تُعتبر مبرهنة نويثر من أهم المبرهنات الرياضية التي ساهمت في تطور الفيزياء الحديثة، حتى أن آينشتاين لقب نويثر بأهم امرأة بتاريخ الرياضيات. ولكن للأسف، فإن أغلبنا لا يعرف من هي نويثر ولماذا تُعتبر مبرهنتها مهمةً لهذه الدرجة.

وُلدت إيمي نويثر في القرن التاسع عشر في ألمانيا. ولكونها امرأةً، مُنعت من الدراسة في صفوف الرياضيات. ولكن أباها كان بروفيسورًا في الرياضيات وسمح لها بحضور بعض صفوفه.

أجرت نويثر الاختبار النهائي لأحد هذه الصفوف عام 1904 وكانت نتيجتها جيدةً لدرجة أنها مُنحت شهادة بكالوريوس، ما سمح لها بحضور صفوف الرياضيات عالية المستوى بشكل رسمي. بعدها بثلاث سنوات، حصلت نويثر على شهادة دكتوراه وهي ما تزال بعمر الخامسة والعشرين، لتكون بذلك إحدى أوليات النساء اللواتي حصلن على شهادة دكتوراه في ألمانيا.

مع حلول القرن العشرين، كان الفيزيائيون يحاولون معرفة طبيعة التفاعل بين الذرة والضوء. أرادت نويثر المشاركة ولكنها حُرمت من ذلك لكونها امرأةً، كما مُنعت من التدريس في الجامعات وأُجبرت على العمل كمساعدة دون أجر وعاشت على الميراث الصغير الذي تركه لها أبوها وعلى المال التي كانت تتقاضاه من المدرسين في الجامعة لتحل مكانهم في حال لم يتمكنوا من الحضور. ولكن سُمح لها بأن تقوم بأبحاث وأن تكتب أوراقًا علميةً.

مبادئ مبرهنة نويثر

تقول مبرهنة نويثر بأنه: «يوجد لكل تناظر قانون حفظ مقابل له». جميعنا سمع بقوانين الحفظ كقانون نيوتن الأول الخاص بحفظ الزخم وقانون الترموديناميك الأول الخاص بحفظ الطاقة. تخبرنا مبرهنة نويثر بأن هناك تناظرًا مقابلًا لكل من هذه القوانين.

لنفهم ذلك علينا أولًا فهم مبدأ العمل الأقل. حتى لو لم تسمع بهذا المبدأ من قبل فإنك على الأغلب ستفهمه دون أن تدرك. يشير المبدأ بأن الكون قد وجد الطريقة الأسهل للقيام بشيء ما.

رياضيًا، يعبَر عن هذا القانون بمجموع حاصل طرح الطاقة الحركية والطاقة الكامنة عند كل نقطة من الزمن. لنفهم هذا تخيل أننا قذفنا جسمًا نحو الأعلى.

تمثل النقاط الخضراء نقاطًا عشوائيةً تواجد فيها الجسم أثناء حركته. عند كل نقطة من المنحني يكون للجسم طاقة حركية نرمز لها ب kt وطاقة كامنة نرمز لها ب pt. فيكون حاصل الطرح الذي نريده (الحدث عند هذه النقطة) هو:

s= kt – pt

وبما أننا نريد مجموع حاصلات الطرح هذه عند كل نقطة من المنحني المستمر يكون الحدث الكلي:

S = ∫_t1^t2 (kt-pt)dt

تقول مبرهنة نويثر أن S هذه ستكون دائمًا أصغر ما يمكن. من هنا انطلقت نويثر لتثبت أن كل قانون حفظ مشتق من تناظر معين. مثلًا قانون حفظ الطاقة مشتق من تناظر الزمان (إذ قمت بنفس شيء بلحظتين زمنيتين مختلفتين ستحصل على نفس النتيجة) و قانون حفظ الزخم مشتق من تناظر المكان (إذ قمت بنفس شيء في نقطتين مختلفتين من المكان ستحصل على نفس النتيجة).

اقرأ أيضًا:

إيمي نويثر: المرأة التي ابتكرت الجبر التجريدي

لماذا وصف أينشتاين هه المرأة بعبقرية الرياضيات المبدعة؟

ترجمة: مهران يوسف

تدقيق: محمد وائل القسنطيني

المصدر