من هي آين راند Ayn Rand وما أفكارها حول معنى المال: اسمها الكامل اليسا زينوفيفنا روزنباوم (2 شباط 1905 – 6 نيسان 1982) (بالروسية: Али́са Зино́вьевна Розенба́ум) وهي روائية وفيلسوفة وكاتبة مسرحية وكاتبة سيناريو روسية أمريكية. وتُعرف بروايتيها اللتين حققتا مبيعات هائلة ودخلتا فئة أكثر الكتب مبيعًا على الإطلاق، وهما «المنبع the fountainhead« و«أطلس هازًّا كتفيه Atlas shrugged«، وتعد مؤسسة النظام الفلسفي الذي كانت تسميه الموضوعية (Objectivism).

وقد انتقلت راند، التي ولدت وتعلمت في روسيا، إلى الولايات المتحدة عام 1926، وعملت ككاتبة سيناريو في هوليوود وأُنتجت لها مسرحية على مسرح برودواي في 1935-1936. وبعد الروايتين الأولتين اللتين كانتا أقل نجاحًا في البداية، حققت شهرة بروايتها المنبع التي كتبتها عام 1943.

صورة كتابها المنبع:

في عام 1957، نشرت رواية أخرى اعتُبرت أفضل وأبرز أعمالها، وهي رواية أطلس هازًا كتفيه.

صورة كتابها أطلس هازًا كتفيه:

آين راند الكاتبة التحررية الموضوعية صاحبة فكرة «فضيلة الأنانية» عن معنى المال علاقة المال بالسلطة والقوة هل الأموال هي منبع الشرور

وبعد ذلك، تحولت إلى الأدب الواقعي لدعم فلسفتها ونشر المجلات الخاصة بها وإطلاق عدة مجموعات من المقالات حتى وفاتها عام 1982، ودعمت راند العقل بوصفه الوسيلة الوحيدة لاكتساب المعرفة ورفضت الإيمان والدِّين، وأيدت الأنانية الأخلاقية والعقلانية ورفضت الإيثار الأخلاقي.

وفي السياسة، أدانت الشروع في استخدام العنف بأنه عمل غير أخلاقي وعارضت الجماعية والدولانية وكذلك الفوضوية، وبدلًا من ذلك، دعمت وجود الحكومة مقيدة السلطات والتي تتبع الفلسفة التقليصية ورأسمالية عدم التدخل، التي اعتقدت أنها النظام الاجتماعي الوحيد الذي حمى الحقوق الفردية.

وفي الفن، روجت راند للواقعية الرومانسية. وكانت توجه انتقادات حادة لمعظم الفلاسفة والتقاليد الفلسفية المعروفة لها، باستثناء بعض التقاليد الأرسطوية والليبرالية الكلاسيكية.

كتبت آين راند مقالة عن معنى المال اجتزأته من روايتها أطلس هازًا كتفيه، وهو خطاب مطول لشخصية في روايتها تدعى فرانسيسكو دانكونيا Francisco Danconia وهو صناعي في صناعة النحاس، ووريثٌ لثروة هائلة، ونحن نقدم لكم هذا الخطاب لإغناء مفهومكم عن الموضوعية والتحررية والسوق الحر وغيرها من القضايا التي تعتنقها آين راند…

المال أصل كل الشرور؟

قال فرانسيسكو دي أنكونسيا: «إذن أنت تعتقد أن المال هو أصل كل الشرور؟ هل سألت يومًا ما هو أصل المال؟ المال هو أداة للتبادل، والتي لا يمكن أن توجد إلا إذا كانت هناك سلع مُنتَجة وكان الناس قادرين على إنتاجها.

المال هو الشكل المادي لمبدأ أن البشر الذين يرغبون في التعامل مع بعضهم البعض يجب أن يتعاملوا عن طريق التجارة وإعطاء قيمة للقيمة. المال ليس أداة للمتسولين الطفيليين، الذين يتحصلون على منتجك بالدموع، أو الذين يسلبونه منك بالقوة. فالمال قد كان ممكنًا فقط من قبل الأشخاص المنتجين. هل هذا ما تعتبره شرًا؟»

«عندما تقبل أموالًا مقابل جهدك، فإنك تفعل ذلك فقط على قناعة أنك ستستبدل به منتج جهد الآخرين. ليس المتسولون الطفيليون أو السارقون من يعطون المال قيمته، فلا يوجد محيط من الدموع ولا يمكن لجميع الأسلحة في العالم أن يحولوا تلك القطع من الورق في محفظتك إلى الخبز الذي ستحتاجه للبقاء على قيد الحياة غدًا. تلك القطع من الورق، التي كان من المفترض أن تكون ذهبية، هي أمارة شرف لاستحقاقك (مطلبك الحق) لطاقة الناس الذين ينتجون.

محفظتك هي بيان الأمل الخاص بك أنه في مكان ما من حولك يوجد أناس لن يتخلفوا عن ذلك المبدأ الأخلاقي والذي هو أصل المال، فهل هذا ما تعتبره شرًا؟»

«هل سبق لك أن بحثت عن جذر الإنتاج؟ ألقِ نظرة على مولد كهربائي وتجرأ على إقناع نفسك أنه أُنشئ من خلال الجهد العضلي الذي تبذله البهائم غير العاقلة. حاول أن تزرع بذرة من القمح دون أن تُترَك لك المعرفة من قبل البشر الذين اضطروا لاكتشافها لأول مرة. حاول الحصول على طعامك بدون أي شيء سوى تحركات جسدية مجردة، وستتعلم أن عقل الإنسان هو أصل كل السلع المنتَجة وكل الثروة التي كانت موجودة على الأرض مطلقًا».

قوة سلطة المال:

آين راند الكاتبة التحررية الموضوعية صاحبة فكرة «فضيلة الأنانية» عن معنى المال علاقة المال بالسلطة والقوة هل الأموال هي منبع الشرور

«لكنك تقول إن المال يصنعه القوي على حساب الضعيف؟ أي قوة تقصد؟ إنها ليست قوة البنادق أو العضلات. الثروة هي نتاج قدرة الإنسان على التفكير.

وبهذا هل يربح الإنسان الذي يخترع محركًا على حساب من لم يخترعه؟ هل صُنعت الأموال من قبل الأذكياء على حساب الحمقى؟ من قبل القادر على حساب غير الكفء؟ من الطَموح على حساب الكسول؟ فقد كان يُكسب المال – قبل أن يُنهب أو يُختلس- عن طريق كل إنسان نزيه، كلٌ في حدود قدرته.

فالشخص الصادق هو الذي يعرف أنه لا يستطيع أن يستهلك أكثر مما أنتج».

«التجارة عن طريق المال هي رمز أصحاب النوايا الحسنة. يعتمد المال على بديهية أن كل إنسان هو صاحب عقله وجهده. فلا يسمح المال بأي سلطة تصف قيمة مجهودك باستثناء الخيار الطوعي للشخص الذي يرغب في مبادلتك بجهده في المقابل.

فيتيح لك المال الكسب من سلعك وعملك القيّمين (بالنسبة للأشخاص الذين يشترونهم) لا أكثر. لا يسمح المال بأي صفقات سوى تلك المنفعة المتبادلة من خلال الحكم غير القهري (الطوعي) للمتداولين.

فيتطلب المال منك الاعتراف بأنه يجب على بني الإنسان العمل من أجل مصلحتهم الخاصة لا من أجل غبنهم (ضررهم)، من أجل مكاسبهم لا خسارتهم -العرف أنهم ليسوا وحوشًا لحمل الأعباء ولِدوا لتحمل ثقل بؤسك، بل أنك يجب أن تقدم لهم القيم وليس الجروح- إن الرابطة المشتركة بين الناس ليست تبادل المعاناة بل تبادل السلع.

ويتطلب المال أن تبيع ولكن ليس أن تبيع ضعفك بغباء البشر بل موهبتك بعقلانيتهم وسدادهم، ويتطلب منك أن تشتري ولكن ليس أردأ ما يقدمه الناس بل أفضل ما يمكن لأموالك أن تستحصله. وعندما يعيش البشر عن طريق التجارة -بالعقل لا بالقوة كحكمهم النهائي- فهذا يعني أن أفضل منتج سيفوز وأفضل أداء والشخص ذو أفضل الحكم وأعلى القدرة، فدرجة إنتاجية الشخص هي درجة كفاءته. هذا هو قانون الوجود والذي أداته ورمزه المال. هل هذا ما تعتبره شرًا؟».

المال مجرد أداة:

«لكن المال ليس سوى أداة. فهو سيأخذك إلى أي مكان ترغب فيه لكنه لن يحل محلك بكونك محركًا ومتحكمًا به. سوف يوفر لك الوسائل اللازمة لإرضاء رغباتك لكنه لن يستخلق لك الرغبات. المال هو الرادع للبشر الذين يحاولون عكس قانون السببية – البشر الذين يسعون إلى استبدال العقل عن طريق الاستيلاء على منتجات العقل».

آين راند الكاتبة التحررية الموضوعية صاحبة فكرة «فضيلة الأنانية» عن معنى المال علاقة المال بالسلطة والقوة هل الأموال هي منبع الشرور

«لن يشتري المال السعادة للشخص الذي ليس لديه فكرة عما يريده: فالمال لن يعطيه قانونًا للقيم إذا ما تهرّب من معرفة ما الذي يجب أن يقدره، ولن يوفر له غايةً إذا كان هو من تهرّب من اختيار مسعى ما.

لن يشتري المال الذكاء للأبله، أو الإعجاب للجبان، أو الاحترام لغير الكفء. فالشخص الذي يحاول شراء أدمغة رؤسائه لخدمته، مع استبداله حكمته بأمواله، ينتهي به المطاف ليصبح ضحية لمرؤوسيه. فالعباقرة يتخلون عنه، لكن الغشاشين والمحتالين يتدفقون إليه، وفقًا لقانون لم يكتشفه: ألا وهو لا يجوز لأي رجل أن يكون أقل شأنًا من ماله. هل هذا هو السبب في أن تدعوه شرًا؟».

«فقط الشخص الذي لا يحتاج الثروة، هو المناسب لأن يرثها – الشخص الذي سيجني ثروته بغض النظر عن المكان الذي بدأ فيه. فإذا كان الوريث مساويًا لأمواله فهذه الأموال ستخدمه؛ إن لم يكن فإنها ستدمره. لكنك تنظر إلى الأمر وتبكي أن المال أفسده.

أحقًا هذا؟ أم أنه هو من أفسد ماله؟ لا تحسد وريثًا لا قيمة له؛ ثروته ليست لك وأنت لن تعمل بها بشكل أفضل. ولا تعتقد أنه كان ينبغي توزيعها بينكما؛ إن تحميل العالم بخمسين من الطفيليات بدلًا من واحدة لن يعيد الفضيلة الميتة والتي كانت الثروة (قيمة الورثة). المال قوة حية تموت بدون جذرها. المال لن يخدم العقل الذي لا يمكن أن يطابقه (يجاريه ويوائمه). هل هذا هو السبب في أن تدعوه شرًا؟».

المال هو وسيلة للبقاء على قيد الحياة وليس لعنة شريرة:

«المال هو وسائلك للبقاء على قيد الحياة. فالحكم الذي نطقت به على مصدر رزقك هو الحكم الذي نطقت به على حياتك. فإذا كان المصدر فاسدًا فقد لعنت وجودك أنت. هل حصلت على أموالك عن طريق الاحتيال؟ عن طريق الرضوخ لرذائل الناس أم لغبائهم؟ من خلال تقديم الطعام إلى الحمقى على أمل الحصول على أكثر مما تستحق قدرتك؟ عن طريق خفض المعايير الخاصة بك؟ عن طريق القيام بعملٍ تحتقره لمشترين تزدريهم؟

إذا كان الأمر كذلك، فلن تمنحك أموالك لحظة أو حتى قيمة قرش فرح. عندها ستصبح كل الأشياء التي تشتريها لا ثناء لك بل توبيخًا؛ لا إنجازًا ولكن تذكيرًا بالعار. بعد ذلك ستصرخ إن المال شرير. شرير، لأنه لن يحقق احترامك لذاتك؟ شرير، لأنه لن يتيح لك التمتع بفسادك؟ هل هذا هو أصل كراهيتك للمال؟».

«سيبقى المال دائمًا مجرد تأثير وسيرفض أن يستبدلك محركًا. المال هو نتاج الفضيلة لكنه لن يمنحك الفضيلة ولن يكفر عن رذائلك. المال لن يعطيك غير المستحق، لا في الجسد ولا في الروح. هل هذا هو أصل كراهيتك للمال؟».

«أم قلت إن حب المال هو أصل كل الشرور؟ أن تحب الشيء هو أن تعرف وتحب طبيعته. إن حب المال هو معرفة وحب حقيقة أن المال هو البناء لأفضل ما في داخلك من قوة، ومفتاح المرور الخاص بك لتجارة جهدك بالجهد الأفضل بين الناس. إنه الشخص الذي يبيع روحه بقرش هو من يصرخ بأعلى صوت في إعلان كراهيته للمال -ولديه سبب وجيه ليكرهه- أما عشاق المال فهم على استعداد للعمل من أجله، وهم يعرفون أنهم قادرون على استحقاقه».

«اسمح لي أن أقدم لك نصيحة عن دليل شخصيات البشر: الشخص الذي يلعن المال قد استحصل عليه بطريقة مخزية؛ أما الشخص الذي يحترم المال فقد استأهله (استحقه)».

انجُ بحياتك من شخص يقول لك إن المال شرير:

«انجُ بحياتك من أي شخص يخبرك بأن المال شرير. هذه الجملة هي ناقوس الخطر بأن هناك ناهبًا يقترب. ما دام البشر يعيشون معًا على الأرض ويحتاجون إلى وسائل للتعامل مع بعضهم البعض، فإن البديل الوحيد لهم، إذا تركوا المال، هو فوهة البندقية».

«لكن الأموال تتطلب منك أعلى الفضائل، إذا كنت ترغب في ربحها أو الاحتفاظ بها. فالأشخاص الذين لا يملكون الشجاعة أو الكبرياء (الفخر) أو احترام الذات، والأشخاص الذين ليس لديهم حس أخلاقي بحقهم في أموالهم وليسوا مستعدين للدفاع عنها كما يدافعون عن حياتهم، والأشخاص الذين يعتذرون عن ثرائهم، لن يظلوا أغنياء لفترة طويلة.

فهم الطعم الطبيعي لحشود الناهبين التي بقيت تحت الصخور لعدة قرون، لكنهم يخرجون من أول رائحة لرجل يتوسل أن يغفر لذنب امتلاك الثروة. فسوف يسارعون للترويح عن ذنبه وعن حياته أيضًا، كما يستحق».

«عندئذ سترى صعود أشخاص الكيل بمكيالين (أشخاص يعيشون بالقوة ولكنهم يعتمدون على أولئك الذين يعيشون بالتجارة لخلق قيمة أموالهم المنهوبة) الأشخاص الذين هم المتنزهون للفضيلة.

ففي مجتمع أخلاقي هؤلاء هم المجرمون وتُكتب القوانين لحمايتك ضدهم. ولكن عندما ينشئ مجتمع ما مجرمين بحجة الأحقية ولصوصًا بحجة القانون -هم الذين يستخدمون القوة للاستيلاء على ثروة الضحايا مجردي السلاح (العزّل)- ثم يصبح المال انتقام صنّاعه. يعتقد هؤلاء اللصوص أنه من الآمن سرقة الأشخاص العزل بمجرد أن يصدروا قانونًا لنزع سلاحهم. لكن نهبهم يصبح نقطة جذب لغيرهم من اللصوص، الذين يحصلون عليه منهم كما حصلوا هم عليه».

«ثم يستمر السباق، لا للأكثر قدرة على الإنتاج، ولكن لأولئك الأكثر قسوة في الوحشية. فعندما تكون القوة هي المعيار، يفوز القاتل على النشال. وبعد ذلك يختفي هذا المجتمع، في موجة من الأنقاض والمذابح».

المال هو مقياس فضيلة المجتمع:

«هل ترغب في معرفة ما إذا كان ذلك اليوم قادم؟ راقب المال. المال هو مقياس فضيلة المجتمع. عندما ترى أن التداول ليس بالموافقة بل بالإكراه (عندما ترى أنه من أجل أن تُنتج فإنك تحتاج إلى الحصول على إذن من الأناس الذين لا ينتجون شيئًا، عندما ترى أن الأموال تتدفق على أولئك الذين يتعاملون لا بالبضائع ولكن بالمحاباة والمعروف) عندما ترى أن الناس يصبحون أكثر ثراءً بالابتزاز والانتزاع بدلًا من العمل، وأن قوانينك لا تحميك ضدهم بل تحميهم ضدك -عندما ترى الفساد يُكافأ ويصبح الصدق تضحية ذاتية- فلتعلم حينها أن مجتمعك محكوم عليه بالفشل. المال هو وسيلة نبيلة جدًا لدرجة أنه لا يتبارى مع البنادق ولا يتفق مع الوحشية. ولن يسمح المال لدولة ما بالبقاء على قيد الحياة ممثلة على أنها نصف ممتلكات ونصف نهب».

«عندما يظهر المدمرون بين الناس يبدؤون بتدمير المال لأن المال هو حماية للبشر وقاعدة وجود أخلاقي. يدمرون الذهب ويتركون لأصحابه كومة من الورق المزيف. إن هذا يقتل جميع المعايير الموضوعية ويسلم البشر إلى سلطة تعسفية لمجموعة قيم تعسفية. كان الذهب قيمة موضوعية أي ما يعادل الثروة المنتجة.

أما الورقة فهي عبارة عن صك رهن على ثروة لا وجود لها، مدعومة (الورقة) ببندقية تستهدف من في الواقع مُتوقَعٌ منهم أن ينتجوها (الثروة). الورقة عبارة عن شيك يُسحب بواسطة اللصوص القانونيين على حساب لا يخصهم: على حساب الضحايا. وانتظر اليوم الذي يرتد فيه وقد عُلِّم عليه (حساب مغال «فائض عن حده»)».

«عندما جعلت الشر وسيلة للبقاء على قيد الحياة لا تتوقع أن يظل الناس صالحين. لا تتوقع منهم أن يظلوا أخلاقيين وأن يفقدوا حياتهم لغرض أن يصبحوا علفًا للناس غير الأخلاقيين. لا تتوقع منهم أن ينتجوا عندما يُعاقَب الإنتاج ويُكافَأ النهب. لا تسأل (من يدمر العالم؟) إنه أنت».

«أنت تقف في خضم أعظم الإنجازات التي حققتها أعظم حضارة منتجة وتتساءل عن السبب وراء انهيارها من حولك، بينما تلعن المعيشة بأموالها الدامية.

تنظر إلى المال كما فعل الهمجيون من قبلك، وتتساءل لماذا تتسلل الغابة إلى حافة مدنك الحضرية. طوال تاريخ البشر، كان يُستولى دائمًا على الأموال من قبل ناهبين من صنف أو آخر، وتغيرت أسماؤهم ولكن أسلوبهم ظل كما هو: الاستيلاء على الثروة بالقوة والحفاظ على المنتجين مقيدين وممنوعين من الشهرة ومحرومين من الشرف.

فتأتي هذه العبارة عن شر المال التي تتفوه بها بمثل هذه اللامبالاة الصالحة من وقت كانت فيه الثروة تنتج من عمل العبيد – العبيد الذين كرروا العمليات التي اكتشفها ذات يوم شخص ما وتركوها دون تحسين لقرون.

لطالما كان الإنتاج يحكم بالقوة وتُستحصل الثروة عن طريق الغزو، كان هناك القليل ليغزى (لاغتنامه)، ولكن طوال قرون من الركود والتجويع مجّد البشر اللصوص، كأرستقراطيين بالسيف، وكأرستقراطيين بالميلاد، وكأرستقراطيين بالعمالة. وازدروا المنتجين، كعبيد، كتجار، وكأصحاب متاجر، وكصناعيين».

المال أصل كل الخير:

«لمجد البشرية كان هناك وللمرة الأولى والوحيدة في التاريخ، بلد مال، وليس لدي تكريم أعلى وأكثر احترامًا لأدفعه لأمريكا، فهذا يعني: بلد العقل والعدل والحرية والإنتاج والإنجاز. لأول مرة حُرر عقل الإنسان وأمواله، ولم يكن هناك أية ثروات من غزو، ولكن فقط ثروات من عمل، وبدلًا من السيّافين والعبيد، ظهر صانع الثروة الحقيقي، أعظم عامل، أعلى نوع من البشر -الرجل العصامي- الصناعي الأمريكي».

«إذا طلبت مني أن أذكر الميزة الأكثر فخرًا للأميركيين، فسوف أختار -لشموليتها- حقيقة أنهم كانوا الأشخاص الذين ابتكروا عبارة «صنع المال». لم تستخدم أي لغة أو أمة أخرى هذه الكلمات من قبل، فلقد ظن البشر دائمًا أن الثروة عبارة عن كمية ثابتة يُستولى عليها أو يُتسول من أجلها أو تُورث أو تُشارك أو تُنهب أو يُحصل عليها بالمحاباة. كان الأمريكيون أول من يفهم أن الثروة يجب أن تُنشأ. وأن عبارة «صنع المال» تحمل جوهر الأخلاق الإنسانية».

«ومع ذلك كانت هذه هي الكلمات التي شجبت الأمريكيين من قبل الثقافات المتعفنة في قارات اللصوص. فالآن جعلتك عقيدة اللصوص تعتبر إنجازاتك الفخمة علامة مميزة على العار، وازدهارك ذنبًا، وتعتبر أعظم رجالك، الصناعيين، حراسًا عبيدًا، ومصانعك الرائعة تراها منتجًا وممتلكات للعمل العضلي، عمل عبيد يحركهم السوط مثل عمل أهرامات مصر. يجب على ذاك الشخص البغيض المبتسم بتكلّف لأنه لا يرى فرقًا بين قوة الدولار وقوة السوط، أن يتعلم الفرق على جلده هو- وأعتقد أنه سيفعل ذلك».

«حتى، وما لم، تكتشف أن المال هو أصل كل الخير، فأنت تطالب بتدمير نفسك. عندما يتوقف المال عن كونه الأداة التي يتعامل بها الناس مع بعضهم البعض، يصبح الناس أدوات الناس. الدم والسياط والبنادق، أو الدولار. اتخذ خيارك -لا مجال غير ذلك- وقتك ينفد».

اقرأ أيضًا:

جوردان بيترسون Jordan Peterson عالم النفس الأكثر إثارة للجدل في عصرنا

جون كريج فنتر: السيرة الذاتية وأشهر أقواله

السيرة الذاتية للكاتب إسحاق أسيموف

تعرف على الكاتبة الأسطورية هيلين كيلر

ترجمة: فراس خزام

تدقيق: عون حداد

مراجعة: اسماعيل اليازجي

المصدر