حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن انخفاض النشاط الصناعي الناجم عن الجائحة لم يكبح وجود تركيزات قياسية للغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. سجلت الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي ، التي تحفز تغير المناخ، مستويات قياسية العام الماضي، واستمرت بالازدياد سنة 2020 رغم الإجراءات المُتخذة لوقف جائحة كوفيد 19.

رحب رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس بتعهد العديد من البلدان بالتركيز على التقنيات الصديقة للمناخ في سعيها لإنعاش اقتصاداتها بعد أزمة كورونا.

وأعرب أيضًا عن تفاؤله بشأن تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بإعادة بلاده إلى اتفاقية باريس للمناخ، قائلًا إنه «يأمل أن يكون لها تأثير الدومينو -التأثير التعاقبي- لتحفز بعض البلدان الأخرى أيضًا».

لكن الأمم المتحدة دحضت الأفكار التي تشير إلى أن عمليات الإغلاق والإجراءات الأخرى لكبح الجائحة قد تصلح بذاتها بعض الأضرار الناجمة عن انبعاثات الغازات الدفيئة المتزايدة باستمرار في العقود الأخيرة.

في حين تقلصت الانبعاثات هذا العام، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن هذا لم يحد من التركيزات القياسية للغازات الدفيئة التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، فيسبب ارتفاع مستويات سطح البحر، وازدياد حدة الطقس.

الغازات الدفيئة تصل إلى مستويات غير مسبوقة رغم تدابير كوفيد 19 - تركيزات قياسية للغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري - ثاني أكسيد الكربون - الغلاف الجوي

قال تالاس: «إن انخفاض الانبعاثات المرتبط بالإغلاق هو مجرد جزء صغير من رسم بياني طويل المدى، نحن بحاجة إلى التسطيح المستمر للمنحنى».

جاء في النشرة السنوية الرئيسية الصادرة عن منظمة الأرصاد العالمية حول الغازات الدفيئة إن التقديرات الأولية تشير إلى انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون اليومية بنسبة تصل إلى 17% على مستوى العالم في أوج فترات الإغلاق، وأنه من المتوقع أن يحقق التأثير السنوي انخفاضًا بين 4.2 و7.5%، لكن هذا لن يؤدي إلى انخفاض تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، محذرةً بذلك من أن التأثير في التركيزات ليس أكبر من التقلبات الاعتيادية التي تحدث بين عام وآخر.

ارتفاع مستمر

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن تركيزات ثاني أكسيد الكربون ستستمر في الارتفاع، وإن كان بوتيرة منخفضة طفيفة، وأن تلك الوتيرة لن تكون أكثر من 0.23 جزء في المليون في السنة، وذلك أبطأ من الوتيرة السابقة، ضمن حدود التغاير السنوي الطبيعي المقدر بـ 1.0 جزء في المليون.

الانبعاثات هي العامل الرئيسي الذي يحدد مقدار مستويات الغازات الدفيئة، لكن معدلات التركيز هي مقياس لما يتبقى بعد سلسلة من التفاعلات المعقدة بين الغلاف الجوي والغلاف الحيوي والغلاف الصخري والغلاف الجليدي والمحيطات.

يُعد ثاني أكسيد الكربون إلى حد بعيد أهم الغازات الدفيئة طويلة العمر -ذو دورة حياة طويلة- في الغلاف الجوي، والأكثر صلة بالأنشطة البشرية، وهو مسؤول عن نحو ثلثي معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض.

أشارت نشرة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كان 410 جزء في المليون سنة 2019، أي أكثر من تركيز 2018 المقدر بـ 407.8 جزء في المليون، وذُكر أن الارتفاع استمر هذا العام.

وأشار تالاس إلى أن العالم تجاوز العتبة العالمية البالغة 400 جزء في المليون سنة 2015، محذرًا من أنه «بعد 4 سنوات فقط، تجاوزنا 410 جزء في المليون، ولم نشهد مثل هذا المعدل من الزيادة في تاريخ سجلاتنا».

صرحت الأمم المتحدة إنه منذ 1990 حدثت زيادة بنسبة 45% فيما يسمى بالتأثير الإشعاعي أو تأثير الإشعاع والامتصاص، وهو تأثير الاحتباس الحراري في المناخ بسبب غازات الدفيئة.

منذ 5 ملايين سنة

قال تالاس: «يبقى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي قرونًا، وفي المحيط فترةً أطول، فآخر مرة شهدت فيها الأرض تركيزًا مشابهًا لثاني أكسيد الكربون كانت قبل 3-5 ملايين سنة».

الميثان هو ثاني أكثر غازات الدفيئة انتشارًا في الغلاف الجوي -ينبعث جزئيًا من الماشية وتخمر حقول الأرز- وهو المسؤول عن نحو 16% من الاحترار.

قُدِّرَت مستويات الميثان عام 2019 بـ 260٪ من مستويات ما قبل الصناعة، عند 1.877 جزء في المليار.

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن الارتفاع عن معدل 2018 كان أقل قليلًا من الزيادة السنوية السابقة، لكنه ما زال أعلى من متوسط عشر سنوات.

في تلك الأثناء، بلغت تركيزات أكسيد النيتروز، وهو ثالث غازات الدفيئة الرئيسية التي تسببها الأسمدة الزراعية، 332 جزءًا من المليار العام الماضي، أو 123% فوق مستويات ما قبل الصناعة.

كان الارتفاع بين 2018 و2019 أيضًا أقل مما لوحظ بين 2017 و2018، لكنه كان مساويًا لمتوسط معدل النمو السنوي على مدى العقد الماضي.

اقرأ أيضًا:

يبدو أنّنا اكتشفنا لتوّنا سلاحًا جديدًا ضد الغازات الدفيئة

تخيل العالم دون غازات دفيئة ، كيف سيكون كوكبنا ؟

ترجمة: رولان جعفر

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر