تشير الأبحاث التي أُجريت في مختبر الدكتور مايكل غولدنغ في جامعة تكساس إيه آند إم إلى أن تعاطي الكحول لدى الذكور يؤثر سلبًا في معدلات نجاح محاولات إنجاب أطفال الأنابيب (IVF)، ومن ثم زيادة العبء المالي على الوالدين والضغط العاطفي في حال عدم نجاح المحاولة.

يسلط هذا البحث الضوء على أهمية الوعي بالمخاطر الإنجابية لتعاطي كلا الوالدين الكحول، إذ إن البحث المنشور مؤخرًا يعد جزءًا من البرنامج البحثي الذي أجراه الدكتور غولدنغ. يركز فيه على فهم آلية مساهمة الكحول قبل الحمل في نشوء التشوهات الخلقية والأمراض التي يسببها الكحول.

أكد الباحثون أن هذه الدراسة بالذات تسلط الضوء على أهمية تعزيز الوعي تجاه الأفعال التي تؤثر في الخصوبة والحمل للتأكيد على الخطر الإنجابي لتعاطي الكحول من قبل كلا الوالدين، وليس فقط الأم.

تُستخدم التقنيات المساعدة على الإنجاب (ART) -مثل التلقيح الاصطناعي- بازدياد من قبل الأزواج الذين يعانون مشكلات الإخصاب، إذ تقدّر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن نحو 2% من جميع الأطفال المولودين في الولايات المتحدة أُنجبوا باللجوء إلى تقنيات (ART)، ما يعني أن طفلًا واحدًا من بين كل 50 طفلًا قد وُلِد باللجوء إلى تقنيات (ART) عام 2021، وفقًا للبيانات المسجلة للولادات من قبل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

يقول الدكتور غولدنغ الأستاذ المشارك في قسم علم وظائف الأعضاء البيطري وعلم الأدوية في كلية الطب البيطري والعلوم الطبية الحيوية: «إن هذه الإحصائيات هي خير دليل على أهمية النظر في مساهمات الوالدين وتأثيرها على نتائج الحمل والإخصاب».

«نُوصي المرأة دائمًا بالانتباه إلى غذائها، والإقلاع عن التدخين في حال كانت مدخنة، بالإضافة إلى الالتزام بتوصيات الطبيب لتحسين الخصوبة. من جهة أخرى، لا تُقدم أي توصيات للرجل، إذ يُعد هذا خطأً لأن ما نستنتجه في هذا البحث هو أن احتمال نجاح محاولات الزوجين في إجراء التلقيح الاصطناعي تزداد ببساطة من خلال معالجة العادات الصحية لكلا الوالدين».

استخدم غولدنغ الفأر في بحثه لتحديد آثار تعاطي الأب الكحول على نتائج الحمل في التلقيح الاصطناعي. شمل النموذج على مجموعة قياسية مثلت الذكور الذين لا يتعاطون الكحول، ومجموعة مثلت الذكور الذين يتعاطون الكحول ضمن الحد القانوني، ومجموعة مثلت الذكور الذين يتعاطون الكحول بمعدل مرة ونصف عن الحد القانوني.

كشفت نتائج البحث أنه كلما زاد تعاطي الأب للكحول قبل إجراء عملية توفير الحيوانات المنوية لاستخدامها في تقنية الإخصاب المساعد، قل احتمال نجاح الحمل.

قال غولدنغ: «إن رؤية الآثار السلبية في كل من المجموعة التي تتعاطى الكحول ضمن الحد القانوني والمجموعة التي تتعاطاه بمعدل مرة ونصف من الحد القانوني كشفت أنه مع زيادة جرعة الكحول، فإن الأمور تزداد سوءًا».

«لقد فاجأني ذلك حقًا. لم أكن أظن أن النتيجة ستكون حاسمة إلى هذه الدرجة. ما أكد ذلك حقًا أنه حتى المستويات المتواضعة جدًا من التعرض كانت تؤثر في الحمل والغرس ومعدلات نجاح الحمل الإجمالية في التلقيح الاصطناعي».

أفادت طالبة الدكتوراه ألكسيس روتش من مختبر غولدنغ للأبحاث التي كانت الباحثة المسؤولة عن الدراسة المنشورة حديثًا عن التلقيح الاصطناعي أن النتائج التي توصل إليها فريقها والدراسات الأخرى التي أُجريت في مختبر غولدنغ تتحدى السرد الذي يركز على الأمهات في المقام الأول لأبحاث التلقيح الاصطناعي السابقة، ومن المهم إتاحة نتائج هذا البحث للجمهور.

وأضافت: «إن أهم جانب في هذا البحث هو أن الأبوين بنسبة متساوية يساهمان في تحقيق نتائج حمل ناجحة، مع أن الافتراض العام بأن الأمر يتعلق بالنساء فقط». «أهم ما يمكن استخلاصه من هذا البحث هو أن الرجل الذي يفكر في تكوين أسرة، يجب أن يمتنع عن تعاطي الكحول حتى تحمل زوجته».

خلُص البحث إلى أن تعاطي الذكور للكحول يعيق قدرة الجنين على الانغراس بنجاح في الرحم ويقلل من معدلات بقاء الأجنة على قيد الحياة. وكشف البحث عن مزيد من الأسئلة حول نمو الجنين وتعاطي الأب للكحول. يواصل مختبر غولدنغ البحث في هذه الأسئلة والجوانب الأبوية لاضطرابات الطيف الكحولي للجنين، وهي مجموعة من الحالات التي يمكن أن تحدث عندما يتعرض الطفل للكحول قبل الولادة. يهدف عمله إلى تقديم نظرة شاملة لفهم نمو الجنين والحمل من خلال فحص دور الأب.

إن الخطوة التالية في الوقت الحالي في تحسين نتائج الحمل في عمليات التلقيح الاصطناعي هي نقل الاكتشافات من هذا البحث إلى أيدي وأعين وآذان الأشخاص الذين يفكرون في العلاج بتقنيات الإخصاب المساعد للمساعدة في تكوين أسرهم.

يقول غولدنغ: «من المهم أن نتذكر أن الأزواج الذين يعانون مشكلات الخصوبة والذين اختاروا متابعة عمليات التلقيح الصناعي يتعرضون لضغوط عاطفية ومالية شديدة، ترتبط بالشعور بالعجز». توضح دراستنا أن شرب الكحول هو عامل غير معترف به يؤثر سلبًا في معدلات نجاح الحمل في عمليات التلقيح الاصطناعي.

لذلك، نظرًا إلى أنه يتغير تعاطي الكحول بسهولة، تحدد دراستنا عنصر عمل مشترك يمكنه تمكين الزوجين من العمل معًا لتحقيق هدفهما المتمثل في الحمل».

اقرأ أيضًا:

متلازمة الجنين الكحولي FAS: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

يتحسن الإدراك لدى مدمني الكحول في حال الإقلاع عنه بعد 18 يوم فقط!

ترجمة: سارا رياض الخضر

تدقيق: أسعد الأسعد

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر