وجدت دراسة جديدة أُجريت في كلية جامعة لندن أن بعض مكونات النبيذ الكيميائية مثل الريسفيراترول -الموجود في النبيذ الأحمر- لها تأثير يشبه تأثير هرمون الإستروجين في تنشيط بروتينات السيرتوين المُقاوِمة للشيخوخة.

قد تفسر هذه النتائج المنشورة في مجلة التقارير العلمية تأثير كل من الريسفيراترول والسيرتوين في الصحة والشيخوخة.

يشبه تأثير الريسفيراتول عند استهلاكه بجرعات منخفضة تأثير الإستروجين، في حين يصبح تأثيره عكسيًا في الجرعات المرتفعة، ما يتفق مع الآراء التي تنصح بشرب كأس صغيرة من النبيذ يوميًا للوقاية من الشيخوخة.

النبيذ يحمي من الشيخوخة - الريسفيراترول الموجود في النبيذ الأحمر - هرمون الإستروجين - تنشيط بروتينات السيرتوين المقاومة للشيخوخة

يقول مؤلف الدراسة الدكتور هنري بايل من قسم الأحياء البنيوية والجزيئية في كلية جامعة لندن: «اهتم الباحثون لعقود بتأثير السيرتوين والجزيئات المُنشّطة له. السيرتوين هو مجموعة من بروتينات الإشارة لها دور في عمليات كثيرة مثل إصلاح الحمض النووي DNA وتنظيم الاستقلاب، إذ وجدت العديد من الدراسات التي أُجريت على الحيوانات أن هذه البروتينات تساعد على إطالة العمر، وتحمي من الأمراض أو تبطئ حدوثها. لكن بسبب فهمنا غير الكامل للآلية الدقيقة التي تعمل بها في خلايا الجسم، لم تُطَوَّر أدوية فعالة للاستخدام حتى الآن».

درس الدكتور بايلي المركّبات المُفعّلة للسيرتوين، ومن ضمنها مركبات الريسفيراترول الموجود في قشر العنب، والإيزوفلافونز مثل الدايدزين الموجود في البقوليات كفول الصويا، إذ حلّل السلوك المعتمد على السيرتوين عند الخلايا داخل الجين المُستقبِل للإستروجين في مزارع خلايا كبدية عولجت بأنواع مختلفة من المركّبات. أكدت نتائج الدراسة نتائج البحث السابق لبايلي، المنشور في 2019، إذ أظهر أن الإستروجين يزيد من إشارات السيرتوين في الخلية عبر مُستقبِلات الإستروجين.

ورغم الاعتقاد السابق أن هذه المركبات تزيد فقط من النشاط المُحفّز للسيرتوين، وُجد أن المركبات المُفعّلة للسيرتوين مثل الريسفيراترول تُفعّل إشارات السيرتوين من خلال مستقبلات الإستروجين عبر محاكاة تأثير الإستراديول، وهو أحد 3 هرمونات إستروجينية رئيسية عند الإنسان.

لكن رغم عمل الريسفيراترول المماثل لعمل الإستروجين في الجرعات المنخفضة، تبين أن له تأثيرًا معاكسًا عند استهلاكه بكميات كبيرة، إذ يعمل مضادًا للإستروجين ويكبح إشارات السيرتوين.

أيضًا أظهرت بعض المركبات المُفعِّلة للسيرتوين نتائج أفضل من الإستروجين في تفعيل إشارات السيرتوين، مثل (أيزوليكيريتيجينين) الموجود في عرق السوس.

قد يظن البعض أن الإستروجين يوجد عند النساء فقط، لكن أجسامنا جميعًا -رجالًا ونساءً- تفرزه، وله -كالسيرتوين- دور في عدة وظائف، مثل الشهية والتكاثر والوقاية من الأمراض، مثل النمط الثاني من السكري وألزهايمر وهشاشة العظام والمتلازمة الاستقلابية وأمراض القلب.

يرى الدكتور بايلي أن المركبات المُفعّلة للسيرتوين -مثل الريسفيراترول الذي يمكن اعتباره إستروجينًا نباتيًا- مفيدة للدماغ والكبد والعضلات الهيكلية والعظام، لأنها تؤدي نفس وظائف الإستروجين.

يقول الدكتور بايلي: «توفر الكميات القليلة المنتظمة من الريسفيراترول، التي نحصل عليها من استهلاك النبيذ باعتدال نفس فوائد الإستروجين. وهذا ينطبق على الرجال والنساء من كل الأعمار، لكنه مفيد خاصةً للنساء بعد سن انقطاع الطمث، إذ يقل مخزون الإستروجين لديهن مقارنةً بالرجال.

وبسبب التأثيرات الجانبية الكثيرة للعلاج المعوِّض للإستروجين، قد توفر المركبات المُفعّلة للسيرتوين بديلًا آمنًا لبعض الحالات التي تستدعي العلاج بالإستروجين. قد تقي المركبات المفعّلة للسيرتوين من العديد من الأمراض الاستقلابية المصاحبة للتقدم في العمر، المرتبطة بنقص الإستروجين».

يتابع الدكتور بايلي: «يجب أن نفهم آلية عمل المركبات بدقة، لنتوصل إلى علاجات فعالة. وتقربنا هذه الدراسة من فهم آلية عمل المركبات المُفعّلة للسيرتوين، وطريقة استخدامها بوصفها بدائل للإستروجين، وإن كنا ما زلنا في حاجة إلى المزيد من الدراسات السريرية».

اقرأ أيضًا:

النبيذ الأحمر لمعالجة الإجهاد والتوتر

النبيذ الأحمر قاتل للبكتيريا المسببة لتسوس الأسنان

ترجمة: زياد الشاعر

تدقيق: وئام سليمان

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر