داء توليري مرض تسببه جرثومة الفرنسيسيلة التولارية، ويؤدي إلى ألم وانتفاخ في العقد اللمفاوية، وأعراض أخرى تؤثر في الرئتين أو العينين أو الحلق أو الأمعاء تبعًا لمكان العدوى، وقد تسبب في الحالات الشديدة التهابًا في أي من أعضاء الجسم متضمنةً الدماغ والقلب.

داء توليري مرض ينتقل من الإنسان إلى الحيوان، ويُسمى عادةً حمى الأرانب أو حمى ذباب الغزال، إذ يُصاب الأشخاص به عند تعرضهم لذباب أو قرادات الغزلان الحاملة لجراثيم الفرنسيسيلة التولارية.

قد ينتقل المرض أيضًا عبر التماس مع حيوانات مصابة، تكون عادةً أرانب أو قوارض، أو من مصادر الطعام والماء الملوثة بالجرثومة.

يسبب داء توليري انتفاخًا شديدًا في العقد اللمفاوية التي تبدو مثل أورام كبيرة في الجسم، وقد يسبب تقرحات جلدية في موضع دخول الجرثومة إلى الجسم.

قد يُصاب أي شخص بداء توليري، لكن يزيد من احتمالية الإصابة عوامل مثل طبيعة العمل والعادات، إذ تزداد احتمالية التماس مع الحيوانات والحشرات المصابة بالجرثومة.

ترتفع خطورة الإصابة بداء توليري لدى بعض الأشخاص مثل:

  •  الصيادين أو من يتعاملون مع اللحوم النيئة.
  •  الطبيب البيطري أو أي شخص يتعامل مع الحيوانات في عمله.
  •  المعيشة أو العمل في بيئة حيث تنتشر الحشرات.
  •  ضعف الجهاز المناعي نتيجة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، أو السرطان أو تناول أدوية مثبطة للمناعة.
  •  العمل في مزرعة أو العمل بجز الصوف أو التعامل مع الجرثومة في المختبر.

يُبلغ عن نحو 300 حالة في الولايات المتحدة سنويًا.

تدخل جرثومة الفرنسيسيلة التولارية إلى الجسم وتبتلعها خلايا الجهاز المناعي التي تدمر الجراثيم عادة، لكن بدلًا من ذلك تتكاثر الجرثومة داخل الخلايا، وتدمر الخلية المناعية وتنتشر في الجسم لتصيب خلايا أخرى.

يؤدي تدمير الخلايا واستجابة الجهاز المناعي لوجود البكتريا إلى ظهور أعراض في الجزء المصاب من الجسم.

أنواع داء توليري:

تتنوع أشكال داء توليري تبعًا لطريقة العدوى ومكان ظهور الأعراض.

تتضمن الأنواع:

  •  داء توليري الغدي التقرحي: النوع الأكثر شيوعًا، ويصاب الشخص به عادة من لدغة قرادة أو عبر التماس مع حيوان مصاب، ويصيب الجلد والعقد اللمفاوية.
  •  داء توليري الغدي: يشبه النوع السابق، لكنه يصيب العقد اللمفاوية فقط.
  •  داء توليري العيني الغدي: يصيب الإنسان عند تعرض إحدى عينيه للماء أو سوائل الجسم الملوثة، ويسبب أعراضًا داخل العين المصابة أو حولها، ويصيب عادة عينًا واحدة فقط.
  •  داء توليري الفموي البلعومي: يُصاب به الشخص عند تناول طعام ملوث أو شرب ماء ملوث أو لمس الفم باليدين الملوثتين، ويسبب التهاب الحلق وأعراضًا هضمية أحيانًا.
  •  داء توليري الرئوي: يُعد أخطر أنواع حمى الأرانب، ويسبب أعراضًا مشابهة لأعراض ذات الرئة. يصيب الإنسان عند استنشاقه هواءً ملوثًا بالجرثومة أو عند انتشارها إلى الرئتين من مكان آخر في الجسم.
  •  داء توليري التيفي: يسبب هذا النوع حمى شديدة ويؤثر في عدة أعضاء بالجسم.

يتشابه داء توليري مع داء لايم ببعض الأعراض، لكنهما يؤثران بطريقة مختلفة في الجسم، إذ يصيب داء توليري عدة أجزاء من الجسم ويسبب أعراضًا مهددة للحياة، أما داء لايم فهو غير مهدد للحياة عادةً، لكنه يسبب أعراضًا تدوم طويلًا وصعبة العلاج.

أعراض داء توليري:

تختلف الأعراض بحسب النوع:

  •  النوعين الغدي والغدي التقرحي: حمى وعقد لمفاوية منتفخة بشدة ومؤلمة وتقرحات.
  •  النوع العيني الغدي: ألم في العين وإدماع وحساسية للضوء وعقد لمفاوية منتفخة ومؤلمة حول الأذنين والعنق وتقرح القرنية.
  •  النوع الفموي البلعومي: حمى والتهاب حلق شديد وحلق منتفخ أحمر مع بقع بيضاء. يعاني بعض الأشخاص أيضًا من التقيؤ والإسهال -الدموي أحيانًا- وألم معدي.
  •  النوع الرئوي: حمى وسعال وضيق تنفس وألم أو ضيق في الصدر وآلام عضلية وكدمات حمراء «الحمامى العقدة» وسعال دموي «نفث الدم».
  •  النوع التيفي: حمى شديدة وقشعريرة وصداع وفقدان للشهية وآلام عضلية والتهاب حلق وألم في المعدة وإسهال وغثيان وتقيؤ.

تبلغ فترة حضانة البكتريا التولاريمية، أو الفترة ما بين التعرض وبدء الأعراض، 3-5 أيام، ولا تظهر الأعراض لدى بعض الأشخاص مدةً تصل إلى أسبوعين.

يوجد نوعان من داء توليري:

النمط (أ) والنمط (ب)، يسبب النمط الأول أعراضًا أشد وهو الأكثر انتشارًا في الولايات المتحدة، في حين يسبب النمط الثاني أعراضًا خفيفة وينتشر في أمريكا الشمالية وفي أنحاء أخرى من العالم.

لا يُعد داء توليري معديًا، إذ لا يوجد دليل على انتقاله مباشرةً من شخص إلى آخر، لكن التعرض لأصغر كمية من الجراثيم كاف للإصابة بالمرض.

تشخيص داء توليري:

يعتمد التشخيص على فحص المريض لملاحظة الأعراض، وفحص العقد اللمفاوية أو الحلق أو العينين، لتحري وجود أي تقرحات أو كدمات أو طفح جلدي، إضافةً إلى إجراء اختبار دم وسوائل الجسم الأخرى.

الاختبارات:

 تحليل الدم:

قد يعطي التحليل نتيجة سلبية في البداية، إذ تتكاثر جرثومة الفرنسيسيلية التولارية ببطء، فيجب إعادة التحليل بعد عدة أسابيع.

 أخذ خزعة:

يأخذ الطبيب عينة نسيجية حال ملاحظة تقرحات أو عقد لمفاوية منتفخة، لتحليلها وتحري وجود الجرثومة فيها.

 مسحة أنف أو حلق:

يأخذ الطبيب مسحة من المخاط في الأنف أو الحلق لفحص وجود الجرثومة فيها.

 اختبار سائل الجنب:

يأخذ الطبيب عينة من السوائل المحيطة بالرئتين، ضمن اختبار يسمى بزل الصدر، ويفحصها لتحديد وجود الجرثومة فيها.

تدبير وعلاج داء توليري:

يجب بدء العلاج سريعًا، ويتضمن الصادات الحيوية واسعة الطيف التي تعطى بالحقن أو فمويًا، وقد يحتاج المريض إلى أدوية أخرى حال وجود مضاعفات خطيرة.

يمكن شفاء داء توليري، إذ تقضي الصادات الحيوية على الجرثومة المسببة.

الأدوية المستخدمة في علاج داء توليري:

  •  ستربتومايسين.
  •  جنتامايسين.
  •  دوكسيسكلين.
  •  أزيثرومايسين.
  •  سيبروفلوكساسين أو ليفوفلوكساسين.

تجب مداومة تناول الصادات الحيوية الموصوفة حتى القضاء التام على البكتيريا، لأن التوقف المبكر عن تناولها يؤدي إلى بقاء بعض الجراثيم في الجسم ما قد يسبب معاودة المرض.

الوقاية:

يمكن تقليل خطر الإصابة بداء توليري بحماية الشخص نفسه وحيواناته الأليفة من عضات الحشرات، وأخذ الاحتياطات اللازمة عند التعامل مع الحيوانات، وطهي اللحوم جيدًا.

الاحتياطات:

  •  يُنصح بارتداء ثياب تغطي الجسم عند الخروج خاصةً في الغابات أو المناطق العشبية، واستخدام طارد للحشرات على الجلد، وفحص جسم الحيوانات الأليفة لتحري وجود قرادات بعد التجول في الخارج.
  •  ارتداء القفازات عند التعامل مع الحيوانات، وغسل اليدين جيدًا.
  •  طهي الطعام جيدًا، وغسل اليدين والأسطح والأدوات بعد تحضير الطعام الذي يتضمن لحوم الحيوانات.
  •  عدم شرب المياه غير المعالجة.
  •  تجنب جز العشب بالقرب من جيف الحيوانات، وارتداء قناع عند استعمال المعدات الزراعية، لتلافي استنشاق رذاذ يحوي جزيئات ملوثة.

يتعافى معظم الأشخاص من داء توليري بعد تلقيهم علاجًا بالصادات الحيوية مدة 10-21 يومًا، نسبة الوفيات في هذه الحالة لا تتجاوز 1%.

قد تنتكس الأعراض لدى بعض الأشخاص، ويتطلب ذلك تلقي العلاج مجددًا.
قد يخلف الطفح الجلدي الناتج من داء توليري ندبات دائمة.

مضاعفات داء توليري:

يرتبط حدوث المضاعفات عادةً بالإصابة بالنوعين الرئوي أو التيفي، وتشمل:

  •  متلازمة الضائقة التنفسية الحادة.
  •  التهاب في الدماغ «التهاب السحايا أو التهاب قشرة الدماغ والسحايا».
  •  التهابات قلبية «التهاب عضلة القلب أو التهاب شغاف أو تامور القلب».
  •  التهابات عظمية أو في نقي العظم أو المفاصل.
  •  التهاب الكبد.
  •  فشل كلوي.
  •  نزف داخلي.

الشفاء:

يتعافى بعض الأشخاص من داء توليري دون أخذ الصادات الحيوية، لكن يزداد خطر حدوث مضاعفات شديدة في هذه الحالة. نحو 30% من الحالات غير المعالجة من النمط (أ) من داء توليري قاتلة.

يجب طلب العناية الطبية الطارئة حال ظهور أي من هذه الأعراض:

  •  درجة حرارة تتجاوز 39.4 درجة مئوية.
  •  ارتباك أو تغيرات عقلية.
  •  ملاحظة دم في القيء أو البراز.
  •  سعال دموي.
  •  ازرقاق البشرة أو الشفاه أو الأظفار.
  •  ألم حاد في المعدة.
  •  ضيق تنفس حاد أو مفاجئ.

اقرأ أيضًا:

داء لايم: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

داء مورغيلونس

ترجمة: بشار ياسر محفوض

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: نغم رابي

المصدر