هل يمكن للنباتات ان تنمو في تربة المريخ؟


في فيلم The martian يقوم رائد الفضاء مارك واتني باستخدام تربة المريخ في زراعة محاصيل كالبطاطا في بيئة مغلقة تحت السيطرة, ما هي الحقيقة العلمية وراء ذلك؟

matt-damon-martian_web_1024

في الواقع إن تربة المريخ تحوي على العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات لكي تنمو على سطح المريخ ولكن قد لا تتوفر النسب الضرورية الكافية من هذه المواد تبعاً لمكان هبوط البعثة الإستكشافية و في هذه الحال يمكن الإستعانة بالأسمدة.

تعمل ناسا على تقنيات إنتاج الخضراوات في الفضاء على متن المحطة الدولية بقصد توفير غذاء مستدام و الذي يعد جزءاً حيوياً من رحلة ناسا المخطط لها للمريخ.
و كلما توغلنا في استكشاف الفضاء في رحلات طويلة الأمد كلما ازدادت أهمية الخضروات كمورد غذائي للطاقم, كما يمكن اعتبار البستنة نشاطاً ترفيهياً يمكن لرواد الفضاء ممارسته خلال الرحلة.

تم تفعيل المنظومة الزراعية الاولى The first pillows وتغذيتها بالماء و الرعاية بها لأول مرة من قبل مهندس طيران البعثة 39 ستيف سوانسون Steve Swanson في ايار 2014 و بعد نمو النباتات لمدة 33 يوماً وقد جمعت محاصيل هذه النباتات و إحضارها للأرض في تشرين الأول من السنة ذاتها، و تم تحليل النباتات في مركز كينيدي Kennedy  للفضاء التابع لناسا الواقع في ولاية كاليفورنيا لضمان سلامتها غذائيا.

بعد ذلك تم تفعيل المنظومة الزراعية الثانية في الثامن من تموز و أيضاً جُمع محصولها بعد نموها لمدة 33 يوماً إلا أن البذار التي أنتجت هذه النباتات بقيت على متن المحطة لمدة 15 شهرا قبل تفعيلها.
تم تطوير أبحاث إنبات الخضراوات من قبل مؤسسة اوربيتال التكنولوجية Orbital Technologies Corp الواقعة في ماديسون بولاية ويسكونسن و تم إختبارها في مركز كينيدي قبل الرحلة.

فقد ارسلت منظومة زراعية ثالثة في مهمة بواسطة برنامج SpaceX في نيسان 2014 بالإضافة إلى المنظومتان السابقة.
تتميز هذه المنظومة بانها قابلة للطي والتوسع ومزودة بمجموعات من أضواء الـ LED  الزرقاء و الحمراء و الخضراء بناءاً على دراسات سابقة لناسا في فترة التسعينات لمحاكاة ضوء الشمس و عملية التركيب الضوئي التي أشرف عليها الدكتور راي ويلير Ray Weeler في المشاريع المتقدمة لدعم الحياة.

عمل ويلير مع فريق من المهندسين لإنجاح وحدة الخضرورات ابتداءا كمشروع صغير في ORBITEC إلى أن أبدت ناسا إهتماماً به حيث تم تطويره بما يناسب العمل على المحطة الفضائية الدولية.
وعملت ايضا الدكتورة جويا ماسا Gioia Massa المسؤولة عن انماء الخضروات في كينيدي مع زملائها لجعل وحدة الطيران متطورة ومعتمدة للاستخدام على محطة الفضاء الدولية.

يقول ويلير: “الطيف اللوني الأزرق و الأحمر هي من الحاجات الأساسية لنمو نبات بشكل جيد, إن هذين اللونين على الأرجح الأكثر كفائة من حيث تحويل الطاقة الكهربائية و الأضواء الخضراء تساعد في الحد من كمية اللونين الآخرين.
هناك أدلة تؤيد على أن المواد الغذائية الطازجة، مثل الطماطم والعنب والخس الأحمر هي مصدر جيد لمضادات الأكسدة.
و وجود الأغذية الطازجة مثل هذه المنتجات في الفضاء يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على مزاج الناس وأيضا يمكن أن توفر بعض الحماية ضد الأشعة في الفضاء.”

بعد وصول أول محصول من الخس الذي تم زراعته على المحطة الدولية بدأ الفريق بالعمل مع ممثلي السلامة و وكالة ناسا للحصول على موافقة لأفراد الطاقم لأكلها.
تقول الدكتورة ماسا: “التحليل الميكروبي و تحاليل سلامة الأغذية تبدو جيدة جداً في محصول الخس الفضائي”.
وإلى جانب الفوائد الغذائية، يمكن لإنماء المنتجات الطازجة في الفضاء توفير فائدة نفسية أيضا، كيف؟

تقول أليكسندرا ويتماير Alexandra Whitmire عالمة أبحاث السلوك و الأداء في ناسا: “تجربة إنماء الخضروات هي التجربة الوحيدة التي ندعمها حالياً والتي تتضمن تقييم آثار الحياة النباتية على البشر في الفضاء.
بعثات رحلات الفضاء المستقبلية يمكن أن تشمل 4-6 أفراد من الطاقم الذين يعيشون في مكان ضيق لفترة طويلة من الزمن، مع اتصال محدود ونحن ندرك أنه سيكون من المهم توفير التدريبات التي من شأنها أن تكون فعالة وتجهيز الطاقم بتدابير مضادة أثناء مهمتهم”

ويمكن أن تشمل التدابير المضادة أشياء مثل عمل هادف كضبط البيئة السكنية و العناية بالنباتات.
ماسا تؤيد الفكرة حيث تقول: “بالاضافة الى وجود القدرة على النمو وتناول الأغذية الطازجة في الفضاء، قد يكون هناك أيضا فائدة نفسية.
يحصل الطاقم على بعض الفواكه أو الخضروات الطازجة، مثل الجزر أو التفاح وعند وصول سفينة امداد في محطة الفضاء الدولية.
ولكن الكمية محدودة و تستهلك بسرعة “.

وجود شيء أخضر ينمو – قطعة صغيرة من الأرض – للعناية عند الذين يعيشون ويعملون في بيئة قاسية وضاغطة يمكن أن يكون قيمة كبيرة وتأثير هام.
واضافت “إننا نأمل في زيادة كمية ونوع المحصول في المستقبل، وهذا سوف يسمح لنا لمعرفة المزيد عن زراعة النباتات في ظروف الجاذبية الضعيفة, لدينا تجارب مقبلة سوف ننظر في الآثار المترتبة على نوعية الضوء على المحصول والتغذية والنكهة، سواء على الأرض وفي الفضاء.”

الفريق في كينيدي وجونسون يأمل أن الخضروات والبستنة في الفضاء ستصبح ميزة قيمة للحياة على متن محطة الفضاء وفي المستقبل على سطح المريخ.


المصدر