قد تكون افلام هوليود عن التطور الهائل في مجال الذكاء الصناعي ضرب من الخيال، لكن اليوم يشهد ظهور مشروع جديد أطلق عليه Humai واعداً بقدرته على نقل وعي الانسان إلى جسمٍ جديدٍ صناعيٍ, مشابه تماما لما ورد في فيلم “شابي” Chappie الرجل الآلي ذو الذكاء الخارق , حيث يعيش مغامرة مليئة بالاكشن وينتهي به المطاف بانقاذ صانعه من الموت عن طريق تحويل وعيه الى صورة رقمية ونقله الى جسم روبوتي.

قد يبدو ذلك أقرب إلى الخيال العلمي وذلك لعدم تتوفر التكنولوجيا العملية لتحقيق المشروع في الوقت الراهن، ولكن هذا لا يشكل رادعاً لرئيس الشركة التنفيذي جوش بوكانيغرا Josh Bocanegra الذي يقول بأن فريقه سينجح في تنفيذ المهمة لأول انسان في غضون ثلاثين عاماً. ولكن كيف يمكننا نقل وعي بشري إلى جسمٍ روبوتيٍ آخر؟

شرحت الشركة الطريقة على موقعهم على الأنترنت: “نحن نستخدم الذكاء الأصطناعي و تكنولوجيا النانو لتخزين بيانات مثل طريقة التحدث، الانماط السلوكية، وعمليات التفكير ومعلومات حول كيفية عمل وظائف جسمك من الداخل الى الخارج سيتم ترميز هذه البيانات إلى تقنيات الاستشعار المتعددة، والتي سيتم بنائها في جسم صناعي بالإضافة الى دماغ المتوفى باستخدام تكنولوجيا الاستنساخ سنتمكن من استعادة الدماغ.”

ماذا يعني ذلك؟ في حين يبدو الى حدٍ كبيرٍ مثل الوحدانية (أن يتم تحميل أدمغتنا إلى الكمبيوتر)، في الأساس فإن الشركة فقط تريد تجميد الدماغ و وضعه مرة أخرى في هيئة أخرى بمجرد أن تتوفر التكنولوجيا لوصله بالجسد وإصلاحه. وأوضح بوكانيغرا لمجلة Popular Science: “عندما يتم تطوير هذه التكنولوجيا بشكلٍ كاملٍ سنقوم بزرع الدماغ في الجسم الصناعي” وأضاف: “سيتم التحكم في وظائف الجسم الاصطناعية مع أفكارك عن طريق قياس الأمواج الدماغية. و بما أن خلايا الدماغ تشيخ مع الزمن فإننا سنستخدم تكنولوجيا النانو لإصلاح وتحسين الخلايا و يمكننا الاستعانة بتكنولوجيا الاستنساخ في هذا أيضا.”

هذا يبدو واضحاً بما يكفي. ولكن في الواقع، وهذا شيء كافح لتحقيقه علماء من جميع أنحاء العالم لعقود من الزمن، وحتى الآن لا يوجد دليل على أنه يمكن فعلاً أن يتحقق. بالتأكيد، لقد عملنا على كيفية استخدام موجات الدماغ للسيطرة على أشياء مثل الأطراف الاصطناعية، والروبوتات، بل حتى تحريك ذراع انسان آخر بمجرد التفكير، ولكن الحصول على دماغ معزول و حثّه على التفكير والسيطرة على الجسم بشكلٍ مستقلٍ قصة مختلفة تماماً. ناهيك عن حقيقة أنه أصبح من الواضح أن دماغنا لا يعمل وحده عندما يتعلق الأمر بتنسيق سلوكنا وأعمالنا. الرسائل (Feedback) من الهرمونات أمر بالغ الأهمية في هذه العملية، كما هو الأمر بالنسبة للمعلومات من أجزاء أخرى من أجسادنا، بل وحتى البكتيريا التي تعيش في الأمعاء.

لذلك ليس من المستغرب أن الخبراء لا يصطفون للاشتراك في Humai حتى الآن على الأقل. يقول مايكل مايفن Michael Maven مستشار البرمجيات البريطاني: “إن الفكرة أشبه بالمستحيل و لأسباب عدة منها قلّة فريق الباحثين العاملين الذين يبلغ عددهم خمسة أفراد و عدم وجود رأس المال الاستثماري من جهة أخرى. كيف سيتم وصل الدماغ الى جهاز؟ لا يمكننا وصله باستخدام منفذ USB بهذه البساطة، و النانو ليس جواباً. إن التكنولوجيا التي تمكننا من استخراج الأفكار من عضوٍ مكون من أنسجة حية بعيدة كل البعد عما نملكه حاليا”

بل و ذهب خبير الذكاء الأصطناعي أندريا ريبوساتي Andrea Riposati خطوة أبعد من ذلك وشكك في شرعية المشروع موضحاً أنه لا يوجد سبب علمي للتفكير بأن التكنولوجيا اللازمة ستكون جاهزة خلال ثلاثين عاماً. ولكن بوكانيغرا أجاب: “إن مشروع Humai هو مشروع شرعي. نعم إنه فائق الطموح و لكن لهذا السبب أنا متحمس للعمل فيه”.

ومع ذلك، فإن هناك سبب للتوجس خصوصاً أن آخر مشروع لـ بوكانيغرا لم يلق رواجاً على الرغم من أنها فكرة جيدة. في الوقت الراهن نحن على يقين انك تنتهي عندما ينتهي جسدك، ولكن اذا كانت هذه الفكرة تجعلك تعيساً يمكنك اعتبار نفسك محظوظا لما سيأتي لاحقاً.


 

المصدر