هل يمكن للعلماء معرفة قرارك قبل أن تعرفه أنت ؟! بداية، الأمر ليس تمامًا كما في فيلم Minority Report، لكن بالفعل يستطيع العلماء أحيانًا معرفة قراراتك قبل أن تعرفها بنفسك! حصل ذلك عندما طُلب من المشاركين في الاختبار الاختيار بين صورتين، واستخدم العلماء المسؤولون عن الاختبار صورًا على جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي النووي الوظيفي (fMRI) للتنبؤ بالصورة التي سيختارها كل مشارك. يرى الباحثون من هذا الدليل أن قراراتنا يُمهّد لها من خلال شكل من أشكال التأهب (stand-by) اللا واعي.

طلب البروفيسور جويل بيرسن Joel Pearson من جامعة نيو ساوثthe University of New South Wales من مجموعة متطوعين تخيل صورة من خطوط ملونة شاقولية أو أفقية. وعندما يقرر المشاركون أي صورة سيتخيلون، يضغطون على زر معين، ثم يضغطون على أزرار أخرى لبيان مدى حدة الصورة. استطاع بيرسن التحقق من توقيت اتخاذ القرار باستخدام الصورة التي لديه (أي الصورة المأخوذة على جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي النووي الوظيفي) للتأكد من أنهم لم يتأخروا في الضغط على الزر. إلّا أنه وفي الكثير من الأحيان، عَلِم وفريقه بالنتيجة مسبقًا!

هل يمكن للعلماء معرفة قرارك

هل يمكن للعلماء معرفة قرارك

إن جهة كل خط تقابل نمطًا معينًا في (القشرة البصرية – visual cortex)، وعلاوة على ذلك -كما وضح بيرسن في مجلة Nature- ظهرت هذه الأنماط بشكل متكرر مسبقًا بحدود 11 ثانية، ما أشار إلى أن عقول المشاركين تميل مسبقًا إلى أحد الاتجاهين قبل أن يدركوا ما يفعلون بشكلٍ واعٍ.

وبحسب بيرسن، أظهرت بعض تقارير وسائل الإعلام عن الدراسة الأمر كدليل على أننا لا نملك الإرادة الحرة؛ فالقرارات التي نظن أننا نتخذها هي في الواقع مُحددة مسبقًا. وأضاف أن بعض الباحثين -الذين قاموا بتجارب مماثلة- أكدوا صحة هذه الفكرة (أي فكرة عدم امتلاكنا لإرادة حرة)، لكنه هو رفضها! في بعض التجارب، كانت دقة التنبؤات أعلى بقليل من 50% (ما يكفي لإثبات أن التأثير كان حقيقيًا)، إلّا أن أكثر التجارب نجاحًا لم تحقق نسبة نجاح 100% المتوقعة في حال كانت الإرادة الحرة غير موجودة!

إذا طلبتُ منك أن تتخيل دبًا، ستتخيل ذلك الحيوان البري البني، لكن إن أخبرتك عن ديزني لاند ثم أخبرتك أن تتخيل دبًا فستتخيل الدب ويني! يعتقد بيرسن أن شيئًا مشابهًا يحدث هنا، إلّا أنّ المحفز لدينا في هذه الحالة هو محفز داخلي لا يمكن رؤيته إلا من خلال الـ fMRI. تمكن الباحثون أيضًا من التنبؤ بتقييم المشاركين عن حدة الصورة، والذي كان متقلبًا بين التجارب المختلفة، وذلك بالاعتماد على التوقيت الذي شكلت فيه مناطق الدماغ -التي لها صلة بالأمر- أنماطًا مختلفة.

عمومًا، كانت اختيارات المشاركين للخطوط الشاقولية أو الأفقية عبر التجارب المختلفة متناصفة في معظم الأحيان، مع القليل من التفضيل للاتجاه المعاكس للاتجاه الذي اختير في التجربة السابقة. يأمل الفريق أن يتمكن من خلال هذا البحث من تفسير عوامل اضطراب الكرب التالي للرضح (PTSD)؛ وهو اضطراب يحدث فيه نقص كامل في التحكم بكل من حدّة ومحتوى التصور الذهني لدى المصاب.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: وائل المشنتف
تدقيق: رزان حميدة

المصدر