جرى إحياء رئتين متبرعٍ بهما -متضررتين بشدة لاستخدامها في في عملية زرع- بعد وصلهما بالإمداد الدموي لخنزير حي. يقول الباحثون إثر هذا العمل إن هذه التقنية يمكن أن تضاعف عدد الرئات المتاحة للزراعة ثلاث مرات. إذ تتدهور حالة الرئتين فور موت الشخص، فإذا اختار الشخص التبرع برئتيه، فإن السباق يكون في إيصالها إلى المستفيد في أقرب وقت ممكن.

يقول جيمس فيلدز من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، الذي لم يكن مشاركًا في العمل: «الرئة حساسة جدًا» وتُعد المحافظة عليها صعبة.

تبقى معظم الرئات المتبرع بها خارج الجسم لساعات فقط ولكن حتى ذلك الحين سيكون أغلبها قد تدهور لدرجة أنه لا يمكن استخدامه بأمان للزراعة. نحو 28٪؜ فقط من الرئات المتبرع بها في الولايات المتحدة تستوفي معايير الزراعة وفقاً لجمعية الرئة الأمريكية.

يحاول الأطباء إعادة تأهيل الرئات التالفة باستخدام أجهزة تروية الرئة خارج الجسم (EVLP) التي تضخ الهواء المؤكسد والسوائل عبر الرئتين، ولكن يفشل الكثيرون في ذلك بحسب غوردانا فونجاك نوفاكوفيتش من جامعة كولومبيا في نيويورك.

تساءلت فونجاك نوفاكوفيتش وزملاؤها: «هل ستكون الرئات أفضل إذا رُبطت بجسم حي مع أعضاء أخرى تعمل وقادرة على إيصال العناصر الغذائية وإزالة المواد الضارة؟».

لمعرفة ذلك حصل الفريق على رئات رُفضت زراعتها من قبل ستة متبرعين بشريين تضم رئات مفردة ومزدوجة، فشلت إحدى هذه الرئات حتى بعد 5 ساعات على جهاز EVLP وكانت خارج الجسم لمدة 24 ساعة قبل أن يستلمها الفريق.

 إعادة إحياء رئتين متضررتين لزرعهما لاحقًا بعد وصلهما بخنزير - أجهزة تروية الرئة خارج الجسم - إعادة تأهيل الرئات التالفة - الهواء المؤكسد

وصّل الفريق كل رئة بالجهاز الدوري لخنزير مخدر لمدة 24 ساعة بأنابيب تغذي الأوعية الدموية للرئة البشرية من تلك الموجودة في عنق الخنزير، في نفس الوقت، ضُخّ الهواء في الرئة باستخدام جهاز تنفس صناعي وأُضيفت الأدوية المثبطة للمناعة -التي تحمي الأنسجة الأجنبية من أن يرفضها الجهاز المناعي- إلى الدورة الدموية مخترقة كلًا من الخنزير والرئة البشرية.

أظهر بحث فونجاك نوفاكوفيتش السابق أن العملية لا تسبب أي آثار دائمة على الخنازير وقالت إن الخنازير في التجربة السابقة كانت قادرة على التحرك واللعب بالألعاب والأكل في أثناء توصيلها بجهاز يستخدَم لدعم الرئات المأخوذة من خنازير أخرى.

قبل العلاج كانت جميع الرئات تحتوي على الكثير من المناطق البيضاء ما أشار إلى أن الأنسجة بها كانت تموت ولم تكن قادرة على إدخال كمية كافية من الأكسجين إلى الدم، ولكن بعد 24 ساعة من إيصال الرئات بالخنازير، تغير مظهرها وأجرت فونجاك نوفاكوفيتش وزملاؤها مجموعة من الاختبارات على هذه الرئات ووجدوا أن الخلايا وبنية الأنسجة والقدرة على توصيل الأكسجين قد تحسنت بشكل ملحوظ، حتى الرئة التي كانت خارج الجسم لمدة يومين بدت وكأنها قد تعافت.

يقول فيلدز: «هذا رائع، توقعت أن تتلف تلك الرئة، ولكن في الواقع لم يحدث ذلك على الإطلاق». تقول نوفاكوفيتش: «ليست الرئات طبيعية بنسبة مئة في المئة، لكنها قريبة بما فيه الكفاية». من الناحية النظرية، بدت الرئات صحية بما يكفي لتكون مقبولة للزراعة لكن نوفاكوفيتش تريد تكرار التجربة مع العديد من الرئات قبل زراعة الرئات المعالجة لدى الناس.

تخطط نوفاكوفيتش أيضًا لاستخدام الخنازير طبية الاستعمال، والتي يمكن الباحثين التأكد من أنها لا تحتوي على مسببات الأمراض الضارة التي يمكن أن تنتقل إلى الناس، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن الرئات ستكون خالية تمامًا من خلايا الخنازير، وقد حذر فيلدز من أن تحتوي الرئات الموجودة في الدراسة الحالية على خلايا دم بيضاء من الخنازير وهي خلايا يمكن أن تؤدي إلى رد فعل مناعي لدى متلقي الرئة.

في النهاية، تأمل نوفاكوفيتش بأن يتمكن متلقي الرئة المحتمل من استخدام إمدادات الدم الخاصة به لإحياء الرئتين المتبرع بهما اللتين سيحصل عليهما. من غير المرجح أن ينقذ هذا النهج أكثر الرئات تضررًا ولكنها تقول: «إذا كان بإمكانك إنقاذ رئتين من كل أربع رئات مرفوضة، يمكنك زيادة عدد الرئات المتاحة للمرضى ثلاث مرات».

اقرأ أيضًا:

زراعة الأعضاء: تطوير جهاز يحافظ على تنفس الأعضاء قبل زرعها

لأول مرة: نجاح زراعة كبد بشري صغير مخبري في الفئران

ترجمة: منذر جمال الدين

تدقيق: تسنيم المنجد

المصدر