ما هي النجوم الزائفة أو الكوازرات ؟ – (الكوازارات – Quasars) أجسام بعيدة تتزود بالطاقة من الثقوب السوداء، وهي أجسام ضخمة بمليار ضعف عن شمسنا. الكوازارات تتوهّج لمعانًا حتى تفوقت على المجرات القديمة التي كانت تحتويها.

علماء الفلك قد فتنتهم هذه المولدات الجبَّارة منذ اكتشافهم لها قبل نصف قرن. في ثلاثينات القرن الماضي، الفيزيائي كارل جانسكي (Karl Jansky) الذي عمل في (مختبرات بيل الهاتفية – Bell Telephone Laboratories)، اكتشف أن تشَوُّش خطوط الهاتف عبر الأطلسي تأتي من مجرة درب التبانة.

في خمسينات القرن الماضي، كان الفلكيون يستخدمون تلسكوبات راديو للبحث بعناية في السماء، بعد ذلك يجمعون تلك الإشارات مع البيانات المرئية من السماء، مع ذلك، بعض من أصغر الأجسام للمصدر النقطي (point source) لم يكن متطابقًا.

أطلق عليها الفلكيّون اسم «مصدر شبه نجمي مُشِع» أو «كوازارات»، لأن الإشارات أتت من منطقة واحدة، مثل النجم. لكن، التسمية ليست ملائمة؛ فقط ما يقارب 10% من الكوازارات تَبْعَث موجات راديو قوية، وِفْق المرصد الفلكي الوطني في اليابان.

إطلاق الأسماء عليها لم يساعد في تحديد ماهيَّة هذه الأجسام. استغرقت سنوات من الدراسة لإدراك حقيقة هذه الذرات البعيدة، التي بدت أنها تشير إلى نجوم تكوَّنت من جسيمات تسارعت بسرعة أوشكت على بلوغ سرعة الضوء.

الفلكي برام فينيمينس (Bram Venemans) من معهد ماكس بلانك للفلك في ألمانيا، قال في تصريح: «الكوازارات أو النجوم الزائفة ضمن ألمع و أبعد الأجسام السماوية التي عهدناها، وهي مهمة جدًا لفهم بداية الكون».

الكوازار

الكوازار

انطلاق سرعة الضوء

يظن العلماء حاليًا أن ومضات الجسيمات الدقيقة إشاراتٌ من نوى المجرة تتفوق على المجرة المضيفة لها، أي أنه مع ضعف الضوء الصادر من الجسيمات الدقيقة إلا أنها أقوى من ضوء المجرة المحتضنة لهذه الأجسام.

الكوازرات تعيش فقط في المجرات مع الثقوب السوداء الهائلة -الثقوب السوداء كتلتها مثل كتلة الشمس بمليار ضعف- أيضًا الضوء لا يستطيع الهَرب من الثقب الأسود، بعض الموجات تستطيع التحرك بحرية حول حوافه.

بينما بعض الغبار والغاز يسقط في الثقب الأسود، بعض الجسيمات تتسارع بعيدًا عنها وهذا يجعل سرعتها تقترب من سرعة الضوء.الجسيمات تسري بعيدًا بقوة من أعلى وأسفل الثقب الأسود، انتقلت من خلال أقوى مسارع جسيمات في الكون.

الفلكي فابن ولتر (Fbin Walter) من معهد ماكس بلانك للفلك، قال في تصريح: «يُعتقد أن الكوازارات تُكَوِّن جزءًا من الكون حيث إجمالي كثافة المادة أكبر بكثير من المتوسط».

معظم الكوازارات قد وجدت بعيدة عنا بمليارات السنين، لأن الضوء يستغرق وقتًا للسفر، وعملية دراسة الأجسام في الفضاء تشبه كثيرًا السفر عبر الزمن؛ نحن نرى الأجسام كما كانت عندما انطلق منها الضوء، قبل مليارات السنين. وهكذا، كلما نظر العلماء بعيدًا، كلما عادوا بالزمن.

الكوازارات التي نعرفها يبلغ عددها 2000 كوازار ومعظمها تَكوَّن في بداية َتكَوُّن المجرَّات، ومجرات مثل مجرة درب التبانة ربما تكون قد استضافت كوازارًا خامدًا لفترة طويلة.

في ديسمبر من عام 2017، رَصَد العلماء أبعد كوازار أو نجم زائف ويبلغ بعده أكثر من 13 مليار سنة ضوئية عن الأرض ويعرف باسم «J1342+0928»، وقد ولد فقط بعد 690 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. كوازارات بهذا العمر يمكن أن تكشف معلومات عن تطوّر المجرات بمرور الوقت.

تبعث الكوازارات طاقة بقوة ملايين أو مليارات أو تريليونات إلكترون فولت. هذه الطاقة تتعدى إجمالي ضوء كل النجوم داخل المجرة، والكوازارات أكثر الأجسام سطوعًا في الكون، فهي تسْطع من 10 إلى 100,000 ضعف أسطع من مجرة درب التبانة.

ذكرت ناسا: «الكوازارات قادرة على إطلاق مئات أو آلاف أضعاف القوة التي تطلقها مجرتنا، وهذا يجعلها أكثر الأجسام سطوعًا وشدة في الكون كله».

على سبيل المثال، إذا كان الكوازار القديم «3C 273»، أحد أكثر الأجسام سطوعًا في السماء، يبعد 30 سنة ضوئية من الأرض، سيظهر مشرقًا مثل الشمس في السماء.

لكن، هذا الكوازار أو النجم الزائف «3C 273» أول كوازار تم تحديده، ويبعد 2.5 مليار سنة ضوئية من الأرض، وهو أقرب كوازار للأرض، وفقًا لوكالة ناسا.

دراسة الكوازارات قد كانت تحديًا لفترة طويلة، بسبب علاقتها بصعوبة حساب الكتلة الهائلة للثقوب السوداء. قد بدأت طريقة جديدة تحسب معظم وزن أكبر الثقوب السوداء.

يقول أرون بارث (Aaron Barth) بروفيسور علم فلك في جامعة كاليفورنيا: «هذه خطوة كبيرة للأمام في علم الكوازارات»، وقال إرفاين (Irvine) في تصريح: «هم قد اكتشفوا للمرة الأولى أن تلك الحسابات الصعبه يمكن حلها بطريقة (إنتاج الكميات الكبيرة – Mass-production)».

شجرة عائلة الكوازرات أو النجوم الزائفة

الكوازارات جزء من صنف من أجسام تُعْرف باسم (نُوى المجرة النشطة – Active Galactic Nuclei ) أو (AGN).
أصناف أخرى تتضمن (مجرات سايفيرت – Sayfert galaxies) و(البلازارات – Blazars). كل هذه الأصناف الثلاثة تحتاج ثقبًا أسود هائلًا يمدها بالطاقة.

الصنف الأقل نشاطًا في نُوى المجرة هو مجرات سايفيرت، تُطْلق فقط ما يقارب 100 كيلو إلكترون فولت. البلازارات، تشبه الكوازارات، تُطْلق طاقة أكثر وبشكل ملحوظ.

العديد من العلماء يظن أن هذه الأصناف الثلاثة من (AGN) أنهم نفس الأجسام، لكن مع منظور مختلف. بينما قوة الكوازارات تبدو أنها تتجه في زاوية عامة نحو الأرض، ربما البلازارات توجه قوتها مباشرةً نحو الأرض.

رغم أنه لم يُرَ طاقة في مجرات سايفيرت، يعتقد العلماء السبب هو أننا نرى مجرات سايفيرت من الجانب، لذلك كل الانبعاثات تبتعد عنا لذلك لا نستطيع تتبّعها.

اقرأ أيضًا
ما هو النجم الدليل أو النجم الاصطناعي ؟
قياسات في الكون جديدة وغير متوقعة تقترح أننا بحاجة إلى فيزياء جديدة !

ترجمة سعيد علي – تدقيق صهيب الاغبري

المصدر