحص الجسدي والعصبي هي أمور يجب القيام بها للمساعدة على التقييم ولاستبعاد الأمراض الأخرى. إن استبعاد الأمراض الطبّية أو النفسية الكبرى أمر بالغ الأهمية في التشخيص والعلاج.

تشخيص البيدوفيليا:

ليتم تشخيص اضطراب البيدوفيليا، يجب استيفاء المعايير التالية:

  • خيالات، رغبات، وتصرّفات جنسيّة متكرّرة وشديدة تجاه أطفال في مقتبل البلوغ (ممّن لا تتجاوز أعمارهم 13 عامًا) لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
  • يتم التصرّف على أساس الرغبات الجنسيّة هذه، ومن الممكن أن تسبّب اكتئابًا ذا أهميةٍ طبيةٍ أو مشاكل في الحياة الاجتماعية والمهنية أو غيرها من المجالات المهمّة.
  • يجب أن يكون عمر الشخص 16 سنةً على الأقل، وأن يكبر الطفل بما لا يقل عن 5 سنوات. ومع ذلك، لا يشمل ذلك الأشخاص الذين في أواخر المراهقة ولديهم علاقة مع شخص يبلغ 12 أو 13 عامًا.

وبالإضافة إلى ذلك، تشخيص اضطراب البيدوفيليا يجب أن يحدّد ما إذا كان الشخص منجذبًا نحو الأطفال حصرًا أم لا، الجنس الذي ينجذب إليه الشخص، وما إذا كانت الرغبات الجنسيّة مقتصرة على المحارم.

هنالك العديد من المشاكل عند تشخيص البيدوفيليا. الأشخاص الذين لديهم هذه الحالة نادرًا ما يطلبوا المساعدة طوعًا، وعليه فإن الاستشارة والعلاج هي نتيجة أمر المحكمة. من الممكن الاستفادة من المقابلات، المراقبة، أو بيانات الإنترنت واستخدامها كأدلّة مفيدة في تشخيص هذا الاضطراب.

الاستخدام المكثّف للأفلام الإباحية للأطفال هي أداة تشخيص لاضطراب البيدوفيليا. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن قياس مقدار الإثارة الجنسيّة للأعضاء التناسلية في المختبر عن طريق التحفيز الجنسي، ويعتمد مقدار الاستجابة على مقدار التغيّر في استجابة القضيب.

أمراض الشذوذ الجنسي هي مجموعة لديها نسبة عالية من الاعتلال المشترك مع بعضها البعض، وبنفس القدر من الاعتلال المشترك مع القلق والاكتئاب الشديد أو اضطراب المزاج وتعاطي المواد المخدرة.

يجب التمييز بين اضطراب البيدوفيليا والاستخدام غير الضار للتخيّلات، التصرّفات، والأغراض الجنسيّة كمحفزٍ للإثارة الجنسيّة. الدراسات التي يجب أخذها بالحسبان عند تشخيص المريض باضطراب البيدوفيليا تتضمّن التالي:

  • التحاليل الطبية الاعتيادية، بما في ذلك التحليل المتسلسل المتعدد، العدّ الدموي الشامل، اخْتِبارُ الرَّاجِنَةِ البلازْمية، مستوى الهرمون المنبّه للدرقية أو اختبار وظيفة الغدة الدرقية.
  • اختبار فيروس نقص المناعة البشرية.
  • فحص التهاب الكبد الفيروسي.
  • تركيب الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين غير المجدول.
  • التصوير المقطعي.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي.
  • مقياس إجهاد القضيب.
  • تقدير أبيل للبيدوفيليا.
  • اختبار التغيّر في مقدار عرض القضيب.
  • تخطيط كهربائية الدماغ.

علاج البيدوفيليا:

من الممكن استخدام الأدوية بالتزامن مع العلاج النفسي لعلاج اضطراب البيدوفيليا. وتتضمّن هذه الأدوية مضادات الأندروجين لتقليل الإثارة الجنسية، أسيتات ميدروكسي بروجستيرون (بروفيرا) وليبروليد.

من الممكن وصف مثبّط استرجاع السيروتونين الانتقائية (SSRIs) لعلاج الاضطرابات الجنسيّة الشديدة وللاستفادة من أحد آثاره الجانبية، وهو تقليل الرغبة الجنسية.

ويتم إعطاء جرعات عالية من بعض الأدوية مثل سيرترالين (زولوفت)، فلوكزتين (بروزاك)، فلوفوكسامين (لوفوكس)، سيتالوبرام (سيليكسا)، والباروكزتين (باكسيل) المستخدمة لعلاج الاكتئاب.

شدّة الإثارة الجنسيّة ليست متسقة بالضرورة مع السلوك البيدوفيلي والمستويات العالية من التيستستيرون لا تجعل الذكر ميّالًا نحو البيدوفيليا.

هنالك هرمونات مثل أسيتات مدروكسي بروجستيرون وأسيتات سايبروتيرون تقلّل من مستوى التيستستيرون في الدم، وبالتالي تقلّل من مستوى الرغبة الجنسيّة والعدائية.

تقلّل هذه الهرمونات من عدد مرّات الانتصاب، الخيالات الجنسية، والمباشرة في السلوكيات الجنسية، والتي تتضمّن الاستمناء والجماع. يتمّ استخدام الهرمونات بالتزامن مع العلاجات السلوكية والإدراكية.

هنالك بعض مضادات اكتئاب مثل الفلوكستين تم استخدامه في تقليل الرغبة الجنسيّة بنجاح، ولكنه لم  يكن له دور يذكر فيما يخص الخيالات الجنسية.

أظهرت البحوث أن النماذج الإدراكية –السلوكية فعّالة في علاج اضطراب البيدوفيليا. ومن الممكن أن تتضمّن النماذج التشريط المنفر، مواجهة التشوهات المعرفية، التعاطف مع الضحايا (عن طريق عرض مقاطع فيديو تبين الآثار التي سيعاني منها الضحايا).

التدريب على العزيمة (تدريب على المهارات الإجتماعية، إدارة الوقت)، الوقاية من الانتكاس (تحديد العناصر المسببة لهذا السلوك وكيفية تعطيلها)، أنظمة المراقبة (أفراد العائلة الذين يساعدون في مراقبة سلوك المريض) ومتابعة تستمر مدى الحياة.

يتضمن التشريط المنفّر استخدام محفّز سلبي للتقليل أو القضاء على تصرّفات معينة. ومثال على ذلك هو التوعية الخفية والتي تتضمن استرخاء المريض وعرض مقطع لسلوك منحرف على الشاشة وبعدها يتمّ عرض حدث سلبي مثل مقطع يعلّق فيه القضيب في سحاب البنطلون. يتشابه التشريط المنفّر المدعم مع التوعية الخفية ما عدا أن الحدث السلبي يكون حقيقي، مثل نوع من الرائحة الكريهة التي يقوم المعالج بضخها.

الهدف هنا هو قيام المريض بربط السلوك المنحرف بالرائحة الكريهة.

ويقوم عكس السلوك المنفر بإذلال الجاني إلى أن يتوقف عن القيام بتصرّفه المنحرف. على سبيل المثال، من الممكن أن يشاهد الجاني مقاطع فيديو تظهر فيها جرائمه ويتضمّن الهدف أن تكون هذه التجربة كريهة ومهينة للمذنب.

هناك أساليب تكيّف إيجابية تركز على التدريب على المهارات الاجتماعية وسلوكيات بديلة أكثر ملاءمة. فالتكيّف، على سبيل المثال، يتضمّن إعطاء المريض تغذية استرجاعية فورية، والتي من الممكن أن تساعده على تغيير سلوكه. على سبيل المثال، من الممكن أن يتم ربط الشخص إلى جهاز ارتجاع بيولوجي مرتبط بضوء، ويتم إرشاده للحفاظ على الضوء ضمن مدى معين من الألوان في الوقت الذي يتعرّض فيه إلى إيعازٍ محفّزٍ جنسيًا.

يتضمّن العلاج الإدراكي إعادة هيكلة الانحرافات الإدراكية وتمارين التعاطف. تنطوي إعادة الهيكلة الإدراكية على تصحيح الفكرة البيدوفيلية القائلة إن الطفل يودّ الانخراط في هذه الفعالية. مشتهي الأطفال الذي يرى طفلة ترتدي سراويل قصيرة من الممكن أن يفكر بصورة خاطئة أن «هذه الطفلة تريدني». تنطوي تمارين التعاطف على مساعدة المذنب في أخذ منظور الضحية وفهم الضرر الذي يقومون به.

توقّعات سير المرض:

توقع نتيجة العلاج أمر صعب. يبدو أنّ المكاسب العلاجية على المدى الطويل تتطلّب طرق تتناول الديناميكا الأساسية التي تتعدّى الشذوذ الجنسي نفسه. تعتمد المرضية أو الوفاة في الشذوذ الجنسي على الفعل الذي يتمّ ممارسته، الاعتلال المشترك الذي ينطوي عليه، تعاون المريض مع المعالِج، وما إذا كان النظام القانوني متوفر.

من الممكن أن يكون الشذوذ الجنسي أمرًا عابرًا، كما أظهرت التجارب في سنين المراهقة، أو من الممكن أن يستمر طوال الحياة وتنطوي عليه مشاكل قانونية، مالية، شخصية، مهنية، أكاديمية، وأخرى. من الممكن أن يحصل الموت في بعض الظروف، من خلال الولع بالاختناق. العلاج وتوقّعاته يجب أن يعتمد على التقييم الذاتي.

ترتبط الصفات التالية بصورة عامة بالتوقّع الإيجابي لسير المرض:

  • السلوك المتعاون.
  • الحياة الجنسيّة الطبيعية.
  • توقّعات مُحَفَزة، مع الرغبة في التغيير.
  • الوصول الطوعي إلى العلاج.

أمّا الصفات التالية فإنها مرتبطة بالتوقّع السلبي لسير المرض:

  • البداية المبكّرة للشذوذ الجنسي.
  • الرسوم القانونية المعلقة.
  • السلوك غير المُحَفَز.
  • السلوك غير المتعاون.
  • كون الشذوذ الجنسي هو النشاط الجنسي الوحيد.
  • الاعتلال المشترك.
  • عدم الندم على الأفعال.

من الصعب توقّع سير البيدوفيليا. بالنسبة لمشتهي الأطفال، من الصعب للغاية تغيير الخيالات الجنسيّة المرتبطة بالأطفال. من الممكن أن يقوم المعالج بتقليل حدّة الخيالات البيدوفيلية، وأن يطوّر استراتيجيات تعاون للمريض، ولكن يجب على الشخص التعرّف على المشكلة وأن يكون راغبًا في الاشتراك في العلاج. ينتج العلاج النفسي الديناميكي، تقنيات السلوك، الطرق الكيميائية، والتدخل الجراحي نتائج مختلفة. المتابعة المستمرة طوال الحياة قد يكون حلًّا واقعيًا وحقيقيًا.


  • إعداد: سنان حربة.
  • تدقيق: علي فرغلي.
  • تحرير: زيد أبو الرب.

مصدر1 / مصدر2 / مصدر3