تُنافس شركة أبل العديد من الشركات العملاقة في المجال التقني، لكن لا شك أن أشد المنافسات تتجسد في الصراع الأبدي بين مجموعة هواتف أيفون مقابل أندرويد.

تظهر المنافسة أيضًا عند الحديث عن البرمجيات وليس فقط الأجهزة، وإحدى أكثر البرمجيات شعبيةً على نوعي الهواتف هي الخرائط، تحديدًا خرائط أبل مقابل خرائط غوغل.

يتفق الجميع أن الخرائط التي تعمل على الشبكة غيرت الحياة في المجتمع المعاصر، فعبرها يُمكن استكشاف المدن الجديدة ومعرفة أفضل المواقع فيها.

يُضاف إلى ذلك القدرة على معرفة مدى ازدحام الطرقات وتقديم البدائل المناسبة، وينطبق الأمر على وسائل النقل العامة، إذ تُساعد الخرائط في تحديد مواعيد انطلاق قطار ما مثلًا أو وصوله إلى المحطة.

ليست جميع تطبيقات الخرائط متساويةً، إذ يجري تحديثها باستمرار وإدخال مزايا جديدة إليها، لكن تبرز الصعوبة لدى المستخدمين في معرفة أيها الأفضل.

يهدف المقال إلى تسليط الضوء على نوعي تطبيقات الخرائط المقدمة من شركتي غوغل وأبل، وتحديد أي منها الأفضل لمتطلبات المستخدمين.

1. توفر التطبيقات وأسعارها:

يُمكن تحميل التطبيقين -خرائط غوغل أو خرائط أبل- مجانًا من المتاجر المخصصة لهما على الأجهزة المناسبة.

لا يُمكن استخدام خرائط أبل إلا على الأجهزة التي تُقدمها شركة أبل، إذ يجب أن يحمل المستخدم هاتف أيفون أو جهاز أيباد أو ماك للاستفادة من الخدمة.

يوجد بديل يسمح باستعمال خرائط أبل على نحو محدود للمقارنة بينها وبين ما تُقدمه غوغل، وهو متصفح «دك دك جو» الذي يوفر خرائط مصدرها التطبيق ذاته.

يُمكن تحميل تطبيق خرائط غوغل على هاتف أندرويد والحصول على ميزاته كاملة، وتكمن هنا أول مفارقة، إذ إن ميزات تطبيق خرائط أبل متوفر داخل متصفح يعمل على أنواع الأجهزة كافة.

يُسمح بتحميل تطبيق خرائط غوغل على أجهزة أخرى وليس فقط الهواتف، في حين يُمكن الوصول إلى متجر أبل عبر نظام ويندوز والدخول إليه من أجهزة أندرويد عبر الإنترنت.

ينطبق ذلك أيضًا على تطبيق أبل «كار بلاي». تُتيح غوغل ميزة مزامنة البيانات بين الأجهزة، بتسجيل الدخول إلى حساب غوغل من تطبيق خرائط غوغل.

2. الدقة:

حظي إطلاق نظام (iOS 6) ببداية غير موفقة سنة 2012، إذ كانت الخرائط التي يُقدمها غير دقيقة، وتحتوي على تسميات غير صحيحة أو غير موجودة أساسًا.

تجاوزت الشركة هذه المشكلة بإطلاق عدد كبير من التحديثات الدورية على مدار سنوات، فوصل تطبيق خرائط أبل إلى مستوى من الدقة يُعادل ما يقدمه تطبيق خرائط غوغل.

يمتاز تطبيق خرائط أبل بتجربة فريدة عند التبديل بين الطرقات وعند استعمال الخرائط ثلاثية الأبعاد على الأجهزة المقدمة من الشركة.

توجد بعض المشكلات التقنية البسيطة التي تظهر بين حين وآخر، مثل البحث عن عنوان شارع معين والحصول على موقع مختلف تمامًا، أو الحصول على اسم مشابه لكن في موقع آخر.

يحدَّث تطبيق خرائط غوغل بسرعة أكبر عندما يُضاف مشروع أعمال جديد إلى قاعدة البيانات أو عند بناء طريق جديد، وتشمل التحديثات تغيير تفاصيل عناوين هذه المتاجر أو الطرقات.

سبب ذلك قاعدة البيانات الكبيرة التي يتميز بها تطبيق خرائط غوغل، ما يُتيح إمكانية الوصول إلى مصادر خارجية على نحو أسرع والتحقق من صحة البيانات. يُعد ما سبق اختلافًا بسيطًا بين التطبيقين.

3. تنقل السيارات:

لا يوجد اختلاف كبير بين التطبيقين حال اعتاد المستخدم قيادة سيارته واتباع النمط التقليدي للتنقل في أثناء استخدام خدمات الخرائط، ويعتمد النظام التقليدي على تحديد مسار السيارة خطوةً بخطوة.

يُقدم دليل القيادة التقليدي -في خرائط غوغل وأبل- أيقونةً متحركة على المسار الذي يسلكه السائق حتى الوصول إلى وجهته، مع توضيح ما يوجد على الطريق على شاشة الهاتف والتعليمات المناسبة وفقًا لذلك.

تُقدم كلتا الخدمتين موعدًا تقريبيًا للوصول إلى الوجهة المرادة والمسافة التي يجب أن يقطعها السائق، وتغير ما سبق بناءً على الازدحام وعوامل أخرى.

عند مواجهة أي عراقيل في أثناء الرحلة، يمكن أيضًا كتابة تقرير يصف ذلك عبر التطبيق. يُساعد ذلك على تنبيه السائقين الآخرين لتجنب الوقوع في الازدحام أو الطرق المغلقة.

تُمكن أيضًا الاستفادة من كل هذه الميزات عبر الأوامر الصوتية، ما يُتيح سهولة الاستفادة منها في الوقت الفعلي في أثناء القيادة.

تتحسن جودة هذه الأوامر الصوتية عند استخدامها على التطبيق الأساسي، نظرًا إلى عمل الذكاء الاصطناعي ضمنها على نحو أفضل. يشمل ذلك نظام «سيري» على هواتف أيفون و«مساعد جوجل» على أندرويد.

فيما يتعلق بالتنقل، تتفوق غوغل نسبيًا في بعض الجوانب. توفر غوغل بدايةً المزيد من الخيارات فيما يتعلق بإضافة نقاط التوقف قبل الانطلاق.

تقتصر قدرة تطبيق خرائط أبل على توضيح محطات تعبئة الوقود أو العثور على أماكن لتناول الوجبات السريعة، ما يجعل تطبيق خرائط غوغل أشمل من ذلك.

مثلًا، يُتيح تطبيق خرائط غوغل ميزة وضع طريق مخصص يبدأ من لحظة الخروج من مكان العمل ويوصل السائق إلى المتجر المحلي القريب منه، ثم يوجهه نحو مدرسة أولاده وينتهي بالوصول إلى المنزل.

أيضًا، يوفر تطبيق خرائط غوغل عدة خيارات فيما يتعلق بالطرق الموفرة للوقود، بدلًا من تحديد أقصر أو أطول طريق فقط.

4. وسائل النقل العامة والمشي وركوب الدراجة الهوائية:

بناء على ما سبق، تتفوق غوغل في تطبيقها عندما يتعلق الأمر بالقيادة، لكن هل ينطبق الأمر ذاته على وسائل النقل العامة أو المشي أو ركوب الدراجة الهوائية؟

يُقدم كلا التطبيقين خدمةً مشابهة عندما يتعلق الأمر بوسائل التنقل الأخرى، إذ يوفر كلاهما معلومات دقيقةً -تتعلق بالطرق المناسبة- عند اعتماد وسائل النقل العامة، وأيضًا عند اختيار المشي أو ركوب الدراجة الهوائية.

لكن مجددًا، يتفوق تطبيق خرائط غوغل نسبيًا، إذ يجمع بين المعلومات المحدثة من مصادر خارجية ومعلومات سابقة مبنية على أنماط تنقل متكررة لتحديد ازدحام الطرقات.

يُتيح التطبيق أيضًا إمكانية اختيار الطرق التي يسهل توقع الانطلاق منها في الوقت المناسب والوصول إليها في وقت محدد، إضافةً إلى تحديد وسيلة النقل العامة الأقرب ضمن فترة زمنية معينة.

حديثًا، حصل تطبيق خرائط أبل مؤخرًا على دعم قوي فيما يتعلق باستعمال الدراجات الهوائية، إذ تتوفر الآن طرق مناسبة للدراجات الكهربائية بعد تحديثات 2022.

تزداد شعبية الدراجات الصديقة للبيئة –العاملة بالطاقة الكهربية- باستمرار، إضافةً إلى احتياجها إلى مجهود بدني أقل.

تتضح من ذلك أهمية تطبيق خرائط أبل لتحديد الطرق المناسبة في أثناء تنفيذ رحلات الدراجات الهوائية الصعبة، باستعمال هاتف أيفون أو ساعة أبل ألترا.

5. التصميم:

لا شك أن التصميم مسألة نسبية، ترتبط بالتفضيلات الشخصية. يتميز تصميم تطبيق خرائط أبل عمومًا بواجهة بسيطة وواضحة، لكن توضع جميع الميزات في المكان ذاته، ما يعيق رؤية الخريطة كاملةً.

الخريطة الأساسية تكون عادةً أقل ازدحامًا، وتُستخدم نغمات في خلفية التطبيق، وتتداخل الطرق معًا قليلًا. لكن تُحدد الطرق التي يختارها المستخدم باللون الأزرق، ما يُسهل رؤيتها على الخريطة.

بالمقابل، تُعد خرائط غوغل أكثر ازدحامًا. إذ تتعدد الألوان التي تُميز الطرق والخلفيات، مثل اللون الأخضر والرمادي للتمييز بين الطرق في المدن وخارجها. يُستخدم اللون الأصفر دائمًا لتحديد الطرق الرئيسية وتمييزها عن البقية.

توجد مسافة بين ميزات تطبيق خرائط غوغل، ففي الجانب العلوي من الهاتف شريط البحث وطرق مختصرة للأشياء التي بُحث عنها سابقًا، مثل المطاعم ومحطات الوقود ومتاجر البقالة.

في أسفل التطبيق، توجد لائحة للميزات الأخرى، وتشمل نوافذ الاستكشاف ومشاركة الآراء للعثور على الأماكن الجديدة والتحدث مع الآخرين.

في النهاية، يعتمد الأمر على الاختيار بين شاشة رئيسية مليئة بالميزات وأخرى أبسط، وهي مسألة شخصية تمامًا.

يُمكن القول أن تطبيق خرائط غوغل يتفوق قليلًا، لسهولة الحصول على الاتجاهات بسرعة أكبر.

إذا كان المستخدم يستعمل هاتف أيفون 14 أو برو، نجد بعض الجوانب الفنية الأخرى التي يجب أخذها في الحسبان.

سيستفيد أصحاب نسخة هاتف أيفون 14 برو من الاتجاهات التي تُعرض على نحو ثابت، وبتحديثات مستمرة ضمن واجهة تطبيق خرائط أبل.

يعني ذلك أنه وإن كان الهاتف مقفلًا، يستطيع المستخدم رؤية الاتجاهات ووقت الوصول المتوقع والمسافة المتبقية، دون الحاجة إلى فتح الهاتف واستهلاك بطاريته.

عملت غوغل على مواكبة التطورات، بإضافة ميزات قفل الشاشة ذاتها كما في أجهزة (iOS 16)، لمساعدة المستخدمين على بلوغ وجهتهم بسرعة.

6. الخصوصية:

نظرًا إلى تميز شركة أبل في مجال خصوصية المستخدمين على مدار السنوات السابقة، لا شك أنها الأفضل في هذا الجانب.

تُحفظ بيانات المستخدم الشخصية عند استعمال تطبيق خرائط أبل على الجهاز ذاته، ما يعني أنه يُمكن حذفها في أي وقت. أما في غوغل، فتُحفظ البيانات على خوادم مستقلة، ولا يستطيع المستخدم حذفها.

وجدت أبل طريقةً سحرية تضمن بها خصوصية المستخدمين، وتقدم اتجاهات دقيقة في آنٍ واحد. تُسمى الطريقة «التضبيب»، وتقوم على إرسال عدة طلبات لتمويه الطلب الأساسي الذي يجريه المستخدم عند البحث عن اتجاهات بين نقطتين.

عند وصول البيانات إلى خادم مستقل، فلن تكون مرتبطةً بهوية المستخدم، ما يمنحه خصوصيةً مطلقة.

تستعمل غوغل بيانات المستخدمين -حال سمحوا بذلك- لعرض الإعلانات وتقديم الاقتراحات بناءً على موقع الشخص والأماكن التي يقصدها.

قد يُساعد ما سبق على الوصول إلى محتوى مناسب للمستخدم، لكن استعمال البيانات على نحو حر هكذا أمر مقلق.

توجد أيضًا خيارات في تطبيق خرائط غوغل لتشغيل التصفح الخفي، لكنه لا يُقدم درجات الخصوصية التي توجد في أجهزة أبل.

7. أي التطبيقين أفضل؟

النتيجة تعادل. في حال استخدام جهاز ليس من صنع شركة أبل، فإن الفائز هو تطبيق خرائط غوغل.

لن يعمل تطبيق خرائط أبل إن لم يكن بحوزة المستخدم جهاز من صنع الشركة. يختلف الأمر عند الرغبة في استعمال تطبيق خرائط معين على أجهزة أبل أو أيباد، إذ يعتمد الخيار على رغبة المستخدم.

يُعد تطبيق خرائط غوغل الخيار الأشهر، نظرًا إلى أن التطبيق مُفصل على نحو أفضل، ولأن الشركة أمضت وقتًا طويلًا جدًا في جمع البيانات لتقديم خدمتها.

يُمكن القول إن تطبيق خرائط غوغل أشمل وأوسع عمومًا، عند البحث عن وجهة معينة بأسرع وقت ممكن في أثناء السفر أو التنقل.

لا يختلف تطبيق خرائط أبل كثيرًا ولا يوجد فروقات شاسعة بينه وبين خرائط غوغل، وتتفوق أبل فيما يتعلق بخصوصية المستخدمين.

إن كان المستخدم مهتم بالخصوصية أكثر من أي شيء، فإن خدمة خرائط أبل هي الخيار الأفضل.

اقرأ أيضًا:

كيف تقيس المسافة بين نقطتين مستخدمًا تطبيق خرائط جوجل؟

تجربة جديدة كليًا لخرائط جوجل المدعومة بالذكاء الاصطناعي!

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر