تستطيع الكاميرات الإلكترونية فائقة السرعة اكتشاف الحركات الدقيقة للجزيئات المُكونة لمادة ما، عن طريق تشتيت حزمة من الإلكترونات على تلك العينة. واستُخدمت هذه الطريقة فيما سبق لدراسة المواد الغازية والصلبة فقط، لكن أحد أهم العمليات البيولوجية والكيميائية، وهي عملية تحويل الضوء إلى طاقة، تحدث على مستوى الجزيئات في المحاليل.

يطبّق الباحثون الآن تقنية انحراف الإلكترونات فائقة السرعة على جزيئات السوائل، وطوروا بالإضافة إلى ذلك طريقةً لتشكيل عينات سائلة بسماكة 100 نانومتر (أرق بألف مرة من عرض شعرة الإنسان) تُمكنهم من الحصول على أنماط انتشار واضحة للإلكترونات.

قد تسمح هذه الطريقة مستقبلًا باستكشاف العمليات التي تحدث اعتمادًا على الضوء مثل: الرؤية، التحفيز الكيميائي، التمثيل الضوئي وتلف الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجينDNA الذي تسببه الأشعة فوق البنفسجية.

يقول سايجي وانغ المسؤول عن جهاز MeV-UED والذي شارك في تأليف الورقة البحثية: «يعد هذا البحث تقدمًا كبيرًا في مجال انحراف الإلكترونات فائقة السرعة. وتُعتبَر القدرة على دراسة النظم البيولوجية والكيميائية في بيئتها الطبيعية أمرًا مهمًا للغاية، وأداةً تفتح نافذةً جديدةً للمستقبل».

أفلام «إيقاف الحركة»:

استُعملت السوائل المنبعثة لفترة طويلة لغرض إنشاء عينات تُصور باستخدام أشعة إكس، مثل جهاز ليزر الأشعة السينية المعروف باسم «مصدر الضوء المترابط للمُسرّع الخطّي/ LCLS» الخاص بمختبر المسرع الوطني «سلاس/SLAS» التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، ما يقدم معلومات قيمة عن العمليات التي تحدث بسرعات عالية وفي بيئتها الطبيعية.

تستخدم كاميرا الإلكترون فائقة السرعة من SLAC أشعةً إلكترونية ذات طاقة عالية لتكملة المعلومات التي جُمعت في جهاز LCLS.

النظر باِستخدام منظار النماذج المتغيرة:

تساعد الأطوال الموجية الدقيقة لهذه الإلكترونات فائقة الطاقة بأخذ لقطات عالية الدقة، وهذا يوفر صورًا دقيقةً لعدة عمليات مثل انتقال البروتون، وكسر الروابط الهيدروجينية والتي يَصعُب دراستها بطرق أخرى. مع ذلك يُعد تطبيق هذه التقنية على العينات السائلة تحديًا حقيقيًا.

تقول كاثرين ليدبيتر (طالبة من معهد ستانفورد بولس، ومشاركة في تأليف الورقة البحثية): «كان تطبيق هذه التقنية على السوائل يُمثل تحديًا في هذا المجال، إذ إن الإلكترونات لا تخترق العينات بنفس السهولة التي تخترقها فيها الأشعة السينية».

يمكن أن تعلق الإلكترونات وتنحرف عدة مرات إذا كانت العينة سميكةً للغاية، فنحصل على مزيج من الصور المتداخلة التي يصعب استخلاص المعلومات منها.

وفي هذه الدراسة تمكّن العلماء من التغلب على هذه التحديات باستخدام إلكترونات بشدة مليون إلكترون فولط (MeV) وغاز مسرّع على صفيحة سائلة متدفقة ذات سمك رقيق، أدى ذلك لتناثر الإلكترونات مرةً واحدة والحصول على صورٍ واضحة يسهل إعادة بنائها. وصمَّم الباحثون بالإضافة إلى ذلك غرفة تحتوي السائل المنبعث لمراقبة التفاعل بين العينة والحزمة الإلكترونية.

أداة جديدة في صندوق الأدوات فائقة السرعة:

تُمهد هذه الورقة الطريق للبحوث القادمة التي تدرس مواضيع مشابهة لما يحدث عندما تنكسر روابط الهيدروجين أو عندما تمتص الجزيئات الأشعة فوق البنفسجية. وبمثابة خطوة قادمة يحدث الباحثون في معهد المسرِّع الوطني جهاز MeV-UED، ويطورون جيلًا جديدًا من أجهزة الكشف الإلكترونية التي ستُوسع مدى ِستغلال هذه التقنية على المجال العلمي.

قال بيدرو نونيس قائد البحث: «نود أن تكون هذه أداةً أخرى في يد الباحثين الذين يحاولون التعرف على السوائل وردود الأفعال التي يسببها الضوء. ونريد أن نقول للعالم أن ما كنا نعتقد في يوم من الأيام أنه مستحيل، هو اليوم ليس ممكنًا فحسب، بل يعملُ وبكفاءة عالية تمكننا من مشاهدة التغيرات البنيوية».

اقرأ أيضًا:

الجيل القادم من أجهزة الذاكرة الضوئية : فائقة السرعة وذات كفاءة في استهلاك الطاقة

هل سنشهد نهاية عملية التنظير ؟ تقنية جديدة قد تكون هي المستقبل للتصوير الطبي

ترجمة: ساره حسين

تدقيق: أنس شيخ

مراجعة: آية فحماوي

المصدر