إن كنت تتهرب، أو ترفض الأنشطة الاجتماعية كي تمارس الرياضة، فتلك علامات تشير إلى الإدمان. يبدأ الأمر بقرار للحصول على شكل جسم مثالي، ثم تصبح ممارسة الرياضة عادةً تستولي على حياتك، وتثير قلق من حولك. تقول اختصاصية الطب النفسي ليندسي هوناكر: «إن إدمان ممارسة الرياضة حقيقي، وقد يؤدي إلى عدة عواقب ضارة».

كيف تعرف إن كنت مدمنًا على ممارسة الرياضة؟ وكيف تتغلب على إدمانك؟

بدايةً، الإدمان هو أن تعتمد -نفسيًا أم جسديًا- مادةً أو سلوكًا ما. إذ تقول الطبيبة هوناكر: «إن إدمان التمارين الرياضية، هو نتيجة رغبة أو شعور دائم بالحاجة إلى ممارسة الرياضة، حتى لو علم الشخص أنها ستعود عليه بالضرر، والعواقب السيئة».

ومع أن الرياضة مفيدة، إلا أن ممارستها بإفراطٍ، أو تحت أوضاعٍ قاسية قد يكون خطيرًا، لأن عدم منح الجسم ما يكفي من الراحة؛ يضعف جهاز المناعة، ولما يضعف جهاز المناعة؛ نصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. مثل: “أنفلونزا، وكوفيد 19”.

وأضافت الطبيبة “هوناكر”: «لقد رأيت أيضًا حالات غير منطقية لأشخاص يدفعون أنفسهم إلى ممارسة الرياضة فوق حدود طاقتهم، إذ طوروا حالة مهددة للحياة، تسمى انحلال الربيدات، وهو تدمير سريع لألياف الخلايا العضلية الهيكلية المسؤولة عن حركة الجسم، والمتسبب في طرح البروتين العضلي الميوغلوبين في الدم و البول؛ ما يتسبب باضطرابات كلوية، والإصابة بالفشل الكلوي تحديدًا؛ لعجز الكلية عن التخلص من الفضلات والبول».

فضلًا عن الإفراط في ممارسة الرياضة، وإجهاد الجسم، قد يزيد من خطر الإصابة بأعراض عدة:

  1.  التجفاف.
  2.  الحرارة.
  3.  الإصابات، والرضوض، أو كسور العظام.

وتحذر الطبيبة “هوناكر” من إدمان التمارين الرياضية، فقد يكون بوابة لإدمان آخر، من الممكن أن يلجأ البعض إلى تناول مواد معينة، مثل: جرعة عالية من الكافيين والمنشطات؛ للتمكن من ممارسة الرياضة عند المرض، أو الشعور بانخفاض الطاقة.

وأضافت: «إنني أعرف لاعبي لياقة بدنية يتناولون المنشطات ومواد غير قانونية، مثل: الكوكايين؛ بهدف ممارسة الرياضة بنشاط».

وقد يستمر مدمن الرياضة في التمرين حتى حين حدوث كسر في أي من عظامه.

لماذا تسبب ممارسة الرياضة الإدمان أحيانًا؟

إن أدمغتنا مرتبطة جدًا بنظام المكافأة؛ وهذا يعني لما نواجه شيئًا ممتعًا، يطلق هذا النظام هرمونًا يسمى الدوبامين، وهو واحد من عدة هرمونات يصنعها جسدنا للإحساس بالسعادة.

وتفرز الغدة النخامية الإندورفين؛ الذي يعمل مسكنًا طبيعيًا للألم، ويزيد من المتعة.

وعند ممارسة الرياضة، فإن الجسم يطلق كل من الإندروفين والدوبامين، وعندما تتلاشى آثار هذه الهرمونات، يتذكر الدماغ مشاعر السعادة التي سببتها الرياضة، ويريد أن يكرر السلوك ذاته مرة أخرى لاستعادة تلك المشاعر السعيدة.

وهذا يشبه ما يفعله الدماغ عند تناول ك الكوكايين، وصولًا إلى السلوك الإدماني.

إن إدمان التمارين الرياضية ليس شائعًا بين عامة السكان، بل إنه أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين يعانون اضطرابات في الأكل أو القلق، وكذلك يرتبط بأنواع معينة من التمارين، مثل:

  1.  بناء الأجسام.
  2.  رياضات التحمل، مثل: ركوب الدراجات، وركض الماراثون.
  3.  حمل الأثقال.
  4.  المصارعة.

كيف تعرف إذا كنت مدمن على ممارسة الرياضة أم لا؟

لمعرفة ما إذا كانت لديك مشكلة، توصي الطبيبة هوناكر بسؤال نفسك:

  1.  هل أقضي كثيرًا من الوقت في ممارسة الرياضة؛ لتكرار الشعور بالسعادة؟
  2.  هل أقضي وقتًا أقل في القيام بأشياء اعتدتها، أو أرفض الأنشطة الاجتماعية للذهاب للتمرين؟
  3.  هل يدور يومي حول التمرين، أو أقضي معظم يومي في التفكير بالتمرين؟
  4.  هل أشعر بالضيق والانفعال عندما لا أمارس الرياضة، أو لا أستطيع الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؟
  5.  هل أسرتي أو أصدقائي يعبرون عن قلقهم بشأن عادات التمرين الخاصة بي؟
  6.  هل أعاني اضطراب النوم، أو أشعر بأي اضطرابات صحية أخرى؟
  7.  هل أمارس الرياضة سرًا، أو أتسلل للقيام بذلك؟

إذا كانت الإجابة (نعم) على معظم هذه الأسئلة، فقد تحتاج إلى المساعدة؛ لاستعادة التوازن في عاداتك الرياضية.

ما علاج الإدمان على ممارسة الرياضة؟

الخطوة الأولى: هي إدراك المشكلة والاستعداد للعلاج.

1- تغيير روتين التمرين:

توصي الطبيبة هوناكر بالتغيير البطيء لروتين التمرين الرياضي، وألا يتوقف الشخص المدمن فجأة، فذلك يكون أكثر ضررًا، ويقوي الرغبة في العودة والتمرين بجدية أكبر، وأضافت: «بدلًا من ذلك، ابدأ بتقليل عدد الأيام، أو الساعات، أو كثافة التدريبات الرياضية تدريجيًا».

2- العلاج بالكلام:

قالت الطبيبة هوناكر: «ابحثوا عن معالج يعالج بالسلوك المعرفي، أو علماء النفس الرياضي؛ هم أيضًا خيار ممتاز للعلاج».

لا يمكن للمعالجين المساعدة في وضع خطة لتخفيف الإدمان فحسب، بل يمكنهم أيضًا المساعدة في تغيير طريقة تفكير الأشخاص المدمنين حول التمرين، وإن كان الشخص يعاني مشكلات طبية أخرى. مثل: القلق، أو الاكتئاب أو اضطراب الأكل، فيمكنهم التعاون لحلها أيضًا.

3- العلاج الدوائي:

تساعد الأدوية الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية في معالجة القلق أو الاكتئاب أو التوتر.

وقد تساعد مضادات الاكتئاب، مثل: مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية في علاج الأفكار الوسواسية حول التمرين، كذلك تفيد الأشخاص الذين يعانون اضطرابات الأكل.

من المهم أيضًا، إجراء فحوصات للدم، فقد نجد في الفحوص المخبرية أحد أعراض إدمان التمارين الرياضية.

واختتمت الطبيبة هوناكر: «إن ممارسة الرياضة طريقة رائعة لخفض مستويات هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول الذي يساعد في التعامل مع القلق والاكتئاب ولكن لما تتجاوز الحدود السليمة في التمرين، قد ينتهي بك الأمر إلى زيادة مستويات هذه الهرمونات بدلًا من ذلك».

اقرأ أيضًا:

هل تمارس ما يكفي من الرياضة إذا كان كل ما تقوم به هو المشي؟

لماذا ينصح العلماء بممارسة الرياضة قبل تناول الفطور ؟

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: دانا فيصل توفيق

المصدر