معظم هذه النجوم القديمة التي ما زالت تدور حول مركز مجرتنا كانت موجودة هناك طوال حياتها، أي أكثر من 12.8 مليار سنة.

النجم القديم كان مع بداية نشأة الكون، فالعديد من النجوم التي ولدت في المليار سنة الأولى من عمر الكون لم يعد لها وجود وتبددت، حيث تعرّض بعضها إلى انفجارات في شكل سوبرنوفا، وأيضًا تغير بعضها إلى أجسام أو أشكال أخرى، ولكن لم تتوقف كل هذه النجوم الحديثة عن اللمعان، فما يزال بعضها موجودًا، وقد أعلن الباحثون عن اكتشاف مجموعة منها حول مركز مجرة درب التبانة، والأكثر إثارة أيضًا هو كيفية تحركاتها.

للعثور عن أقدم النجوم في مجرتنا، يبحث علماء الفلك عن تلك المسماة بالنجوم غير الملوثة، وهو مصطلح يطلق على النجم الأولي، الذي يحتوي فقط على الهيدروجين والهيليوم مكونًا أساسيًا له، وجميع العناصر الأخرى -التي يسميها علماء الفلك المعادن فالكيميائيين يختلفون معهم في تعريفها بهذا الشكل- التي نشأت على هذا النجم.

لذا فإن النجم الذي يحوي نسبة منخفضة من المعادن، مع كميات صغيرة فقط من العناصر الأثقل من الهيليوم، هو نجم تشكّل منذ زمن طويل، لذلك الأمر الأسهل هو العثور على هذه الأشياء بعيدًا عن مستوى مجرة درب التبانة، حيث يكون من الأسهل التعرف عليها، لكن من الواضح أن فريق الباحثين يحبون التحدي والنظر نحو المنطقة الأكثر ازدحامًا في مجرتنا، وهو مركزها المعروف باسم الانتفاخ، وهو مجموعة متراصة بإحكام من النجوم الموجودة ضمن تَشكُّل نجمي أكبر، حيث يشير هذا المصطلح غالبًا إلى المجموعة المركزية من النجوم الموجودة.

قالت الدكتورة أنكي أرنتسن من جامعة كامبريدج: «إنه أمر صعب للغاية لأننا في الغالب نجد نجومًا أصغر عمرًا هناك، نحن بحاجة إلى طريقة اختيار تعريفية فعالة للغاية للعثور على هذه النجوم القديمة، إذ إن ما كنت أعمل عليه في السنوات القليلة الماضية، هو بناء عينة محاكاة واقعية لهذه النجوم».

إن الاعتقاد السائد هو أن الانتفاخ المجري قد تشكّل أولًا مع التطور التكويني للمجرة، لذلك كان لا بد من وجود النجوم القديمة هناك، لذلك تُركز الأبحاث والأعمال الجديدة خاصةً على حركة هذه النجوم حول الانتفاخ المجري، إذ إنها مجموعة متشابكة في صورة فوضوية، تتحرك في مدارات غريبة ومختلفة حول المنطقة الوسطى من مجرة درب التبانة، لكنها ليست فوضوية بالكامل، لأن هنالك متوسط دوران تدور خلاله تلك النجوم يتوافق مع دوران قرص مجرة درب التبانة، وأيضًا ما تزال تتماشى مع جميع النجوم الأخرى في المجرة تقريبًا.

تظهر البيانات أيضًا أن مدار هذه النجوم وتفاعلاتها لم تحدث أبدًا بعيدًا جدًا عن المكان الذي ولدت وتكونت فيه، إذ أمضت هذه النجوم كل أعمارها تقريبًا في جوف مجرة درب التبانة الداخلي، ولم يتجاوزوا أبدًا 10000 سنة ضوئية من المركز، بينما تقع الشمس على مسافة 26000 سنة ضوئية من المركز.

وأضافت الدكتورة أرنستن: «ما نراه في الواقع هو أن معظم هذه النجوم القديمة موجودة هناك، فيسألني بعض الناس، هل هذه النجوم تمر مرور الكرام فقط؟ هل هي في مدارات بيضاوية للغاية تقضي بعض الوقت في الأجزاء الداخلية؟ أقول لهم إن ما وجدناه هو أنها بالفعل موجودة وباقية هناك».

اقرأ أيضًا:

ما أقدم نجم في الكون؟ وما الأحدث؟

اكتشاف آثار عنقود نجمي هائل تشكل بعد الانفجار العظيم، وأكبر من الشمس بعشرة آلاف مرة

ترجمة: خالد عامر

تدقيق: باسل حميدي

المصدر