تتجاوز قاعدة نصل أوكام التعقيد بمقاربة عملية واضحة، وضعها الراهب الفرانسيسكاني ويليام أوكام في القرن الرابع عشر على هيئة مبدأ فلسفيّ ينص على التالي: «لا يجب أن نفترض التعقيد دون ضرورة»، وبتعبير آخر: عند تماثل كل العوامل، البساطة هي الأفضل.

أهذا صحيح حقًا؟ وهل التفسير الأبسط هو الأصح؟

ليس تمامًا، فأوكام لم يقل أبدًا أن البساطة أفضل من التعقيد في الأصل، ولم يزعم أن التفسيرات المعقدة خاطئة بالمطلق.

إذ تتطلب الأسئلة العلمية المعقدة أجوبة معقدة غالبًا، ولا يتعارض ذلك مع نصل أوكام.

فالمبدأ ينص ببساطة على أنه لا حاجة للتعقيد ما لم يكن ضروريًا.

يقول غونغو مكفادن، الأستاذ في جامعة ساري في المملكة المتحدة ومؤلف كتاب «الحياة بسيطة: كيف حرر نصل أوكام العلم وشكّل الكون»: «يتمحور مبدأ نصل أوكام حول إيجاد أبسط الحلول الناجعة، لا يفشل هذا المبدأ طالما نتذكر شرط الضرورة».

لم يكن أوكام أول من دعم البساطة.

فقد رأى أرسطو أن «الحل المحدود مفضل دائمًا ما دام ملائمًا»، وعدّ بطليموس أنه «من الأفضل تفسير الظواهر بأبسط فرضية ممكنة».

بعد مضي نحو ثلاثة قرون على نشوء نصل أوكام، صرح إسحاق نيوتن: «ليس علينا أن ننسب الظواهر الطبيعية لأسباب تتعدى الأسباب الصحيحة والكافية لتفسير ظهورها».

بعد 200 عام من ذلك، وافق ألبرت أينشتاين على أن «كل شيء يجب أن يُنجز بأبسط شكل ممكن، لكن ليس أبسط من اللازم». وهذا الاقتباس بحد ذاته تبسيط لقوله الأصلي.

مبدأ نصل أوكام فعّال عندما يُستخدم على نحو صحيح.

إذا أنجز برنامجان حاسوبيان المهمة نفسها، فالبرنامج الذي يحتاج رموزًا برمجية أقل هو حتمًا أكثر كفاءة.

التشخيص الطبي الأبسط هو الصحيح عادةً، وانطلاقًا من هذا المبدأ يلقَّن الأطباء المتدربون في المشافي، مثلًا يقال: عندما تسمعون وقع حوافر، فكروا في الأحصنة لا في الحُمُر الوحشية. ينص القانون الثاني للديناميكا الحرارية على التالي: (تزداد الأنتروبية في أي عملية مع مرور الوقت) وأحد تطبيقات هذا القانون التي تتوافق مع نصل أوكام أن هذه العمليات تستهلك دائمًا أقل قدر ممكن من الطاقة.

يقول مكفادن: «اقترح كوبرنيكوس أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية؛ لأن ذلك كان النموذج الأبسط فحسب، وكان وجود جسيم بوزون هيغز واحد الحل الأبسط لمعادلات الفيزياء الجسيمية. بين هاتين النقطتين آلاف التطورات العلمية التي اعتمدت على البساطة».

لكن إساءة استخدام نصل أوكام ستوقعنا في فخ التعميم المبالغ فيه. إذ لا يعني هذا المبدأ أن نثق في النظرية الأبسط ثقة عمياء دون التحقق من صحتها.

يقول إيليوت سوبر، أستاذ الفلسفة في جامعة ويسكونسن ماديسون ومؤلف كتاب (نصل أوكام: دليل الاستخدام): «كثيرًا ما تكون الفرضية الأبسط أبسط مما يجب، فبساطة الفرضية عامل واحد من بين عدة عوامل تساهم في تقييم صحة الفرضية».

قد يسبب نصل أوكام مشكلات أكثر مما يحل عندما يتعلق الأمر بعلم البيانات، يقول بيدرو دومينغوس، أستاذ علم وهندسة الحاسوب في جامعة واشنطن في سياتل: «في تلك الحالة، المقاربة الأسهل خاطئة عادة».

عندما درس دومينغوس إمكانية تطبيق نصل أوكام على تعلم الآلة في بداية الألفية، وجد أن النماذج البسيطة متفوقة على النماذج المعقدة فقط عندما تكون بنفس الكفاءة في توقع بيانات جديدة.

يضيف دومينغوس: «أظهر تعلم الآلة مرارًا وتكرارًا في مجموعات النماذج والتعلم العميق وغيرها، أن المقاربة الأكثر تعقيدًا هي الأصح، وليس هذا أمرًا مفاجئًا؛ فالظواهر التي نحاكيها أعقد من النماذج غالبًا، وكلما اقتربنا من درجة تعقيدها الفعلية زادت دقة النماذج».

مع ذلك يبقى نصل أوكام أداةً مفيدة لحصر الفرضيات، في حياتنا اليومية على الأقل.

يقول مكفادن ختامًا: «الكون مكان معقد، لكنه أحيانًا يُجعل أكثر تعقيدًا نتيجة تقديم تفسيرات معقدة تناسب معتقدات أو فلسفات أو قناعات سياسية معينة، يدفعنا نصل أوكام لتجاهل كل تلك العوامل».

اقرأ أيضًا:

دور العلم في حياتنا

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: تسبيح علي

المصدر