يفضل كل منا أن يمتلك مساحته الخاصة من وقت لآخر وكذلك الحال بالنسبة للكثبان الرملية، إذ توجد الكثبان الرملية عادةً بالقرب من بعضها، ولكنها تتباعد في بعض الأحيان، فعند قطع كثيبين رمليين متماثلين مسافةً كبيرةً تغير هياكلهما من سرعتهما لينتهي بهما المطاف موزعان بالتساوي، الأمر الذي أثار شك ودهشة الفيزيائيين بشأن طبيعة وطريقة التواصل بين الكثبان الرملية.

في مقابلة مع الواشنطن بوست، صرح الفيزيائية ناتالي فريند من جامعة كامبريدج «لا شك في أنها تتواصل، إذا دفعت جاري أمامي فهو شيء مفهوم بالنسبة للبشر ولكننا نتحدث عن كثبان من الرمال التي تتواصل -بعبارة أخرى- جمادات تتبادل المعلومات فيما بينها».

لا شك في أن الكثبان لا تستطيع التحدث إلى بعضها ولكن الباحثون يجادلون بكون تأثيرها على القوى التي تحركها، مثل قوى الرياح أو المياه، تغير من الطريقة التي تؤثر بها تلك القوى على الكثبان الأخرى حولها، ما يُمكن تلك البنى الفيزيائية من توصيل معلومات عن أماكنها.

هل تخيلت يومًا قدرة الرمال على التواصل فيما بينها؟ - حركة الكثبان الرملية - الرياح في الصحراء - الكثبان الرّملية تحت الماء

يتعارض هذا الاكتشاف مع ما تفترضه العديد من النماذج النظرية بشأن انتقال الكثبان الرملية الذي يحدث عادةً ببطء شديد وعبر مسافات كبيرة تُصعب من مهمة دراستها. تُعد تلك البنى من الرمال عادةً مستقلة وذاتية الحركة، وتتصادم وتستهلك بعضها البعض أحيانًا ولكنها لا تتعاون بالضرورة.

وفقًا للفيزيائي كارول باسيك من جامعة كامبريدج: «تطرح نظرية أخرى فكرةً مفادها أن الكثبان تتصادم وتتبادل الكتلة، مثل ما يحدث لكرات البلياردو عندما ترتد بعد اصطدامها، حتى يصبح لها نفس الحجم وتتحرك بنفس السرعة».

تتحرك الكثبان الرملية الأصغر بشكل أسرع من تلك الكبيرة، ما يعني أن الكثبان ذات الأحجام المتماثلة ستتحرك بنفس السرعة؛ ولكن نتائج الدراسة تُظهر أمرًا آخر، فعند تحرك كثيبين رمليين لهما نفس الحجم والشكل فإنهما يسرعان أو يبطئان من حركتهما دون تبادل كتلتيهما.

صرحت فريند: «اكتشفنا فيزياء لم تكن جزءًا من النموذج».

استطاع الفريق محاكاة العملية بصنع قناة دوارة مملوءة بالماء ووضع كثيبين رمليين متماثلين داخلها، إذ يدور الرمل لساعات بدلًا من التحرك في المكان الأصلي الابتدائي، تحرك الكثيب في المقدمة بسرعة أعلى، وبمجرد قطعه 180 درجة للوصول إلى الجانب المقابل من القناة الدائرية، أبطأ الكثيب في المقدمة من سرعته لتساوي سرعة الكثيب الآخر.

وفقًا لفريند: «يشبه الأمر عباب سفينة، فالبنى المتدفقة خلف الكثيب الأمامي تشبه عبابًا خلف سفينة وتؤثر على خصائص الكثيب التالي».

تتفاعل الموجة الأولى وتتنافر مع جارتها المنحدرة مثل الاضطراب في مجرى الماء، إذ تدفع الموجة الأولى تلك التي خلفها، وبهذه الطريقة يتواصل العباب، وتُفقد نسبة ضئيلة جدًا من الكتلة في هذه العملية.

وحتى عند التجربة باستعمال عينات من كثبان ذات أحجام مختلفة لُوحظ نفس الأثر، إذ تسرع التي في المقدمة بشكل مبدئي؛ وعندما يزداد الانفصال بين الكثبان ويضعف العباب تبدأ الأخرى في زيادة سرعتها، وفي النهاية تتوازن الكثبان نتيجةً لتأثير التنافر وتنتقل بنفس السرعة ما يمنع أي تصادم.

استنتج العلماء أن نفس العملية تحدث في الكثبان الرملية تحت الماء، كما رُصد تنافر كثبان الرمال في صور الأقمار الصناعية من قبل، ولكن لم تُفهم القوى خلفه من قبل.

عبر السنين، زاد الاحتباس الحراري من حركة الكثبان في بقاعٍ من العالم منها أمريكا وأفريقيا والقارة المتجمدة الجنوبية، وبمعرفة الاتجاه الذي تسلكه تلك الكثبان وكيفية انتقالها سنتمكن من تحضير أنفسنا ومزارعنا وطرق لمواجهة أي آثار سلبية لذلك.

اقرأ أيضًا:

الكثبان الرملية في المريخ تتحرك بطريقة غريبة

شاهد كيف تقوم الصين بتحويل الصحراء إلى مروج خضراء

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: آية فحماوي

المصدر