توصل بحث جديد إلى أن قردة الشمبانزي وقردة الشقة تفهم القواعد الأساسية في البنى المعقدة التي تشبه اللغة، ما يقترح أن العناصر المعرفية المستخدمة في فهم اللغة تطورت منذ 40 مليون سنة تقريبًا عندما تقاسمنا سلفًا مشتركًا مع هذه الرئيسيات.

من المؤكد أن هذا لا يعني تمكّن الكائنات الشبيهة بالقردة من قص الحكايات على أقرانها منذ ملايين السنين، وجل ما تجدر الإشارة إليه هنا هو امتلاك أدمغة أسلافنا القدماء بعض العناصر الحيوية اللازمة لفهم الأنماط المشابه للّغات قبل فترة طويلة من تطور لغة الإنسان.

أشار البحث الجديد الذي نُشر في مجلة Scientific Advances إلى قدرة هذه الرئيسيات على فهم التبعيات غير المتجاورة، وهي أصول معرفة هامة تسهل الإدراك اللغوي، تشمل القدرة على فهم العلاقة بين الكلمات في الجملة وإن اعترضتها أجزاء أخرى من العبارة. فمثلًا في عبارة: «الكلب الذي أخاف القطة هرب بعيدًا» نربط الكلب بفعل الفرار مباشرةً وإن فصل بين الفاعل والفعل فاصل.

تطور العنصر الأساسي لفهم اللغة منذ 40 مليون سنة - العناصر المعرفية المستخدمة في فهم اللغة - القدرة على فهم العلاقة بين الكلمات في الجملة

والبشر قادرون على إنشاء هذا الارتباط، وهي ناحية بالغة الأهمية تسهم في تعقيد لغاتنا وتجعلها أكثر من أصوات عشوائية نصدرها. والسؤال هو: ما مصدر هذه المهارة؟ وهل يمكن العثور عليها في أي من أقرب أسلافنا التطوريين؟

اختبر باحثون من جامعة زيوريخ في سويسرا قدرة الشمبانزي وقردة الشقة الشائعة على فهم التبعيات غير المجاورة. لا شك أن هذه الأنواع لا تتحدث الإنجليزية أو أي لغة أخرى، لذا اضطر الفريق إلى ابتكار تجربة باستخدام قواعد مصطنعة لاكتشاف الأمر.

بدأت الدراسة بتعليم أفراد النوعين أن أصواتًا معينة تتبعها دائمًا أصوات محددة أخرى (مثلاً صوت ب يتبع دومًا صوت أ)، ثم بطريقة تحاكي اللغة التي يستخدمها الجنس البشري تعلموا أيضًا أن الصوتين يبقيان مرتبطين وإن فصلت بينهما بعض الأصوات الأخرى.

وبعد هذا التأسيس، شغّل العلماء مجموعة من الأصوات المختلطة التي خرقت القواعد اللغوية الملقنة في المرحلة السابقة من الدراسة وراقبوا التغيرات السلوكية. فمثلاً: ما أن لاحظت هذه القردة التغيرات الصوتية أخذت تنظر إلى مكبر الصوت المستخدم مدة أطول بكثير مما سبق حين كان المكبر يعطي مجموعات صوتية مألوفة، ويعزو الباحثون ذلك إلى شعور القردة بشيء من المفاجأة أو الارتباك، وكأنهم استشعروا حدوث خطأ لغوي!

وتشير الدراسة إلى أن القدرة على تتبع هذه القواعد وفهم التبعيات بين الكلمات مهمة مكلفة للدماغ وتتطلب مهارات معرفية عدة. ومع ذلك، فمن المرجح توفر هذه القدرات الإدراكية الجوهرية عند قلة مختارة من أقربائنا التطوريين ومن المرجح وجودها عند أجناس أو أنواع أخرى. ولأن قردة الشقة تطورت عن أحد الأسلاف التي نعود إليها منذ 40 مليون عام، فمن المرجح أن ما نملكه من قدرات مماثلة تطور في إطار زمني قريب من السابق.

يقول البروفيسور سيمون تاونسند، القائم على البحث في قسم علوم اللغات المقارنة بجامعة زيورخ في بيان له: «وتُظهِر النتائج أن الأنواع الثلاثة تشترك في امتلاكها القدرة على معالجة التبعيات غير المتجاورة، ومن ثم فمن المرجح أن تنتشر هذه القدرة على نطاق واسع بين الرئيسيات، ويشير هذا إلى أن هذا العنصر الحاسم في اللغة كان موجودًا بالفعل في الأسلاف الأكثر تطورًا من أجدادنا المشتركين مع هذه الأنواع».

اقرأ أيضًا:

أصول اللغة البشرية تعود إلى 25 مليون سنة!

البحث عن كيفية تطور الذكاء البشري يثير بعض الأسئلة الأخلاقية

ترجمة: بشرى عيسى

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر