قد تتعرض للإحباط والاستياء إذا شكرت أحدًا ولم يبادلك الشكر. لكن مع ذلك، تقول الدراسات أن بإمكان شكر الآخرين وحده أن يكون مفيدًا لك.

لكن ما هو الشكر أو الامتنان ؟

يقدم روبرت إيمونز، الذي كان يبحث في الامتنان لسنوات عديدة، التعريف التالي، وهو مؤلف من قيدين:

أولًا: الامتنان هو الاعتراف بوجود الخير في حياة الإنسان.

وثانيًا: الاعتراف بأن مصدر هذا الخير يكمن جزئيًا على الأقل خارج الذات. إن جوهر الامتنان موجه دومًا نحو الآخر.

يمكن للمرء أن يكون ممتنًا للرب أو للناس الآخرين أو للحيوانات، ولكنه لا يمكن أن يكون ممتنًا لنفسه أبدًا. وهذه إحدى الطرق المهمة التي يختلف فيها الامتنان عن التصرفات العاطفية الأخرى. يمكن للشخص أن يغضب على نفسه، يفرح بنفسه ولكن من الغريب أن نقول أن شخصًا ما شعر بالامتنان لنفسه.

يُمكن للامتنان الذي تُظهره أن يكون مطورًا لجوانب عدة من حياتك كالمزاج والعلاقات الاجتماعية والسمعة الحسنة بين الناس كما أنه قد يظهر بشكل ميزة وملكة شخصية أو مجرد عاطفة عابرة أو سلوك معين.

ثمةَ فوائد عديدة للشعور بالامتنان:

1- إبداء الشكر يجعل الآخرين يرونك بإيجابية أكثر.

يُنظر إلى الأشخاص الذين يقولون «شكرًا» على أنهم ودودون بشكل أكثر مقارنةً بأولئك الذين لا يقولون ذلك. لذا فالشكر يوفر أرضية خصبة لازدهار العلاقات ونمو الصداقات.

لخصت البروفيسورة مونيكا بارتليت بحثها حول هذا الموضوع بقولها: «إن شكرًا بسيطًا يمكنه أن يدفع الناس إلى النظر إليك كإنسان ودود وحميم، وبالتالي، سيكونون أكثر اهتمامًا بالتفاعل الاجتماعي معك والاستمرار في التعرف عليك لبناء علاقة معك».

قد لا يشتري لك الامتنان شيئا، لكنه قد يكسبك أكثر مما تتوقعه من الناس - الاعتراف بوجود الخير في حياة الإنسان - شكر الآخرين

يساعدك الامتنان في العثور على علاقاتك وتقويتها وتشعر بها بشكل أفضل

تكتب سارة ألجوي عن نظرية الامتنان: «الامتنان هو شرارة غالبًا ما تشعل سلسلة من التبادلات الإيجابية مع شخص غريب أو أحد معارفه. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في تعزيز العلاقات مع الأشخاص الذين تحبهم كثيرًا».

من الواضح أن شعور شريكك بالتقدير سيجعلك تشعر بإيجابية تجاه علاقتك.

وجد جوردون وزملاؤه عام 2012 أن الشعور بالامتنان لشريكك يرتبط أيضًا بارتياح أكبر في العلاقة.

2- يمكن للشكر أن يجعلك أكثر سعادة.

يساعدك الشعور بالامتنان على أن تكون أكثر ايجابيةً.

وجدت ايمون وستيرن عام 2013: «أن الامتنان له تأثير قوي على الصحة العقلية ويقود إلى الشعور بالسعادة أكثر من أي ممارسة أخرى كالتفاؤل أو التراحم.

يتمتع الناس الممتنون بمستويات أعلى من العواطف الإيجابية مثل الفرح والحماس والحب والسعادة والتفاؤل. يمكنهم التعامل بسهولة مع الإجهاد اليومي، كما أنهم أظهروا مرونةً أكبر في مواجهة الإجهاد الناجم عن الصدمات والتعافي بسرعة أكبر من الأمراض فضلًا عن التمتع بصحة جسدية أفضل».

وجد ماكولو وزملاؤه عام 2002: «بالمقارنة مع نظرائهم الأقل إظهارًا للشكر والامتنان، يُظهر الأشخاص كثيري الشُكر والامتنان قدرًا أعلى من العواطف الإيجابية والرضا عن الحياة وقدرًا أقل من العواطف السلبية مثل الاكتئاب والقلق والحسد. يبدو كذلك أنهم أكثر اجتماعيةً لأنهم يظهرون أكثر تعاطفًا وتسامحًا ومساعدةً من نظرائهم الأقل امتنانًا».

وفي ذات الصدد، وجد الدكتور سيليجمان أن إيصال رسالة مكونة من 300 كلمة لشخص ذو فضلٍ عليك مع تحديد كيفية تأثيره عليك بشكل إيجابي، يؤدي إلى المزيد من السعادة والقليل من الاكتئاب للكاتب لمدة قد تصل إلى شهرٍ كامل.

إذا كان السؤال «لماذا يجب أن أقول شكرا عندما لا أحد يقول لي أحدٌ ما شكرًا؟» فهذه بعض الأسباب الرائعة.

لا يشكر الناس عادةً من يستحقون الثناء، ولكن لماذا ذلك؟

ما الذي يمنع الناس من شكر الآخرين؟

إجمالًا فإن الافتراضات والتوقعات الخاطئة لردود الأفعال تُثني الناس عن إظهار الامتنان، فالشعور بالامتنان لا يؤدي بالضرورة إلى التعبير عنه

وتوضيح ذلك بأن نقول: بناءً على نتائج سلسلة من التجارب، خلص أميت كومار ونيكولاس إيبلي من جامعة شيكاغو إلى أن أحد أسباب ذلك هو أننا غالبًا ما نقلل من النتائج الإيجابية للتعبير عن الامتنان.

في أول تجربتين، طلب الباحثون من المشاركين بأن يكتبوا رسائل امتنان ويتنبؤوا بعدها بشعور المتلقين تجاه هذه الرسائل.

أظهرت النتائج أن كتابة الرسائل:

  1.  زادت من الحالة الإيجابية للمُرسل.
  2.  قلل المرسلون من مدى قيمة هذه الرسائل في إسعاد المستلمين ووضعهم في مزاج إيجابي أيضًا.
  3.  بالغ المرسلون في مدى «إحراج» المستلمين بعد قراءة الرسائل.

في تجربتين تاليتين، درس الباحثون العلاقة بين التعبير عن الامتنان وتوقع كيفية تلقي المُستلم للرسائل.

كشفت البيانات أن المشاركين أبدوا رغبةً قويةً في التعبير عن الامتنان فقط عندما توقعوا أن يشعر المستلمون بإيجابية كبيرة بشأن تلقي خطاب الامتنان، كل ذلك من أجل تجنب الإحراج.

من المهم ملاحظة أن التجارب السابقة أظهرت أن الناس غالبًا ما يستندون في تقييم أفعالهم على القدرة والكفاءة، بينما يقوم الآخرون -كمستلمي الرسائل- بتقييم تلك الأفعال بناءً على النية والمودة التي جعلتهم يؤدون هذه الإجراءات.

بناءً على ما سبق، ففي الوقت الذي يركز فيه الأشخاص المرسلين لرسالة الامتنان على البحث عن الكلمات المناسبة للتعبير عن مشاعرهم خشية الظهور بموقف الاحراج لعدم كفاءة ما يرسلون، فإن المستلمين لا يركزون غالبًا على الكفاءة قدرما يركزون على مقدار الود الذي تحويه الرسالة والقصد الذي أُرسلت لأجله.

لذا، ففي تجربة أخرى، اختبر المؤلفون ما إذا كانت هناك اختلافات بين المرسِلين والمتلقين للامتنان من حيث كيفية تقييم كل مجموعة لكفاءة المرسَل والمودة التي تحويها الرسالة. كشفت البيانات أن المستلمين للشكر لا يعتبرون المرسلين أكثر ودًا فقط، بل قيموا المرسلين أيضًا على أنهم أكثر كفاءة!

لذا فالقلق غير المبرر فيما يتعلق بكفاءة الرسالة لا ينبغي له أن يكون عائقًا فعليًا أمام إرسال رسائل الامتنان، على عكس ما هو مُعتاد في الواقع.

تعتبر الروابط الاجتماعية ذات قيمة بالنسبة لنا، ليس فقط لغرض التعايش عمليًا داخل المجتمع ولكن أيضًا لأن العلاقات الاجتماعية الإيجابية مهمة لصحتنا العقلية.

إحدى طرق تقوية هذه الروابط الاجتماعية هي إظهار الامتنان للأشخاص الذين ساعدونا وأظهروا لنا الاهتمام.

الخلاصة

أظهرت الأبحاث القديمة والحديثة أن هناك عددًا من العوائق التي تحول دون إظهار الامتنان:

  1.  افتراض أن امتناننا معروف وواضح.
  2.  الإحساس بكوننا غير كفوئين حينما نعبر عن الامتنان.
  3.  الاستهانة بقيمة التأثير الإيجابي الذي يمكن لنا أن نتركه على مزاج المستلمين.

ختامًا، دوّن كومار وإيبلي ملاحظة: «إن سوء تقدير قيمة الامتنان في كونه مؤثرًا إيجابيًا على الذات أو على الآخرين يمكن أن يمنع الناس من أن تكوين علاقات اجتماعية كثيرة قد تساعد في تحقيق رفاههم. قد لا يشتري الامتنان أي شيء، لكنه قد يكسبك أكثر مما تتوقعه من الناس».

اقرأ أيضًا:

وسائل التواصل تدمر علاقاتنا الاجتماعية

كيف نبني صداقات في مدينة جديدة؟

ترجمة: جعفر قيس

تدقيق: سلمى توفيق

مراجعة صهيب الأغبري

المصادر: 1 2