تعود عبقرية ألبرت آينشتاين للواجهة مرةً أخرى. تدعم صورة الثقب الأسود الأولى ، التي كشف عنها (تلسكوب أفق الحدث – Event Horizon Telescope) (EHT)في العاشر من الشهر الحالي، نظرية آينشتاين عن النسبية العامة، والتي فاق عمرها قرنًا من الزمن. وقال أفريري برودريك، عضو فريق تلسكوب أفق الحدث من جامعة واترلو ومعهد المحيط للفيزياء النظرية في كندا، في مؤتمر صحفي في نادي الصحافة الوطني في العاصمة واشنطن: «اجتازت النسبية العامة اليوم اختبارًا هامًا، يمتد هذا الاختبار من أفق الحدث وحتى النجوم».

تصف النسبية العامة الجاذبية بأنها تشوه في نسيج الزمكان. تُنشئ الأجسام الضخمة نوعًا من الانحناء أو التقعر في النسيج الكوني، تسقط الأجسام التي تمر في هذا الانحناء لأنها تتبع مساراتٍ منحنيةً (لا كنتيجة لقوة مجهولة تؤثَر عن بعد، وكانت هذه الرؤية التي أطلقها آينشتاين).

تطرح النسبية العامة تنبؤاتٍ محددةً عن طريقة عمل هذا التشوه في نسيج الزمكان. تفترض النظرية، على سبيل المثال، وجود الثقوب السوداء، وأن وحوش الجاذبية هذه تمتلك أفقًا للحدث؛ نقطة اللا عودة والتي لا يستطيع أي شيء، حتى الضوء، الهروب منها. وتفترض النظرية أيضًا، امتلاك أفق الحدث شكلًا دائريًا وحجمًا متوقعًا، والذي يعتمد على كتلة الثقب الأسود.

أول صورة للثقب الأسود تثبت أن آينشتاين كان محقًا نظرية النسبية العامة الجاذبية جاذبية الثب الأسود تلسكوب أفق الحدث أول صورة للثقب الأسود

أول صورة للثقب الأسود تثبت أن آينشتاين كان محقًا نظرية النسبية العامة الجاذبية جاذبية الثب الأسود تلسكوب أفق الحدث أول صورة للثقب الأسود

نلاحظ جميع هذه التنبؤات في الصورة الجديدة التي أطلقها تلسكوب أفق الحدث، والتي تعرض رسمًا لثقب أسود ضخم يقع في قلب مجرة “M87″؛ وهي مجرة بيضاوية عملاقة تقع على بعد 55 مليون سنة ضوئية عن الأرض. وقال بوردريك: «إن طيف الثقب الأسود موجود، وهو دائري تقريبًا، وتلائم كتلته المتوقعة التقديرات بسبب دينامكية النجوم التي تبعد عنه مئات آلاف السنوات الضوئية».

تزن كتلة الثقب الأسود المرصود ما يعادل 6.5 مليار كتلة الشمس، وهي تُعتبَر ضخمةً للغاية مقارنةً بمعايير الثقوب السوداء الضخمة، فيزن الثقب الأسود الضخم الموجود في قلب مجرة درب اللبانة حوالي 4.3 مليون ضعف كتلة الشمس. ويشير بوردريك إلى أن هذا لا يُعتبَر الاختبار الأول الذي تنجح النسبية العامة في اجتيازه، فقد نجحت النظرية في اجتياز عدة تحديات خلال القرن الماضي.

تنبأت النظرية، مثلًا، أن الأجسام الضخمة والمتسارعة تولد تموجاتٍ في نسيج الزمكان، يطلق عليها موجات الجاذبية. أُثبت وجود موجات الجاذبية، عام 2015، من خلال (مرصد ليزر موجات الجاذبية التداخلي – Laser Interferometer Gravitational Wave Observatory) (LIGO)، والذي التقط تموجات ناتجة عن اندماج ثقبَين أسودَين (لم يكن الثقبان الأسودان من النوع الضخم جدًا، فقد بلغت كتلتهما معًا بضعة أضعاف كتلة الشمس).

لذا فإن إثبات صحة تنبؤ آينشتاين عن أفق الحدث لم يكن مفاجئًا. يصرح أعضاء تلسكوب أفق الحدث أن إثبات صمود النسبية العامة في مجال غير مدروس حتى يومنا هذا، يمتلك قيمةً عظيمةً.

وقال شيبيرد دويلمان، مدير تلسكوب أفق الحدث من جامعة هارفرد ومركز هارفرد سيمثسونيان للفيزياء الفلكية، خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد لإطلاق الصورة الأولى للثقب الأسود: «أكد عمل فريق تلسكوب أفق الحدث على نظرية آينشتاين بعد تطبيقها بشكلٍ عملي».

اقرأ أيضًا:

المصدر

ترجمة: مازن سفّان

تدقيق: آية فحماوي