على مدى عقود، أراد العلماء المهتمون بدراسة كوكب المريخ جلب عينات منه إلى الأرض، وتوصلوا أخيرًا إلى تصميم مهمة لجلب تلك العينات. لقد أعاد إرث بعثات أبوللو -المتمثل في العينات القمرية المجلوبة إلى الأرض- تشكيل علوم القمر والأرض على حد سواء، وستتطلب مهمة إحضار العينات المريخية جهودًا مثلما تطلبت المهام القمرية، ويُعَد الكوكب الأحمر هدفًا أصعب، لكنه يستحق الجهد المبذول في سبيله. وفقًا لتصريح بريان ميورهيد Brian Muirhead، قائد فريق تصميم بعثات جمع العينات المريخية في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في كاليفورنيا، الذي أدلى به في المؤتمر الدولي الـ70 للملاحة الفضائية.

تصور فني لمهمة إحضار العينات المريخية

تصور فني لمهمة إحضار العينات المريخية

يضيف ميورهيد: «يُجمِع المجتمع العلمي اليوم على أننا إذا كنا بصدد الإجابة عن أصعب الأسئلة بشأن المريخ، مثلًا، هل ظهرت الحياة على المريخ أم لا؟ فنحن في حاجة إلى جلب عينات من المواد المريخية إلى مختبراتنا الأرضية».

كان برايان ك. ميورهيد مسؤولًا عن تصميم وتطوير واختبار وإطلاق نظام رحلات Mars Pathfinder flight system، وحصل تقديرًا لإنجازاته على جائزة القيادة المتميزة من ناسا، واختارته مجلة Design News مهندس العام لسنة 1997

كان برايان ك. ميورهيد مسؤولًا عن تصميم وتطوير واختبار وإطلاق نظام رحلات Mars Pathfinder flight system، وحصل تقديرًا لإنجازاته على جائزة القيادة المتميزة من ناسا، واختارته مجلة Design News مهندس العام لسنة 1997

شاهد الفيديو من هنا

يُعَد تصميم مهمة لجمع عينات من المريخ تحديًا، تسعى ناسا للتغلب عليه بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية. يقول ميورهيد: «العملية مترابطة بشكل ملحوظ، كل شيء مترابط بطريقة ما». إذا نظرنا إلى مكونات مركبة الفضاء، سنجد مركبة مارس 2020 التابعة لناسا NASA’s Mars 2020 rover المخصصة لاختيار العينات، ومركبة أخرى مخصصة لجمع العينات fetch rover، وصاروخ لإطلاق المركبة خارج الكوكب الأحمر، وكبسولة لإعادة العينات إلى الأرض.

ستغادر المركبة مارس 2020 في الصيف القادم باتجاه فوهة جيزيرو Jezero crater على المريخ، لتصل في فبراير 2021. ستقوم المركبة بعملية التحقق، ثم باختيار وجمع الصخور المثيرة للاهتمام، تمهيدًا لجلبها إلى الأرض.

أما المهمة المسؤولة عن جلب هذه العينات إلى الأرض فستنطلق في 2026، وستكون في أيامها الأولى شبيهةً بالبعثات المريخية السابقة، لكن أول تحد سيواجه هذه البعثة، وسيكون على مهندسي المركبة الفضائية التغلب عليه، هو الهبوط مع وزن أكبر من المهام السابقة. سيطيل ذلك عملية الهبوط المُقلقة للفريق المسؤول عن المركبة الفضائية؛ إذ ستكون المركبة مُعرضةً لخطر الاصطدام بالسطح.

فور اقترابها من السطح، سيشرع الفريق في عملية الهبوط، في 7 دقائق من الرعب على حد وصف ميورهيد، لكن الفريق المسؤول عن الهبوط قد وجد حلًا لإيصال أوزان كبيرة إلى السطح بأمان أكثر مما توفره تقنيات ناسا المستخدمة في مهمة مارس 2020.

فور هبوط المركبة على المريخ، ستُطلَق مركبة الالتقاط fetch rover، التي ستجمع حاويات العينات التي أعدتها سابقًا المهمة مارس 2020. يقول ميورهيد إن مركبة الالتقاط ستكون أصغر من مارس 2020 ومن المركبة curiosity، ومماثلة تقريبًا للمركبتين spirit وopportunity.

شاهد الفيديو من هنا

إن تصميم مركبة الالتقاط مستوحى من تصميم المركبة روزاليند فرانكلين Rosalind Franklin rover، التي سترسلها وكالة الفضاء الأوروبية إلى المريخ تقريبًا في نفس توقيت المهمة مارس 2020، لكنها ستختلف كثيرًا عن شقيقتها الكبرى؛ إذ ستكون، حسب وصف ميورهيد، مركبةً علميةً جادة، سريعة الحركة وشديدة الاستقلالية.

الخطوة التالية هي تجهيز العينات لرحلتها الطويلة إلى الأرض. يصمم العلماء كبسولة عودة return capsule بإمكانها حمل نحو 30 عينة من الصخور وعينتي هواء. كل هذا داخل خوذة دارث فيدر Darth Vader’s helmet -وهو وصف لتصميم الحاوية- التي ستُعبأ بدورها داخل كبسولة أخرى من أجل الرحلة الطويلة، عند هذه الخطوة سيُحكَم إغلاق حاوية العينات، وتُعقَّم لضمان عدم تسرب أي مادة مريخية إلى الأرض.

خوذة دارث فيدر، أحد شخصيات الفيلم الشهير Star Wars، وهو الاسم الذي أطلقه الفريق على الحاوية التي ستجلب العينات المريخية إلى الأرض، بسبب التشابه بين تصميم الحاوية وشكل الخوذة

خوذة دارث فيدر، أحد شخصيات الفيلم الشهير Star Wars، وهو الاسم الذي أطلقه الفريق على الحاوية التي ستجلب العينات المريخية إلى الأرض، بسبب التشابه بين تصميم الحاوية وشكل الخوذة

لقد انطلق سابقًا العديد من المركبات إلى المريخ، لكن لم يعد أي منها، فقد كانت كلها من رحلات الاتجاه الواحد. تُمثل رحلة العودة إلى الأرض التحدي الحقيقي؛ إذ ستعتمد المركبة على قوة الدفع الكهربي في طريقها إلى الأرض، لتجلب العينات المُجمعة بحلول سنة 2031.

لا يرغب الفريق في استخدام المظلات، التي وصفها ميورهيد بالمخادعة، وعوضًا عن ذلك ستشق كبسولة الاسترجاع طريقها عبر الغلاف الجوي للأرض، ما يعني أن على الكبسولة أن تقلل من سرعتها حتى لا تتحطم عند اصطدامها بسطح الأرض، لكن ليس إلى الدرجة التي تتسبب في احتراقها عند اختراق للغلاف الجوي بسبب الاحتكاك.

في نهاية العرض التوضيحي ناقش ميورهيد عددًا من أسئلة الحضور. اعترض أحد الحاضرين على أن خطة العودة لا تختبر نوعية المركبات التي بإمكانها إعادة البشر إلى الأرض، واقترح آخر أن تكلفة المهمة ستكون أقل لو تجاهل الفريق خطورة تسرب المواد المريخية إلى الغلاف الجوي للأرض.

أكد ميورهيد على أن ما يهم بشأن مهمة جلب عينات من المريخ هو ما تحمله هذه العينات من أسرار، أما فيما يخص حماية كوكب الأرض، فبأخذ وجهة النظر الهندسية، وسلامة العينات في الاعتبار، فلا توجد حلول أنسب مما توصلنا إليه بالفعل.

اقرأ أيضًا:

كشفت وكالة ناسا عن خطتها للحصول على عينات من المريخ لأول مرة

سبعة أحداث رائعة لمركبة كيوريوسيتي خلال سنواتها السبع على المريخ

مركبة كيوريوسيتي – ما الذي تفعله المركبة كيوريوسيتي على المريخ ؟

ترجمة: مصطفى عبد المنعم

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر