كل الشركات الناشئة هي شركات تجارية، لكن ليست كل شركة تُعد شركة ناشئة. لقد أُنشئ ما يقرب من 100 ألف شركة جديدة كل أسبوع في الولايات المتحدة في عام 2022.

لكن ما الذي يميز الشركات الناشئة؟

صرح مؤلف هذا المقال جويل ماير: «بصفتي أستاذًا في التسويق والابتكار، ونظرًا إلى أنني عملت في شركات ناشئة متعددة من بينها نتفليكس-Netflix في أيامها الأولى، أستطيع أن أبيّن بعض الفوارق بين الشركة الناشئة والشركة التقليدية».

تبتكر الشركات الناشئة شيئًا جديدًا، أما الشركات التقليدية فلديها عادةً حلّ ثابت لكل مشكلة معروفة، وهي لا تطوّر شيئًا جديدًا يُذكر.

مثلًا، قد يُعد مطعم السوشي الجديد في حيّ ما شركة جديدة، لكنه ليس شركة ناشئة على الإطلاق. ومع ذلك، إذا طوّرت شركة محليّة جهازًا يصنع السوشي بطريقة آلية، وحاولت هذه الشركة إقناع المطاعم بتجربته، فستكون هذه شركة ناشئة. أي بينما يحاول المطعم تلبية حاجة الحيّ للسوشي، تحاول الشركة المسوِّقة للجهاز تغيير كل مطاعم السوشي بطريقتها الجديدة.

تقوم فكرة الشركة الناشئة على ابتكار لم يُطرح في السوق من قبل. وقد يكون هذا الابتكار منتجًا أو خدمة أو تكنولوجيا أو آلية أو علامة تجارية أو حتى نموذج أعمال جديد. وبصفة عامة، تكون لها أهداف كبيرة تتعلق بتغيير القطاع أو سلوك المستهلك الحالي أو منافسة الشركات الرائدة في السوق.

لنفكر مثلًا في أوبر-Uber؛ الشركة الناشئة المبتكرة التي كانت في الأصل تعمل في سان فرانسيسكو. لقد أسست لنموذج سيارات الأجرة الذي أثبت نجاعته بمرور الزمن بصفته شركة ناشئة، وصنع تطبيقًا فريدًا من نوعه للرحلات المشتركة لم يسبق وجوده من قبل.

الهدف من الشركات الناشئة:

بغض النظر عن موقعها أو المنتج الذي تقدمه، فإن الغاية الأساسية لأية شركة ناشئة هي معرفة هل هناك حاجة لمُنتجها أم لا؟ لذا تحاول الشركات الناشئة العثور على وجهة لتسويق الحل الجديد الذي تبتكره.

مَن الذي سيقيّم ويشتري ما تطوّره هذه الشركات؟ غالبًا ما تكون لدى الشركات الناشئة صورة واضحة عن المُتلقّي الذي سيعجبه منتجها، لكنها لا تكون دائمًا فكرة صحيحة.

مثلًا، ترأس جويل ماير قسم التسويق في شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا اسمها Contactually تركز على العلاقة بالعملاء.
وعندما بدأت شركة Contactually بالترويج لخدماتها، ركّزت على الشركات الصغيرة في عدّة قطاعات، ظنًا منها أن المنتج سوف يلبي الاحتياجات تلبية متساوية في جميع تلك القطاعات. لكننا اكتشفنا لاحقًا أن عرضنا أثبت نجاعته بصفة خاصة مع وكلاء وسماسرة العقارات، وبدأنا نبذل كل الجهود لتلبية احتياجات هذه المجموعة حصرًا.

إن جزءًا من تحديد السوق المُستهدف يتضمن مدى الملاءمة بين المنتج والسوق؛ أي مدى قابلية المنتج لتلبية حاجة السوق. إذ تعلم الشركات الناشئة أنها قد تحقق نجاحًا عندما يشتري العملاء من السوق المستهدف ابتكارها الجديد، ويرغبون في مشاركة تجاربهم الإيجابية مع الآخرين.

عندما تتجاوز شركة ناشئة هذه المراحل، فسوف تحاول التوسع. وهذا يعني تنمية الشركة الناشئة تنمية ناجحة لا يقيّدها التمويل أو الموظفون.

مثلًا، عندما أطلقت نتفليكس-Netflix منصة البث التي بدأتها عام 2010، تمكّنت من التوسع حول العالم بطريقة أسهل وأسرع مما كانت ستفعله لو ظلّت ملتزمة بنموذج الأعمال الأصلي القائم على بيع أقراص DVD عبر البريد الإلكتروني.

أخيرًا، كي تستطيع الشركة الناشئة إنجاز ما يلزمها للتوسع، يجب أن تركز على قضاء الوقت مع عملائها والتعلم منهم. وفور وصولها إلى حجم معين، يقل تركيز معظم الشركات على التعلم من العملاء، وينتقل إلى جعلها أكثر كفاءة.

التحوّل إلى شركة ذات مكانة في السوق:

تُعد شركات أمازون-Amazon ونتفليكس-Netflix وإير بي إن بي-Airbnb وأوبر-Uber من مراكز القوى العالمية، التي بدأت بصفتها شركات ناشئة. لكن تنمية شركة ناشئة لكي تصبح شركة ناجحة مزدهرة أمر في غاية الصعوبة. إذ تُظهر البيانات الخاصة بهذا القطاع أن 90% من الشركات الناشئة سوف تفشل.

عندما تُؤسَّس الشركات التقليدية داخل أسواقها، تجد نفسها أمام تحدّ مختلف وهو العمل بنجاعة أكبر. بينما قد تعتمد المشاريع الناشئة على التمويل من أنواع مختلفة من المستثمرين الخارجيين حتى تجد لنفسها موطئ قدم، تحتاجُ الشركة المُستقرّة إلى أن تعمل بسلاسة لتحقّق ربحًا من مبيعاتها.

تحتاج الشركات غير الناشئة إلى معرفة كيفية إدارة العاملين لديها بطريقة أفضل، وإدارة الأعمال بطريقة تحلّ بها مشكلات العملاء، وتُمكّن الشركة من تحقيق جميع أهدافها في الآن نفسه.

قد تكون الأهداف المحددة لشركة غير ناشئة هي مبلغ الأموال أو الأرباح التي تحققها الشركة، أو كيفية التوسع أكثر وأسرع ووجهة هذا التوسع، أو الوقت الذي تستغرقه لصناعة مُنتج، أو كيفية صناعة المزيد من المنتجات بكمية الموارد نفسها أو أقل.

في حين يركز مشروع الشركة الناشئة على تحديد هل هنالك طلب على المنتج الجديد والمبتكر أم لا؟ لذلك، فإن الهدف الأساسي للشركة التقليدية هو خلق استثمار قد يدوم على المستقبل البعيد.

يستطيع مشروع ناشئ ناجح مثل أوبر-Uber أو نتفليكس-Netflix أن يتوسع وينمو إن حالفه الحظ، ومن ثمّ يتطور في نهاية المطاف إلى شركة تقليدية، وربما يحاول مشروع ناشئ في المستقبل إزاحتها عن موقعها مستعملًا فكرة جديدة تمامًا.

اقرأ أيضًا:

كل ما عليك معرفته عن الشركات الناشئة

الشركات الصغيرة والمتوسطة

ترجمة: زياد نصر

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر