يعاني نحو 3% من البالغين في العالم من الإكزيما، أو ما يُعرف بالتهاب الجلد التأتبي. الإكزيما مرض جلدي التهابي مزمن يسبب جفافًا شديدًا وخشونة وحكة في الجلد، وهي حالة لم يتوصل الأطباء حتى الآن إلى علاج شاف لها.

رغم وجود أدوية تساعد على تخفيف أعراض الإكزيما، فإن الحكة المستمرة والأعراض الأخرى قد تؤثر في جودة حياة الفرد. بينت أبحاث سابقة أن التهاب الجلد التأتبي قد يؤثر سلبًا في الصحة النفسية.

أفاد باحثون من جمعية الإكزيما الوطنية أن نحو 72% من الأشخاص المصابين بالإكزيما يعانون أعراضًا نفسية تتراوح مدتها من يوم إلى 10 أيام في الشهر، وتستمر الأعراض أكثر من 11 يومًا في الشهر لدى 17% من الحالات.

عُرضت نتائج الدراسة في الاجتماع السنوي للكلية الأمريكية للحساسية والربو والمناعة لعام 2024، ونُشرت في المجلة السنوية للحساسية والربو والمناعة.

العلاقة بين الإكزيما والصحة النفسية:

تقول مؤلفة الدراسة الدكتورة أليسون لوزيل، إن الباحثون قرروا إجراء دراسة لتقييم الصحة النفسية للأشخاص المصابين بالإكزيما، إذ أثبتت الأبحاث السابقة وجود علاقة بين التهاب الجلد التأتبي والصحة النفسية.

صرحت لوزيل: «تؤكد دراستنا وجود علاقة بين الإكزيما والصحة النفسية، وتضيف إلى الأبحاث السابقة تحديد عدد مرات مناقشة المخاوف المتعلقة بالصحة النفسية في إطار رعاية التهاب الجلد التأتبي».

«ركزنا خصوصًا على مرضى التهاب الجلد التأتبي الذين يراجعون طبيب الحساسية، بوصفه مقدم الرعاية الرئيسي لمرضى هذه الحالة».

ذكرت دراسة منشورة عام 2020 أن البالغين المصابين بالإكزيما أكثر عرضة للتشخيص بالاكتئاب والقلق، ويرتبط الاكتئاب بحدة الإكزيما. جاء في الدراسة أن عددًا كبيرًا من المصابين بالتهاب الجلد التأتبي أعربوا عن معاناتهم من الاكتئاب أكثر من سواهم.

الحاجة إلى معالجة المخاوف النفسية:

أجرت لوزيل وفريقها استطلاعًا عبر الإنترنت، أكمله 954 بالغًا مصابًا بالتهاب الجلد التأتبي. 23% من ممن شملهم الاستطلاع كانوا يراجعون اختصاصي حساسية، في حين راجع 124 من المشاركين طبيبًا عامًا.

ذكر 72% من المشاركين أنهم عانوا أعراضًا نفسية مدةً تتراوح بين يوم واحد و10 أيام خلال الشهر، وذكر 17% أنهم عانوا أعراضًا نفسية أكثر من 11 يومًا.

علقت لوزيل: «هذه النتائج مقلقة. تبين مجموعة كبيرة من الأبحاث العلاقة بين التهاب الجلد التأتبي وتدهور الصحة النفسية، خاصة لمن يعانون التهاب الجلد التأتبي المعتدل إلى الشديد. توجد حاجة هائلة غير مشبعة لمعالجة مخاوف الصحة النفسية بفعالية بين مرضى التهاب الجلد التأتبي».

العناية بالإكزيما:

أظهرت بيانات الاستطلاع أن 35% من المشاركين لم يسألوا اختصاصي الحساسية عن مخاوفهم المتعلقة بالصحة النفسية، وذكر 57% منهم أن الطبيب لم يسأل عن الأمر.

وفقًا للوزيل، تكمن أهمية النتائج في تسليط الضوء على الحاجة إلى الرعاية الشاملة لالتهاب الجلد التأتبي.

«مع تركيزنا على تخفيف الأعراض الجلدية للإكزيما، تفوتنا أمور أخرى مهمة للمرضى. تؤدي الأمراض التأتبية إلى الإضرار بالصحة النفسية، ما يضع على اختصاصي الحساسية عبء تخفيف المتاعب النفسية المصاحبة. تمكن مناقشة الصحة النفسية مع المرضى بما يتجاوز تأثير الإكزيما في بشرتهم، بالوعي والرغبة في الاستعانة بموارد الصحة النفسية وبالمتخصصين القادرين على المساعدة».

«مع أخذ وقت الطبيب الضيق في الحسبان، فإن الأسئلة العامة حول المزاج والعاطفة والنوم وتكرار الأعراض قد تكون نقطة البداية لتقصي الصحة النفسية للمرضى. تمكن الاستعانة بوسائل تقييم الصحة النفسية، مثل استبيان صحة المريض. أو تقييم تفاصيل النتائج الأخرى التي يبلغ عنها المريض، مثل أداة مكافحة التهاب الجلد التأتبي، التي تستغرق من دقيقة إلى دقيقتين لإتمامها، وتتضمن أسئلة عن النوم والمزاج».

كيف تؤثر الإكزيما في الصحة النفسية؟

قالت الدكتورة ألكسيس يونج، طبيبة الأمراض الجلدية في المركز الطبي بجامعة هاكنساك في نيوجيرسي، إنها لم تتفاجأ بنتائج الاستطلاع، لأن العيش مع طفح جلدي مزمن غير مريح يُعد تحديًا بالنسبة إلى المريض.

قال يونج: «الألياف العصبية التي تنقل الإحساس بالحكة هي ذاتها التي تنقل الألم، لذا سيكون الإحساس مزعجًا بشكل لا يُوصف للمريض الذي يعاني مرضًا جلديًا مثل التهاب الجلد التأتبي. غالبًا، تسوء الحكة ليلًا، ما يحرم المريض من النوم. قد تخلق قلة النوم بدورها صعوبات في ضبط العواطف، فيصبح المريض أكثر عرضة للاكتئاب».

«تعزز هذه الدراسة محاولة حل الحلقة المفرغة التي يعيشها المرضى، إذ كلما تفاقم شعورهم بالقلق، ازدادت حالتهم سوءًا، لأن الكرب هو سبب شائع لنوبات التهاب الجلد التأتبي».

صرحت يونج إن على الأطباء أن يفحصوا المرضى ليس فقط جسديًا، بل أن يستقصوا أيضًا حالتهم النفسية.

«أعتقد أن نتائج هذه الدراسة مفيدة، وتساعد على توجيه النقاش المتعلق بالصحة النفسية. نملك الآن بيانات ملموسة تمكننا من تعزيز نقاش الصحة النفسية مع مرضانا».

اقرأ أيضًا:

الإكزيما النازة: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الإكزيما: التهاب الجلد التأتبي

ترجمة: سوزان عبود

تدقيق: نور حمود

المصدر