تستعد شركة سبيس إكس لإرسال الرائدين بوب بينكن Bob Behnken ودوغ هارلي Doug Hurley إلى الفضاء بحلول ربيع هذا العام.

ستكون رحلتهما على متن سفينة الفضاء Dragon هي أول مهمة أمريكية مأهولة (أي تتضمن رواد فضاء) منذ انتهاء برنامج مكوك الفضاء Space Shuttle program سنة 2011.

يمثل هذا الإطلاق بداية حقبة جديدة من رحلات الفضاء الأمريكية، إذ سيعفي ناسا من الاعتماد على أنظمة الإطلاق الروسية لإرسال روادها إلى الفضاء، وسيصبح بينكن وهارلي أول رائدي فضاء يحلقان بمركبة فضاء تجارية.

صرح هارلي لصحيفة أتلانتيك: «لقد حالفنا الحظ أنا وبوب باختيارنا لنكون معًا، ومع اقتراب موعد الإطلاق، كانت الأمور حماسية للغاية».

أمضى الرائدان أكثر الوقت في كاليفورنيا، حيث كانت أكثر خطوات الإعداد للمهمة، وتدربا في أثناء الإعداد على إجراءات الطوارئ، وعلى آليات Dragon، واختبرا بزات الفضاء الجديدة، واجتمعا مع إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس.

قال هارلي: «يعتقد أكثر الناس أن السفر إلى الفضاء أمر ممتع، لكنه في الواقع يشبه رحلة تخييم فوضوية».

سبيس إكس على وشك إطلاق مهمتها التاريخية المأهولة (دراغون) - سفينة الفضاء Dragon - أول مهمة أمريكية مأهولة - حقبة جديدة من رحلات الفضاء الأمريكية

الاختيار

سنة 2018، اختارت ناسا بينكن وهارلي ليكونا أول رائدي فضاء يحلقان بمركبة فضاء تابعة لشركة سبيس إكس، وليكونا أول من يحلق بمركبة فضاء تجارية.

طورت سبيس إكس مركبة الفضاء Dragon جزءًا من برنامج ناسا التجاري المأهول، وهي المنافسة التي حفزت الشركات الخاصة على تطوير مركبات فضائية جديدة جاهزة للإطلاق.

اختارت ناسا 9 رواد فضاء للمشاركة في أول رحلة تجريبية مأهولة على متن Dragon ونظيرتها من شركة بوينغ CST-100Starliner.

يتوقع إيلون ماسك إرسال بينكن وهارلي إلى محطة الفضاء الدولية في أول رحلة تجريبية مأهولة على متن مركبة Dragon – تُسمى Demo-2- في الفترة من أبريل إلى يونيو القادم. وهي أول مهمة أمريكية مأهولة منذ انتهاء برنامج مكوك الفضاء سنة 2011.

حضر بينكن وهارلي تطوير المركبة Dragon منذ 2015، لذلك فهما جاهزان لقيادتها.

الرائدان هما طياران عسكريان سابقان. كان هارلي طيار اختبار ومقاتل في سلاح مشاة البحرية مدة 24 سنة، حقق فيها 5500 ساعة طيران باستخدام 25 طائرة مختلفة. أما بينكن فكان طيار اختبار لسلاح الجو، وقد حقق 1500 ساعة طيران على متن 25 طائرة.

عينت ناسا الرائدين سنة 2000، وأصبحا صديقين بعدما عملا معًا ضمن برنامج مكوك الفضاء.

حلق بينكن في مهمتي مكوك فضاء، مسجلًا 708 ساعة في الفضاء منهم 37 ساعةً من السير الفضائي. كذلك حلق هارلي على متن مكوكين، متضمنًا الرحلة الأخيرة للمكوك، وقضى 683 ساعةً في الفضاء.

منذ الرحلة الأخيرة لمكوك الفضاء التابع لناسا، اعتمدت الوكالة على نظام سويوز Soyuz الروسي لنقل روادها من محطة الفضاء الدولية وإليها. لكن النظام الروسي تضاعف سعره 4 مرات تقريبًا على مدار العقد الماضي، إذ يكلف المقعد الواحد ذهابًا وإيابًا نحو 85 مليون دولار.

أما تكلفة مقعد Dragon فتبلغ نحو 55 مليون دولار. وهذا لا يشمل مبلغ 1.2 مليار دولار أمريكي الذي أنفقته ناسا على تطوير المركبة الفضائية الجديدة.

الاستعداد

تضمن تحضير بينكن وهارلي للمهمة تمرينات مكثفة، وتشغيلًا تجريبيًّا لإجراءات يوم الإطلاق.

عمل رائدا الفضاء معًا على مدار عقدين. قال هارلي: «لقد أصبحنا أنا وبوب مقربين جدًّا. مثل أي شخص آخر عندما تثق به فإنك تشعر بالميل إليه، لقد قضينا معًا وقتًا طويلًا، وفكرت: مهلًا، ربما هذا الرجل ليس سيئًا للغاية».

وعندما تحطم مكوك الفضاء كولومبيا سنة 2003، ولقى جميع أفراد طاقمه المؤلف من 7 أشخاص مصرعهم، كان هارلي وبينكن في الموقع معًا.

قال بينكن: «لقد رأيت سلوك دوغ في حفل زفافي، وعلى متن الطائرة، وعملنا معًا ضمن أسوأ حدث ممكن في حياتنا المهنية. يمكنني توقع تصرفاته وهو أيضًا يمكنه توقع تصرفاتي».

قدم بينكن وهارلي -وسواهما- النصح إلى SpaceX بشأن تطوير Dragon، وقدما مقترحاتهما حول تصميم المفاتيح وشاشات التحكم.

كانت رائدة الفضاء سوني ويليامز قد صرحت سابقًا أنها حذرت من أن الإصدارات الأولى من المركبات الفضائية لشركتي سبيس إكس وبوينغ تُظهر للطاقم معلومات قليلة للغاية على الشاشة.

قالت ويليامز: «ستساعدنا أنظمة التشغيل الآلي، لكن مع ذلك يجب علينا المراقبة والتحقق من كل الأمور، وتحقيق الخطوات وفق الجدول الزمني، لذلك يجب أن توفر المعلومات على الشاشة البيانات كاملة».

قال بينكن: «نقضي عدة أيام من كل أسبوع إما في فلوريدا أو كاليفورنيا، لتقييم التصميمات النهائية، وبهذا نحن لا نستفيد من برنامج التدريب النظامي، لكننا نطوره في أثناء تقدمنا».

حالات الطوارئ

السلامة هي الأولوية الكبرى، لذلك تدرب رواد فضاء الطاقم التجاري على إخلاء منصة إطلاق سبيس إكس في حالة الخطر المحتمل قبل الإقلاع. إن الهروب في حالات الطوارئ يتطلب من رواد الفضاء النزول في أنبوب انزلاق zipline، وفور نزولهم إلى الأرض، تقلهم عربة مصفحة.

قال بينكن: «في كل مرة نتدرب على حالة الطوارئ، لم أستطع إلا أن أفكر في ما سيكون عليه وضع Dragon في يوم الإطلاق».

أيضًا نجح الفريق في تجربة عملية العودة من كبسولة Dragon بعد الهبوط في المحيط. واختبروا بزات فضاء سبيس إكس الجديدة.

قال هارلي: «لم تختبر ناسا برنامج طيران لمركبة فضاء منذ بداية برنامج مكوك الفضاء، أي أننا نتحدث عن أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، لذلك كان علينا إعادة تعلم بعض التقنيات والأمور التي نحتاج إليها للتأكد من مراقبة العملية جيدًا».

وأعرب الرائدان عن تطلعهما إلى تجربة مركبة الفضاء الجديدة والعودة إلى المحطة الفضائية.

قال بينكن لصحيفة أتلانتيك: «عندما تذهب إلى هناك وتنظر نحو الأرض، تشعر حقًّا إنك شخص جديد. الأمر بالفعل يغيرك، إلى الأفضل كما أرجو. يتحدث البعض عن الاستغلال التجاري للفضاء، أنا أعتقد أنه كلما أرسلنا المزيد من الأشخاص إلى الفضاء، سيتغير وضع كوكبنا إلى الأفضل».

اقرأ أيضًا:

نجاح شركة سبيس إكس في أول اختبار طيران للنموذج الأولي لمركبة السفر إلى المريخ

ناسا منزعجة بسبب صاروخ إيلون ماسك العملاق

ترجمة: محمد رشود

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر