وضع باحثو جامعة كورنيل جهدهم في قياس ومراقبة مغازل اللف في أكسيد النيكل، في محاولة لتحسين سرعة الأجهزة الإلكترونية وسعة الذاكرة. تتخيل ورقتهم البحثية مغزل لف «سيبك» لانتقال عزم المغازل في البنى المغايرة للمواد المضادة للانجذاب المغناطيسي في أكسيد النيكل.

سيبك Seebeck: هو اسم العالم الذي اكتشف هذا التأثير وسمي لاحقًا باسمه، فقد لاحظ سيبك أنه عند تسليط درجات حرارة مختلفة على دائرة مصنوعة من معدنين مختلفين ومترابطين سوف يحرك بوصلة المغناطيس، ومن هنا استنتج أن الاختلاف في درجات الحرارة يولد جهدًا كهربائيًا.

واحد من تخصصات كبير الباحثين جريج فوكس وهو أستاذ مساعد في قسم الفيزياء التطبيقية والهندسية، هو دوران الإلكترونات، وهو علم دراسة الدوران المغزلي -نوع من قوى الدفع الزاوي الذي يخزن المعلومات- وهو مسؤول عن الخصائص المغناطيسية للإلكترون.

مغناطيسية ملتوية: اكتشاف طريقة جديدة لتصور اللف المغزلي - قياس ومراقبة مغازل اللف في أكسيد النيكل - المواد المضادة للانجذاب المغناطيسي

سعى فوكس وفريقه لفهم كيفية قياس هذه المغناطيسية والتلاعب بها.

بدلًا من قياس المغناطيسية بالمجاهر المغناطيسية والتي تعتبر طرقًا تقليدية، إذ تُقذف المواد بالفوتونات أو الإلكترونات أو الأشعة السينية، أشار فوكس إلى طريقة تدعى “المجهر المغناطيسي الحراري”. بهذا الأسلوب، تُوجّه الحرارة للمادة المراد قياس مغناطيسيتها في منطقة صغيرة منها، والمغناطيسية هي تلك البقعة التي تشكلت بفعل الجهد الكهربائي المتشكل. سمحت هذه الطريقة لفريق فوكس أن يروا ماذا يحدث عندما يتلاعبون بالمغزل المغناطيسي للمادة.

اكتشف فريق فوكس مواد مضادة للانجذاب المغناطيسي، والتي تعتبر مميزة بفضل خاصيتها المغناطيسية الفريدة -وهي الجزء الصغير من المادة الذي يتذكر سعات صغيرة من الذاكرة (bits) من المعلومات مبنية على الاتجاه- التي لا تنتج حقلًا مغناطيسيا، ولهذا يمكنهم القيام بتعبئتها معًا دون التأثير على بعضها البعض، وهذا يحمل إمكانية التخزين عالي الكثافة. تعد المواد المضادة للانجذاب المغناطيسي أسرع من المغناطيس الحديدي -الذي يعتبر أكثر المواد المغناطيسية التي تنتج ومضة مغناطيسية.

لدى المواد المضادة للانجذاب المغناطيسي القدرة على إظهار الأثر أكثر بألف مرة من المواد المغناطيسية الحديدية، بحسب فوكس، لكن فهم هذه المواد المضادة للانجذاب المغناطيسي ليس بسيطًا.

الأجسام المضادة للانجذاب المغناطيسي صعبة الدراسة بسبب أن كل مغزل من المغازل الأخرى يشير في الاتجاه المعاكس، ولذلك لا توجد مغناطيسية. يقول فوكس «إنها لا تنتج حقلًا مغناطيسيًّا. هي ليست قادرة على أن تتصرف طبقًا للحالات التقليدية للقياس المغناطيسي. توجد أشعة سينية خاصة مرافقة لها تستخدم للقياس، ولكن لا يوجد العديد من الطرق الأخرى، وهذا يقلل من إمكانيات القياس التي تقوم بها، لذا فهناك خيارات قليلة جدًا».

ابتكر فوكس وفريقه طريقة ملتوية لحل هذه المشكلة باختيار فقط النوع الصحيح من المواد المضادة للانجذاب المغناطيسي -وهو أكسيد النيكل– الذي يحوي أسطحًا متعددة للغزل، وكل مغزل في كل سطح يشير إلى اتجاه معاكس.

عند وضع المعدن بين البلاتين وأكسيد النيكل، تكون المغازل في المنطقة الطرفية موازية لبعضها ما يسمح للباحثين باستخدام التدفق الحراري لقياس اتجاه المغازل دون إلغاء الإشارة.

هذا التأثير والذي يسمى “تأثير سيبك للمغازل بين وجهين” تم برهانه سابقًا في المعادن عالية النفاذية والعوازل، لكنها كانت نظرية فقط للمواد المضادة للانجذاب المغناطيسي، لا أحد من قبل قام ببرهانها. دعونا نستخدمها لتخيل عينات من المواد المضادة للانجذاب المغناطيسي مع طاولة القياس ومعدات المخبر.

قال المؤلف الرئيسي إسايا غراي طالب في دكتوراه الفيزياء التطبيقية: «تخيل مادة مضادة للانجذاب المغناطيسي تسمح لنا مجهريًا برؤية كيف تستجيب للمحفزات الخارجية، مثل التيار الكهربائي، هذه التفاصيل حاسمة عند محاولة صنع جهاز ذاكرة من هذه المواد».

يقول فوكس «من الطبيعي أن تظن أن المواد المضادة للانجذاب المغناطيسي تشبه إلى حد كبير البندق. إنه من المفاجئ بالنسبة لي أن هذا النهج البسيط نسبيًا، يفتح لنا عالمًا جديدًا كليًا لما يمكن أن تفعله بهذه الأجهزة المضادة للانجذاب المغناطيسي. يمكنني الآن أن أتحكم في تركيبة هذه المواد، ومن ثم رؤية كيف تتجه المغازل».

اقرأ أيضًا:

الخاصية الكمومية الشاذة لما يسمى بـ «اللف المغزلي» spin

تأثيرات الكم المغناطيسي في المواد الصلبة

ترجمة: عروة ضوا

تدقيق: بدر الفراك

المصدر