يعد من المعلوم أن زيادة نسبة الدهون المتراكمة حول البطن قد تضر بصحتك، وتزيد من احتمال الإصابة بالأمراض مثل النمط الثاني من مرض السكري أو أمراض القلب.

وجدت دراسة حديثة أن من لديهم دهون أكثر حول منطقة البطن بغض النظر عن أوزانهم معرضون أكثر من غيرهم للموت المبكر.

وخلال فترة الدراسة كانت هناك زيادة في عدد الوفيات بنسبة 11% رافقتها زيادة في محيط البطن بمقدار عشرة سنتيمترات.

وضم الباحثون في مرجعهم 72 دراسة تضمنت تحليلًا بيانيًا لمليونين ونصف مليون فرد، وبعد التحليل والجمع للبيانات المتعلقة بمقاسات الجسم، نظروا في قياس محيط الخصر إلى الورك وقياس محيط الخصر إلى الفخذ، ومحيط الخصر والفخذين؛ أي أنهم نظروا إلى جميع مناطق الجسم التي تُختزَن فيها الدهون بشكل طبيعي.

توصل الباحثون أيضًا إضافةً إلى تلك الأبحاث المتعلقة بالدهون حول منطقة البطن، أن خطر الموت المبكر أقل لدى الذين يملكون كميات دهون أكبر في منطقتي الورك والفخذين بدلًا من المتراكمة حول البطن.

وجد الباحثون -بناءً على الدراسة التي دامت ما بين ثلاثة أعوام إلى اثنين وعشرين عامًا- أن كل زيادة في محيط الفخذ بمقدار خمسة سنتيمترات كانت مرتبطة بانخفاض نسبة الوفاة بنسبة 18%.

ترتبط دهون البطن بزيادة خطر الوفاة المبكرة بغض النظر عن الوزن - الدهون المتراكمة حول البطن - احتمال الإصابة بالأمراض مثل النمط الثاني من مرض السكري

ولكن لماذا وصل الباحثون لهذه النتائج؟

تعتمد الإجابة على نوع النسيج الدهني الذي نميل لتخزينه في مناطق معينة في أجسامنا.

تلعب الدهون أو الأنسجة الدهنية دورًا هامًّا في وظائف الجسم؛ إذ يكمن دورها الأساسي في نقل الجلوكوز من الدم وتخزينه بأمان إلى أحماض دهنية في الأنسجة الدهنية والتي ستستخدمها أجسادنا لاحقًا وقودًا.

وتنتج هذه الأنسجة الدهنية أيضًا إشارات هرمونية تؤثر على عمليات عديدة في الجسم من ضمنها الشهية؛ لهذا تعد الأنسجة الدهنية ضرورية لصحة عمليات الأيض.

يؤثر وجود أنسجة دهنية قليلة على تنظيم مستويات السكر في الدم.

ينظم الإنسولين مستويات طبيعية من السكر ويأمر الأنسجة الدهنية أن تأخذ الجلوكوز من الدم وتخزنه لوقت لاحق.

لا تسير هذه العملية بالشكل الصحيح والمطلوب دون وجود أنسجة دهنية كافية أو ما يعرف بالحثل الشحمي، ونتيجة ذلك تحدث مقاومة الإنسولين في الدم؛ ما قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري.

مع ضرورية الدهون لصحة عمليات الأيض فإن أماكن تواجد هذه الأنسجة الدهنية ونوعها قد يكون له عواقب صحية مختلفة.

أظهر الباحثون أن الذين يبلغون نفس الطول والوزن ولديهم أماكن مختلفة لتخزين الدهون معرضون لمخاطر الإصابة باضطرابات أيضية معينة مثل مرض السكري من النوع الثاني وأمراض قلبية ووعائية.

الفرق بين الدهون الحشوية والدهون السطحية:

يتأثر شكل الجسم في مكان تراكم الدهون في أجسامنا؛ فيخزن ذوو الأجسام التي على شكل تفاحة الدهون حول منطقة البطن، ومن المرجح أنهم يخزنون دهونًا أكثر بعمق أكبر في أعضائهم على شكل دهون حشوية.

أما ذوو الأجسام التي على شكل إجاص يملكون أفخاذًا أكبر ويخزنون دهونًا أكثر بشكل متساوٍ حول أجسادهم وتحت الجلد مباشرة كدهون سطحية.

تتميز مخازن الدهون السطحية بخصائص فيزيولوجية وظيفية مختلفة وتعبر عن وجود جينات مختلفة، ويعتقد أن مخازن الدهون الحشوية والسطحية المختلفة تتطور من خلايا بدائية تتحول إلى خلايا دهنية، وتعتبر الدهون الحشوية أكثر مقاومة للإنسولين من السطحية فهي تحمل خطرًا أكبر للإصابة بمرض السكري النوع الثاني.

تطلق دهون الجسم المختزنة حول منطقة البطن دهونًا ثلاثية في الدم أكثر من المختزنة في الورك والفخذين استجابة لإشارات هرمونات التوتر، ويرتبط ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية في الدم في زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب؛ ولهذا تعد الدهون الحشوية أكثر إضرارًا من الدهون السطحية.

من ناحية أخرى، قد تمتص الدهون السطحية المختزنة في منطقتي الورك والفخذين تلك الدهون الثلاثية من الدم بشكل أفضل وتتولى تخزينها بشكل آمن؛ فهي تمنع الجسم من التخزين الخاطئ لهذه الدهون في العضلات أو الكبد مسببًا مرض الكبد.

قد تطور أنسجة الدهون السطحية أيضًا خلايا متخصصة وهي النسج الدهنية البنية وهي قادرة على حرق الدهون، ولهذه الأسباب يعتقد أن الدهون السطحية ربما تكون أكثر أمانًا وقد تقي من الاضطرابات الأيضية.

ويعتقد أيضًا أن الدهون السطحية عند بعض الناس تنفد من مناطق تخزينها أو تفقد القدرة على تكوين خلايا دهنية جديدة بشكل أسرع، وهذا يعني أن المزيد من الدهون ستُختزَن في مناطق تراكم الدهون الحشوية الأقل أمانًا.

قد تسبب الدهون الحشوية الالتهابات التي قد تؤدي إلى الإصابة باضطرابات أيضية وأمراض قلبية ووعائية، وإذا لم تُختزَن الدهون في الأنسجة الدهنية؛ فقد تُختزن الأحماض الدهنية في أماكن أخرى كالقلب أو العضلات أو الكبد؛ ما قد يؤدي للإصابة بالأمراض.

تلعب الجينات عاملًا كبيرًا ومهمًا في الوزن وشكل الجسم كما هو الحال مع الطول.

وتوصلت أكبر الدراسات الجينية إلى أكثر من أربعمئة فارق جيني ضئيل قد يسهم في توزيع الدهون في الجسم، مثلًا: الذين يملكون طفرة في جين البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة المتصلة بمستقبلات البروتين الخامس تكون الدهون متراكمة لديهم في منطقة البطن وقليلة في الجزء السفلي من الجسم.

ومع ذلك تعد هذه الفوارق الجينية الضئيلة شائعةً بين الناس؛ وقد تفسر سبب التنوع الكبير في أشكال الأجسام؛ فهي تؤثر على معظمهم بطريقة أو بأخرى.

لسوء الحظ: يصعب على من يخزنون الدهون في منطقة البطن أن يحافظوا على صحة جيدة ولكن وجدت الدراسة أيضًا أن فقدان الوزن يقلل من الدهون الحشوية ويحسن من صحة الاستقلاب في الجسم؛ ولذا نقول إن شكل الجسم ليس سوى عامل مساعد، وحتى في وجود هذه الفوارق الجينية الضئيلة ما زال بالإمكان تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة إذا حافظنا على أسلوب حياة صحي.

اقرأ أيضًا:

جراحة السمنة تقلل عدد النوبات القلبية والسكتات الدماغية

دراسة جديدة.. السمنة والشيخوخة وجهان لعملة واحدة

ترجمة: لورا الجندي

تدقيق: محمد الصفتي

المصدر