يشك الأشخاص المصابون بمتلازمة المحتال في إنجازاتهم وقدراتهم ويخشون أن يكونوا محتالين، وقد تحدث متلازمة المحتال لدى أي شخص، بصرف النظر عن منصبه الوظيفي أو مكانته الاجتماعية، لكن غالبًا ما تُلاحظ لدى الأفراد ذوي التحصيل المرتفع.

وصف علماء النفس المتلازمة لأول مرة في عام 1978، ووفقًا لمراجعة في عام 2020، يعاني 9٪ -82٪ من الأشخاص متلازمة المحتال، علمًا أن هذه الأرقام قد تختلف اعتمادًا على المشاركين في الدراسة، إذ تظهر الأعراض فترة محدودة في حياة الفرد، مثل الأسابيع القليلة الأولى من بداية وظيفة جديدة، لكن قد تستمر الأعراض مدى الحياة.

في هذه المقالة، نناقش أسباب حدوث متلازمة المحتال وبعض الطرق للتغلب عليها.

الأعراض

يختبر المصاب بمتلازمة المحتال أشياء عدّة:

  •  الشعور بأنه محتال.
  •  الخوف من افتضاح أمره.
  •  صعوبة استيعاب نجاحه.

قد يساعد الشك بالذات الشخص على تقييم إنجازاته وقدرته، لكن الإفراط بالشك الذاتي قد يؤثر سلبًا في نظرة الشخص إلى نفسه، ومن ثم يؤدي إلى ظهور أعراض متلازمة المحتال، التي تمسّ الجوانب التالية من حياته:

 الأداء في العمل

يخشى «المحتال» من رفع زملائه والمشرفين عليه سقف توقعاتهم، أكثر مما يستطيع إنجازه، لذلك يؤدي الخوف من الفشل إلى انسحاب الفرد وتجنبه البحث عن إنجازات أكبر، دون نسيان انخفاض مستوى الأداء الوظيفي العام بسبب الخوف من ارتكاب الأخطاء.

 تحمل المسؤوليات

أشار بحث منشور في عام 2004 إلى ميل المصابين بمتلازمة المحتال إلى التركيز الشديد على مهام محدودة بدلًا من تنفيذ مهام إضافية بهدف إثبات قدراتهم، وذلك خوفًا من تشتيت انتباههم أو الإضرار بجودة مهامهم الأخرى.

 عدم الثقة بالنفس

قد يخلق النجاح دائرةً من الشك الذاتي لدى المصابين بمتلازمة المحتال، فيغدون عاجزين عن الاعتراف بإنجازاتهم مهما كانت مهمةً، وبدلًا من الاحتفال بتحقيقها، ينتابهم القلق من أن يكتشف الآخرون «حقيقة» قدراتهم.

 عزو النجاح إلى عوامل خارجية

ينكر أصحاب متلازمة المحتال كفاءتهم، ويشعرون بأن نجاحهم ناتج عن عوامل خارجية أو فرصة ما، وبالمثل، يلومون أنفسهم عندما تسوء الأمور نتيجة أسباب خارجية.

 عدم الرضا الوظيفي والإرهاق الوظيفي

قد لا يشعر الفرد بالتحدي الكافي في بيئة العمل، لكن الخوف من الفشل أو الاكتشاف يمنعه من السعي للحصول على ترقية أو مسؤولية إضافية. وخلال صراعه للتغلب على مشاعر عدم الكفاءة، يزيد تعرضه لخطر الإرهاق.

تشير نتائج دراسة في 2014 إلى أن الأشخاص الذين يعانون متلازمة المحتال يميلون إلى البقاء في مناصبهم لأنهم لا يؤمنون بأن بإمكانهم أداء عمل أفضل، إذ يقللون من قيمة مهاراتهم أو يفشلون في إدراك أهمية الأدوار والوظائف الأخرى في تسليط الضوء على قدراتهم.

 تجنب السعي للحصول على ترقية

يؤدي الاستخفاف بالمهارات والقدرات إلى إنكار أصحابها المصابين بمتلازمة المحتال قيمتها، ومن ثم يتجنبون السعي للحصول على ترقية أو علاوة لأنهم لا يؤمنون بأحقيتهم.

في الدراسة الأصلية لعام 1978، رجّح أفراد أكاديميون مصابون بالمتلازمة حدوث خطأ في عملية الاختيار عند حصولهم على وظائفهم، لأنهم لم يروا أنهم استحقوها.

كيف تؤثر العزلة في الصحة النفسية - أسباب حدوث متلازمة المحتال وبعض الطرق للتغلب عليها - لماذا يشعر بعض الناس أنهم يحتالون على غيرهم

 التركيز على المهام وتحديد الأهداف

قد يؤدي الخوف من الفشل والحاجة إلى التفوق إلى ما يسمى الإفراط التحصيلي، إذ يضع الشخص لنفسه أهدافًا صعبة ويواجه خيبة أمل عند عجزه عن تحقيقها.

 التأثير في الصحة النفسية

قد يؤدي الخوف من عدم امتلاك الكفاءة المطلوبة إلى الإضرار بالصحة النفسية، ومن الأمثلة الشائعة نذكر اختبار الفرد ما يلي:

  •  القلق.
  •  خوف الفرد من كونه محتالًا.
  •  الكآبة.
  •  الإحباط.
  •  قلة الثقة بالنفس.
  •  الشعور بالخزي والعار.

على أي حال، لا يصنف الخبراء متلازمة المحتال بالمرض النفسي.

أنواع المحتالين

حددت الدكتورة فاليري يونغ، مؤلفة كتاب «الأفكار السرية للنساء الناجحات: لماذا يعاني الأشخاص المؤهلين متلازمة المحتال وكيف ينجحون رغمًا عنها»، خمسة أنواع من «المحتالين».

  1.  الخبير: لن يشعر الخبير بالرضا عند الانتهاء من مهمة حتى يشعر بأنه يعرف كل شيء عنها، ومن ثم قد يؤدي الوقت المستغرق في البحث عن المعلومات إلى صعوبة إكمال المهام والمشاريع.
  2.  الساعي للكمال: يختبر هذا الشخص مستويات عالية من القلق والشك، خاصةً عندما يضع لنفسه أهدافًا شديدة الصعوبة لا يستطيع تحقيقها، ويصب جل تركيزه على المجالات التي كان بإمكانه تحسينها في عمله، بدلًا من الاحتفال بإنجازاته.
  3.  العبقري بالفطرة: شخص يتقن الكثير من المهارات الجديدة بسرعة وسهولة، وقد يشعر بالخجل والضعف عند مواجهة هدف فائق الصعوبة، لذلك قد يستفيد من تعلم أن كل شخص يحتاج إلى النضال لتحقيق بعض الأهداف.
  4.  المنفرد أو «الفرداني الجسور»: يحب العمل بمفرده، خوفًا من رؤيته بمثابة شخص قليل الكفاءة في حال طلب المساعدة، وقد يصل الأمر به إلى رفض العون المقدم إليه في محاولة لإثبات قيمته الذاتية.
  5.  البطل الخارق: غالبًا ما يتفوق بسبب الجهد الشديد الذي يتجلى في حالات «إدمان العمل»، ما قد يفتح الباب أمام إصابته بالإرهاق، ومن ثم التأثير في صحته الجسدية والنفسية وعلاقاته مع الآخرين.

ما عوامل الخطر؟

قد تظهر متلازمة المحتال لدى أي شخص، لكن عوامل عدة تزيد من خطر الإصابة، ومنها:

  •  تحديات جديدة: قد يمثل ظهور فرص جديدة أو تحقيق إنجازات شرارةً تثير شعور الفرد «بالاحتيال» وعدم استحقاق منصب جديد أو العجز عن تحقيق الأداء المطلوب فيه.
  •  البيئة الأسرية: عندما يكبر الفرد جنبًا إلى جنب مع شقيقه «الموهوب»، قد تتشرب شخصيته شعور النقص غير المسوغ، وفي الوقت نفسه، قد تتسلل الشكوك مستقبلًا لدى الأفراد الذين أظهروا تفوقًا في فترة الطفولة عند مواجهات تحديات صعبة لاحقًا.
  •  الانتماء إلى مجموعة سكانية مهمشة: تشير الأبحاث إلى ارتفاع نسب ظهور هذه المتلازمة لدى أفراد بعض المجموعات العرقية، ربما بسبب تعرضهم للتمييز العنصري.
  •  الإصابة بالاكتئاب والقلق: أمر شائع بين «المحتالين».

بينما تركز الكثير من الدراسات على الإناث، تشير الأبحاث إلى أن العمر والجنس لا يؤثران في احتمالية الإصابة بمتلازمة المحتال.

نصائح للتغلب على متلازمة المحتال

لا يوجد حاليًا علاج محدد لمتلازمة المحتال، ولكن يستطيع الأفراد طلب المساعدة من اختصاصي في الصحة النفسية إذا ساورهم القلق حيال تأثيرها في حياتهم.

قد تساعد الخطوات التالية أيضًا على السيطرة على شعور النقص المتعلق بمتلازمة المحتال والتغلب عليه.

 تكلم عن مشكلتك

تؤدي مشاركة المشاعر مع زميل موثوق به أو صديق أو أحد أفراد الأسرة أو تلقي تعليقات منه دورًا فعالًا في تطوير منظور أكثر واقعية لقدرات الفرد وكفاءته، ويوصي بعض الخبراء بالعلاج الجماعي خيارًا علاجيًا، إذ يظن كثير من المصابين أنهم وحدهم من يختبرون هذه المشاعر، ما يؤدي إلى العزلة. بالإضافة إلى ذلك ستمكن عملية الانفتاح الفكري مع اختصاصي الصحة النفسية الشخص من تحديد الأسباب الكامنة خلف مشاعره، ما يمنحه الفرصة لمعالجة الأسباب الأساسية.

 انتبه للأعراض

قد تساعد معرفة ماهية متلازمة المحتال وسبب حدوثها الناس على اكتشاف الأعراض عند ظهورها وتطبيق استراتيجيات للتغلب على شكوكهم.

 تقبل أن الكمالية أمر مستحيل

للحصول على شعور صحي بقيمة الذات وتقديرها، يحتاج الشخص إلى قبول نقاط قوته وضعفه، فلا يوجد شخص مثالي، والأخطاء جزء لا مفر منه من الحياة، لذا تعلم كيفية تقبل الحياة عندما تعترضنا الصعوبات لتعزز مرونتك وصحتك النفسية.

 تحدَّ الأفكار السلبية

يُعدّ تبديل الأفكار الإيجابية بالأفكار السلبية خطوةً أساسيةً نحو التغلب على متلازمة المحتال.

تتضمن النصائح:

  •  الاحتفال بالإنجازات الحالية.
  •  تذكر النجاحات السابقة.
  •  الاحتفاظ بسجل للتعليقات الإيجابية من الآخرين.

يهدف العلاج المعرفي السلوكي إلى تحسين استراتيجيات المواجهة عبر تحدي أنماط التفكير غير المجدي.

التشخيص

لا تُعد متلازمة المحتال اضطرابًا معترفًا به، ولا يسرد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (الإصدار الخامس) (DSM-5) معايير تشخيصه. على أي حال، يرى بعض الخبراء أن عدم إدراجها خيار صحيح.

يستطيع اختصاصي الصحة النفسية مساعدة «المحتالين» في التغلب على مشكلتهم والأعراض الأخرى المرافقة.

العبرة

  1.  يختبر الكثير من الأشخاص أعراض متلازمة المحتال في وقت ما، ويبقى من المهم تذكر أن التصورات لا تعكس الواقع دائمًا.
  2.  تشمل طرق التغلب عليها الحديث عن المخاوف وتحدي الأفكار السلبية والاحتفاظ بسجل من الإنجازات والاحتفال بالنجاحات.
  3.  قد تساعد اللقاءات مع اختصاصي الصحة النفسية في حل المشكلة، خاصةً عندما تستمر الأعراض أو تؤثر بشدة في صحة الفرد النفسية ونوعية حياته.

اقرأ أيضًا:

أشيع المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالصحة النفسية

كيف تؤثر العزلة في الصحة النفسية؟

ترجمة: حسام شبلي

تدقيق: عون حدّاد

مراجعة: آية فحماوي

المصدر