تسبب التغيرات المناخية الجارية تحول الغابات حول العالم، فتؤدي إلى أشجار أقصر طولًا وعمرًا، إضافةً إلى ما تسببه من تأثيرات خطيرة في النظم البيئية وفقًا للعلماء.

في دراسة حديثة، وجد علماء المختبر الوطني شمال غرب المحيط الهادي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، أن الارتفاع في درجات الحرارة وثاني أكسيد الكربون يؤثر في غابات العالم، من طريق زيادة الإجهاد وإخصاب ثاني أكسيد الكربون، وارتفاع خطورة الاضطرابات مثل حرائق الغابات والجفاف وأضرار الرياح وغيرها من الكوارث الطبيعية. إضافةً إلى قطع الأشجار، يشهد كوكب الأرض انخفاضًا شديدًا في عمر الغابات وطولها.

قال نيت مكدويل -اختصاصي علوم الأرض في المختبر الوطني شمال غرب المحيط الهادي- المؤلف الرئيس للدراسة: «يبدو أن هذا الاتجاه سيستمر مع الاحتباس الحراري. سيصبح كوكب الأرض مستقبلًا أكثر اختلافًا بوجود عدد أقل من الغابات الكبيرة العتيقة مقارنةً بما اعتدناه. تحتوي الغابات الأقدم عادةً معدلًا أكبر من التنوع البيولوجي مقارنةً بالغابات الأحدث، ويمكنها تخزين كميات أكبر من الكربون».

يُعَد تخزين الكربون والتنوع البيولوجي الكبير من العوامل الأساسية لتخفيف وطأة التغير المناخي.

توضح الدراسة المعنونة بـ«تغيرات منتشرة في ديناميات الغابات في عالم متغير» أن الغابات تغيرت بالفعل بسبب الإنسان، وعلى الأرجح سيستمر التغير في المستقبل القريب، ما سيؤدي إلى تناقص مستمر في الغابات القديمة حول العالم.

التغيرات البيئية العالمية تؤدي إلى غابات أقصر عمرًا وطولًا - التغيرات المناخية الجارية تحول الغابات حول العالم - تأثيرات خطيرة في النظم البيئية وفقًا

ثلاثة عوامل تسبب دورة إزالة الغابات

استخدم الباحثون صور الأقمار الصناعية، إلى جانب مراجعة دقيقة، وتوصلوا إلى أن متوسط حجم الأشجار قد تناقص على مدار القرن الماضي، وأنه غالبًا سوف يستمر في الانخفاض بسبب التغيرات البيئية المستمرة.

سببت العديد من العوامل فقدان الأشجار نتيجةً للنشاط البشري والأسباب الطبيعية. من الأسباب الرئيسية إزالة الأشجار وحرائق الغابات والحشرات والأمراض. أدت ظاهرة إزالة الغابات إلى اختلال في توازن 3 خصائص للغابات المتنوعة المزدهرة:

  1.  الجلب: إضافة بذور جديدة للمجتمع.
  2.  النمو: الزيادة الصافية في الكتلة الحيوية أو الكربون.
  3.  معدل الوفيات: موت الأشجار في الغابات.

قال مكدويل: «يرتفع معدل الوفيات في غالبية المناطق، في حين يتناقص الجلب والنمو مع الوقت، ما يؤدي إلى انخفاض في طول الأشجار. لسوء الحظ، تزداد العوامل التي تسبب ارتفاع معدل الوفيات، مثل ارتفاع درجة الحرارة وحرائق الغابات وانتشار الحشرات، ومن المتوقع خلال القرن التالي أن يستمر تزايد معدل تلك العوامل وخطورتها. لذا فإن الانخفاض في معدل أعمار الغابات وطول الأشجار يحدث بالفعل، ويبدو أنه سيستمر».

تغير ديناميات الكساء النباتي

يبدو أن العوامل التي تزيد من إزالة الغابات تتسارع، مغيرةً بشدة من ظروف حياة النباتات والحيوانات.

قال مكدويل: «خلال 100 عام السابقة فقدنا الكثير من الغابات القديمة. وقد استُبدل جزء منها بغابات أحدث أو أُزيلت تمامًا. ما سيسبب عواقب على التنوع البيئي وتلطيف المناخ وإدارة الغابات».

تأثير واسع النطاق

أظهرت الدراسة أيضًا أن ديناميات أخرى لإزالة الغابات (العوامل المتغيرة زمنيًا) تحدث حاليًا، وتشمل:

 ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي:

ارتفعت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بشدة منذ الثورة الصناعية، ومن المتوقع أن تستمر في الارتفاع خلال القرن التالي. ربما تساعد المستويات المرتفعة من ثاني أكسيد الكربون على زيادة معدل نمو الأشجار وإنتاج البذور. لكن كي يحدث إخصاب ثاني أكسيد الكربون في الغابات الأصغر عمرًا فلا بد من توافر المغذيات والماء. تتعرض غالبية الغابات عالميًا لنقص المغذيات والماء، ما يخفض بشدة من فوائد ثاني أكسيد الكربون للأشجار.

 درجة الحرارة:

يحد ارتفاع درجة الحرارة من البناء الضوئي الواهب للحياة، ما يؤدي إلى معدل أقل للنمو والتجدد، ومعدلات أعلى للوفاة. ما يؤدي إلى قصر الأشجار وفقًا للدراسة.

 الجفاف:

من المتوقع أن ترتفع معدلات الجفاف، ومدته وشدته عالميًا. قد يسبب الجفاف موت الأشجار مباشرةً، أو قد يؤدي بطريق غير مباشر إلى زيادة معدلات الوفاة، من طريق زيادة هجمات الحشرات أو المُمْرِضات.

عوامل أخرى تؤثر في الغابات حول العالم:

  •  وجدت الدراسة أن حرائق الغابات تزداد في الكثير من الغابات حول العالم، وقد تصبح الحرائق المستقبلية أكثر تكرارًا مما كانت عليه في آخر 10,000 عام في بعض المناطق. قد يكون نمو النباتات بعد الحرائق بطيئًا أو معدومًا بسبب درجات الحرارة المرتفعة.
  •  تزداد الاضطرابات الحيوية الناتجة من إزالة الغابات، بسبب الحشرات أو الفطر أو النباتات المعرشة الخانقة. تكافئ كمية مخازن الكربون التي تُفقد بسبب الحشرات سنويًا كمية الكربون المنبعثة من 5 ملايين مركبة، وفقًا لدراسة نُشرت العام الماضي. من المتوقع أن يستمر هذا الأمر مع الاحتباس الحراري، إضافةً إلى الأشكال الأخرى من الاضطرابات الحيوية لإزالة الغابات، مثل الفطر والبكتيريا. في الغابات الاستوائية، تسبب النباتات المعرشة التي تتطفل على النباتات الأخرى في خنق الأشجار.
  •  سبّب حصاد الأخشاب وحده تأثيرًا هائلًا في تحول الغابات عالميًا إلى غابات أقصر عمرًا أو زوالها تمامًا، وبذلك تتناقص مساحات الغابات عامةً والغابات القديمة خاصةً حول العالم. في الأماكن التي يُعاد إنشاء الغابات فيها بعد حصادها، تصبح الغابات أصغر وينخفض التنوع البيولوجي.

تعاون مكدويل مع أكثر من 20 عالمًا لإتمام الدراسة الخاصة بإزالة الغابات، التي شملت البيانات والأرصاد الموجودة في أكثر من 160 دراسة سابقة.

صرح مكدويل: «تجعل التغيرات البيئية الاضطرابات أسوأ، ويسبب ذلك تغير ديناميات الكساء النباتي إلى الغابات الأقصر طولًا وعمرًا».

اقرأ أيضًا:

يحذر العلماء من وصول غابات الأمازون إلى نقطة اللاعودة

ارتفاع مستوى الإشعاع إلى ستة عشر ضعفا حول تشرنوبل بسبب حرائق الغابات المجاورة

ترجمة: شريف فضل

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر