كانت موجات الجاذبية أمرًا مجهولًا قبل خمس سنوات، والآن تتدفق علينا المعلومات المختلفة بكثرة، فخلال ستة أشهر من العام الماضي، نتج عن التعاون بين مرصدي فيرجو وليجو للكشف عن الأمواج الثقالية رصد ما يقارب 1.5 موجة أسبوعيًا. منذ أبريل حتى أكتوبر 2019، اكتشفت مقاييس التداخل فيرجو وليجو المحدثة 39 حدثًا لموجات الجاذبية، الموجة الصادمة التي تنتشر عبر نسيج الزمكان نتيجة للاصطدامات الهائلة بين النجوم النيوترونية أو الثقوب السوداء. في المحصلة، يحتوي فهرس الموجات الجاذبية العابرة (الثقالية) GWTC-2 ما يعادل 50 حدثًا.

يمدّنا هذا الاكتشاف بعدّة علمية متكاملة للكشف عن سر الثقوب السوداء، فهي لا تمثل مجموعة من الثقوب السواء غير المكتشفة فحسب، بل يمكنها أيضًا الكشف عن مصير النجوم الثنائية وتطورها وأعمارها.

صرح عالم الفلك كريستوفر بيري من جامعة نورث ويسترن، أحد أعضاء تعاون ليجو العلمي: «علم الموجات الثقالية ثوري جدًا، إذ يكشف لنا حياة الثقوب السوداء الخفية والنجوم النيوترونية، فقبل خمس سنوات فقط، انتقلنا من عدم معرفة وجود الثقوب السوداء الثنائية أصلًا إلى كتابة فهرس يحوي 40 ثقبًا أسود ثنائيًا، وهذا الاكتشاف يُعد أحد أهم نتائج جولة المراقبة الثالثة، والجمع بين نتائجها ونتائج البحوث السابقة يرسم لنا صورة رائعة».

اكتشاف ست موجات جاذبية جديدة - الموجة التي تنتشر عبر نسيج الزمكان نتيجة للاصطدامات الهائلة بين النجوم النيوترونية أو الثقوب السوداء - الموجات الثقالية

لقد سمعتم بالفعل عن الاكتشافات الجديدة التي رصدتها مسيرة المراقبة.

تُعد GW 190412 -إحدى الموجات الثقالية التي سُميت وفقًا لتاريخ اكتشافها- أول موجة ناتجة عن اصطدام ثقبين أسودين كتلتهما مختلفة كثيرًا، على عكس المعتاد وهو أن تتصادم الثقوب متشابهة الكتلة.

يُعتقد أن GW 190425 ناتجة عن اصطدام نجمين نيوترونيين، رُصد هذا النوع من الموجات أول مرة في أغسطس 2017، وتلك هي الموجة الثانية من نوعها على الإطلاق.

أكدت الموجة GW 190521 وجود فئة تُسمى فئة الوزن المتوسط، وهي ثقوب سوداء ذات كتل متوسطة بين الفئة النجمية والفئة العملاقة فائقة الكتلة.

كانت GW 190814 أول موجة صادرة عن تصادم ضمن «فجوة الكتلة»، وهي ناتجة عن اصطدام ثقب أسود بنجم نيوتروني.

قالت عالمة الفلك مايا فيشباخ من جامعة نورث ويسترن ومركز تعاون ليجو العلمي: «كشفت لنا جولة ليجو وفيرجو الثالثة حتى الآن العديد من المفاجآت، بعد انتهاء الجولة الثانية ظننت أننا استطعنا حل لغز الثقوب السوداء ، لكن اتضح أنها أكثر ثراءً وتنوعًا مما توقعت، أنا متحمسة لرؤية ما سيحمله لنا المستقبل».

هنالك حدثان آخران GW 190426-152155 وGW 190924-021846، يبدو أنهما استثنائيان، فهذه الأسماء أطول وتتضمن العديد من الأرقام، لأننا نكتشف العديد من الموجات ويُحتمل ألا يكون التاريخ كافيًا لتمييزها، لهذا تضمنت التسمية الجديدة وقت اكتشافها نسبةً إلى التوقيت العالمي المنسق.

قال عالم الفلك سيرجي أوسوكيني من معهد ألبرت: «GW 190426- 152155، أحد الاكتشافات الجديدة، قد يكون اندماجًا لثقب أسود ذي كتلة تساوي ست كتل شمسية مع نجم نيوتروني، ولسوء حظنا فإن إشارته باهته ولهذا لسنا متيقنين».

وأضاف: «GW 100924-021846 هو بالتأكيد ناتج عن اندماج ثقبين أسودين أخف وزنًا، أحدهما ذو كتلة تعادل ست شموس والآخر يعادل تسع شموس، توجد إشارات لاندماجات أخرى لأجسام أصغر مثل GW 190814، لكننا لا نعلم على وجه اليقين هل هي نتيجة للثقوب السوداء أم لا».

وُصفت عملية الاندماج في أربع أوراق بحثية مطبوعة. تصنف الورقة الأولى 39 حدثًا جديدًا، وتعيد الورقة الثانية بناء التوزيعات الكتلية والدورانية لـ 47 حدث اندماج عُثر عليه في فهرس GWTC-2، وتقدير معدل تصادم الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية. تبحث الورقة الثالثة بدقة عن أشعة غاما المرتبطة بالاندماجات التي لم يُعثر عليها، أما الورقة الرابعة فتناقش البيانات مقابل توقعات النظرية النسبية العامة، وكالعادة فالنظرية صامدة تمامًا.

هذه الأحداث عامةً ليست طريقة لدراسة التصادمات فحسب، بل تساعدنا على دراسة الثقوب السوداء التي يصعب اكتشافها لأنها لا تصدر أي إشعاع يمكننا رصده. نعرف الكثير عن الثقوب السوداء بفضل موجات الجاذبية الثقالية، وستزداد هذه المعرفة في السنوات القادمة.

قال بيري: «تُعد عملية اندماج الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية مختبرًا فريدًا من نوعه، ويمكننا الاستفادة منها في دراسة الجاذبية والفيزياء الفلكية لحياة النجوم الضخمة، لقد طوّر ليجو وفيرجو قدرتنا على رصد هذه الثنائيات ومراقبتها بدرجة كبيرة، وكلما تحسنت أجهزة الكشف، تسارع معدل الاكتشاف».

اقرأ ايضًا:

أقزام بيضاء مكتشفة حديثًا تعد مصدرًا لموجات الجاذبية

موجات الجاذبية – بماذا أفادنا اكتشاف أمواج الجاذبية ؟

ترجمة: زينب سعد

تدقيق: سمية بن لكحل

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر