جميعنا نعرف ونحب النظرية المفضلة للعالم حول الجاذبية: النظرية النسبية العامة (GR) التي طورها لأول مرة ألبرت أينشتاين، واستغرق سبعة أعوام حتى أتمها. قدمت هذه النظرية تبصرات رائعةً حول العالم مثل الجاذبية و الضوء، وطريقة سير الأمور فيه. نستطيع تلخيص النظرية في جملتين واضحتين:

– تتحكم المادة والطاقة بانحناء الزمكان.

– يتحكم انحناء الزمكان بحركة المادة.

أما الميكانيكا فقد احتاجت عشر معادلات ضخمة لشرح النسبية، تُعتبَر كل معادلة صعبةً جدًا وترتبط مع باقي المعادلات. لا ينبغي أن نصدق فورًا هذا التشابك في الرياضيات حتى لو كان مصدره أينشتاين العظيم، نحن بحاجة إلى أدلة جيدة تثبت صحة نظريته.

رسول إلهي:

من بين كل ميزات نظريته الجديدة كان أينشتاين فخورًا بقدرته على شرح تفاصيل مدار عطارد. يدور عطارد ببطء حول الشمس في مدار بيضوي الشكل، ويتغير المكان الذي يكون فيه عطارد أبعد عن الشمس ببطء مع مرور الوقت.

إذا طبقنا الجاذبية النيوتونية البسيطة على النظام الشمسي في عطارد، فلن تظهر (المبادرة – precession)، (الحركة الدائرية المتغيرة (المداورة)، وهي الحركة الدائرية حول محور الدوران والتي تُعد مهمةً في المراقبة الفلكية)، ما يجعل فكرة إسحاق نيوتن غير مكتملة.

لكن إذا حسبنا تأثير الكواكب الأخرى، ولو كان صغيرًا، ستُفسر تقريبًا المبادرة، لكن ليس بشكل كامل. عُرفت النظرية في أوائل القرن العشرين، وكانت مشكلةً معروفةً في ديناميكيات النظام الشمسي، مع ذلك فهي ليست الوحيدة التي تسبب الجدل بين مشكلات مجموعتنا الشمسية؛ فقد أُضيفَت إلى قائمة كبيرة من الأشياء التي لا يمكن شرحها عن الكون وكنا بانتظار إيجاد حل لها يومًا ما.

أما أينشتاين فلم يكن كبقية الناس، إذ اعتقد أن عطارد يلهمه بدليل ما. وبعد سنوات من المحاولة، وبعد نجاح ولادة النظرية النسبية؛ تمكن أينشتاين من شرح شذوذات مدار عطارد، وأدرك أينشتاين أنه اخترق أخيرًا الرموز السرية للجاذبية وفَكها.

انحناء الضوء:

ما هي الأدلة على صحة النظرية النسبية شرح ظاهرة دوبلر العالم ألبرت أينشتاين انحناء الزمكان بحركة المادة المادة والطاقة الضوء الجاذبية

توصل أينشتاين إلى بعض الأفكار المهمة حول طبيعة الجاذبية قبل أن يضع اللمسات الأخيرة على النظرية النسبية. إذا كنت منعزلًا في مركبة فضائية تسبح بالفضاء بتسارع متناسق وثابت 1g (أَي بتوفير نفس تسارع الجاذبية الأرضية)، كل شيء داخل المركبة سيكون كما لو أنك موجود على سطح الأرض، ستسقط الأجسام بنفس سرعة سقوطها في حال كانت على الأرض، وستكون قدماك ثابتتين وتلامسان الأرضية.

دفعت هذه المساواة بين الجاذبية (المعروفة في كوكب الأرض) والتسارع (كما اختُبر في المركبة الفضائية) أينشتاين لتطوير نظريته. لكن فكرةً خفيةً مدهشةً وُجدَت في هذا السيناريو:

تخيل أن شعاعًا من الضوء يدخل من أحد جوانب السفينة، أين سيصبح عند مغادرة السفينة والخروج منها؟ من وجهة نظر مراقب خارجي سيكون الجواب واضحًا: سيسافر الضوء بمسار مستقيم عمودي على مسار الصاروخ.

رغم ذلك، في حال دخول الضوء إلى داخل المركبة ستبدو الأمور أكثر غرابةً، عند دخول الضوء من خلال أحد النوافذ بالقرب من الحافة، سيخرج من مكان بالقرب من المحركات، وسينحني شعاع الضوء. يجب أن يتبع الضوء مسارات منحنيةً حول الأشياء الضخمة نظرًا لكون الجاذبية هي نفسها التسارع.

سيكون من الصعب ملاحظة هذه النتيجة بشكل تجريبي لأننا سنحتاج إلى كتلة ضخمة وبعض الضوء الذي يمر بالقرب من سطحها حتى نحصل على أثر يمكن ملاحظته. لكن كسوف الشمس عام 1919 كان فرصة جيدة. لاحظت بعثة بقيادة آرثر إدينغتون التحول الدقيق لأضواء النجوم البعيدة، أي ما تنبأت به النظرية الوليدة لأينشتاين.

رؤية الأحمر حسبي النظرية النسبية:

يعتمد هذا الاستنتاج على تأثير دوبلر القديم الجيد، لكنه يُطبَق بشكل غير مألوف.

شرح ظاهرة دوبلر:

إذا ابتعد عنك شيء ما فإن الأمواج الصوتية التي يصدرها ستتمدد وسيصبح تواترها منخفضًا، وهو ما يُسمى بتأثير دوبلر. كذلك الأمر بالنسبة للضوء، تبدو السيارة التي تتحرك مبتعدةً عنك أكثر احمرارًا مما لو كانت ثابتة. كلما كان الضوء أكثر احمرارًا، كان تواتره أقل.

لذا إذا كانت الحركة تغير من الطول الموجي للضوء، يستطيع التسارع إحداث التغيير نفسه أيضًا: الضوء الذي يعبر من أسفل إلى أعلى السفينة الفضائية المتسارعة سينزاح نحو الأحمر.

وتحت سقف النسبية العامة فإن كل ما يُطبَق على الجاذبية يُطبَق على التسارع، وهذا صحيح: ينتقل الضوء المنبعث من سطح الأرض إلى ترددات أكثر احمرارًا كلما تحرك نحو الأعلى.

لن نتوقف عن الاختبار:

يسعى العلماء بشكل مستمر إلى اختبار صحة النظرية النسبية رغم وجود هذه الدلائل. ستدفعنا أي إشارة تدل على وجود ثغرة في هذا العمل الرائع لأينشتاين للبحث عن نظرية جديدة حول الجاذبية، وقد تمهد الطريق لكشف الطبيعة الكمومية لتلك القوة التي لا نفهمها إطلاقًا.

نلاحظ، على كل حال، النظرية النسبية في الكثير من الأشياء، منها الأقمار الصناعية الحساسة، ومدارات النجوم حول الثقوب السوداء العملاقة وتطور الكون. يبدو أن إرث أينشتاين سيستمر لفترة طويلة.


اقرأ أيضًا:

ترجمة: سارة حسين

تدقيق: آية فحماوي

المصدر