(فينيقيا) هو الاسم القديم لدولة لبنان حاليًا، إضافةً إلى أجزاء من سوريا وفلسطين. كان الفينيقيون تجارًا مرموقين يجولون البحر المتوسط في القرن الأول قبل الميلاد. تُعَد صيدا وصور وبيروت من المدن الفينيقية الرئيسية، إضافةً إلى عدة مستعمرات أخرى تابعة لها. وصل الفينيقيون إلى المنطقة نحو سنة 3000 ق.م، ولا يُعرف موطنهم الأصلي تحديدًا، وإن نسبهم البعض إلى منطقة الخليج العربي.

ما اسم الفينيقيين بلغتهم؟ لسنا متيقنين من ذلك، لكن نظن أنه (كِناعاني)، أو: كِناخنا باللغة الأكادية، أي كنعاني. ربما تعني الكلمة (التاجر) بالعبرية، وهي المهنة التي تميز بها الفينيقيون.

توثقت الروابط التجارية والدينية بين بيبلوس (جبيل) ومصر في عهد الأسرة المصرية الرابعة (نحو 2613-2494 ق.م)، وتوسعت التجارة خلال القرن السادس عشر قبل الميلاد، وهيمن المصريون على أكثر فينيقيا. لكن في القرن الرابع عشر قبل الميلاد حدثت اضطرابات سياسية أدت إلى فقدان مصر سيطرتها على المنطقة.

مع بداية القرن التاسع قبل الميلاد، هدد تقدم الأشوريين استقلال فينيقيا، إذ فرض عليها الملوك الأشوريون الضرائب، واستطاعوا السيطرة عليها أو على أجزاء منها في بعض الفترات. وفي سنة 538 ق.م سيطر الفرس على فينيقيا، حتى دخلها الإسكندر الأكبر، وضُمت إلى ولاية سوريا الرومانية سنة 64 ق.م، عدا مدن أرواد وصيدا وصور التي احتفظت بالحكم الذاتي. تُعَد الملكية المقيدة بقوة العائلات التجارية وثروتها أقدم أشكال الحكم في المدن الفينيقية، ويبدو أن المدن لم تجتمع مطلقًا تحت راية حكومة واحدة.

عُرف الفينيقيون بعبورهم البحر بوصفهم تجارًا ومُستعمِرين، وتوسعت سيطرتهم على امتداد ساحل الشام، إذ أنشأوا سلسلة من المستوطنات مثل يافا ودور وعكا وأوغاريت، وكذلك استوطنوا شمال أفريقيا (قرطاج) والأناضول وقبرص في تاريخ مبكر أيضًا.

الفينيقيون: من هم؟ وأين عاشوا؟ - المدن الفينيقية الرئيسية - امتداد ساحل الشام - الأبجدية الفينيقية المستعملة في بيبلوس - الاسم القديم لدولة لبنان

أصبحت قرطاج قوةً بحرية وتجارية رئيسية في منطقة غرب المتوسط، وأسست بدورها عددًا من المستوطنات الأصغر لتشكل معابر على الطريق إلى إسبانيا، بهدف الحصول على الثروات المعدنية.

تضمنت صادرات فينيقيا خشب الأرز والصنوبر والكتان الناعم من صور وبيبلوس وبيروت، والأقمشة المصبوغة باللون الأرجواني الصُوري الشهير المصنوع من قواقع الموريكس، إضافةً إلى الأقمشة المطرزة من صيدا، والنبيذ والمشغولات المعدنية والزجاج والخزف المصقول والملح والسمك المجفف. ونظم الفينيقيون تجارة مرور (ترانزيت) مهمة.

مثلت المنتجات الفنية الفينيقية مزيجًا من الأفكار المصرية والعراقية والإيجية والسورية. ومع أن المنحوتات الفينيقية المُكتشفة قليلة فإن بقايا النحت البارز كثيرة ومميزة، وأقدم ما عثرنا عليه من منحوتات هو تابوت أحيرام المصنوع من الحجر الجيري، الذي اكتُشف في بيبلوس، وأحيرام هو ملك بيبلوس في نهاية القرن 11 ق.م.

تخصص الفينيقيون في نقش العاج والخشب، وعُرفت أعمالهم في صياغة الذهب والمعادن على نطاق واسع أيضًا، وقد ابتُكرت عملية نفخ الزجاج في ساحل فينيقيا غالبًا، وذلك في القرن الأول قبل الميلاد أو قبل ذلك.

استعمل الفينيقيون الكتابة المسمارية (العراقية)، وابتكروا كتابةً خاصة بهم أيضًا، وتكونت الأبجدية الفينيقية المستعملة في بيبلوس منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد من 22 حرفًا. استخدم الإغريق نفس طريقة الكتابة لاحقًا، وتُعَد سلفًا للحروف اللاتينية الحالية، لذا فإن الأبجدية هي أبرز ما ساهمت به فينيقيا في مجال الفنون والحضارة.

ألهمت قوى الطبيعة وظواهرها الديانة الفينيقية، مع أن العديد من الآلهة التي عبدها الفينيقيون كانت محلية وتُعرف اليوم بأسمائها المحلية فقط. عد الفينيقيون الإله إيل أبو الآلهة، وترأس مَجمع الآلهة الفينيقية، مع إن الإلهة عشتار كانت الشخصية الأهم في المَجمع.

اقرأ أيضًا:

من هم الكنعانيون؟ تعرف عليهم

دراسة تؤكد: اللبنانيون هم أحفاد الكنعانيين (الفينيقيين) المباشرين

ترجمة: الحسين الطاهر

تدقيق: غزل الكردي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر