إن التوقعات بشأن الاحتباس الحراري تبدو أقل كآبةً على المدى البعيد، لكنها ليست وردية على المدى القريب. تعهدت العديد من الدول بتنفيذ خططها لتقليل الاحتباس الحراري، وبالفعل فإن ارتفاع درجات الحرارة حاليًا أقل مما كان عليه من قبل، يقول العلماء والدبلوماسيون إن توقعات التغير المناخي لمنتصف القرن الحالي وآخره ليست مخيفة كما كانت قبل توقيع اتفاقية باريس للمناخ سنة 2015.

تُشرق الشمس وسط الضباب الدخاني، في أثناء موسم الجفاف في مدينة مكسيكو سيتي. بعد خمس سنوات من اتفاقية باريس التاريخية، يجتمع قادة العالم مجددًا لتعزيز جهودهم لمكافحة الاحتباس الحراري

تُشرق الشمس وسط الضباب الدخاني، في أثناء موسم الجفاف في مدينة مكسيكو سيتي. بعد خمس سنوات من اتفاقية باريس التاريخية، يجتمع قادة العالم مجددًا لتعزيز جهودهم لمكافحة الاحتباس الحراري

مع ذلك حذّروا من أن ارتفاع درجات حرارة الأرض سيكون أكبر مما توقعه العلماء، وأن استعمال الفحم والوقود والغاز الطبيعي الذي يزيد من تغير المناخ لا ينخفض بالقدر المطلوب، رغم مرور خمس سنوات على عقد اتفاقية باريس، التي تهدف إلى خفض الكربون من 55% إلى 40% بحلول عام 2030 مقارنةً بمستويات الانبعاث عام 1990.

كان لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة باراك أوباما دورًا فعالًا في صياغة الاتفاقية. مع ذلك لم تحضُر الولايات المتحدة الاجتماع الأخير بسبب انسحاب إدارة دونالد ترامب من الاتفاقية. تعهد الرئيس المنتخب جو بايدن بإعادة الانضمام والمضي قدمًا في طريق منع انبعاث المزيد من الكربون إلى الغلاف الجوي، للوصول إلى المستوى المستهدف بحلول عام 2050.

تغير مشهد التغير المناخي خلال خمس سنوات، وأرجع مسؤولو الأمم المتحددة الفضل للصعوبات الاقتصادية والدفع بجيل الشباب المثالي. مع ذلك انتقدت عالمة البيئة جريتا هونبيرج زعماء العالم لوضعهم «أهدافًا افتراضية بعيدة» في حين يسرعون في الاتجاه الخاطئ.

الأمين العام للأمم المتحددة أنطونيو غوتيريش خلال مقابلة في مقر الأمم المتحدة بتاريخ 21/10/2020

الأمين العام للأمم المتحددة أنطونيو غوتيريش خلال مقابلة في مقر الأمم المتحدة بتاريخ 21/10/2020

ارتفع التلوث الكربوني ارتفاعًا طفيفًا بين عامي 2018 و2019، ثم انخفض بنسبة 7% هذا العام بسبب الجائحة، ومن المرجح أن يرتفع مرةً أخرى، في حين انخفضت تكاليف الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية إلى حد بعيد، حتى أنها أصبحت أقل تكلفةً من الوقود الاحفوري.

ومع ذلك، تتعارض تلك التطورات مع حقيقة أن البلدان الفقيرة تواجه بالفعل تهديدات وجودية بسبب ارتفاع منسوب البحار والتأثيرات المناخية الأخرى.

يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «إنّي قلق بسب الأدلة التي تشير إلى تسارع وتيرة تغيُّر المناخ، لكنني مع ذلك متفائل بالتحالف المتنامي لإيصال قيمة انبعاثات الكربون إلى الصفر، وفقًا لأهداف اتفاقية باريس للمناخ».

سنة 2015، قال متتبعو المناخ، وهم فريق من الخبراء المختصين بالتغيُّر المناخي: «يتجه العالم إلى ارتفاع قدره 3.6 درجة مئوية مقارنةً بعصور ما قبل الصناعة، وهو ما يتجاوز كثيرًا أهداف اتفاقية باريس للحد من الاحترار العالمي».

يتجه العالم الآن بالفعل نحو ارتفاع قدره 2.9 درجة، لكن إذا أوفت 127 دولة المشاركة بتعهداتها للوصول بانبعاثات الكربون إلى الصفر، فسيقتصر الاحترار على 2.1 درجة مئوية.

صورة بتاريخ 12\12\2015 من مؤتمر باريس للمناخ، تظهر منسقة المناخ في الأمم المتحددة كريستيانا فيغيريس، والأمين العام للأمم المتحددة بان كي مون، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند

صورة بتاريخ 12\12\2015 من مؤتمر باريس للمناخ، تظهر منسقة المناخ في الأمم المتحددة كريستيانا فيغيريس، والأمين العام للأمم المتحددة بان كي مون، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند

قال أحد المتتبعين نيكلاس هون، وهو عالم ألماني في المعهد المناخي الجديد: «في الخمس سنوات الأخيرة انتقلنا من تغير مناخي كارثي، إلى تغير لا يزال كارثيًا -2.9 درجة- لكنه أفضل مما كان عليه الأمر من قبل».

عام (2020) -مع تسجيل العواصف الأطلسية، وحرائق الغابات في أستراليا وأمريكا والأمازون، والاحترار في القطب الشمالي- فإنه يتجه إلى أن يصبح ثاني أو ثالث أشد السنوات المسجلة حرارةً. وبانتهاء 2020، ستكون الـ16 عامًا الأخيرة هي أشد السنوات حرارةً منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

قال الأمين العام للأمم المتحدة: «لا يزال دفع الدول لتحويل وعودها إلى أفعال تحديًا صعبًا، وكذلك وضع قواعد تمتثل لها التجارة العالمية لخفض انبعاثات الكربون، وهذا هو المفتاح الأساسي لخفض الانبعاثات بكفاءة».

قالت آن أولهوف، مسؤولة السياسات والتخطيط في برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة: «على الصعيد العالمي، يبعث أغنى 1% من سكان العالم ضعفي ما يبعثه أفقر 50% من السكان، وكي نصل إلى أهداف اتفاقية باريس للمناخ ، فإن على الأغنياء خفض انبعاثاتهم إلى 1/30 من النسبة الحالية».

وقالت كريستيانا فيغيريس، المديرة السابقة للمناخ في الأمم المتحددة، التي كانت المحرك الرئيس لاتفاقية باريس: «إن التوجهات الخفية قد تغيرت منذ 2015 كما يظهر من قرارات المستثمرين، مثل صندوق التقاعد العام في نيويورك، لوقف تمويل الوقود الأحفوري. نحن نتحرك بوتيرة سريعة، أسرع مما كنا من قبل، لذلك أنا متفائلة، استنادًا إلى ما لدي من أدلة».

اقرأ أيضًا:

هل يمكننا سحب كمية كربون كافية من الغلاف الجوي لوقف التغير المناخي؟

أثر ذوبان الجليد في المناخ

ترجمة: آية قاسم

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر