دورتك الشهرية متأخرة. عبارة بسيطة، لكن فور سماعها يتسارع نبض معظم النساء، إما ذعرًا وخوفًا، أو تطلُعًا إلى أخبار جيدة. ما يدفعهن إلى إجراء اختبار الحمل. لكن ماذا إن كانت نتيجة الاختبار سلبية رغم ظهور أعراض الحمل؟

لنتحدث في البداية عن التغيرات الجسدية خلال الدورة الشهرية. تبدأ مستويات هرمون البروجسترون بالارتفاع ومستويات هرمون الإستروجين بالانخفاض قبل بدء الطمث بأسبوع، فيسبب ذلك ظهور أعراض متلازمة ما قبل الطمث، تشمل هذه الأعراض ألمًا في الثدي وتقلبات مزاجية وتعبًا وقلقًا وشعورًا بالانتفاخ مع إفراط في الشهية. قد تزداد هذه الأعراض عند تأخر الدورة الشهرية، ما يجعل الأمر مربكًا بالفعل، بسبب التشابه الكبير بين أعراض الحمل وتأخر الدورة الشهرية. هذا يدفع العديد من النساء الراغبات بالحمل -أو غير الراغبات- إلى الإفراط في التفكير وتحليل كل عرض، ما يزيد التوتر والقلق، ما يؤخر الدورة الشهرية أكثر ويزيد حدة الأعراض.

ما الوقت الأمثل لإجراء اختبار الحمل المنزلي عندك شعورك بأنك حامل؟

تجري معظم النساء هذا الاختبار عادةً في الأسبوع السابق لحدوث الطمث، خاصةً بعد ظهور اختبارات الحمل المنزلية الحديثة ذات النتائج عالية السرعة، لكن هذا ليس بالوقت الأمثل. تكمن المشكلة هنا في وجود احتمال لحدوث حمل كيميائي يُظهِر نتيجة إيجابية على اختبار الحمل المنزلي. تنحل نسبة تصل إلى 30%؜ من البيوض الملقحة التي تنجح في تجاوز أنبوب فالوب وبلوغ الرحم خلال عدة أيام من الانغراس، وعندها ينتهي الحمل.

ماذا إن ظهرت لديك أعراض الحمل لكن اختبار الحمل سلبي - ماذا إن كانت نتيجة الاختبار سلبية رغم ظهور أعراض الحمل - الاختبار سلبي - انقطاع الطمث

هذا هو ما يُعرف بالحمل الكيميائي، إضافةً إلى حالات الحمل التي تنتهي بالإجهاض، وتشكل نسبة 10%. الحمل الكيميائي هو نوع من فقدان الحمل يكون فيه اختبار الحمل البدئي إيجابيًا، لكن مع ذلك تبدأ الدورة الطمثية بعد عدة أيام. هذا الأمر محزن للنساء الراغبات بالحمل، لكنه لا يُعد دليلًا لأي مشكلة طبية. لهذا السبب، تُنصَح النساء عادةً بالانتظار مدةً قد تصل إلى أسبوع بعد تأخر الدورة الشهرية لإجراء الاختبار. إن اختبارات الحمل المنزلية عالية الحساسية، لذلك لا داعي لإجراء الكثير منها. ننصحك بالاقتصار على القيام بها مرةً كل أسبوع لتجنب القلق وحفاظًا على صحتك النفسية.

لكن ماذا لو كانت نتيجة اختبار الحمل المنزلي بعد أسبوع من انقطاع الدورة الشهرية سلبية وما زلت تشعرين بأعراض الحمل؟

قد يشعرك هذا بالارتباك، لكن لحدوث ذلك العديد من الأسباب في الواقع:

الإرهاق

يؤثر الإرهاق في أجسادنا بطريقة غريبة. إن حياةً مليئة بالإجهاد سواء الجسدي -كالتمرن لماراثون مثلًا- أو العاطفي -مثل جائحة عالمية- تجعل العقل الباطن يقرر أحيانًا أنه ليس الوقت الملائم للإنجاب، ومن ثم لا داعي للإباضة. يعني توقف الإباضة انقطاع الدورة الطمثية، مع استمرار أعراض المتلازمة السابقة للطمث، التي تشبه أعراض الحمل.

الأدوية

للأدوية، لا سيما الستيرويدات، تأثير في الدورة الشهرية. إن تناول الستيرويدات سواء في صورة حبوب فموية لعلاج التهاب جيوب مزعج، أو حقنة في الركبة لتخفيف الألم، سيسبب حتمًا اضطرابًا في الدورة الطمثية، وسيجعلك تشعرين بتقلبات هرمونية تشبه أعراض الحمل. قد تملك بعض المكملات والعلاجات العشبية أو الزيوت الأساسية تأثيرات مشابهة أحيانًا. إضافةً إلى أن استخدام مانعات الحمل الهرمونية -حبوب منع الحمل، أو اللصاقات، أو الحلقات المهبلية- قد يؤثر في الدورة الشهرية، ويسبب تجاوز الطمث عشوائيًا. للاضطرابات الدرقية وأدوية السكري تأثيرات مشابهةً أيضًا.

فترة ما قبل انقطاع الطمث

يبدأ سن انقطاع الطمث وسطيًا في عمر 52 عامًا، مع ذلك، تشعر بعض النساء عادةً بالتقلبات الهرمونية لمرحلة اقتراب سن انقطاع الطمث في بداية الأربعينيات. من الشائع عدم انتظام الدورة الشهرية في هذه الفترة، وبسبب هذه التقلبات الهرمونية الشديدة قد تبدأ بعض أعراض الحمل -مثل ألم الثدي والتقلب المزاجي- بالظهور.

إن تأخر دورتك الشهرية، أو عدم حدوثها، قد يكون نتيجةً لأحد الأسباب المذكورة، أو قد يحدث عشوائيًا.

إن اضطراب دورتك الشهرية مرةً، ثم عودتها للانتظام كالمعتاد أمر لا يدعو للقلق. لكن تكرر عدم انتظام الدورات والأعراض الهرمونية أمر غير طبيعي ويستدعي مراجعة الطبيب لعمل بعض الاختبارات.

اقرأ أيضًا:

متلازمة ما قبل الطمث: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الدورة الشهرية غير الطبيعية (تأخر الطمث)

ترجمة: محمد أديب قناديل

تدقيق: إدريس زويتن

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر