التللقمر «إنسيلادوس» أهميةٌ خاصة، منذ رصدت تفاصيله مركبة الفضاء كاسيني التابعة لناسا. باستخدام بيانات كاسيني، اكتشف العلماء محيطًا جليديًا تحت سطح القمر subsurface ocean، وعلامات غريبة على قطبه الجنوبي تُشبه خطوط النمر، لا يشبهها شيء آخر في النظام الشمسي، تبين أنها شقوق تتصاعد من خلالها المواد الجليدية من محيط القمر إلى الفضاء.

يقول المؤلف الرئيس دوغ همنغوايDoug Hemingway : «منذ بداية المهمة كاسيني إلى زحل، اتضح لنا أن هذه الخطوط لا تشبه أي شيء آخر معروف في نظامنا الشمسي، فهي متوازية ومتباعدة، ويبلغ طولها نحو 130 كيلومترًا، وتبلغ المسافة بين كل خط وآخر نحو 35 كيلومترًا، وما يجعل المشهد رائعًا هو تفجر جليد الماء منها باستمرار، وحتى اللحظة لا توجد كواكب جليدية أو أقمار أخرى تُظهر نفس الظاهرة».

 لقطة مقربة لخطوط النمر على القطب الجنوبي ل«إنسيلادوس»

لقطة مقربة لخطوط النمر على القطب الجنوبي ل«إنسيلادوس»

في الدراسة الجديدة، استخدم همنغواي وزملاؤه: ماكس رودولف Max Rudolph من جامعة كاليفورنيا، وديفيز ومايكل مانغا Davis, and Michael Manga من جامعة كاليفورنيا- بيركلي، نماذج للإجابة على عدة أسئلة، مثل: ما هي القوى المادية التي سببت تشكل هذه الشقوق على سطح القمر؟ وما سر بقائها في أماكنها؟ وما سبب الفروق المتساوية بين الشقوق؟ ولماذا هي موجودة في القطب الجنوبي فقط؟

وجد الباحثون أن القمر ليس متجمدًا صلبًا، لأن تغيرات الجاذبية التي يسببها مداره غير المنتظم حول زحل تُمدده قليلًا، ويجعل هذا الشكل المُشوَّه الصفائح الجليدية في القطبين أرقّ، وأكثر عُرضةً للانقسام والتشقق، وقادهم ذلك إلى استنتاج أن الشقوق التي تُشكل هذه الخطوط يمكن أن تحدث على أي من القطبين، ولكن القطب الجنوبي تصدع أولًا.

وتوصلوا أيضًا إلى تفسير توازي الخطوط، وهو أنه بعد تكون الشق الأول -بغداد Baghdad- ظل مفتوحًا، وسببت مياه المحيط المنبعثة منه 3 شقوق متوازية أخرى، إذ تراكم الجليد والثلوج على طول حواف الشق الأول، وعندما تجمدت نفثات الماء وسقطت مرةً أخرى، تراكم هذا الوزن وسبب شقوقًا جديدة، وهكذا.

وصرح رودولف: «يفسر نموذجنا التباعد المنتظم للشقوق، وكيف أن وزن المادة الجليدية المتساقطة إلى حواف الشق الأول يسبب ثني الطبقة الجليدية، بما يكفي لإحداث صدع موازٍ على بعد نحو 35 كيلومترًا».

ووجدوا إضافةً إلى ذلك أن الشقوق تبقى مفتوحةً وتستمر في الانهيار جزئيًا، بسبب التأثيرات المَدِّية لجاذبية زحل، التي تتغير بسبب مدار القمر الغريب، وتستمر الشقوق في الاتساع والتضيق، وينبعث الماء من خلالها، ما يمنع انغلاقها أبدًا.

وقال همنغواي: « قد تُمكننا هذه الشقوق من أخذ عينات من محيط «إنسيلادوس» الموجود تحت السطح ودراسته، وهو أمر مهم لعلماء الفلك، ونحن نعتقد أنه من المهم فهم القوى التي شكلت الشقوق وحافظت عليها. إن نمذجة الآثار المادية التي اختبرتها قشرة القمر الجليدية تشير إلى سلسلة فريدة من الأحداث والعمليات التي تسمح بوجود هذه الخطوط المميزة».

اقرأ أيضًا:

الكشف عن محيط يقع في القمر إنسيلادوس يحتوي على وحدات البناء الرئيسية للحياة

حقائق مدهشة عن إنسيلادوس ، أحد أقمار زحل

ترجمة: مصطفى العدوي

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: صالح عثمان

المصدر