يشير رهاب الماء إلى الخوف الشديد وغير المنطقي من الماء، إذ يُظهر العديد من الأشخاص درجة معينة من الخوف أو الحذر لأنواع معينة من المياه، مثل المستنقعات أو المد العالي أو منحدرات الأنهار، ومع ذلك قد يعاني المصابون برهاب الماء القلق المفرط تجاه المسطحات المائية التي تبدو غير مؤذية مثل برك السباحة أو أحواض الاستحمام.

ستناقش هذه المقالة ماهيّة رهاب الماء، إضافةً إلى أسبابه وأعراضه وخيارات العلاج.

ما هو رهاب الماء؟

يصف مصطلح رهاب الماء نوعًا من اضطرابات القلق الذي يتمثل بالخوف الشديد أو النفور من الماء؛ وفقًا لجمعية القلق والاكتئاب الأمريكية ADAA -وهي منظمة غير ربحية هدفها الوقاية من القلق والاكتئاب وعلاجهما- تؤثر اضطرابات القلب على نحو 40 مليون بالغ سنويًا في الولايات المتحدة وحدها، وتقدّر منظمة الصحة العالمية أن 264 مليون شخص حول العالم يعانون اضطراب قلق واحد على الأقل في عام 2015.

وفقًا للمعهد الوطني للصحة العقلية، يعاني نحو 9.1% من البالغين في الولايات المتحدة الرهاب المحدد (الفوبيا). تتضمن اضطرابات القلق مجموعة من الحالات التي تنطوي على الشعور بالخوف والقلق، والرهاب المحدد -بما في ذلك رهاب الماء- هو نوع من اضطرابات القلق.

تختلف شدة رهاب الماء من شخص لآخر مثل اضطرابات القلق الأخرى، فقد يخشى بعض الناس المسطحات المائية العميقة أو الأنهار سريعة التدفق، بينما يخشى آخرون أي مسطح مائي مثل برك السباحة وأحواض المياه الساخنة وأحواض الاستحمام.

الأسباب

ما زال سبب رهاب الماء وأنواع أخرى من الرهاب المحدد غير معروف، ومع ذلك تشير إحدى النظريات إلى أن الرهاب يتطور عندما يواجه الشخص حدثًا أو استجابةً عاطفية في أثناء تعرضه لشيء أو موقف يثير الخوف والقلق، مثلًا قد يكون الشخص يسبح في البحر أو المسبح ويتعرض لإصابة أو يشاهد شخصًا يغرق، ونتيجة لهذين الحدثين المتزامنين قد يربط الشخص بين الماء والخطر دائمًا.

تشير نظرية أخرى إلى أن الرهاب هو نتيجة ارتباطات مكتسبة، فقد يصاب الشخص مثلًا برهابٍ معين بعد ملاحظة رد فعل رهابي لدى شخص آخر مثل أحد الوالدين أو الإخوة أو الأصدقاء، فيستوعب الشخص رد فعل الخوف لدى شخص آخر ويكوّن نفورًا مشابهًا من هذا الشيء أو الموقف.

تميل أعراض رهاب الحيوانات ورهاب حُقن الدم أو الجرح ورهاب البيئة الطبيعية ومنها رهاب الماء إلى الظهور في أثناء الطفولة وفقًا لمؤلفي مقال نُشر عام 2020.

الأعراض

تختلف أعراض رهاب الماء من شخص لآخر كثيرًا، قد يشعر بعض الناس مثلًا بالخوف عند تواجد المياه العميقة أو المد العالي، بينما يعاني آخرون القلق الشديد بمجرد التفكير بالماء، ويكون القلق استجابةً للماء نفسه بصرف النظر عن نوع هذا الماء وكميته.

تشمل بعض أعراض رهاب الماء ما يلي:

  •  شعور فوري بالخوف أو القلق أو الذعر عند التفكير بالماء.
  •  شعور مفرط أو غير منطقي بالخوف والنفور عند وجود الماء.
  •  إدراك أن الخوف من الماء غير مبرر.
  •  الخوف والقلق بوجود الماء والذي يؤثر بوضوح على قدرة الشخص على التواصل مع الآخرين أو العمل.
  •  استمرار تجنب الماء.

من المرجح أن يعاني الشخص المصاب برهاب الماء القلق أو الخوف عند تعرضه للماء، وتشمل الآثار الجسدية ما يلي:

  •  تسرع ضربات القلب.
  •  التعرق.
  •  قشعريرة.
  •  تنفس سطحي.
  •  ضيق أو ألم في الصدر أو الحلق.
  •  ارتجاف أو ارتعاش.
  •  الشعور ب «فراشات المعدة».
  •  جفاف الفم.
  •  دوار.
  •  غثيان.
  •  ارتباك.

قد يعبّر الأطفال المصابون برهاب محدد عن القلق أو الخوف عبر:

  •  البكاء.
  •  نوبات الغضب.
  •  رفض الكلام أو التحرك.
  •  التشبث الجسدي بأحد الوالدين أو بشيء ما.

غالبًا ما يعاني الأشخاص المصابون برهاب محدد حالةً نفسية إضافية واحدة على الأقل. وفقًا لبيانات من مسوح الصحة النفسية العالمية، فإن نحو 60.5% من المصابين برهاب محدد مدى الحياة لديهم حالة نفسية أخرى على الأقل، بما في ذلك:

  •  نوع مختلف من اضطرابات القلق.
  •  اكتئاب.
  •  اضطراب ثنائي القطب.
  •  اضطراب تعاطي المخدرات.
  •  اضطراب السيطرة على الانفعالات.

العلاج

يعد الرهاب ذو قابلية كبيرة للعلاج، ولتلقي العلاج الصحيح ينبغي على المعالج النفسي المرخّص تقييم أعراض الشخص وتشخيص رهابه المحدد؛ يراجع المعالج النفسي التاريخ الطبي للشخص في أثناء التقييم التشخيصي، ويطلب منه وصف نوع الأعراض وشدتها ومدتها، يدرك معظم الأشخاص المصابون برهاب الماء وأنواع الرهاب الأخرى أن لديهم استجابة خوف شديدة أو غير عقلانية، وقد يؤدي هذا الشعور بالوعي الذاتي إلى تسريع التشخيص.

يجب على المعالج النفسي استبعاد الأنواع الأخرى من اضطرابات القلق، مثل:

  •  اضطراب القلق العام.
  •  اضطراب ما بعد الصدمة.
  •  اضطراب الوسواس القهري.
  •  اضطراب الهلع.

يُعالج الرهاب المحدد عادةً بمزيج من العلاج بالتعرّض والعلاج السلوكي المعرفي CBT.

العلاج بالتعرّض

قد يساعد العلاج بالتعرض على تغيير استجابة الشخص للخوف عبر تعريضه بنحو متكرر للأشياء أو الحالات التي تثير الاستجابة الرهابية، وغالبًا ما يتم العلاج بالتعرض على عدة جلسات يُعرَّض الشخص فيها تدريجيًا لمصدر رهابه عبر مراحل متصاعدة، يجرى العلاج بالتعرض في بيئة آمنة ومراقبة دائمًا، وخلال كل جلسة تُسجّل وتُحلّل ردود أفعال الشخص وأفكاره ومشاعره وأحاسيسه.

إذا أظهر الشخص تحسنًا قد ينقله المعالج إلى المرحلة التالية من التعرض، أما إذا شعر الشخص بعدم الراحة أو ظهرت عليه أعراض أكثر حدةً فقد يُرجَع إلى شكل أقل حدةً من التعرض.

من الممكن أن يشمل العلاج بالتعرض لشخص لديه رهاب الماء المراحل التالية:

  •  التفكير بالماء والتحدث عنه.
  •  النظر إلى الصور أو مشاهدة مقاطع فيديو عن الماء.
  •  ملامسة الماء في كأس أو حوض استحمام.
  •  فتح الصنابير وإغلاقها.
  •  لمس المياه الجارية.
  •  الوقوف بجانب حوض سباحة أو بحيرة أو بحر.
  •  وضع الجسم في الماء.

قد يوصي المعالج بنهج مختلف يسمى الفيضان، الذي يبدأ بأكثر أشكال التعرض صعوبةً أو كثافة، ومع ذلك قد تؤدي هذه الطريقة في بعض الأحيان إلى ضغوط غير ضرورية على الشخص، وهذا يعني أنه ينبغي على الشخص أن يخبر المعالج عن حدوده وتوقعاته خلال أي جلسة علاج.

العلاج السلوكي المعرفي CBT

هو طريقة أخرى في علاج الرهاب المحدد، فهو يعالج أنماط التفكير والسلوك التي تحدث في أثناء الاستجابة الرهابية.

يساعد المعالج النفسي الشخص على فهم أي أفكار وأنماط سلوكية تساهم في الرهاب ويعمل معه لتغيير هذه الأنماط للتغلب عليه، يتضمن العلاج السلوكي المعرفي أيضًا تعلم تقنيات الاسترخاء المختلفة وآليات المواجهة للتحكم بالقلق والخوف ويساعد ذلك في تعليم الأشخاص كيفية الاستجابة بطريقة مناسبة في أثناء العلاج بالتعرّض، قد يؤدي العلاج بالتعرّض إلى تفاقم استجابة الشخص الرهابية أو إعادة الصدمة إذا لم يعرف كيفية التعامل مع القلق أو الخوف.

ينبغي أن يحصل الناس على العلاج بالتعرّض من قبل المعالجين النفسيين المرخّصين والمدربين على علاج الرهاب المحدد وإدارة العلاج بالتعرض.

الخلاصة

يشير رهاب الماء إلى الخوف الشديد أو النفور من الماء ويصنف على أنه رهاب محدد، وغالبًا ما يصاب الناس بالرهاب المحدد في أثناء الطفولة.

قد يصاب الشخص برهاب الماء نتيجة تجربة شخصية مؤثرة مر بها هو أو أحد والديه في أثناء وجوده، ومع ذلك فإن رهاب الماء قابل للعلاج بنسبة كبيرة ويعد العلاج بالتعرض والعلاج المعرفي السلوكي علاجين فعالين يساعدان على تقليل مشاعر الخوف والقلق والذعر لدى المصابين.

اقرأ أيضًا:

كل ما تحتاج معرفته عن الرهاب Phobia

هل تخاف من العواصف؟ تعرف على رهاب البرق والرعد

ترجمة: طيف نزار زهرة

تدقيق: أحمد الحميّد

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر