أجرى الباحثون في معهد ماساتشوستس للتقنية MIT العديد من الحسابات حول الخيار الأفضل الواجب اتباعه، استنادًا إلى الكويكب ومساره في الفضاء.

يمتلك البشر عدة خيارات في حال أوشك جسم عملاق على الاصطدام بكوكبنا:

  •  ضربه بمركبة فضائية بقوة كافية للتخلص منه.
  •  تفجيره بالأسلحة النووية.
  •  سحبه بجرار ثقلي (معتمد على الجاذبية).
  •  إبطاؤه باستخدام أشعة الشمس المركزة (وهو أضعف الحلول).

يعني ذلك أننا إما سنفحص الكويكب أولًا برحلة استكشافية، أو أن نشن هجومًا واسع النطاق عليه مباشرةً.

ماذا نفعل إذا سدد الكويكب (سفاح الكواكب) ضربةً نحو الأرض؟ - الخيار الأفضل الواجب اتباعه في توجه كويكب ليصطدم بالأرض - معهد ماساتشوستس للتقنية MIT

ومع تعدد القرارات التي يُمكن اتخاذها في ظل هذا التهديد الوجودي، أصدر فريق من الباحثين دليلًا لمساعدة عاكسات الكويكبات المستقبلية، وقد نُشر في صحيفة Acta Astronautica.

عادةً ما يكون مجيء الكويكب في الأفلام السينمائية صدمةً مفاجئة، إذ تندفع صخرة كبيرة مميتة باتجاه الأرض كرصاصة من قلب الظلام، ولا يفصل بين اكتشافها ووقوع تأثيرها المتوقع سوى مدة زمنية قصيرة لا تتجاوز بضعة أسابيع أو أيام، ما يشكل تهديدًا حقيقيًّا، ويشبه ذلك عرضًا تقديميًّا أجراه مكتب الدفاع الكوكبي لناسا سنة 2019.

تعتقد ناسا أنها قد كشفت عن أكبر الأجسام وأخطرها، التي يُحتمل -وإن كان احتمالًا ضئيلًا- أن تضرب الأرض، وأطلقت عليها اسم (سفاحي الكواكب)، ومع ذلك ربما يوجد الكثير من الصخور الصغيرة القادرة على تدمير مدن بأكملها، لكنها لم تُكتشَف بعد.

نتيجةً لعملية الرصد من كثب التي تخضع لها أكثر الأجسام الضخمة القريبة من الأرض، فمن المتوقع أننا سنعرف قبل أن يضرب أحدها كوكبنا، إذ يراقب علماء الفلك هذه الصخور الفضائية عندما تقترب من الأرض.

تتحرك الكويكبات المهدِّدة للأرض مقتربةً ومبتعدةً في نقاط مختلفة في مدارها حول الشمس، وتمتلك ثقوبًا على طول مسارها بجوار الأرض، هذه الثقوب الاصطلاحية هي مساحات من الفضاء إذا عبرها الكويكب سينتهي به المطاف بالاصطدام بالأرض، وذلك في أثناء دنوه المقبل من كوكبنا.

قال سونج ووك بيك Sung Wook Paek أحد مؤلفي الدراسة: «هذه الثقوب تشبه الأبواب، إذا انفتحت فمن المحتمل جدًّا أن تتعرض الأرض إلى هجوم أحد الكويكبات».

وفقًا للورقة البحثية فإن الطريقة الأسهل لتلافي اصطدام الكويكب بنا هي التعامل معه قبل أن يصل إلى الثقب، إذ تمنع هذه الطريقة الجسم من المضي قدمًا نحو الاصطدام في المقام الأول، ما قد يتطلب الكثير من الموارد والجهد المحفوفين بالكثير من المخاطر.

استبعد بيك Paek وفريقه السيناريوهات الأقل احتمالًا لانحراف الكويكب، وأبقوا على التفجير النووي والصادمات باعتبارها حلولًا جادة حال الخطر. لكن الانفجار النووي يمثل -وفقًا لدراستهم- مشكلة، لأنه يصعب توقع سلوك الكويكب بعده، إضافةً إلى أن المخاوف السياسية حيال السلاح النووي قد تمثل عقبة. توصل الفريق في النهاية إلى 3 خيارات حول المهام التي يمكن إعدادها في غضون مهلة قصيرة إذا رُصد كويكب (سفاح الكواكب) متجهًا نحو ثقب ما:

 المهمة (النمط 0):

تُستخدم المعلومات المتاحة حول بنية الكويكب القادم وبُعده في إطلاق مركبة فضاء وحيدة ثقيلة، تُستخدَم في إبعاده عن المسار.

 المهمة (النمط 1):

يُرسل مستكشف أولي لجمع البيانات حول الكويكب من كثب، وذلك قبل توجيه الصدمة الرئيسة نحوه، بهدف المساعدة على توجيه الضربة الأفضل والأكثر تأثيرًا.

 المهمة (النمط 2):

تُوجه ضربة من صادم واحد صغير بالتزامن مع إرسال مستكشف، بهدف إبعاد الكائن عن المسار قليلًا، ثم تُجمع المعلومات القادمة من المستكشف ومن الاصطدام الأولي، لتجهيز اصطدام ثاني صغير يُتم المهمة.

مشكلة النمط (0) -وفقًا للبحث- أن التلسكوبات الأرضية تجمع فقط معلومات تقريبية فقط عن الكويكبات، التي تُعَد كائنات بعيدة غامضة وصغيرة نسبيًّا، وفي حال عدم الحصول على معلومات دقيقة حول كتلة الكائن وسرعته وبنيته الفيزيائية، فستعتمد المهمة على تقديرات غير دقيقة، ما يرفع من خطر الفشل في تسديد ضربة قاضية لإبعاد الكائن القادم عن ثقبه.

يُعَد نجاح مهام النوع (1) أكثر احتمالًا، بسبب قدرتها على تحديد كتلة الصخور القادمة وسرعتها بدقة أكبر، لكن ذلك يتطلب مزيدًا من الوقت والموارد.

أما النوع (2) فهو الأفضل، لكنه يتطلب الكثير من الوقت والجهد.

طور الباحثون طريقةً لحساب الطريقة المُثلى اعتمادًا على عاملين:

  •  الزمن بين بداية المهمة وبلوغ الكويكب ثقبه.
  •  الصعوبة الكامنة في تغيير مسار كويكب محدد بدقة.

توصل الباحثون، بتطبيق هذه الحسابات على اثنين من كويكبات (سفاحي الكواكب) الشهيرة في محيط كوكب للأرض: أبوفيس Apophis وبينو Bennu، إلى مجموعة معقدة من التعليمات حيال عاكسات الكويكبات المستقبلية، في حال بدأ أحد هذه الكائنات يقترب من الثقب، إذ وجدوا أنه حال توفر الوقت الكافي، فإن مهام النوع (2) هي دائمًا الطريقة المُثلى لإبعاد الكويكب بينو Bennu، أما إذا كان الوقت قصيرًا فإن مهمة النوع (0) السريعة هي الحل، أما النوع (1) فنادرًا ما يُجدي نفعًا.

يُعَد الأمر أعقد في حالة أبوفيس Apophis، ففي حالة الوقت القصير، تُعَد مهمة النمط (1) هي الأفضل: جمع البيانات بسرعة ثم توجيه الاصطدام بدقة. أما حال توفر المزيد من الوقت، تُعَد مهمة النمط (2) أفضل غالبًا، لكن هذا يتوقف على مدى صعوبة تغيير المسار، ولن تُجدي مهمة النوع (0) نفعًا في حالة أبوفيس Apophis.

وفي الحالتين، وجد الباحثون أنه إذا كانت المدة الزمنية قصيرة جدًّا، فلن تنجح أي طريقة في إقصاء الصخرة.

تتسم الاختلافات بين الصخور بالغموض حيال كتلها وسرعاتها، وكذلك كيفية تفاعل موادها الداخلية مع الاصطدام. ذكر الباحثون أن هذه المبادئ الأساسية يمكن استخدامها لدراسة سفاحي الكواكب المُحتمَلين الآخرين، وربما تتضمن الدراسات المستقبلية خيارات أخرى لإقصاء الكويكبات، بما في ذلك الأسلحة النووية، إذ كلما كانت قائمة الخيارات أعقد، زادت صعوبة الحساب.

في النهاية سيكون من المفيد تدريب خوارزميات التعلم الآلي على اتخاذ القرارات بناءً على البيانات الدقيقة المتاحة، وذلك في أي سيناريو مُحتمَل لسفاحي الكواكب.

اقرأ أيضًا:

غبار أحد الكويكبات كان سببًا في أحد أكبر الانفجارات الحياتية على الأرض

اليوم الأخير للديناصورات: لمحة عن كارثة الكويكب

ترجمة: م. دلال الشماع

تدقيق: محمد الصفتي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر