تمثل الألواح الشمسية مستقبل الطاقة، ورغم ذلك فإن أقصى كفاءة مُسجلة للخلية الشمسية التجارية هي 33٪، بسبب بعض حواجز الطاقة على المستوى الجزيئي.

يقول توماس إديسون: «أود أن استثمر أموالي في الشمس والطاقة الشمسية، ما مصدر الطاقة؟! آمل ألا ننتظر حتى نفاد النفط والفحم قبل أن نعالج ذلك».

على العالم بأسره الآن الاتفاق بقوة على أن الطاقة المتجددة هي السبيل الوحيد للمضي قدمًا لإشباع حاجة البشرية إلى الطاقة. حاولت غريتا ثونبرغ مناقشة هذه القضية في مناسبات عديدة أمام قادة الدول الأكثر تقدمًا في العالم. لكنها تعرضت للانتقاد من أكثر قادة العالم، ومنهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. يعرف الخبراء أن غريتا محقة، لكن عندما يتعلق الأمر ببدائل الطاقة الأكثر خضرة التي ذكرتها فإن لكل منها قيوده الخاصة.

ماذا لو أخبرتك أن الألواح الشمسية قد تحل أزمة الطاقة؟

تتغير سرعة الرياح بدرجة كبير، ما يجعل من الصعب الاعتماد عليها باستمرار. ويمكن بناء السدود، لكن يصعب تزويد العالم كله بالطاقة باستخدامها. أما ضوء الشمس فهو متاح مجانًا خلال النهار في أكثر الكوكب، إذن ما المشكلة؟ حسنًا، بلغت الكفاءة القصوى للخلية الشمسية المتاحة تجاريًا المسجلة حتى الآن 33.7٪. كان هذا أحد أكبر التحديات التي تواجه صناعة الطاقة الشمسية، لكن لمَ قد يوجد مثل هذه القيود على كفاءة الألواح الشمسية؟ سنجيب عن ذلك، لكن يجب أولًا أن نفهم ماهية الخلية الشمسية بالضبط.

ما الخلية الشمسية ؟

الخلية الشمسية جهاز يلتقط الطاقة من ضوء الشمس مباشرةً، ثم يحولها إلى طاقة كهربية. تُعرف الخلية الشمسية أيضًا بالخلية الكهروضوئية، فهي تحوّل الفوتونات الموجودة في الضوء إلى فرق جهد (ما يعني أساسًا: الطاقة الكهربية). لفهم قيود الخلية الشمسية، يجب أن نلقي نظرةً فاحصة على تركيبها.

وصلة p-n البسيطة

تُصنع الخلايا الشمسية باستخدام رقائق السيليكون من النوعين n وp، وتحتوي رقاقة السيليكون p المزيد من الثقوب، ما يعني أنها تفتقر إلى الإلكترونات، في حين تمتلك الرقاقة n فائضًا من الإلكترونات. وتتصل الرقاقتان عبر (وصلة p-n)، وهي اللبنة الأساسية للخلية الشمسية.

ماذا تعني كفاءة الخلية الشمسية ؟

لكل جهاز نستخدمه كفاءة معينة مرتبطة به. تخيل مثلًا آلة تنتج 10 بالونات في الساعة، من بينها يتبين وجود بالونين مثقوبين. هذا يعني أن كفاءة الماكينة هي 80٪، لأن الماكينة تستوعب المواد الخام اللازمة لإنتاج 10 بالونات، لكنها تحول 80٪ فقط منها إلى مُخرَجات مفيدة. ومن ثم فإن كفاءة الجهاز هي مقدار المخرجات المفيدة المُنتَجة لكل وحدة من المُدخَلات المُقدمة إليه.

ما سبب محدودية كفاءة الألواح الشمسية - حواجز الطاقة على المستوى الجزيئي - الخلية الشمسية - تحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية

فجوة الطاقة بين المواد المختلفة

وبالمثل، لا يتحول الإشعاع الساقط على الخلية الشمسية بالكامل إلى كهرباء. فقط جزء محدود من تلك الطاقة يمكن تحويله إلى مُخرَجات مفيدة. يوجد العديد من المقاييس المختلفة لكفاءة الخلية الشمسية، أكثرها شيوعًا هو حد شوكلي-كوايسر.

ما هو حد شوكلي-كوايسر؟

حد شوكلي كوايسر، أو حد (SQ)، هو المقياس الأبرز لكفاءة الخلايا الشمسية، فهو يقيس الكفاءة النظرية لخلية شمسية واحدة تحت ظروف الاختبار المعيارية، وهي الظهيرة في الاعتدالين الربيعي والخريفي في الولايات المتحدة القارية، مع توجيه سطح الخلية الشمسية مباشرةً إلى الشمس.

ذلك إضافةً إلى معايير محددة للقياس، كأن تكون الخلية الشمسية مصنوعة من نوع واحد فقط من المواد المتجانسة. وقد توجد وصلة p-n واحدة فقط لكل خلية شمسية، ويُفترَض أن يمتلك كل فوتون طاقةً أكبر من (فجوة النطاق) ليتحول إلى طاقة كهربية (سنشرح هذه المصطلحات لاحقًا).

لماذا يوجد حد للكفاءة؟

الخطوة الأساسية الأهم التي تعتمد عليها عملية توليد الكهرباء باستخدام الخلايا الشمسية، هي قفز الإلكترونات من نطاق التكافؤ (وصلة p-nبالخلية الشمسية) إلى نطاق التوصيل (دائرة خارجية، مثل البطارية). لا تمتلك الالكترونات في الذرة العادية طاقة خارجية داعمة في نطاق التكافؤ. فلإنتاج الكهرباء يجب نقل هذه الإلكترونات إلى دائرة خارجية تسمى نطاق التوصيل.

طيف الموجة الضوئية

لا تقفز إلكترونات نطاق التكافؤ إلى نطاق التوصيل تلقائيًا، بل يجب توافر قدر من الطاقة، يُعرف باسم (فجوة النطاق)، حتى تتمكن من الانتقال.

طيف الموجة الضوئية

يتكون الشعاع الشمسي الوارد من موجات بأطوال موجية مختلفة. الموجات الأطول إلى اليسار (كما في الصورة) هي الأضعف (تمتلك طاقة أقل)، أما الموجات الأقصر إلى اليمين فهي الأقوى. وعلى هذا فإن عددًا قليلًا فقط من هذه الموجات يمتلك الطاقة اللازمة للتغلب على حاجز الطاقة.

مثلًا تخيل وجود حزمة فوتونات تتكون من 100 موجة ذات أطوال موجية مختلفة، تضرب خلية شمسية مصنوعة من السيليكون، من بين هذه الموجات المئة تمتلك 40 موجة ما يعادل طاقة فجوة النطاق للسيليكون، ومن ثم ستكون قادرةً على إنتاج الكهرباء. أما بقية الموجات فستتبدد في صورة حرارة أو سترتد من سطح الخلية. إذن يوجد حد لكفاءة الخلية الشمسية.

ما العوامل الأخرى التي تؤثر في الكفاءة؟

كما رأينا سابقًا، تبين أن حاجز عتبة الطاقة للانتقال الإلكتروني هو السبب الرئيس لانخفاض كفاءة الألواح الشمسية. لكنه ليس العامل الوحيد، فثم العديد من العناصر المهمة الأخرى.

ما سبب محدودية كفاءة الألواح الشمسية - حواجز الطاقة على المستوى الجزيئي - الخلية الشمسية - تحويل ضوء الشمس إلى طاقة كهربائية

ليست الطاقة الصادرة عن الشمس هي نفس الطاقة التي نتلقاها هنا على الأرض، لأن الإشعاع ينتقل عبر الغلاف الجوي الكثيف لكوكبنا، فتقلل ظواهر تشتت الضوء وانكساره من شدته، وتمنع طبقة الأوزون الإشعاع فوق البنفسجي الضار من الوصول إلينا. لذلك فهذه الموجات القادرة على عبور عتبة الطاقة تصل إلى السطح بدرجة محدودة، ما يؤدي إلى المزيد من الانخفاض في كفاءة الألواح الشمسية.

هل من حلٍ للمشكلة؟

مع أن معظم الخلايا الشمسية التجارية المُتاحة حاليًا لا تتجاوز كفاءتها 33٪، يبدو المستقبل مشرقًا. فقد اكتشف الباحثون في مجال مواد البيروفسكايت ومصابيح الصمام الثنائي الباعث للضوء في جامعة كامبريدج أن الخلايا الشمسية ستصبح أكثر كفاءة لو أصبح تركيبها الكيميائي أقل تطلبًا، أي بتبسيط عمليات الإنتاج وخفض التكلفة.

يعمل العلماء حول العالم على مواد أحدث، مثل نيتريد الغاليوم والجرمانيوم وفوسفيد الإنديوم. يرى كثيرون أن هذه المواد ستستخدم الطيف الشمسي الكامل بفعالية، وتحوّله إلى كهرباء من طريق تغيير حدود فجوة النطاق للخلايا الشمسية متعددة الوصلات. عمومًا يبدو المستقبل مشرقًا لصناعة الطاقة الشمسية.

خاتمة

أطلقت حرائق الغابات الأسترالية وغابات الأمازون كميات هائلة من الكربون إلى الغلاف الجوي، لدرجة أن كوكبنا قد لا يتمكن من امتصاصه حتى عام 2050. فلم يعد الاحتباس الحراري مشكلةً مستقبلية فقط، بل إنها حقيقة كاملة لا سبيل إلى إنكارها. لقد استنفد أنصار البيئة كل الوسائل في سبيل إقناع العالم بأن الطاقة الخضراء هي السبيل الوحيد للمضي قدمًا، ومع ذلك ما زال بعض القادة ينكرون الحقيقة.

يُشار عادةً إلى محدودية كفاءة الخلايا الشمسية بوصفه سببًا لعدم استخدامها بديلًا للوقود الأحفوري. تكمن المشكلة في أن الشركات متعددة الجنسيات والحكومات ما زالت تستثمر مبالغ طائلة في البحث والتطوير في مجال إنتاج الطاقة من النفط والفحم، وتتجاهل تطوير بدائل آمن. فمثلًا اكتُشفت مواد ذات فجوة نطاق أقل، قد تكون حلًا محتملًا للمشكلة المطروحة، لكننا في حاجة إلى أن ينتبه العالم إلى أهمية الاستثمار في هذا النوع من الأبحاث.

ما يحتاج العالم إلى فهمه وقبوله هو أنه لا يوجد سوى طريقة واحدة للمضي قدمًا إذا أردنا أن يستمر البشر، إنها الطريقة الخضراء المستدامة.

اقرأ أيضًا:

اختراع جديد في مجال الطاقة الشمسية بإمكانه تزويد الكهرباء والمياه النظيفة للملايين

كيف تولد أبراج الطاقة الشمسية الكهرباء أثناء الليل ؟

ترجمة: الزهراء عمر

تدقيق: عبد الله كريم

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر