«يعاني ثُلثا مرضى الاضطراب ثنائي القطب من أمراض عقلية أخرى شُخِّصت لديهم قبل اكتشاف هذا الاضطراب». هيرشفيلد، لويس وفورنيك، 2003.

من بين هؤلاء الأفراد، كان الاكتئاب الشديد هو التشخيص لنسبة كبيرة منهم، ومن المعروف أن أغلب مرضى الاكتئاب أحادي القطب يمكن علاجهم بأمان وفعالية عن طريق دمج مضادات الاكتئاب مع العلاج النفسي، لكن عندما يعالج مريض الاضطراب ثنائي القطب على أنه مريض اكتئاب فقط؛ يمكن أن تحدث مجموعة من المشاكل الصحية قد تسبب تدهورًا بالحالة، بما في ذلك إدمان المخدرات ومحاولة الانتحار!.

من المفهوم أنه يمكن ألّا يُشخَّص الاضطراب ثنائي القطب إذا كان تقلب المزاج الأول يبدأ بالاكتئاب، هذا يبدو صحيحًا بالخصوص لدى مريض الاضطراب ثنائي القطب النوع الثاني، وفي بعض الأحيان تكون هناك أكثر من فترة اكتئاب واحدة قبل أن يمر الشخص بفترة هوس أو هوس خفيف.

إن أردت أن تعرف ما إذا كنت تعاني من اكتئاب أو بداية اضطراب ثنائي القطب، إليك بعض المفاتيح التي يجب معرفتها قبل طلب العلاج:

أولاً، عند وضع احتمالية أن يكون اكتئابك جزءًا من اضطراب ثنائي القطب، فاعلم أن هذا الاضطراب لديه أسس وراثية، بعبارة أخرى إنه يسري في العائلات منتقلًا عبر الجينات.

لذا إن شككت في إصابة أحد أفراد العائلة بهذا الاضطراب فمن المهم أن تُعلم طبيبك عند بداية العلاج، إذا كانت المعلومة متوفرة، فإن تاريخًا تدقيقيًا للأمراض النفسية للعائلة يمكن أن يوفر تشخيصًا صحيحًا لهذا الاضطراب، لكن لسوء الحظ لا يُطرَح السؤال دائمًا عن مثل هذه المعلومة، لذا كن مستعدًا لقول كل ما تعرفه خلال جلسة التقييم.

يجب بعد ذلك التحري عن تاريخ تقلباتك المزاجية، إن كان لديك الكثير من الصعود والهبوط المزاجي خلال الطفولة أو المراهقة، فقد يكون هذا شيئًا أكبر من مجرد تقلبات فترة النمو، بدلًا من ذلك يمكن أن تكون تلك التقلبات تعبيرًا مبكرًا عن هذا الاضطراب.

من المهم بالخصوص مراجعة فترات فرط النشاط، ونوبات الغضب غير المبرر، وأذى النفس، والأفكار والأفعال الانتحارية التي يمكن أن تكون قد حدثت في أي فترة من الحياة، بالتأكيد يمكن أن تكون لها تفسيرات أخرى، كالصدمة النفسية في فترة مبكرة من الحياة أو ألم كبير حدث خلال هذه السنوات التكوينية، لكن إذا حدثت تصرفات جنونية أو اكتئاب عميق عدة مرات، خصوصًا دون تحفيز، يمكن أن تكون ضمنيًا مقدمات للاضطراب ثنائي القطب.

غالبًا ما يكون معظم المصابين بهذا الاضطراب -والذين يتعاطون علاجًا بأنفسهم- مكتئبين، أو عانوا مؤخرًا من اكتئاب، أو بصدد تجربة اضطراب ثنائي القطب لم تُعالَج.. ومع ذلك، قد يظل الهوس أو الهوس الخفيف غير واضح، وغالبًا لن يفهم مريض هذا الاضطراب أعراض الهوس، أو سيتجنب الحديث عنها، لذلك إذا أحسست مرة واحدة على الأقل بحالة من النشوة أو الهياج أو طاقة غير مفسرة، أو عدم الرغبة في النوم، أو سلوك عدائي، فعليك أن تُعلم معالجك.

لكن عليك أن تعلم أن الهوس والهوس الخفيف قد يأتيان مع هياج وإثارة شديدين، وهو ما يعرف بالانزعاج، وهو عكس النشوة التي يعتقد معظم الناس إنها ترافق فترة الهوس، وغالبًا قد يُشخّص الانزعاج خطأً على أنه الهيجان الذي يحدث مع الاكتئاب الشديد، وهو ما قد يضلل المسار العلاجي ليركز على الاكتئاب في حين يُغفَل الاضطراب ثنائي القطب ككل.

هذا يقودنا إلى الجانب الأهم لتعلم ما إذا كان لديك اكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب، فمسار العلاج الاعتيادي للاكتئاب الشديد يتضمن عادة أدوية مضادة للاكتئاب، وهي آمنة وفعالة للاكتئاب غير المندرج ضمن الاضطراب ثنائي القطب. ومع ذلك، ووفقًا للكتاب الإحصائي والتشخيصي للأمراض العقلية (الإصدار الخامس)، إذا تناول مريض دواءً مضادًا للاكتئاب وأدى ذلك إلى ظهور أعراض الهوس فيُشخَّص كمريض اضطراب ثنائي القطب (الجمعية الامريكية لعلم النفس 2003).

وعلى الرغم من أنها إشارة واضحة للاضطراب ثنائي القطب، إلا أن ظهور الهوس لدى المريض قد يأخذ عدة أشكال، على سبيل المثال يمكن أن يتحسن المريض في مرحلة المزاج المكتئب في وقت مبكر من العلاج، ونتيجة لذلك يمكن أن لا تظهر عليه علامات الهوس على الفور، أي تحسن طفيف يمكن أن يدل على أن العلاج يعمل، لكن عندما تسوء حالة المريض بسبب الهوس الناشئ -بالخصوص إن كان انزعاجيًا- فإن الوصفة العلاجية غير السليمة قد تكون عبر تقديم المزيد من الأدوية المضادة للاكتئاب، الآن لدينا مشاكل حقيقية، فإن جعلك الدواء المضاد للاكتئاب أكثر هيجانًا أو انفعالًا، أو عدوانيةً، أو بدأت في تجربة فرط نشاط أو مزيد من الاندفاع، أخبر معالجك في الحال، فقد تكون بداية نوبة هوس تنبئ باضطراب ثنائي القطب لم يُشخَّص.

الأهم من ذلك، يجب فورًا أن تخبر طبيبك حال حدوث أي أعراض ذهانية كالهلوسة، أو ازدياد في الأفكار الانتحارية، فهذه الأعراض يمكن أن تكون مهددة للحياة، أي مضاد للاكتئاب سيوقف -على الأرجح- في هذه المرحلة، أو من الممكن إقرانه مع معدل للمزاج أو دواء مضاد للذهان لتقليل حدة الهوس، ومع تشخيص الاضطراب ثنائي القطب، قد تحسن علاجاته من الأعراض الهوسيَة، مع الإبقاء على الاكتئاب في الحسبان.

إلى جانب الأدوية، من المهم التركيز على علاج التحديات الفريدة التي تواجه مريض الاضطراب ثنائي القطب فالاكتئاب الشديد يعتبر عادةً حالة حادة لأنه يمكن أن يشفى في وقت قصير، فيمكن إيقاف الأدوية في مرحلة ما، ضمن خطة شاملة للعلاج، لكن الاضطراب ثنائي القطب حالة مزمنة بالرغم من أن أعراضه قد تظهر أو تختفي على فترات، إلا أن الطبيعة الوراثية للمرض تخبرنا أن مريض الاضطراب ثنائي القطب سيحتاج رعاية مستمرة طوال حياته.


  • ترجمة: كيلاني بساسيا
  • تدقيق: بيتر روماني
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر