الاستيطان بين الكواكب:

أصبحت الكواكب التي لطالما ظهرت كنقاط صغيرة في سماء الليل مثل المريخ، وجهتنا للاستعمار بين الكواكب ولكن هناك مشكلة؛ ألا وهي خلق ظروف مناسبة للحياة، ففي الظروف الحالية، لا توجد إمكانية مثلًا للتنزه في الحديقة على سطح هذه الكواكب.

فكر في الأمر: لقد اعتدنا على منازلنا المريحة ومناخنا المناسب في الأرض. ونملك أنظمة تدفئة وتبريد تبقينا دافئين في الطقس البارد وتقينا الحر في الطقس الحار. ولكن ماذا يحدث عندما نخطو على سطح القمر أو المريخ حيث تتأرجح درجات الحرارة بشدة لدرجة لا يمكن تخيلها؟

فجأة تكتسب فكرة منظم حرارة في الفضاء معنًى جديدًا، ويأتي هنا دور تجربة جامعة بوردو في محطة الفضاء الدولية.

قدّمتْ المؤسسة تفصيلًا لأحدث تجاربها عن تدفق الغليان والتكثيف the Flow Boiling and Condensation Experiment FBCE في بيان صحفي.

هذه التجربة مصممة لتدرس كيف ستعمل أجهزة التدفئة والتكثيف في الجاذبية. إذ ينحصر فهمنا لأنظمة التدفئة والتهوية والتكييف في جاذبية الأرض فقط.

ولكن مع تحول حلم الحياة على سطح القمر والمريخ إلى حقيقة مع مرور كل يوم وكل إطلاق لمركبة فضائية، أصبح لا يمكن الاستغناء عن حاجتنا إلى أنظمة يمكنها العمل بفاعلية في مجالات جاذبية متغيرة ودرجات الحرارة متطرفة.

تجربة تدفق الغليان والتكثيف:

قال عصام مدور وبيتي روث وميلتون بي هولاندر، أساتذة في الهندسة الميكانيكية في جامعة بيدرو: «لقد طورنا فهمًا لكيفية عمل أنظمة التبريد والتدفئة في جاذبية الأرض لمدة تزيد عن مئة عام ولكننا لا نعلم كيف تعمل في حالة انعدام الجاذبية».

وصلت تجارب تدفق الغليان والتكثيف FBCE إلى محطة الفضاء الدولية في الرابع من أغسطس 2023 عبر مهمة خدمات إعادة الإمدادات التجارية التاسعة عشر لشركة نورثروب جرومان (NG-19) من مركز أبحاث جلين التابع لناسا.

حملت هذه المهمة أيضًا مكونات إضافية من أجل تجربة FBCE التي كانت تجمع البيانات من محطة الفضاء الدولية منذ أغسطس 2021.

تتكون تجربة FBCE من وحدتين: وحدة لقياس الغيان وأخرى لقياس التكثيف. تهدف المهمة الحالية إلى الخوض فى ديناميكيات التكثيف في بيئة منعدمة الوزن. وستبقى هذه التجارب في المدار حتى عام 2025، موفرةً فرصة غير مسبوقة للاستفادة من هذه الأجهزة الفريدة في المجتمع العلمي.

البيانات الأساسية من التجارب:

تُعد الآثار المترتبة على نتائج تجربة FBCE ثورية. فإنهم لا يعدون بثورة في أنظمة التدفئة والتهوية ومكيفات الهواء للمستوطنات على سطح المريخ والقمر فقط، لكن أيضا بإمكانها تعزيز تكنولوجيا المركبات الفضائية، ما يجعلها قادرة على السفر لمسافات أطول بواسطة أنظمة قوة دفع مبتكرة.

يظهر الغليان والتكثيف -على عكس الطرق الأخرى- كطرق فعالة لنقل الحرارة في المركبات الفضائية المجهزة بأنظمة الطاقة الحرارية النووية أو أنظمة الطاقة الكهربائية.

تٌعد FBCE واحدةً من أكثر تجارب ناسا شمولًا وتعقيدًا في مجال فيزياء السوائل. إذ يعمل فريق عصام مدور عليها منذ 11 عامًا بالتعاون مع مركز جلين للأبحاث التابع لناسا في كليفلاند الذي صمم أجهزة الطيران ونفذها.

يُعِدّ فريق عصام مدور سلسلة من الأوراق البحثية بناء على البيانات الواردة من FBCE إضافة إلى أكثر من 60 ورقة بحثية نُشرت حول انخفاض الجاذبية وتدفق السوائل منذ بداية المشروع.

لقد طوروا أيضًا ثلاث مجموعات من الأدوات التنبؤية لتحليل البيانات التي تفيد المهندسين والباحثين.

توفر مجموعة منها المعادلات لتصميم أنظمة فضائية، وأخرى تكشف معلومات أساسية حول فيزياء الموائع، وتنتج المجموعة الثالثة نماذج حسابية لدينامكيات الموائع.

قال عصام مدور: «نحن مستعدون لغلق الكتاب عن علم التدفق والغليان بالكامل في الجاذبية المنخفضة».

اقرأ أيضًا:

هل ستتدفق المياه على سطح المريخ مرة أخرى في المستقبل؟

العثور على صخرة غريبة الشكل على سطح كوكب المريخ

ترجمة: ياسمين سيد نبوي

تدقيق:علام بخيت كباشي

المصدر