انضمت الإمارات العربية المتحدة إلى قائمة الدول المُتَطلِّعة إلى زيارة القمر بمستكشف قمري أُطلِق عليه اسم «راشد» سينطلق سنة 2024، بهدف تطوير تقنيات جديدة وتقييم المخاطر قبل إرسال مهمات طويلة الأمد ومأهولة بالبشر للهبوط على كواكب أخرى. يأتي هذا الإعلان بعد أشهر من إطلاق الإمارات مسبار «الأمل» في رحلة لاستكشاف كوكب المريخ ودراسة غلافه الجوي ومناخه.

يقول عدنان الريس من مركز محمد بن راشد للفضاءMBRSC: «لهذه المهمة الاستكشافية أهداف علمية عديدة للوصول إلى فهم أفضل للقمر، لكنَّ هدفها الرئيسي على المدى البعيد هو دعم مشروعنا الأكبر في إرسال البشر إلى المريخ وبناء المستوطنات على سطحه».

يدير الريس مشروع «المريخ 2117» الذي أُنشِئ سنة 2017 بهدف إرسال البشر إلى المريخ في غضون مئة عام، وقد أنشأت دولة الإمارات لذلك «مدينة المريخ العلمية» في الصحراء الإماراتية لمحاكاة ظروف المريخ.

الإمارات تستعد لإطلاق أول مركبة عربية لاستكشاف القمر - إرسال مهمات طويلة الأمد ومأهولة بالبشر للهبوط على كواكب أخرى - إرسال البشر إلى المريخ

يستعد المركز لاختيار رائدي فضاء جديدَين لمضاعفة عدد رواده، إذ يعمل في المركز حاليًا رائدا فضاء أمضى أحدهما أسبوعًا في محطة الفضاء الدولية سنة 2019، وقد أُرسِل مؤخرًا مع زميله إلى مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا لتلقي تدريبات إضافية، ويتزامن هذا مع تحضيرات وصول مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ في فبراير 2021.

تُعَد مهمة المستكشف القمري هذه قفزة نوعية لبرنامج الفضاء الإماراتي الذي يبلغ عمره أقل من عقدين، إذ تختلف هذه المهمة عن معظم مهمات برامج الفضاء المعتادة من إرسال أقمار صناعية لرصد الأرض أو مركبات فضائية مأهولة أو السعي لاستعمار المريخ.

لماذا الذهاب إلى القمر؟

يرجع قرار إرسال مركبة لاستكشاف القمر إلى الاعتراف العالمي بأن القمر يمثل محطة عبور إلى المريخ، وساحة قريبة لاختبار تقنياتنا قبل إرسال مركبة فضائية تستغرق شهورًا في رحلتها إلى الكوكب الأحمر.

يقول حمد المرزوقي مدير مشروع مهمة استكشاف القمر الجديدة: «من المنطقي أن نسعى للذهاب إلى القمر لقربه من الأرض وإمكانية إجراء مهمات واختبارات متعددة على سطحه».

لم يُفصح المرزوقي عن طبيعة هذه المهمات، لكنه أكد أن التركيز مُنصَب حاليًا على المُستكشف الجديد الذي سُمي على اسم الشيخ الراحل راشد بن سعيد آل مكتوم، والد الشيخ الحالي وأحد مؤسسي دولة الإمارات العربية المتحدة وفقًا لوكالة أسوشيتد برس. ولم تحدد الإمارات بعد نوع الصاروخ الذي سيُطلِق المستكشف سنة 2024.

يضيف المرزوقي بأن الفريق حاليًا يدرس اختيار مكان هبوط المستكشف على القمر من بين خمسة أماكن تقع في منطقة استوائية في نصف الكرة القمرية المواجه للكرة الأرضية، وهي أماكن لم تهبط عليها أي مركبة سابقًا. يتابع المرزوقي: «نخطط للذهاب واستكشاف أماكن لم تستكشفها البعثات السابقة، وقد يقودنا ذلك إلى اكتشافات مثيرة».

صورة للمركبة القمرية الإماراتية التي ستهبط على سطح القمر

صورة للمركبة القمرية الإماراتية التي ستهبط على سطح القمر

زوِّد المستكشف ذو الأربع عجلات بمجموعة متنوعة من المهمات يحددها موقع الهبوط إلى جانب تشكيلة واسعة من الأدوات، ستحمل المركبة على متنها كاميرا عالية الدقة وكاميرا حرارية وكاميرا مجهرية لإرسال المعلومات إلى الخبراء حول التربة القمرية أو الغبار القمري.

زُوِّد مستكشف «راشد» أيضًا بمسبار «لانغموير» وهو أداة لقياس درجة حرارة الإلكترون وكثافته، والهدف منه دراسة ظاهرة الرياح الشمسية على سطح القمر وهي تيار مستمر من الجسيمات المشحونة المتدفقة من الشمس تضرب سطح القمر باستمرار إذ لا يمتلك القمر غلافًا جويًا لصدِّها، وتؤثر في الجانب القمري المواجه للشمس بشحنة موجبة خفيفة على سطحه وظاهرة كهروضوئية سالبة فوقه يبلغ ارتفاعها مترًا.

قد تكون هذه الظاهرة أحد أسباب لزوجة غبار القمر التي صعَّبت عمل المستكشفين في مهمة أبولو، وما تزال مصدر قلق للمتطلعين إلى العودة إلى القمر.

يقول المرزوقي إنه لم يسبق لمسبار لانغموير أن وصل إلى سطح القمر، لكنه يأمل أن يساعد وصول مسبار مستكشف «راشد» على حل لغز ظاهرة الرياح الشمسية.

سيختبر المستكشف القمري أيضًا وفقًا لمرزوقي مواد مستخدمة في صناعة بدلات رواد الفضاء لتحديد مدى مقاومتها لبيئة القمر وظروفه المناخية. ومع أن مهمة المستكشف ستمتد يومًا قمريًا واحدًا فقط «نحو 14 يومًا أرضيًا» فهو مجهز ببرامج إلكترونية مهمتها مراقبة درجة حرارة المعدات وتنظيم ساعات عملها، بهدف تشغيلها مرة ثانية فور انتهاء الليل القمري المتجمد.

نجحت ثلاث دول إلى الآن في الهبوط على سطح القمر، وهي الصين وأميركا والاتحاد السوفييتي سابقًا، بينما فشلت في العام الماضي كل من مركبتي «بريشيت» الإسرائيلية و «فيكرام» الهندية التابعة لبعثة تشاندريان-2، إذ واجهت كل من المركبتين مشكلات فنية في أثناء الهبوط ولم تستطيعا إبطاء حركتيهما لتجنب الاصطدام والتحطم.

يقول المرزوقي إن فريق مستكشف «راشد» قد وضع في اعتباره أخطاء المهمات السابقة عند تخطيطه لمهمة هبوط عام 2024. ويضيف: «خاب أملي عند رؤية المهمات الفضائية الفاشلة، لكننا نسعى قبل إطلاق مهمتنا إلى فهم المخاطر التي قد تواجهنا حتى لا يكون الفشل مصيرنا نحن أيضًا»

تعي دولة الإمارات خطورة مهمتها الفضائية، يقول المرزوقي: «لا نستطيع ضمان نجاح أي مهمة فضائية بنسبة 100%».

اقرأ أيضًا:

الامارات العربية المتحدة تطلق خطة بناء مدينة على المريخ

ناسا تبتكر أرخص وسيلة للسفر إلى القمر

ترجمة: بيان علي عيزوقي

تدقيق: راما الهريسي

مراجعة: وئام سليمان

المصدر