هي دراسة تفاعل الغازات مع الأجسام المتحركة. ولأن الغاز الذي نصادفه أغلب الأحيان هو الهواء، تهتم ديناميكا الهواء بشكل أساسي بقوى المقاومة والرفع التي تحدث بسبب مرور الهواء فوق الأجسام الصلبة وحولها. يطبق المهندسون مبادئ ديناميكا الهواء في تصاميم العديد من الأشياء، ومن ضمنها المباني والجسور وحتى كرات القدم. على أية حال، إن الاهتمام الأساسي لها هو ديناميكا الهواء للطائرات والسيارات.

تظهر ديناميكا الهواء في دراسة الطيران وفي علم بناء الطائرات وتشغيلها الذي يدعى الملاحة الجوية (aeronautics). يستخدم مهندسو الملاحة الجوية أساسيات ديناميكا الهواء لتصميم طائرات تطير عبر الغلاف الجوي للأرض.

مقاومة ديناميكا الهواء

أكثر قوى ديناميكا الهواء أهمية والتي تطبق على كل ما هو متحرك عبره تقريبًا هي المقاومة. المقاومة هي القوة التي تعارض حركة طائرة عبر الهواء، وفقًا لوكالة ناسا. تتولد المقاومة بالاتجاه الذي يتحرك به الهواء عندما يواجه جسمًا صلبًا، والمقاومة غير مرغوب فيها فهي تستهلك الطاقة حتى يتم التغلب عليها. هناك، رغم ذلك، بعض الحالات التي تصبح فيها المقاومة مفيدة، كما في المظلات على سبيل المثال.

حتى يتم وصف كمية المقاومة التي يتعرض لها جسم ما، نستخدم قيمة تدعى بمعامل المقاومة (cd). لا يعتمد هذا الرقم فقط على شكل الجسم بل على عوامل أخرى أيضًا، مثل سرعة الجسم وخشونة سطحه، وكثافة الهواء وإذا كان التيار سلسًا أم مضطربًا.

تتضمن القوى التي تؤثرعلى المقاومة ضغط الهواء على وجه الجسم، والاحتكاك على طول جانبي الجسم والضغط السالب نسبيًا (أي أقل من الضغط الجوي الطبيعي للهواء)، أو الامتصاص، على القسم الخلفي من الجسم.

على سبيل المثال، إن الثابت cd لطبق مسطح يتحرك عبر الهواء بحيث يكون سطحه مواجهًا لحركة الهواء هو 1.3، ولمكعب يتحرك مواجهًا لحركة الهواء حوالي 1، للجسم الكروي حوالي 0.5 ولجسم على شكل قطرة ماء حوالي 0.05. عامل المقاومة للسيارات الحديثة هو من 0.25 إلى 0.35، وللطائرة من 0.01 إلى 0.03. من الممكن أن يكون حساب الثابت cd معقدًا، لهذا السبب، عادة ما يتم تحديده باستخدام المحاكاة الحاسوبية أو التجارب عن طريق تجربة نفق الرياح.

ديناميكا الهواء للطائرات

حتى يتم التغلب على قوى المقاومة، يجب أن تولد الطائرة قوة دفع. ويتم هذا إما عن طريق المروحة المشغّلة بالمحرك أو المحرك النفاث. عندما تكون الطائرة في مستوى الطيران وبسرعة ثابتة تكون قوة الدفع كافية فقط للتغلب على مقاومة ديناميكا الهواء.

ما هي ديناميكا الهواء دراسة تفاعل الغازات مع الأجسام المتحركة قوى المقاومة والرفع التي تحدث بسبب مرور الهواء فوق الأجسام الصلبة وحولها

يمكن للهواء المتحرك أن يولد قوى باتجاهات مختلفة عن جهة حركة تياره. القوة التي تمنع الطائرة من السقوط تدعى الرفع. يتولد الرفع بواسطة جناح الطائرة. والمسار فوق السطح العلوي المنحني للجناح أطول من المسار على طول السطح السفلي المسطح للجناح، وهذا يسبب تحرك الهواء بسرعة أكبر على السطح العلوي مما يفعل على طول السطح السفلي.

مع تساوي بقية العوامل، يمتلك الهواء الأسرع ضغطًا أقل من الهواء الأبطأ، وفقًا لقانون برنولي الذي وضعه دانيال برنولي (Daneil Bernoulli)، أحد أهم الرواد في مجال ديناميكا السوائل. هذا الاختلاف هو ما يسمح للهواء الأبطأ أن يدفع باتجاه أسفل الجناح بقوة أكبر من تلك التي يدفع بها الهواء الأسرع قمة الجناح نحو الأسفل. في مستوى الطيران، هذه القوة المتجهة نحو الأعلى كافية للتغلب على القوة المتجهة نحو الأسفل التي تسببها الجاذبية.

تستخدم قوى ديناميكا الهواء في السيطرة على الطائرة وهي تطير. عندما صنع الأخوان رايت (Wright brothers) طائرتهما الأولى عام 1903، احتاجا طريقة لجعل طائرتهما ترتفع وتنخفض وتميل وتنعطف، فقاما بتطوير ما يعرف بالتحكم ثلاثي المحاور لكل من الانحدار والتمايل والانعراج.

الانحدار (أن تميل مقدمة الطائرة للأعلى أو للأسفل) ويتم التحكم به عن طريق رافعة (القلابات) على مؤخرة الطائرة أو على القسم الممتد من الموازن الأفقي في قسم الذيل من الطائرة. التمايل (الميلان نحو اليمين أو اليسار) يتم التحكم به بواسطة الجنيح (أيضًا قلابات) على الحواف الممتدة للأجنحة بالقرب من أطرافها الخلفية.

الانعراج (انعطاف مقدمة الطائرة نحو اليمين أو اليسار) ويتم التحكم به بواسطة الموجه (دفة القيادة) الموجود على الجزء الممتد من الموازن الشاقولي في قسم الذيل من الطائرة. هذه المتحكمات تستخدم قانون نيوتن الثالث للحركة لأنها تولد القوة عن طريق تغيير اتجاه مسرى الهواء إلى الاتجاه المعاكس للحركة المرغوب فيها. هذه القوة هي التي تسمح للطائرات الاستعراضية بأن تطير رأسًا على عقب.

ومن الممكن أن يستخدم الطيار أيضًا القلابات في القسم الداخلي من الحافة الخلفية من الجناح خلال الإقلاع والهبوط. في وضعية الهبوط، تقوم القلابات بزيادة المقاومة والرفع لتسمح للطائرة بأن تطير بشكل أبطأ دون أن تتوقف. تستطيع بعض الطائرات الأكبر أن تمدد الدفات الأمامية أو الخارجية للأجنحة لتزيد الرفع في السرعات المنخفضة.

عندما يختل تيار الهواء السلس قرب الجناح يقلل من كمية الرفع، ومن الممكن أن تتوقف الطائرة فجأة. وفقًا لكتيّب تعليمات الطائرة التابع لإدارة الطيران الفدرالية (Federal Aviation Administration’s Airplane Flying Handbook ) «هذا يحدث عندما يتخطى الجناح زاوية المواجهة. هذا يمكن أن يحدث عند أية سرعة طيران، وأي ارتفاع، وأية إعدادات طاقة».

عادة، تحدث معظم الانهيارات عندما تتحرك طائرة ببطء شديد وتكون مقدمتها مرتفعة بشكل كبير باتجاه الأعلى، لا يستمر الهواء في التدفق على طول السطح العلوي بل بدلًا ذلك يتقطع ويشكل دوامات مضطربة أعلى الجناح، وهذا يسبب خسارة الطائرة للرفع وبدء سقوطها، ويحدث ذلك بعض الأحيان بشكل مفاجئ إن صح القول.

يمكن أن يحلّ شيء آخر بالطائرة وهو الانهيار اللولبي. يعرف كتيب التعليمات الخاص بالطائرة الانهيار اللولبي على أنه «انهيار متفاقم ينتج عمّا يدعى “بالدوران الأوتوماتيكي” حيث تتبع الطائرة مسارًا لولبيّ الشكل».

يحصل هذا عادة في حالة انعطاف بطيء حيث ينهار الجناح الداخلي الأبطأ، في حين يستمر الجناح الخارجي بتوليد الرفع. وفقًا لسكوت كامبل (Scot Campbel)، طالب دكتوراه في هندسة الطيران والفضاء في جامعة إيلينوي في أوربانا كامبين (Illinois Institute of Aviation at Urbana Champaign)، ودونالد تالر (Donald Talleur)، مساعد مدرب طيران أول في جامعة إيلينوي كلية الطيران، اللذين كتبا عن ديناميكا الهواء في الانهيار اللولبي (The Aerodynamics of a Spin) لاتحاد الطيّارين والملّاك الكندي، «خاصة على ارتفاعات منخفضة.

من الممكن أن يكون الخروج من حالة الانهيار اللولبي صعبًا للغاية إن لم يكن مستحيلًا في الكثير من الطائرات». أحد أسباب ذلك هو خطر الوقوع في انهيار لولبي مسطح والذي يتحطم فيه كل من الجناحين وسطوح التوجيه كافة، وتسقط الطائرة كبذرة شجرة القيقب.

الديناميكا الهوائية في السيارات

بدأت السيارات تسخدم هياكل ديناميكية في القسم الأول من تاريخها. حالما أصبحت المحركات أكثر قوة والسيارات أكثر سرعة، أدرك مهندسو السيارات أن مقاومة الهواء تبطئ من السرعة بشكل ملحوظ. أول السيارات التي تبنّت البنية الديناميكية المحسنة، أو انسيابية الشكل، كانت سيارات السباق وتلك التي هدفت إلى تحطيم الرقم القياسي للسرعة (Land speed record).

كتب بول نيدرماير (Paul Niedermeyer)، مؤلف كتاب تاريخ السيارات: تاريخ مزخرف لديناميكا السيارات (Automotive History: An illustrated History of Automotive Aerodynamics) على موقع كربسايد كلاسيك (Curbside Classic) «انغرّ الحالمون والمهندسون والمتسابقون ورواد الأعمال بالأرباح الكبيرة التي من الممكن أن تقدمها ديناميكا الهواء. أثمرت هذه الجهود بعض أكثر السيارات روعة على الإطلاق، حتى وإن تجاوزت هذه السيارات معايير الجمال التي كانت موجودة».

فيما يتعلق بديناميكا الهواء لسيارات السباق، قال الدكتور جو ديفد (Joe David)، بروفسيور في الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران والفضاء، والمعروف باسم “أستاذ سيارة مستعملة” (Mr.Stock Car) في جامعة ولاية كارولينا الشمالية (North Carolina State University): «معظم الأحصنة المولدة بواسطة محرك سيارة سباق يتم استهلاكها بواسطة ضغط الهواء العالي الذي يدفع مقدمة السيارة، وضغط الهواء المنخفض -فراغ جزئي- الذي يجذب السيارة من الخلف».

مهما يكن، المقاومة ليست الاعتبار الوحيد، ففي حين يكون الرفع مرغوبًا فيه في الطائرات، من الممكن أن يكون خطيرًا على السيارات. للحفاظ على تحكم أفضل في الفرملة والتوجيه، تصمم السيارات بحيث يطبّق الهواء عليها قوة متجهة نحو الأسفل عندما تزداد السرعة. لكن، زيادة هذه القوة تزيد من المقاومة، والتي بدورها تزيد من استهلاك الوقود وتقيّد السرعة، لذا يجب أن تكون هاتان القوتان متوازنتين بدقة.

تستخدم العديد من فئات سيارات السباق جنيحًا متحركًا يشبه الجناح للتحكم بقوة الهواء المتجهة نحو الأسفل على السيارة. عند تجهيز سيارة السباق يجب أن يؤخذ الاضطراب الناجم عن السيارات الأخرى الموجودة على المضمار بعين الاعتبار ، وهذا يتطلب ضبط الجنيحات لتنتج قوة أكبر إلى الأسفل خلال السباق من تلك التي تحتاجها خلال السباقات المؤهلة حيث لا توجد سيارات أخرى على المضمار، لهذا يكون زمن الجولة في السباقات المؤهلة أقل مما يكون عليه في السباق.

العديد من مبادئ ديناميكا الهواء نفسها المستخدمة في سيارات السباق تُستخدم في السيارات العادية والشاحنات. يستخدم مهندسو السيارات المحاكاة الحاسوبية وتجارب نفق الرياح باستخدام مجسمات ومركبات حقيقية لتحسين ديناميكيّة السيّارات بحيث تولد الكميّة المثلى من القوة المتجهة نحو الأسفل على العجلات الخلفيّة والأماميّة مع أقل كميّة من المقاومة.

اقرأ أيضًا:

الديناميكا الهوائية والسيارات

القانون الثاني للديناميكا الحرارية

ترجمة: مصطفى عيد

تدقيق: بدر الفراك

مراجعة: رزان حميدة

المصدر