دوايت ديفيد أيزنهاور ، ولد في 14 أكتوبر سنة 1890 في ولاية تكساس، وتوفي في 28 مارس سنة 1969 في العاصمة واشنطن، وهو رئيس الولايات المتحدة في الفترة 1953-1961. كان القائد الأعلى لقوات الحلفاء في غرب أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية.

الأعمال المبكرة

هو الابن الثالث من بين سبعة أبناء لديفيد جاكوب و زوجته آيدا إليزابيث، غادر أيزنهاور مدينة دنيسون تكساس في ربيع عام 1891، وعاد إلى أبيلين في كانساس، حيث استقر أسلافه جزءًا من جالية مينونايت. عمل في معمل ألبان؛ وكانت عائلته فقيرة، وتعلم هو وإخوته في سن مبكرة العمل بجد والالتزام الديني القوي.

“آيك” -كما كان يُدعى- شاب مرح محب للرياضة، لم يكن مجتهدًا في دراسته إلى حد ما، ما قد يكون السبب الذي جعله عديم الرغبة بمرافقة المثقفين لاحقًا. تخرج دوايت في مدرسة أبيلين الثانوية عام 1909، وعمل أكثر من سنة لمساعدة أخيه على دفع مصاريف التعليم الجامعي. التحق بعد ذلك بالأكاديمية العسكرية في ويست بوينت-نيويورك وهو ما جعل والدته -وهي من دعاة السلام- تحزن بشدة.

برع في ممارسة كرة القدم الأمريكية واضطر إلى التوقف بعد إصابته في ركبته في سنته الثانية في الأكاديمية. صُنّف في المرتبة 61 داخل الأكاديمية و 164 من إجمالي المتخرجين في الدفعة الاستثنائية عام 1915 التي كان مقدّرًا أن تُخرّج 59 جنرالًا.

دوايت أيزنهاور: رئيس الولايات المتحدة - القائد الأعلى لقوات الحلفاء في غرب أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية - الأكاديمية العسكرية في ويست بوينت

بعد أن تقلّد رتبة ملازم ثانٍ، أُرسل إلى سان أنطونيو في تكساس حيث التقى بمامي جينيفا دود (مامي أيزنهاور) وهي ابنة صاحب شركة ناجحة لتعبئة اللحوم في دنفر. تزوجا عام 1916 ورُزقا بولدين، ولد دود دوايت في 1917 وتوفي بسبب مرض الحمى القرمزية عام 1921، وولد جون شيلدون دود عام 1922.

قاد أيزنهاور في أثناء الحرب العالمية الأولى مركز تدريب الدبابات، ورُقّي إلى رتبة نقيب، وحصل على وسام الخدمة المتميزة، وأرسل إلى الخارج قبل نهاية الحرب بقليل بين عامي 1922-1924 وعُيّن في منطقة قناة بنما. تأثر أيزنهاور هناك بقائده الجنرال فوكس كونر، وبمساعدة كونر اختير أيزنهاور للدراسة في مدرسة القيادة والأركان العامة للجيش في فورت ليفنوورث كانساس. أكمل تخصصه و تخرّج أولًا على دفعة عام 1926 من أصل 275 طالبًا.

خدم بعد ذلك في فرنسا حيث كتب دليلًا عن ساحات المعارك في الحرب العالمية الأولى، وخدم في العاصمة واشنطن، قبل أن يصبح مساعدًا لرئيس أركان الجيش الجنرال دوغلاس ماك آرثر في عام 1933. بعد ذلك بعامين، رافق ماك آرثر إلى الفلبين للمساعدة على إعادة تنظيم جيش الكومنولث، وفي أثناء وجوده حصل على نجمة الخدمة المتميزة في الفلبين ورُقّي إلى رتبة مقدم.

عاد إلى الولايات المتحدة بعد وقت قصير من بدء الغزو الألماني لبولندا، إذ بدأت المرحلة الأوروبية من الحرب العالمية الثانية، وفي مارس عام 1941 رُقي إلى رتبة عقيد. بعد ثلاثة أشهر، أصبح رئيسًا لأركان الجيش الثالث، وسرعان ما جذب انتباه رئيس أركان الجيش الجنرال جورج سي مارشال لدوره في التخطيط للمناورات الحربية التي شارك فيها نحو نصف مليون مقاتل.

القائد الأعلى

عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية في ديسمبر عام 1941، عيّن مارشال أيزنهاور في قسم خطط الحرب في الجيش في العاصمة واشنطن، حيث هيأ استراتيجية اجتياح الحلفاء لأوروبا. عُيّن أيزنهاور عميدًا في سبتمبر عام 1941 ورُقي إلى رتبة لواء في مارس عام 1942، وعُيّن رئيسًا لقسم العمليات في وزارة الحرب.

في يونيو، اختاره مارشال من بين أكثر من 366 من كبار الضباط لقيادة القوات الأمريكية في أوروبا. لم يكن الترقي السريع الذي حققه أيزنهاور، بعد مسيرة طويلة في الجيش قضاها في غموض نسبي، بسبب معرفته بالاستراتيجية العسكرية وموهبة التنظيم فقط، بل يُعزى أيضًا إلى قدرته على الإقناع والتوسط والتعايش مع الآخرين الذين قدموا من خلفيات متنوعة، فقد أُعجبوا بلطفه و تواضعه و تفاؤله المُعدي، أحبوه ووثقوا به. «أحب آيك!» هي العبارة التي أصبحت فيما بعد واحدة من أشهر شعارات الحملات الانتخابية في التاريخ الامريكي، بدت كأنها تعكس انطباع كل من قابله.

ترقى دوايت أيزنهاور إلى رتبة فريق في يوليو 1942 وعُين على رأس «عملية الشعلة»، إذ اجتاح الحلفاء منطقة النفوذ الفرنسية في شمال أفريقيا. بدأ هجوم الحلفاء الرئيسي الأول في 8 نوفمبر عام 1942، واكتمل بنجاح في مايو 1943. أثار قرار أيزنهاور بالعمل في أثناء الحملة مع الأدميرال الفرنسي فرانسوا دارلان، الذي تعاون مع الألمان، عاصفة من الاحتجاج من قبل الحلفاء، لكن الرئيس فرانكلين روزفلت دافع عن هذا القرار. نال دوايت رتبة فريق أول في فبراير، ووجه أيزنهاور الهجوم البرمائي على صقلية والبر الرئيسي الإيطالي، ما أدى إلى انهيار روما في 4 يونيو 1944.

في أثناء القتال في إيطاليا، شارك أيزنهاور في خطة عبور القناة الإنجليزية لاجتياح فرنسا. في 24 ديسمبر عام 1943، عُين قائدًا أعلى لقوات الحلفاء الاستكشافية، وفي الشهر التالي كان في لندن للإعداد للتوغل الضخم في أوروبا. في 6 يونيو عام 1944، راهن على كسر الحصار في الطقس السيء وأصدر الأمر بشن غزو نورماندي، وهو أكبر هجوم برمائي في التاريخ. في يوم الإنزال، وصل أكثر من 156000 جندي إلى شواطئ نورماندي، ونفذ الاجتياح في النهاية أكثر من مليون جندي، وبدؤوا القتال و شق طريقهم إلى قلب فرنسا، وفي 25 أغسطس حُررت باريس.

بعد الانتصار في «معركة الثغرة» وهي هجوم ألماني مضاد شرس في آردين في ديسمبر، عبر الحلفاء نهر الراين في 7 مارس عام 1945. استسلمت ألمانيا في 7 مايو، منهية الحرب في أوروبا. مع أن أيزنهاور تلقى الكثير من الانتقادات لسماحه للروس بالاستيلاء على عاصمة العدو برلين، فقد دافع هو وآخرون عن أفعاله لعدة أسباب، إذ كان الروس أقرب، وكان لديهم عدد أكبر من القوات، ووُعدوا ببرلين في مؤتمر يالطا في فبراير عام 1945. في ذلك الوقت، في ديسمبر عام 1944، أصبح أيزنهاور جنرالًا من فئة النجوم الخمس.

تلقى أيزنهاور ترحيب الأبطال عندما عاد لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية في يونيو عام 1945، تأخر تقاعده المقرر في تشرين الثاني عندما عينه الرئيس هاري ترومان رئيس أركان الحرب. وعلى مدى أكثر من عامين، قرر أيزنهاور السماح بتسريح أفراد الجيش في زمن الحرب وعمل على توحيد القوات المسلحة تحت قيادة مركزية.

في مايو عام 1948 ترك الخدمة الفعلية بصفته المقاتل الأكثر شهرة واحترامًا في الولايات المتحدة وأصبح رئيسًا لجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك. وفي ذلك الخريف نشر كتابه «الحملة الصليبية في أوروبا»، الذي جعلته عائداته رجلًا ثريًّا.

لم تكن مسيرة دوايت أيزنهاور المهنية القصيرة بصفته موظفًا أكاديميًا مسؤولًا ناجحة بصورة استثنائية؛ إذ لم يؤهله تعليمه الفني وخبرته العسكرية لهذا المنصب أساسًا.

في خريف عام 1950، طلب منه الرئيس ترومان أن يصبح القائد الأعلى لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي أوائل عام 1951 سافر إلى باريس لتولي منصبه الجديد. على مدى الأشهر الخمسة عشر التالية، كرس نفسه لمهمة إنشاء منظمة عسكرية موحدة في أوروبا الغربية لتكون خطًا دفاعيًا ضد العدوان الشيوعي المحتمل.

اقرأ أيضًا:

غزو النورماندي … أكبر إنزال بحري في التاريخ

ترجمة: طه سعد

تدقيق: علي البيش

المصدر