أصبح نيرون إمبراطورًا للإمبراطورية الرومانية بعد وفاة والده بالتبني الإمبراطور كلاديوس عام 54 م. نِيرون آخر حاكم لما يسميه المؤرخون سلالة «جوليو كلوديان»، وحكم حتى انتحاره في يونيو عام 68 م. اشتهر نيرون بقصة عزفه على الكمان بينما تشتعل روما بحريق هائل، لكن في الواقع هذه القصة مشكوك في صحتها.

يعد نيرون واحدًا من أكثر الرجال سيئي السمعة عبر التاريخ، ففي فترة حكمه قتل والدته أغريبينا الصغرى وزوجته الأولى أوكتافيا ويُزعَم أنه قتل زوجته الثانية بوبايا سابينا، وإضافةً إلى ذلك يدعي الكتاب القدماء أن نِيرون هو من أشعل حريق روما الكبير عام 64 م لكي يعيد بناء مركز المدينة.

ومع أن الكتاب القدماء وجهوا الكثير من التهم إلى نيرون فإن الأدلة تشير إلى أنه حظي ببعض الدعم الشعبي، إذ كان شغوفًا بالموسيقا والفنون لدرجة أنه أدى عرضًا موسيقيًا للعامة في روما عام 65 م. وحتى بعد توجيه اللوم إليه بإشعال الحريق فقد حمل نِيرون على عاتقه تنظيم جهود الإغاثة، وقد لمح بعض الكتاب القدماء لأعمالٍ خيرية قام بها نِيرون.

كتب سوتونيوس الناقد في القرن الثاني بعد الميلاد: «لم يفوت نيرون أية فرصة ليبدي كرمه ورحمته ويظهر طبعه الودود والأليف».

نُشرَت في الآونة الأخيرة قصيدة مترجمة حديثًا تصور نِيرون بصورة إيجابية، إذ تروي القصيدة تقديس نِيرون لزوجته الميتة بوبايا سابينا وتختم بأن سابينا تعتني بنيرون من السماء. تفاجأ الباحثون عند اكتشافهم هذا النص الذي يصرح بأن نِيرون في مرتبة الآلهة ويعود تاريخه إلى قرابة قرنين بعد وفاة نيرون، إذ يشير ذلك إلى وجود بعض الأشخاص الذين دعموا نِيرون وأيدوه في الإمبراطورية الرومانية.

بدايات حياته

وُلِد نِيرون في أنتيوم في إيطاليا في الخامس عشر من ديسمبر عام 37 م. والده جناوس دوميتيوس أهينوباربوس مستشار روماني سابق، لكنه توفي عندما كان نيرون في سن الثالثة، أما والدته أغريبينا الصغرى فقد نفاها الإمبراطور كاليغولا واضطرت إلى ترك نِيرون الصغير عند عمته لترعاه. سمي نيرون عند ولادته لوسيوس دوميتيوس أهينوباربوس.

عادت الأم وابنها ليلتم شملهما بعد فترة وجيزة من مقتل كاليغولا واستلام الإمبراطور كلاديوس العرش. تزوجت والدة نِيرون كلاديوس -الذي كان عمها- عام 49 م وخططت لجعله يتبنى ابنها ويعطيه اسمًا جديدًا هو «نيرون». من بين مدرسيه الفيلسوف المشهور سينيكا، الذي استمر في تقديم النصح لنيرون في أثناء حكمه وكتب تقريرًا يشرح فيه أسباب قتل نِيرون لوالدته.

الإمبراطور الروماني نيرون: معلومات وحقائق - إمبرطور الإمبراطورية الرومانية - الإمبراطور كلاديوس - جوليو كلوديان - حريق روما الكبير

تزوج الابن المتبنى حديثًا أخته غير الشقيقة أوكتافيا، وبذلك أصبح وريث كلاديوس الشرعي، إذ فضله على ابنه البيولوجي بريتانيكوس الذي توفي بُعيد تنصيب نيرون إمبراطورًا.

بعد وفاة كلاديوس عام 54 م -الذي يُعتقد أنه سُمِّم بالفطر- أصبح نيرون في سن السابعة عشر إمبراطورًا بدعم من الحرس الإمبراطوري، وفي أول سنتين من حكمه صوّرته العملات المطبوعة جنبًا إلى جنب مع والدته أغريبينا.

يكتب كاشيوس ديو الذي عاش بين عامي 155- 235 م عن أغريبينا والدة نيرون: «أدارت عنه كل شؤون الإمبراطورية وأعمالها، إذ استقبلت السفراء وأرسلت الرسائل إلى مختلف الجاليات والحكام والملوك».

الترجمة من كتاب «نيرون سيزر أوغسطس: إمبراطور روما» لديفيد شوتر، بيرسون، 2008

قتل نيرون والدته:

يبدو أن علاقة نِيرون بوالدته قد انهارت بعد سنتين من توليه الحكم، إذ لم تعد تُطبَع صورها على العملات بعد عام 55 م ويبدو أنها قد فقدت نفوذها لصالح كبار مستشاري نيرون مثل الفيلسوف سينيكا وقائد الحرس الإمبراطوري بوروس الذي كان يقدم له النصح في الشؤون العسكرية.

وفقًا للسجلات الرسمية، أعطى نيرون الأوامر بقتل والدته عام 59 م لأنها كانت تخطط لقتله. ولكن مهما كانت الأسباب فقد عرف نِيرون أن هذا القرار سيعود ليؤثر فيه مستقبلًا. يكتب ديفيد شوتر أستاذ التاريخ في جامعة لانكستر في كتابه: «سببت الجريمة التي ارتكبها نِيرون حالة من الاشمئزاز والقرف في العالم الروماني، لأن الأم من أقدس الرموز ضمن العائلة الرومانية».

أمر نيرون قوات البحرية بإغراق القارب الذي كانت تبحر فيه أمه ولم يأمر الحرس الإمبراطوري بذلك لأنه لا يثق بهم لتنفيذ عملية القتل. فشلت المحاولة الأولى لأن الأم تمكنت من السباحة إلى الشاطئ، فأمر نيرون القوات بتنفيذ العملية مباشرةً.

كتب تاسيتوس -عاش بين عامي 56 – 120 م- أن أغريبينا قالت للقوات عندما جاءت لقتلها: «إذا أتيتم لتروني فبلغوا أن أغريبينا نجت من حادثة القارب الغارق، لكن إذا أتيتم لتنفذوا جريمة فأنا لا أصدق أن ابني قد يصدر أمرًا بقتل والدته».

الترجمة من كتاب «نيرون» تأليف يورغن ماليتز، ونشرته دار بلاكوويل، 2005

حاول نيرون تعزية نفسه وتخفيف جريمته بالتهليل لأعماله واعتبارها إنجازًا يستحق التصفيق. كتب سينيكا بنفسه إلى مجلس الشيوخ تقرير نيرون عن جريمة القتل، وقال أعضاء مجلس الشيوخ إنهم اعتقدوا أن حياته كانت في خطر وهنؤوه على قتل والدته.

قتل نيرون زوجته:

لم يكن زواج نيرون بأوكتافيا سعيدًا، إذ لم تمنحه وريثًا وانفصلا بحلول عام 62 م. في تلك السنة طلق نِيرون أوكتافيا ثم اتهمها بالزنى وقتلها.
ربما قرر نِيرون قتل أوكتافيا لحماية منصبه الإمبراطوري، إذ يرى شوتر أن قدرًا كبيرًا من شرعية نِيرون بوصفه إمبراطورًا أتت من زواجه من ابنة كلاديوس، وليس فقط لأنه ابنه المتبنى.

يكتب سيتونيوس: «بعد عدة محاولات فاشلة لخنقها، طلق نيرون أوكتافيا بسبب عقمها، ولكن الناس عدّوا تطليقه إياها قاسيًا ووحشيًا ووبخوه علانية، لذا أقدم على نفيها وفي النهاية حكم عليها بالموت بتهمة الزنى التي كانت تهمة باطلة وغير صحيحة. وبعد أن تمسك جميع من عذبهم نيرون ببراءتها، أقدم على رشوة معلمه السابق أنيسيتوس ليدلي باعتراف كاذب مفاده أنه انتهك عفة أوكتافيا من طريق خدعة».
ترجمة جي.سي. رولف

زواج نيرون من بوبايا:

تزوج نيرون من بوبايا التي كانت حاملًا منه مسبقًا في السنة نفسها (62 م التي قتل فيها أوكتافيا)، وولدت له ابنة في يناير عام 63 لكنها لم تعش إلا ثلاثة أشهر فقط. حزن نِيرون لوفاة ابنته كثيرًا وعدها من الآلهة.

توفيت بوبايا عام 65 م وكانت حاملًا مرة أخرى. يقول كتاب قدماء إن نِيرون قتلها بركلة على بطنها، لكن الباحثين فكوا حديثًا رموز قصيدة باللغة المصرية كُتب فيها أن بوبايا تريد أن تبقى مع نيرون في الحياة الآخرة.

يقول بول شوبيرت الأستاذ في جامعة جنيف والباحث الرئيس الذي عمل على نص القصيدة في مقابلة مع LiveScience : «يحاول الشاعر أن يخبركم أن بوبايا تحب زوجها وأن القصة التي تلمح إلى قتله إياها ليست صحيحة»، ويكمل قائلًا: «لم تكن زوجته لتحبه لو أنه قتلها بركلة في بطنها».

حريق روما الكبير:

في ليلة الثامن عشر من يوليو عام 64 م اشتعل حريق في سيرك ماكسيموم وخرج عن السيطرة، ولم يترك إلا قسمًا قليلًا من المدينة غير محترق. في وقت حدوث الحريق كان نيرون في أنتيوم، لكنه عاد سريعًا إلى روما ليشرف على جهود الإغاثة.

ومع أن الكتاب القدماء يميلون إلى لوم نيرون على بدء الحريق، فإن هذا الاتهام بعيد عن الحقيقة لأن معظم البناء في روما كان مصنوعًا من مادة قابلة للاحتراق وكانت المدينة مزدحمة جدًا أيضًا.

بعد أن خبت النيران وانطفأت، حاول نِيرون أن يلقي اللوم على المسيحيين الذين كانوا طائفة صغيرة إلى حد ما في ذلك الوقت. كتب تاسيتوس، والترجمة من كتاب يورجن ماليتز “نيرون”: «ألقى نِيرون الذنب على فئة مكروهة لفواحشهم وخبائثهم تدعوهم العامة بالمسيحيين، وأوقع بهم أشد العذاب. وإضافةً إلى قتلهم لم يسلموا من السخرية والتهكم بكل الأنواع، إذ غُطيَت وجوههم بجلود البهائم ومزقتهم الكلاب حتى الفناء، وكانوا يُسمرون ويُثبتون على الصلبان أو يُلقون إلى النيران ويُحرقون للإضاءة في الليل حين ينتهي النهار».

لا نعرف بعد: هل كان نيرون هو من بدأ الحريق أم لا؟ إذ إنه استغل المساحة التي التهمها الحريق وبدأ بالعمل على بناء قصر جديد سُمي دموس أوريا (القصر الذهبي)، وقيل إنه احتوى في الطريق إلى مدخله عمودًا بطول 120 قدمًا (37 م) ينتصب عليه تمثالٌ لنيرون.

حمّامات دماء في الإمبراطورية:

مثل كل فترات حكم الأباطرة، شهد عهد نيرون الدماء والحروب في عدة أماكن في أرجاء الإمبراطورية الرومانية. في بريطانيا أثارت الملكة إيسيني بوديسيا (يُلفظ الاسم بوديكا أو بوديسيا) تمردًا بعد أن جلدها جنود رومان واغتصبوا بناتها. كان زوجها الملك براسوتاغوس قد أبرم معاهدة مع كلاديوس تتيح له الحكم بوصفه ملكًا تابعًا للإمبراطورية الرومانية، لكن بعد وفاته عام 59 م تجاهل المسؤولون الذين عينهم نيرون المعاهدة واستولوا على أراضي إيسيني.

في البداية كان تمرد بوديسيا ناجحًا، إذ سحقت عددًا من المستوطنات والوحدات العسكرية الرومانية، ويكتب الباحثان ريتشارد هينجلي وكريستينا أنوين في كتابهما «بوديسيا: ملكة العصر الحديدي المحاربة»: «قد تقارن نتائج ثورة بوديسيا في كامولودنوم وولندنيم إلى حد ما بالثورات البركانية التي دمرت مدينتي بومبي وهيركولينيوم».

تشير المصادر القديمة إلى أن نيرون فكر بإخلاء الجزيرة، لكنه لم يحتج إلى تطبيق هذه الفكرة لأن القائد الروماني على الجزيرة غايوس سويتونيوس باولينوس استطاع حشد قوة قوامها 10000 رجل وهزم بوديسيا في معركة شارع واتلينج.

لم تكن بريطانيا المكان الوحيد الذي عانت فيه روما المشكلات في عهد نيرون، ففي الشرق حاربت روما بارثيا -إيران حاليًا- وخسرت الحرب، ما جعلها تتخلى عن خطط ضم مملكة أرمينيا إلى أراضيها، إذ كانت أرمينيا بمثابة فاصل بين القوتين. إضافةً إلى ذلك، اندلع تمرد في مملكة يهودا عام 67 م في أواخر حكم نيرون ونتج عنه حصار مدينة القدس عام 70 م ودمار الهيكل الثاني. من نتائج هذا التمرد أيضًا هجر منطقة قمران، وهي مدينة عربية قديمة على الحافة الشمالية للبحر الميت عُثِر فيها على لفائف ومخطوطات البحر الميت مخزنة في كهوف قريبة.

رحلة إلى اليونان:

لم يعتمد نيرون العنف دائمًا، وفي عام 66 م سافر نيرون العاشق للثقافة الإغريقية في رحلة إلى اليونان التي كانت خاضعة لسلطان روما قرابة قرنين من الزمن.

يكتب شوتر أن نيرون شارك في عدة مهرجانات يونانية واصطحب معه إلى الوطن 1808 جائزة نالها على العروض الموسيقية المتقنة التي أدّاها. وافق الإغريق أيضًا على تأجيل الألعاب الأولمبية سنة واحدة ليستطيع نِيرون المنافسة فيها، لكنهم لم يكتفوا بذلك فقط، إذ يقول إدوارد تشامبيون في كتابه «نيرون»: «أضاف الإغريق إلى المنافسات الرياضية مسابقات تهتم بالعروض الموسيقية مثل الغناء والتمثيل لأجل نيرون، وذلك في حدث يجرى لأول مرة. في أحد السباقات الخطرة سقط نِيرون من عربته، ومع ذلك منحه الحكام اليونانيون المسؤولون عن الألعاب إكليل النصر، ما جعله يكافئ هؤلاء المسؤولين بمليون سيسترس، إذ إنهم لا يتلقون أجرًا في العادة».

يلاحظ شوتر أن نيرون كان سعيدًا جدًا بنتائج رحلته إلى اليونان، لذلك كافأ اليونانيين بحريتهم وأعفاهم من الضرائب.

نهاية نيرون:

بحلول عام 68 م تراكمت المشكلات التي سببها نيرون، فقد قتل أمه وزوجته الأولى وأيضًا زوجته الثانية وفقًا لبعض الروايات. وبالإضافة إلى جميع المشكلات السابقة، أعاد بناء روما وبنى قصره الذهبي ما أثقل كاهل الإمبراطورية بالأعباء المالية، فاضطر إلى زيادة الضرائب واستولى أيضًا على الكنوز الدينية.

يكتب رتشارد دنكان – جونز في كتابه «المال والحكومة في الإمبراطورية الرومانية»: «استولى نِيرون على القرابين والنذور من المعابد في روما وإيطاليا إضافةً إلى المئات من تماثيل الطوائف والمذاهب الدينية من المعابد في اليونان وآسيا، وذلك بعد حريق روما عام 64 م». يلاحظ جونز أيضًا أن نيرون قلل حجم العملات التي تسك في روما.

بدأ دعم نيرون يتضاءل، وكتب سوتر أن الحاكم الروماني في بلاد الغال جايوس يوليوس فينديكس تخلى عن دعم نِيرون في أبريل 64 م وأعلن دعمه وتأييده لغالبا ثم للإمبراطور في إسبانيا. ومع أن فينديكس انتحر بعد هزيمة قواته على أيدي جيوش ألمانية فإن ما فعله كان كافيًا للتراجع عن دعم نيرون.

وبعد هذه الحادثة بفترة قصيرة، تخلى الحرس الإمبراطوري -الذي يمثل القوة المكلفة بمهمة حراسة الإمبراطور وحمايته- عن دعم نيرون، وأعلن مجلس الشيوخ الروماني أن الإمبراطور السابق قد أصبح عدوًا للشعب، وذلك في الثامن من يونيو. انتحر نيرون في اليوم التالي، وقيل إن آخر كلماته كانت: «يا له من فنان عظيم ذلك الذي يموت في داخلي!».

يشير سوتر إلى أن خليلة نيرون آكتي التي صاحبته لوقت طويل ضمنت له دفنًا لائقًا في مدفن عائلة دوميتي على هضبة بينسيان في روما.

الإمبراطور ميت:

دخلت الإمبراطورية الرومانية في حالة من الفوضى بعد وفاة نيرون، إذ اعتلى أباطرة آخرون العرش محاولين السيطرة على الإمبراطورية لكنهم لم يعيشوا فترات طويلة. يلاحظ سوتر أن نيرون كان ما يزال يتمتع بقدر لا بأس به من الدعم الشعبي إضافةً إلى دعم الإمبراطور أوثو، إذ سمّى نفسه «نيرون أوثو» تكريمًا لنيرون.

يكتب تشامبلين أن الناس رفضوا أيضًا تصديق موت نيرون، فيقول: «يعتقد الكثيرون أن نِيرون لم يقتل نفسه في يونيو عام 68 م، ويؤكد تاسيتوس الكاتب القديم أن الشائعات المختلفة أحاطت بموت نيرون، وبسبب هذه الشائعات اعتقد الكثيرون أو تظاهروا بالاعتقاد أن نيرون ما يزال حيًا».

يلاحظ سوتر أيضًا ذلك ويقول: «في العقود اللاحقة لوفاة نيرون شهد العديد من الناس في الشرق رؤية أشخاص ينتحلون شخصية نيرون، أو نيرون الزائف»، يشير ذلك إلى أن البعض في الإمبراطورية الرومانية واصلوا دعم هذا الرجل الذي يشتهر في زمننا الحالي بالشر والسوء.

اقرأ أيضًا:

كيف حققت القيادات النسائية نجاحًا في التصدي لجائحة كورونا؟

دراسة للحمض النووي تكشف التاريخ المروع لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي

ترجمة: طارق العبد

تدقيق: غزل الكردي

المصدر