بلغت سعادة وامتنان مجموعة علماء من ولاية بنسلفانيا الأمريكية أوجها بعد اكتشافهم طائرًا شديد الندرة يملك ريشًا ملونًا بألوان تعود لذكور وإناث جنسه معًا. يقول الباحثون إن هذا الطائر المغرد ذو المظهر المذهل تمكن من حجز مكانته في كتب التاريخ لامتلاكه أجنحة صفراء اللون من أحد الجوانب، ووردية من الجانب الآخر. يقول الفريق إن هذا الطائر، وردي الصدر من نوع غروزبيك، ناتج على الأرجح عن شذوذ وراثي يُعرف باسم ازدواج الصفات الجنسية الثنائي. شوهدت هذه الحالة عند الطيور من قبل، إلا أن فريق العلماء عاجز عن الجزم في حالة هذا الطائر قبل إجراء فحص الدم وتشريح الجثة.

على عكس الخنوثة الحقيقية التي تعني امتلاك الكائن الحي لأنسجة تناسلية ذكورية وأنثوية معًا، تُظهرُ حالة ازدواج الصفات الجنسية خصائصَ جنسية متناقضة في كل جانب من الجسم.

في حالة طائرنا يظهر جانبٌ منه أنثويًا وراثيًا، بينما يُظهِر الجانب الآخر جميع الصفات الذكرية الوراثية، ويبدي ظهر أجنحته وذيله اختلافات جنسية جذرية، إذ يظهر الجانب الأيسر لونًا بنيًا متدرجًا، بينما يظهر الجانب الأيمن لونًا أسود.

إذا كان هذا الطائر يشبه الطيور مزدوجة الصفات الجنسية المُكتشفة سابقًا، فإن هذه التباينات بين نصفي الطائر اليسار واليمين قد تمتد إلى أعضائه الداخلية أيضًا، بما في ذلك الدماغ والأعضاء التناسلية.

الباحثون يكتشفون أول طائر خنثى - ازدواج الصفات الجنسية الثنائي - التباينات بين نصفي الطائر اليسار واليمين - أحد أنواع الطيور مزدوج الصفات الجنسية

تقول آني ليدسي مديرة البرنامج: «كان الفريق بأكمله متحمسًا لرؤية هذه الحالة النادرة عن قرب، ومعايشة هذه التجربة التي لا يمكن مصادفتها سوى مرةً واحدةً في العمر. وشبه أحدهم الأمر برؤية الحصان وحيد القرن الأسطوري، وتحدث آخر عن تدفق الأدرينالين في أوعيته الدموية بعد رؤية هذه الحالة».

منذ عام 1962، جمع علماء الطيور في مركز أبحاث باودرميل إيفيان 13000 طائر تقريبًا بشكل سنوي في محمية باودرميل الطبيعية، ولا تحتوي قاعدة بيناتهم، التي تتضمن سجلات لمئات الآلاف من الطيور، إلا على أقل من عشر حالات من ازدواج الصفات الجنسية ، وتعود آخر حالة اكتشفها علماء المركز إلى عام 2005 لطائر من نفس النوع بريشٍ وردي اللون متوضع أسفل الجناح في أحد الجوانب وأصفر اللون تحت الجناح الآخر.

بُلغ عن وجود هذه الظاهرة الغريبة سابقًا لدى الزواحف والفراشات والقشريات، وما زلنا غير متأكدين حقًا من آلية حدوثها.

في البداية، اقترح العلماء أن ازدواج الصفات الجنسية نشأ عن اندماج جنينين ناميين منفصلي التخصيب، لكن يملك العلماء الآن تفسيرًا آخر.

عندما تنتج إناث الطيور بيضة، تهدف الخلية إلى التخلص من نصف صبغياتها في كيس يُعرف باسم الجسم القطبي، وإذا احتفظت البيضة بهذا الجسم المُكوَّن من الأحماض النووية قد يشكل نواته الخاصة، وإذا حصل إلقاح بين حيوانين منويين وبيضة تحتوي نواتين بدلًا من واحدة، وبدأت هذه النوى بالانقسام بصورة مستقلة، قد ينفرد كل جانب من جسم الجنين بجنسه الخاص، فيعبر أحد الجانبين عن صبغيات أنثوية، والآخر عن صبغيات ذكرية.

كتب باحثون من مركز أبحاث باودرميل إيفيان في بيان صحفي: «السؤال الأشيع في الأوساط العلمية يدور حول قدرة هذا الطائر على التكاثر. نظرًا لأن المبيض الأيسر فقط هو الذي يعمل لدى الطيور، والجانب الأيسر من طائرنا أنثوي، فإن هذا الطائر قادر على التكاثر، نظريًا، إذا نجح في الاقتران مع ذكر».

تكون الطيور مزدوجة الصفات الجنسية التي تقع أجزاؤها الأنثوية في جانبها الأيمن عقيمةً عادةً. ومع ذلك، حتى مع وجود مبيض فعال وظيفيًا، قد لا يتمكن هذا الطائر الجميل من التزاوج، لأن الطيور من هذا النوع مغردة، وتعتمد الذكور على موسيقاها لجذب الإناث، لذا لسنا متأكدين من قدرة هذا الطائر على جذب شريك إذا كانت أغنيته مربكةً للطيور الأخرى.

في عام 2019، أشعل طائر من نوع كاردينال مزدوج الصفات الجنسية نار الجدال بين العلماء حول إمكانية امتلاكه شبكةً عصبيةً ذكورية كافية ليغني أو حتى ليشعر بدافع للغناء.

تستطيع بعض عصافير الزيبرا مزدوجة الصفات الجنسية أن تغني أغنيةً ذكوريةً عندما تدور حول أنثى، لكن هذا لا ينطبق على جميع الطيور مزدوجة الصفات الجنسية.

عام 2017، بُلغ عن طائر من نوع الطوهي الشرقي مزدوج الصفات الجنسية يغني ويطعم صغاره، ما يشير إلى إمكانية تكاثر هذه الطيور في بعض الحالات.
لكن، يبقى سؤال «إلامَ سينتهي شكل هذه الطيور أو غناؤها؟» سؤالًا مختلفًا تمامًا.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف نحلة نصفها ذكر ونصفها أنثى

اكتشاف ثلاثة أنواع لنفس الطائر في ظاهرة لم يشهدها العلماء من قبل

ترجمة: رضوان مرعي

تدقيق: علاء شاهين

مراجعة: آية فحماوي

المصدر