من الممكن أن تكون مجرتنا مليئةً بالكواكب الدافئة المائية الشبيهة بأرضنا، هذا ما توصل إليه الباحثون في جامعة ولاية بنسلفانيا مُعتمدين على البيانات التي حصلوا عليها من تلسكوب كيبلر الفضائي بناسا لتقدير عدد الكواكب الشبيهة بالأرض بمجرة درب التبانة.

نُشرت نتائج البحث في جريدة Astronomical في أغسطس 2019 ويمكنك الاطلاع عليها من هنا

تقترح نتائج البحث أن هناك كوكبًا شبيهًا بالأرض يدور حول نجم شبيه بالشمس في كل أربعة أنظمة نجمية على الأقل، وهذا يعني وجود 10 مليارات من الكواكب الشبيهة بالأرض في مجرتنا، وسيكون تقدير عدد هذه الكواكب مهمًا في في بحثنا عن الحياة في الفضاء، وذلك لأن أي حياة فضائية ستكون موجودة على واحد من هذه الكواكب الدافئة التي تحتوي على الماء السائل مثل الأرض، لذلك سنعتمد على هذه المعلومات في المشاريع المستقبلية للبحث عن الحياة مثل مشروع إطلاق التلسكوب الفضائي الماسح للأشعة تحت الحمراء Wide Field Infrared Survey Telescope الذي سيُطلق في منتصف عام 2020 لغرض الكشف عن علامات لأبخرة الماء وغاز الأكسجين على الكواكب البعيدة.

قال إريك فورد Eric Ford أستاذ الفيزياء الفلكية المشارك في البحث: «يمكننا أن نحصل على نتائج مذهلة إذا علمنا أين ومتى نبحث عن تلك الكواكب، وسيُعتمد على هذه المعلومات من قبل علماء الفلك الراغبين في معرفة التصميم الأمثل لتخطيط وبناء مرصد فضائي جديد، إذ ستكون هذه المعلومات جزءًا لا يتجزأ من عملية التخطيط».

حدد فريق فورد الكوكب الشبيه بالأرض بأن يكون بحجم يتراوح بين ثلاثة أرباع إلى مرة ونصف حجم الأرض ويتم دورته حول نجمه في سنة تتراوح من 237 إلى 500 يوم، وهذا من المحتمل أن يجعل الكوكب في النطاق القابل للحياة الخاص بالنجم، وهي المنطقة التي تجعل الكوكب على مسافة من النجم تسمح بوجود الماء في حالته السائلة كما وصفها فورد.

من الممكن أن يوجد في مجرتنا وحدها 10 مليارات من الكواكب الشبيهة بالأرض كوكب شبيه بالأرض البحث عن الحياة في الفضاء تلسكوب كيبلر الفضائي

5 إلى 10 مليارات كوكب شبيه بالأرض

قدر الباحثون هذا العدد من الكواكب الشبيهة بالأرض مُعتمدين على البيانات التي حصلوا عليها من تلسكوب كيبلر الفضائي الخاص بناسا الذي أُطلق عام 2009، ويستخدم هذا التلسكوب طريقة بحث تُعرف بالعبور الفلكي Transit Method لإيجاد الكواكب خارج النظام الشمسي، ورصد التلسكوب 530 ألف نجم مع وجود انخفاضات طفيفة في شدة استضاءة كل نجم ويحدث هذا بسبب عبور أحد الكواكب من أمام النجم حاجبًا جزءًا من إضاءته في ظاهرة تُعرف بالعبور الفلكي تمامًا مثل الخسوف والكسوف.

غيرت هذه الدراسة نظرتنا للمجرة، إذ وجد كيبلر 2600 كوكب خارجي وهذا يدل على أن عدد الكواكب أكبر من عدد النجوم بالمجرة، وأعطت الدراسة أفكارًا جديدة للباحثين عن أنواع الكواكب المختلفة، ومكنت مشاهدات التلسكوب العلماء من التأكد من وجود الكواكب الشبيهة بالأرض لأول مرة. خرج تلسكوب كيبلر من الخدمة العام الماضي بعد نفاد وقوده، وانتقلت مهمة البحث عن الكواكب الصالحة للحياة إلى القمر الصناعي TESS –Transiting Exoplant Survery Satellite– الذي أُطلق في أبريل 2018.

اقترحت نتائج كيبر أن 20% إلى 50% من النجوم التي نراها في سماء الليل تمتلك كواكب شبيهةً بالأرض تقع في النطاق القابل للحياة منها، ولكن لم يرغب فورد وفريقه بالاعتماد حصرًا على نتائج كيبلر في تقدير عدد الكواكب الشبيهة بالأرض، لأن طريقة العبور الفلكي فعالة فقط في تحديد الكواكب الضخمة القريبة من نجومها حتى تحجب كمية كبيرة من الضوء نتمكن من ملاحظتها، ولكنها ليست جيدة في إيجاد الكواكب الصغيرة البعيدة عن النجوم، إضافة إلى أن طريقة كيبلر كانت تفضل النجوم الصغيرة التي تبلغ كتلة كل منها ثلث كتلة الشمس تقريبًا.

لذلك لتقدير عدد الكواكب التي غفل كيبلر عن رصدها، طور الباحثون محاكاة حاسوبية لأكوان افتراضية مليئة بالنجوم والكواكب مُعتمدين على البيانات التي حصلوا عليها من كيبلر والمرصد الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية غايا Gaia، ثم يرصد البرنامج الذي صممه الباحثون النجوم والكواكب في تلك الأكوان الافتراضية بالمحاكاة بنفس الطريقة التي استخدمها كيبلر. أعطت نتائج المحاكاة عدد الكواكب المرصودة بكل كون افتراضي وفقًا لطريقة تلسكوب كيبلر المُتبعة، ثم بمقارنة نتائج المحاكاة مع نتائج تلسكوب كيبلر الحقيقية سيتمكن الباحثون من تقدير عدد الكواكب الشبيهة بالأرض.

قال فورد: «يوجد الكثير من الشكوك في النجوم التي يمكن أن نطلق عليها شبيهة بالشمس، والمسافات المدارية التي يمكن أن نطلق عليها النطاق القابل للحياة، وأحجام الكواكب التي يمكن أن نطلق عليها شبيهة بالأرض، وبعد أخذ كل هذه الشكوك في الاعتبار، يمكن أن نقدّر عدد الكواكب الشبيهة بالأرض بحوالي 5 أو 10 مليارات كوكب».

تطوير البحث عن الحياة في الفضاء

ستكون الخطوة القادمة في البحث هي أن ندرس طبيعة وتكوين تلك الكواكب الشبيهة بالأرض، فحتى إن وقع الكوكب في النطاق القابل للحياة لنجم ما، سيحتاج إلى غلاف جوي متماسك لحبس الحرارة والمحافظة على دفء الكوكب لجعل الماء سائلًا باستمرار، ويتمكن العلماء من دراسة تكوين الغلاف الجوي للكوكب عن طريق قياس تصرف ضوء النجم عندما يمر من خلاله ليصل إلينا أثناء عملية الرصد.

قال فورد: «يهتم العلماء تحديدًا في البحث عن المؤشرات والجزيئات الحيوية في الأغلفة الجوية للكواكب التي لها حجم مقارب لحجم الأرض».

ويأتي دور دراسة فورد هنا: بما أن هذه الكواكب موجودة بتلك الأعداد الهائلة، قد يكون هناك عدد كاف بالقرب منا، وهذا يسمح لعلماء ناسا بدراسة هذه الكواكب باستخدام تلسكوبات أصغر وأقل تكلفةً، أما إن كانت كلها بعيدة، فستضطر ناسا للاعتماد على التلسكوبات الكبيرة التي ترصد لمسافات شاسعة.

أوصى الباحثون أن تُخطَط المهمات الفضائية في المستقبل للبحث عن الكواكب الشبيهة بالأرض بين واحد من كل 33 نجمًا شبيهًا بالشمس وواحد من كل نجمين شبيهين بالشمس.

قال فورد: «المهم في هذه الدراسة ألا نعطي أعدادًا فقط، بل المهم إدراك مدى ضخامة الاحتمالات، لذلك ينبغي على صناع القرار في هذا الشأن أن يأملوا بالأفضل مع التخطيط للأسوأ على أن يظلوا قادرين على التوصل لاستراتيجية علمية سليمة».

اقرأ أيضًا:

الكواكب الشبيهة بالأرض – كم يبلغ عددها وكيف نصل إليها ؟

كشف علماء الفلك جسم شبيه بالأرض يدور حول نجم بالقرب منا وهو أمر مثير للدهشة

ترجمة: محمد شريف

تدقيق: نغم رابي

المصدر