رصد علماء الفلك في جامعة ماريلاند- كوليدج بارك تسلسلًا واضحًا من البداية إلى النهاية لانبعاثات الغبار والجليد والغازات في أثناء المرور القريب للمذنب 46P/Wirtanen في أواخر عام 2018، باستخدام بيانات القمر الصناعي لمسح الكواكب التابع لناسا TESS. يورد هذا المقال الملاحظات الأكثر تفصيلًا حتى الآن لمكونات الثوران الطبيعي للمذنب.

قال الباحث طوني فارنام: »أمضى مشروع TESS نحو شهر تقريبًا في تصوير جانب واحد من السماء دون أي فترات راحة أو أي تدخل من الغلاف الجوي، ولدينا نتيجةً لذلك مجموعة من الملاحظات المتناسقة طويلة الأمد. عندما تدور المذنبات حول الشمس فإنها تمر في نطاق المشاهدة الخاص بالمشروع. كان المذنب ويرتانن مهمًّا نظرًا إلى مروره القريب، ولذلك قررنا تحليل صوره عبر مشروع TESS، وكانت النتائج مفاجِئة».

تصوير تفصيلي غير مسبوق لمذنب - مكونات الثوران الطبيعي للمذنب - القمر الصناعي لمسح الكواكب التابع لناسا TESS - الإشعاع الشمسي - مشروع TESS

وقال بادي بويد من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا: »إن مشروع TESS مركز قوي لاكتشاف الكواكب التي تدور حول النجوم المضيئة القريبة، وتنتهج استراتيجيته للرصد العديد من العلوم الإضافية المثيرة، ولأن بياناته تُنشَر فورًا في أرشيف ناسا Mikulski لتلسكوبات الفضاء، فإنه من المثير رؤية العلماء يحددون البيانات المهمة ويسكتشفون العلوم المثيرة المتعلقة بالكواكب خارج مجموعتنا الشمسية».

يرجع النشاط الطبيعي للمذنب إلى أشعة الشمس، التي تؤدي إلى تبخر الجليد القريب من السطح، وتسحب الغازات المتدفقة الغبار. تشهد أكثر المذنبات ثورات طبيعية تزيد نشاط المذنب من حين إلى آخر بدرجة ملحوظة لكنها مؤقتة، سبب هذه الثورات حتى الآن غير معروف لكنه مرتبط بظروف السطح، اقتُرِحَت بعض الآليات المحتملة، بما في ذلك الحدث الحراري thermal event -عندما تخترق موجة حرارية جيبًا جليديًّا شديد التقلب- ما يؤدي إلى تطاير الجليد سريعًا وتفعيل الثوران أو النشاط، والحدث الميكانيكي mechanical event إذ ينهار جرف معرضًا الجليد لأشعة الشمس المباشرة. تساعدنا دراسة السلوك المسبب للثوران -خاصةً في المراحل المبكرة التي يصعب رصدها- على فهم الخصائص الفيزيائية والحرارية للمذنب.

مع أن المذنب ويرتانن اقترب من الأرض في 16 كانون الثاني (ديسمبر) 2018 إلا أن الثوران حدث في وقت مبكر من اقترابه بدايةً من 26 أيلول (سبتمبر) 2018، وحدث السطوع الأولي للثوران على مرحلتين متميزتين: ومضة استمرت ساعة، متبوعة بمرحلة ثانية أكثر تدريجية استمر سطوعها 8 ساعات أخرى، ومن المحتمل أن تكون هذه المرحلة ناتجة عن الانتشار التدريجي لغبار المذنب الناتج عن الثوران، فتعكس سحابة الغبار نسبةً أعلى من ضوء الشمس، وبعد بلوغه ذروة السطوع تلاشى المذنب تدريجيًّا على مدار أكثر من أسبوعين، وتمكن الفريق من عرض كل المراحل بتفاصيل ممتازة، إذ التقط مشروع TESSصورةً مفصلة مركّبة كل 30 دقيقة.

وأضاف فارنام: »تمكنا على مدار 20 يومًا من التصوير من تقييم التغيرات في السطوع بسهولة شديدة، وهي الوظيفة الأساسية التي صُمِّم مشروع TESS لأدائها: مسح الكواكب خارج المجموعة الشمسية. لا يمكننا توقع توقيت ثوران النيزك، وحتى إن تمكنَّا من جدولة هذه الملاحظات بطريقة ما فلن نستطيع تحقيق نتائج أفضل، وقد حدث هذا الثوران بعد أيام فقط من بداية الملاحظات«.

قدّر الفريق تقريبيًّا المواد التي طُرِحَت في أثناء حالة الثوران بنحو مليون كيلوغرام، وأنها خلّفت شقًّا بطول 20 مترًا في المذنب، وربما يساعد المزيد من تحليل جسيمات الغبار على تحسين هذا التقدير. ستساعد مراقبة المزيد من المذنبات أيضًا في تحديد كون التوهج متعدد المراحل أمرًا نادرًا أم شائعًا في المذنبات.

اكتشف مشروع TESSأيضًا لأول مرة أثر غبار مذنب ويرتانن. إن أثر غبار المذنب comet’s trail هو حقل من الحطام الكبير يتبع مدار المذنب في دورانه حول الشمس، ويبقى مدار هذا الحقل ثابتًا نسبيًّا بمرور الوقت، ويختلف عن الذيل comet’s tail (رذاذ الغاز والغبار الناعم الذي يتبع المذنب ويزداد كلما اقترب من الشمس) الذي يتغير مساره عند تعرضه للرياح الشمسية.

وقال مايكل كيلي، المؤلف المشارك في الورقة البحثية: » يتبع الأثر مسار المذنب بالقرب منه في حين يدفع الإشعاع الشمسي الذيل بعيدًا، يحتوي الأثر كمًّا كبيرًا من المواد كالرمال والحصى، أما الذيل فهو أقرب إلى أن يكون دخانًا، ويُعتقَد أن المذنبات تفقد أكثر كتلتها مخلفةً أثر الغبار، وعندما تمر الأرض بمسار أثر الغبار تحدث زخات الشهب».

في حين تصف الدراسة الحالية نتائج أولية، يتطلع فارنام وكيلي وزملاؤهم إلى مزيد من التحليلات حول مذنب ويرتانن، إضافةً إلى المذنبات الأخرى في نطاق بحث مشروع TESS ، ويضيف فارنام: »لا نعرف تحديدًا سبب الثوران الطبيعي، ونرغب فيه التوصل إلى ذلك، يوجد على الأقل 4 مذنبات أخرى في نفس البقعة من السماء لاحظها فريق مشروع TESS، ويُتوقَع وجود نحو 50 مذنبًا في غضون أول عامين، وهو ما قد يمدنا بالكثير من البيانات».

اقرأ أيضًا:

المذنبات – كيف تنشأ ومما تتكون ؟

ما الذي تخبرنا به المذنبات عن أسرار نظامنا الشمسي ؟

ترجمة: أسامة ونوس

تدقيق: سمية المهدي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر